اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

فانطلق النبي إلى الغار، ونام علي في مكانه ولبس برده، فجاء قريش يريدون أن يقتلوا النبي (صلّى الله عليه وآله)، فجعلوا يرمون علياً وهم يرون أنه النبي وكان علي (عليه السلام) يتضور (يتلوى) من الألم ولا يتكلم لئلا يعرفوه، وكان القوم يريدون الهجوم على البيت ليلاً، فيمنعهم أبو لهب ويقول لهم: يا قوم إن في هذه الدار نساء بني هاشم وبناتهم، ولا نأمن أن تقع يد خاطئة إذا وقعت الصيحة عليهن، فيبقى ذلك علينا مسبة وعاراً إلى آخر الدهر في العرب.
فجلسوا على الباب حتى طلع الفجر، فتواثبوا إلى الدار شاهرين سيوفهم، وقصدوا نحو مضجع النبي ومعهم خالد بن الوليد، فقال لهم أبو جهل: لا تقعوا به وهو نائم لا يشعر، ولكن ارموه بالأحجار لينتبه بها ثم اقتلوه، أيقظوه ليجد ألم القتل، ويرى السيوف تأخذه!! فرموه بأحجار ثقال صائبة، فكشف عن رأسه، وقال: ما شأنكم؟ فعرفوه، فإذا هو علي (عليه السلام) فقال أبو جهل: أما ترون محمداً كيف أبات هذا ونجا بنفسه لتشتغلوا به؟ وينجو محمد، لا تشتغلوا بعلي المخدوع لينجو بهلاكه محمد، وإلا فما منعه أن يبيت في موضعه إن كان ربه يمنع عنه كما يزعم.
ثم قالوا: أين محمد؟ قال: أجعلتموني عليه رقيباً؟ ألستم قلتم: نخرجه من بلادنا؟ فقد خرج عنكم.
فأرادوا أن يضربوه فمنعهم أبو لهب، وقالوا لعلي: أنت كنت تخدعنا منذ الليلة (أي بنومك على فراش النبي خدعتنا وظننا أنك محمد) وبقي النبي (صلّى الله عليه وآله) في الغار ثلاثة أيام وكان علي يأتيه بالطعام والشراب وفي رواية: استأجر ثلاث رواحل للنبي ولأبي بكر ولدليلهم.
وخرج النبي بعد ذلك من الغار وتوجه نحو المدينة.
روى الثعلبي في تفسيره قال: لما أراد النبي (صلّى الله عليه وآله) الهجرة خلف علياً (عليه السلام) لقضاء ديونه، ورد الودائع التي كانت عنده وأمر ليلة خرج إلى الغار، وقد أحاط المشركون بالدار، وقال له يا علي: اتشح ببردي الحضرمي، ثم نم على فراشي فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله، ففعل ما أمره، فأوحى الله عز وجل إلى جبرائيل وميكائيل: إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كل منهما الحياة، فأوحى الله عز وجل إليهما: ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب؟ آخيت بينه وبين محمد (صلّى الله عليه وآله) فبات على فراشه يفديه بنفسه، ويؤثره بالحياة، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه، فنزلا، فكان جبرائيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجبرائيل يقول: بخ بخ! من مثلك يا بن أبي طالب، يباهي الله بك ملائكته؟؟ فأنزل الله عز وجل على رسوله (صلّى الله عليه وآله) وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي بن أبي طالب (عليه السلام) (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد)(3).
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): نزل علي جبرائيل صبيحة يوم الغار، فقلت: حبيبي جبرائيل أراك فرحاً، فقال: يا محمد وكيف لا أكون كذلك وقد قرت عيني بما أكرم الله به أخاك ووصيك وإمام أمتك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقلت: بماذا أكرمه الله؟ قال: باهى بعبادته البارحة ملائكته، وقال: ملائكتي! انظروا إلى حجتي في أرضي بعد نبيي وقد بذل نفسه، وعفر خده في التراب تواضعاً لعظمتي، أشهدكم أنه إمام خلقي ومولى بريتي.
وكان علي (عليه السلام) يعتز ويفتخر بهذه الموفقية التي نالها من عند الله تعالى فقال شعراً:
وقيت بنفسي خير من وطأ الحصى ومــن طاف بالبيت العتيق وبالحجر
محمـــد لما خاف أن يمكـــروا بــه فوقـاه ربــــــي ذو الجلال من المكر
وبتُّ أراعـيهــم متـــــى ينشرونني وقد وطنت نفسي على القتل والأسر
وبات رســـول الله فـــي الغار آمـناً هـنـاك وفــي حفظ الإله وفــــي ستر
أقام ثلاثاً ثـــم زمـــــت قلائــــــص قلائـــص يفرين الحصى أينما تفـري
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
جعلنا الله واياكم ممن يحظون بنظره عطوفه من امام زماننا المهدي الموعود
وتشملنا العنايه الربانيه والنظره المحمديه للتوفيق والجهاد بين يدي القائم عليه السلام
نسألكم الدعاء
