بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين نظرة إجمالية لفتنة الواقفة:
بهذه المناسبة أودُّ أن أتحدث معكم حول فتنةٍ وقعت في الوسط الشيعيّ بعد استشهاد الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه أفضل الصلاة والسلام، في بداية تصدي الإمام الرضا للإمامة، هذه الفتنة هي الفتنة التي يُعبَّر عنها بفتنة الواقفية، وهي فتنةٌ تعاظمت في بداية ظهورها، وكادت أن تُحدِث شرخا بيِّناً وكبيراً في النسيج الاجتماعي الشيعي، وأن تُحدِث هزةً في معتقدات أتباع أهل البيت (ع) في مختلف مواطن سكناهم، في العراق، وفي الحجاز، وفي إيران، وفي مصر، وفي الكثير من الحواضر الاسلامية التي يقطنها الشيعة
حاصل ما وقع بعد استشهاد الامام الكاظم (ع)، هو أنَّ جماعة ممن كان لهم وزن ثقيل في الوسط الشيعي قد ادَّعوا أنَّ الامام الكاظم لم يمت، وأنَّه حيٌّ، وسيبقى حياً حتى يخرج ويملأ الأرض -شرقها وغربها- عدلا، ويقضي على الظلم، ويتولَّى شؤون المسلمين، وأنَّ كلّ مَن ادَّعى الإمامة بعد الامام الكاظم فهو كذَّاب وليس مُحقَّاً. هؤلاء كان منهم وكلاء للإمام الكاظم (ع)، فعلي ابن أبي حمزة البطائني، وزياد الكندي، وعثمان بن عيسى الرواسي، وآخرون كانت لهم وجاهة في الوسط الشيعي، وكانوا قد صحبوا الكاظم (ع)، وأخذوا عنه العلم، لذلك استحكمت شُبهتهم عند الكثير من عوام الشيعة.
سبب الفتنة:
عندما نبحث عن دوافع هذه الفتنة التي وقعت، فإننا سنجد أنَّ الباعث لظهور هذه الفتنة هو أنَّ هؤلاء الرجال كانوا وكلاء للإمام الكاظم (ع)، وكانت تحت أيديهم أموال طائلة من الحقوق والأخماس والمظالم والزكوات، ولأنّ الإمام الكاظم (ع) كان سجيناً، وقد استمر سجنه لما يقرب أو يزيد على أربع سنوات، فكانت الناس ترجع في الأقطار الإسلامية إلى أمثال هؤلاء، الذين هم وكلاء وفي ذات الوقت كانوا علماء، ومن المعلوم أنَّه عندما يُستشهد الإمام، ويلي الأمر إمامٌ بعده، يكون اللازم عليهم أن يُسلِّموا الأموال إلى الإمام الذي يليه، ولكن عزَّ عليهم أن يدفعوا كلَّّ هذه الاموال التي كانت تحت أيديهم، فمثلاً علي بن ابي حمزة البطائني كان تحت يده ما يقارب الثلاثين ألف دينار، وكان تحت يد زياد القندي سبعون ألف دينار (1)، وكان تحت يدي عثمان بن عيسى الرواسي مال كثير وستُّ جواريَ (2)، وآخرون كانت بأيديهم أموال كانت تُجمع للإمام (ع) من شتى الأقطار الاسلامية. يقول الكِشِّي (قده) -وهو أحد علماء الرجال-: (إن مبدأ ظهور الوقف، هو أنَّ حيَّان بن السراج -وكان معه آخر-، كانوا وكلاء للإمام في العراق، وكانت تأتيهم أموال، قرابة الثلاثين ألف دينار، فاشتروا بها الدُّور، وعقدوا العقود، وتزوّجوا بها، ثم لمَّا أن سمعوا بموت الإمام الكاظم (ع) في السجن، أنكروا موته، وقالوا إنه لم يمت، فكان ذلك مبدأ ظهور الوقف) (3)
جعلنا الله واياكم ممن يحظون بنظره عطوفه من امام زماننا المهدي الموعود
وتشملنا العنايه الربانيه والنظره المحمديه للتوفيق والجهاد بين يدي القائم عليه السلام نسألكم الدعاء
1- عيون أخبار الرضا (ع) -الشيخ الصدوق- ج 2 ص 103.
2- عيون أخبار الرضا (ع) -الشيخ الصدوق- ج 2 ص 104.
3- (نص الرواية): كان بدؤ الواقفة أنه كان اجتمع ثلاثون ألف دينار عند الأشاعثة زكاة أموالهم وما كان يجب عليهم فيها، فحملوا إلى وكيلين لموسى عليه السلام بالكوفة أحدهما حيان السراج، والاخر كان معه، وكان موسى (ع) في الحبس، فاتخذا بذلك دورا وعقدا العقود واشتريا الغلات. فلما مات موسى عليه السلام وانتهى الخبر إليهما أنكرا موته، وأذاعا في الشيعة أنه لا يموت لأنه هو القائم فاعتمدت عليه طائفة من الشيعة وانتشر قولهما في الناس، حتى كان عند موتهما أوصيا بدفع ذلك المال إلى ورثة موسى عليه السلام، واستبان للشيعة أنهما قالا ذلك حرصا على المال. اختيار معرفة الرجال -الشيخ الطوسي- ج 2 ص 760.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكِ أختي العزيزة المستجيرة بالحسين جزاكِ الله كل خير موفقين دومـــاً