اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان يقيمٌ في النجف رجلُ دين مسنٌ من أهل مازندران يسيء الظن بالإمام الخميني {قدس سره} بدون مسوغٍ، وبقي على ذلك عدة سنين، وبلغ به سوءُ الظن بالإمام درجة كان ينهي معها بعض طلبة الحوزة عن حضور درس الإمام!
وذات يومٍ خرجت بسرعة لمرافقة الإمام لكيلا يذهب وحده إلى الدرس لأنه لم يكن يستدعينا عندما يخرج للذهاب إلى إلقاء درسه، ولذلك حدث مراراً أن يخرج وحده فاضطر إلى الركض لكي ألحقه! وفي ذلك اليوم خرجت على عجل لمرافقته وهو يذهب إلى الدرس في الوقت المعتاد وهو الساعة التاسعة وخمس وأربعون دقيقة فرأيت ذلك الشيخ المازندراني يقبل باب بيت الإمام ثم هوى على عتبتها يقبلها!!
أعربت عن تعجبي من فعله بصوتٍ يسمعه، فالتفت إليّ وقال الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، قلت : عجباً ما الذي جرى يا شيخ؟ قال: هل أنت ذاهب للدرس؟ وهل سيذهب السيد إلى المسجد لإلقائه؟ أجبت: نعم، قال: أنا أيضاً آتٍ إلى المسجد! ولم يكن هذا الشيخ يدخل المسجد الذي يلقي الإمام فيه درسه كما كان يمنع ابنه من تقبيل يد الإمام؟
وفي غضون ذلك فتحت الباب وخرج الإمام، فأنسحب الشيخ خجلاً وذهب إلى زقاق آخر، أما أنا فقد رافقت الإمام في الذهاب إلى المسجد، وكان من حسن حظ هذا الشيخ أنني لم أحمل في ذلك اليوم الكتاب معي ولذلك لم اضطر إلى الجلوس عند المنبر فجلست عند الباب فجاء وجلس إلى جانبي، وقال: لا يخفى عليك أن أصدقاء السوء قد أثروا عليّ، فأسأت الظن بهذا السيد لكثرة ما سمعته من هؤلاء المغرضين من أن الإمام يقرأ الجرائد!! وأن السيد الفلاني قد قام بالمجاهدات حتى تقدم عليه..
ثم قال لي هذا الشيخ المسن: رأيت ليلة في عالم المنام أنني في حرم أمير المؤمنين عليه السلام ـ، فرأيت عدداً من الأشخاص جالسين متجاورين، دققت النظر في وجوههم فوجدت أن هيئة كل منهم تتناسب مع سنه (كل من الأئمة عليهم السلام)، قالوا عن الثاني عشر أنه الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ، كان جالساً في آخر الصف ووجهه ذو طلعة ملكوتية غاية في الجمال تشع بالأنوار.
ثم أخذ العلماء يتوافدون عليهم تباعاً وكانوا يخرجون جميعاً من مقبرة المقدس الأردبيلي، أخذت أنظر بأمعان إلى وجوههم لعلي أتعرف عليهم، قالوا عن أحدهم أنه: (الشيخ شلال) وهو من شيوخ العرب، فرحت كثيراً لما رأى، أدرت أن أتحرك لكنني لم أستطع، كأنهم أوثقوني بالأرض، كان أولئك الإثنا عشر يكرمون كل شخصٍ من العلماء يفدُ عليهم، كان يقوم بتكريم بعضهم أمير المؤمنين عليه السلام وواحد أو اثنان من الإثني عشر فيما كان البقية يتحدثون فيما بينهم؛ فيما كان يقوم بتكريم أخرين من الوافدين عليهم سبعة أو ثمانية من الإثنى عشر، إلى أن رايت فجأة السيد الخميني يدخل عليهم من جهة الإيوان وأنت تمشي خلفه، خلع نعليه عند مستودع الأحذية فقمت أنت بوضعها جانباً واتبعته على عجل، ولما دخل السيد الخميني رأيت الثاني عشر منهم يقوم له بمجرد أن رآه، وقام بعد، الحادي عشر منهم ثم العاشر، ثم رأيتهم وقد قاموا له جميعاً ثم جلسوا باستثاء الثاني عشر الذي بقي واقفاً وناداه قائلاً: (يا روح الله )، فجمع السيد الخميني عبائته قال: (نعم يا مولاي)، قال: (تقدم إلى الإمام)، فتقدم السيد الخميني بسرعة نحوه، وعندما وصل إلى إمام الزمان ـ عجل الله فرجه ـ لاحظت أن قامتيهما متساويتين في الطول، فلم يكن قامة الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ أطول من قامة السيد، أو أن يكون السيد الخميني أقصر من الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ.
وقفا بحالةٍ كانت أذن السيد الخميني بالقرب من فم إمام الزمان ـ عجل الله فرجه ـ، همس الإمام المهدي بشيء؛ في إذن السيد الخميني، فقال السيد : (سمعاً وطاعة، سأقوم بذلك، سأنفذ ذلك إن شاء الله. وبقي الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ يخاطب السيد همساً بأشياء وبسرعة لمدة ربع ساعة بالضبط!
وعند انتهاء كلام الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ تراجع السيد الخميني متراً أو مترين فيما جلس الإمام، فرفع السيد الخميني يده مسلماً على الأحد عشر الآخرين فأبدوا جميعاً تكريمهم له، ثم أخذ السيد الخميني يمشي القهقري فلم يدر ظهره إليهم بل كان مقبلاً بوجهه عليهم وهو يخرج دون أن يدخل لزيارة مرقد أمير المؤمنين عليه السلام فسألتُ ولا زال الحديث للشيخ المازندراني وهو ينقل رؤياه ـ: لماذا لم يدخل السيد الخميني إلى حرم أمير المؤمنين عليه السلام ؟ فأجابوني: إن أمير المؤمنين عليه السلام جالسُ هنا فأنى يذهب السيد ؟!
ثم توجه السيد الخميني إلى مستودع الأحذية، فقدمت أنت له نعليه، ثم تحرك خارجاً من صحن الحرم العلوي بسرعة. ثم انتبهت أنا من النوم وأجهشت بالبكاء فاستيقظت زوجتي ورأتني أبكي، نظرت إلى الساعة فوجدتُ انه قد بقيت ساعة لأذان الفجر، قلت: لقد ظلمت السيد، اللهم اغفر لي ذلك.
لقد آمنت بمقام هذا السيد، ولكنني لازلت في أذى مما سلف مني، ثم كان أول عملٍ قمت به هو ما رأيته أنت ولم يره سواك، حرصت على أن لا يراني أحدٌ، كان عليّ أن أقبل عتبة داره ولا أدري كيف خرجت أنت ورأيتني!
قلت: ينبغي نشر هذه الفضيلة ويجب عليّ أنا أن أنشرها، قال: هذه هي قصتي، وما أرجوه منك ـ والله يشهد عليّ ـ أن تطلب من الإمام ـ إذا استطعت ـ أن يعفو عني، أجبته: أستطيع القيام بما طلبت الآن! ولما خرجنا من المسجد أخبرت الإمام بقصة الرجل وقلت: إن الشيخ يطلب من سماحتكم العفو، فقال: لقد عفوت عنه، عفوت عن كل ما سلف.
ثم دخل الإمام المنزل، ولحقني الشيخ وهو يركض ويبكي وسألني عما جرى، فأخبرته بما قال الإمام، وعندها هوى ساجداً شكراً لله، ثم أخذ يتردد علينا في الليل والنهار وأخذ الإمام يوليه رعاية خاصة أيضاً، وفاز بخير الدنيا وخير الآخرة.
شبكة البتول عليها السلام