اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم عجل لوليك الفرج
ابا صالح التماس دعا
وخير من مثلها في معركة أُحد:
عمرو بن الجموح:
كان شيخاً أعرجاً أصيب في رجله، وله من الاَولاد أربعة يشهدون المشاهد مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأراد الاشتراك في أُحد، ولكنّهم منعوه، فأتى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال له: إنّ بنيّ يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه، فواللّه إنّي لاَرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة. فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أمّاأنت فقد عَذَرك اللّه ولا جهاد عليك». ثمّ توجّه إلى أبنائه وقومه: «لا عليكم ألا تمنعوه، لعلّ اللّه يرزقه الشهادة». فخرج وهو يقول: اللّهم ارزقني الشهادة ولا تردّني إلى أهلي. وقد حمل على الاَعداء وهو يقول: أنا واللّه مشتاق إلى الجنّة. فاستشهد في المعركة.
الشاب حنظلة بن أبي عامر:
كان له من العمر 24 عاماً، واشترك أبوه في أُحد إلى جانب قريش، حيث كان عدواً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحرّض على قتاله، ومعاداة الاِسلام، فهو السبب لما حدث في مسجد ضرار. فكان على الباطل، إلاّ أنّ ابنه حنظلة اتّخذ جانب الحقّ مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) . وفي يوم المعركة، كان قد أعدّ للزواج بابنة عبد اللّه بن أبي سلول و يقيم مراسيم الزفاف والعرس في ليلة الخروج إلى أُحد، ولكنّه سمع نداء الجهاد فاستأذن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليتوقف في المدينة ليلة واحدة حتى يجري مراسيم العرس و يقيم عند عروسته، ثمّ يلتحق بالمعسكر الاِسلامي في الصباح. وقد نزل في ذلك قوله:(إِنَّما الْمُوَْمِنُونَ الّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتّى يَسْتأذنُوه إِنَّ الّذينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الّذِينَ يُوَْمِنُونَ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذا استَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنهِمْ فَأْذَن لمن شِئْت مِنْهُمْ) .
وخلال المعارك، استشهد وهو يطارد أبا سفيان، فقال النبي (ص): رأيت الملائكة تغسل حنظلة بين السماء والاَرض بماء المزن في صحائف من ذهب. فكان يسمّى غسيل الملائكة أو حنظلة الغسيل، ذلك أنّه خرج إلى الحرب وهو جنب.
وكانت الاَوس تعتبره من مفاخرها فتقول: ومنّا حنظلة غسيل الملائكة.
أمّا أبو سفيان فقال: حنظلة بحنظلة. ويقصد حنظلة الغسيل بحنظلة ابنه الذي قتل يوم بدر.
والاَمر الغريب هنا، إنّ العروسين كانا موَمنين متفانيين في سبيل الحقّ، في مقابل والدين من أعداء الرسول (صلى الله عليه وآله)، فعبد اللّه بن أبي سلول والد العروس كان على رأس المنافقين، وأبو عامر الفاسق والد العريس، سمّي في الجاهلية بالراهب لعدائه الشديد للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتحق بالمشركين في مكّة، وحرض هرقل على ضرب الحكومة الاِسلامية، وقتل الكثير من المسلمين في أُحد. إلاّ أنّه عندما التقى المعسكران نادى أبو عامر: يا معشر الاَوس أنا أبو عامر، فقد تخيل أنّهم سيتركون نصرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا شاهدوه، ولكنّهم ردّوا عليه: فلا أنعم اللّه بك عيناً يا فاسق. فتركهم واعتزل الحرب بعد حين.
أُمّ عمارة
تحدّثت النساء إلى الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) بشأن اشتراكهن في الجهاد: يا رسول اللّه نحن نقوم بكلّ ما يحتاج إليه الرجال في حياتهم ليجاهدوا ببال فارغ، فلم حُرِمنا نحن من هذه الفضيلة؟ فأجاب «صلى الله عليه وآله وسلم» : إنّ حُسْنَ التبعّل يعدل ذلك كلّه.مشيراً إلى الاَسباب الطبيعية والعضوية للمرأة. إلاّ أنّ بعضهن خرجن من المدينة لمساعدة جنود الاِسلام، في السقي وغسل ثيابهم وتضميد الجرحى. واشتهرت منهن في أُحد: أُمّ عمارة نسيبة المازنية: التي قاتلت دفاعاً عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فجرحت، وقالت تشرح موقفها: أقبل ابن قميئة وقد ولّى الناس عن الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» يصيح: دلّوني على محمّد لانجوت إن نجا. فاعترض له مصعب بن عمير وآخرون، وكنت فيهم فضربني هذه الضربة. ولقد ضربته على ذلك عدّة ضربات، ولكنّه احتمى بدرعين كانا عليه. و كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ينظر إليّ، فرأى جرحاً على عاتقي، فصاح بأحد أولادي: «أُمّك أُمّك إعصب جرحها»، فعاونني عليه.
وعندما رأت ابنها وقد جرح أقبلت إليه ومعها عصائب أعدّتها للجراح فربطت جرحه،والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ينظر، فقالت لولدها: انهض يا بني فضارب القوم. ممّا أعجب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) باستقامتها وثباتها وإيمانها فقال: «ومن يطيق ما تطيقين يا أُمّ عمارة».
وفي هذه الاَثناء أقبل الرجل الذي ضرب ولدها فقال النبي ص هذا ضارب ابنك. فحملت عليه كالاَسد وضربت ساقه فبرك. ممّا ازداد من إعجاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بشجاعتها وبسالتها فتبسم وقال: «استقدت يا أُمّ عمارة، الحمد للّه الذي ظفّرك وأقرّ عينك من عدوك».
وبعد المعركة طلبت الانضمام إلى جيش المسلمين الذي سار إلى حمراء الاَسد، ولكن جراحها منعتها من تأدية الغرض، وبعد رجوع النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» سأل عنها فسرّ لسلامتها.
السيرة المحمّدية الشيخ جعفر السبحاني