بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف يكون الإصلاح عقيدة ؟
الجواب: هو أنك حينما تقدم أمنية الإصلاح وتطلبها من الله سبحانه وتصبها في قالب الدعاء والمسألة مع الله لا مع سواه فإن هذا سيصعد بالإصلاح إلى درجة العقيدة، ولا شك أن لهذا اللجوء إلى الله تبارك اسمه دلالات لا بد من تجريدها ولو على وجه الإجمال، وفي سبيل ذلك نختصر فكرتين:
أما مقدم الفكرتين فهو:
إنك حينما تطلب من الله عز وجل تغييرا وتبديلا (إصلاحا) بقولك اللهم سدد ألسنتنا، أو اغضض ابصارنا، أو تفضل عليّ أنا الشاب بالإنابة ... أو ... فإن هذا لا يؤول في المعنى إلى قولك: اللهم إني أريدك ان تفعل بي كذا .. ولا يجوز ان نفهم الجملة هكذا لأنه فهم قاصر البتة .
بل أنت تقول في المعنى: أنت يا إلهي تفعل ذلك، وأنك توفق من يسعى، وتهدي من يجاهد نفسه في سبيلك {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}، ففعلك يا رب دليلي الذي أقتدي به، و طلبك سبيلي الذي لا أزول عنه كما أنك سبحانك قد وفرت فيّ الغرائز المتوافقة مع شرعك ورسلك فسهلت عليّ الطاعة بذلك، فكل دعائي هو طلب تعجيل ذلك التوفيق وذلك التسديد ..
وقد يؤول إلى معنى آخر وهو:
أنك يا ربي قد تفعل بالعبد ما يحبه فيك ويطلبه لوجهك الكريم حينما تعلم بنيته فتعجيلك وتقديرك وقضاؤك قد يكون جزاء على النية لسعة كرمك يارب.
لهذا أنت تقرأ الدعاء بين يدي الله إبرازا للنية التي سيجازيك الله عليها بتعجيل وتقدير ما تريده لصلاح ذاتك.. ولعل المقصود من قوله سبحانه: {... حتى يغيروا ما بأنفسهم}، أي النوايا!!
ومهما اختلف التأويل إلا أن النتيجة واحدة وهي أن الإصلاح عقيدة من حيث يتطلع المصلح لنفسه أو غيره إلى ما عند الله سبحانه ..
وتالي الفكرتين:
أن الإمام عليه السلام جاء ليقول لنا (ومن خلال سطور هذا الدعاء، دعاء الناحية) أن الطريق للإصلاح الجامع والشامل أي إصلاح المجتمع بما جمع، هو تفحص كل الأجزاء والمكونات الاجتماعية وإثارة النقطة المركزية في مشروع إصلاح كل فئة وكل جهة . . وإذا ما رجعنا إلى الدعاء نفسه بنظرة هندسية فإننا سنجد أن السيد ابن السادة الأطايب قد عني بكل طبقة طبقة.
- ألم تره كيف جمع بين ثلاثة أجزاء في الدائرة العلمية ((وتفضل على العلماء بالزهد والنصيحة وعلى المتعلمين بالجهد والرغبة وعلى المستمعين بالاتباع والموعظة))، وهذه إشارة إلى أن وجود الجزء المعطوب من شأنه أن يعيق حركة الاصلاح العلمي والمعرفي فلا يكتمل إذا كان المستمع مدبرا بسمعه غير مقبل، كما أنه لن يخطو خطوة نحو النجاح عندما تفشل عزيمة المتعلمين وتموت الرغبة في داخلهم، بل الأمر قد ينقلب إلى الفساد حينما يخلع العلماء ثوب الزهد والنصيحة، ويلبسون ثوب الانكباب على الدنيا، والمجاملة مع الآخرين، فحينها سيتركون كلمة الحق لأنها تتصادم مع مصالحهم ؟!
- ألم تره ذكر لخطر الغرائز ثلاثة مواضع الشيوخ، والشباب، والنساء،(( وعلى مشايخنا بالوقار والسكينة وعلى الشباب بالإنابة والتوبة وعلى النساء بالحياء والعفة))، لأن إصلاح هذه الطبقات مركزه الغرائز النفسية..
- ألم تره حينما جعل الإصلاح الاقتصادي مرهونا بالطبيعة النفسية لطبقتين الأولى منهما هي الأغنياء، والأخرى هي الفقراء، وكأنه يقول أن الجنبة المعيشية لا يمكن أن تصلح إلا بما يجب لكلٍ منهما من التواضع والسعة للأغنياء أي لا يتعرض للغني في أمواله ومصالحه ولا يحسد، بل يجب أن تحترم السعة بين يديه، ومن الصبر والقناعة للفقراء؛ لأنه عندما يفقد الفقراء القناعة فسوف تبوء كل مساعي الخير بالفشل وهذا ما نلاحظه في بعض المناطق ففي الوقت الذي تتحرك الجمعيات الخيرية جاهدة وتقدم الكثير إلا أن بعض الفقراء من المستفيدين يجاهر بالتهمته ويتكلم بعقيدته السيئة مشككا في عدل وصدقية القائمين على عمل الخير ؟!
- الم تره كيف تكلم عن الإصلاح في السياسة الخارجية والتي مثل لها بالجهاد كأبرز مهمة خارجية، ثم عطف على الإصلاح في السياسة الداخلية والتي تنحصر في العلاقة التجاذبية بين الأمير ومن أمر عليهم ..
وعندما تحول " بأبي هو وأمي " إلى العبادة لم يذكر سوى صورة واحدة وهي صورة الحجاج والزائرين لبيت الله تعالى ومغزى ذلك أن هذه العبادة تتوقف على الاستطاعة ولا تصلح إلا بالاستطاعة المادية ولذا نوه بالزاد والنفقة ..
الشيخ عبدالجليل البن سعد
اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف يكون الإصلاح عقيدة ؟
الجواب: هو أنك حينما تقدم أمنية الإصلاح وتطلبها من الله سبحانه وتصبها في قالب الدعاء والمسألة مع الله لا مع سواه فإن هذا سيصعد بالإصلاح إلى درجة العقيدة، ولا شك أن لهذا اللجوء إلى الله تبارك اسمه دلالات لا بد من تجريدها ولو على وجه الإجمال، وفي سبيل ذلك نختصر فكرتين:
أما مقدم الفكرتين فهو:
إنك حينما تطلب من الله عز وجل تغييرا وتبديلا (إصلاحا) بقولك اللهم سدد ألسنتنا، أو اغضض ابصارنا، أو تفضل عليّ أنا الشاب بالإنابة ... أو ... فإن هذا لا يؤول في المعنى إلى قولك: اللهم إني أريدك ان تفعل بي كذا .. ولا يجوز ان نفهم الجملة هكذا لأنه فهم قاصر البتة .
بل أنت تقول في المعنى: أنت يا إلهي تفعل ذلك، وأنك توفق من يسعى، وتهدي من يجاهد نفسه في سبيلك {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}، ففعلك يا رب دليلي الذي أقتدي به، و طلبك سبيلي الذي لا أزول عنه كما أنك سبحانك قد وفرت فيّ الغرائز المتوافقة مع شرعك ورسلك فسهلت عليّ الطاعة بذلك، فكل دعائي هو طلب تعجيل ذلك التوفيق وذلك التسديد ..
وقد يؤول إلى معنى آخر وهو:
أنك يا ربي قد تفعل بالعبد ما يحبه فيك ويطلبه لوجهك الكريم حينما تعلم بنيته فتعجيلك وتقديرك وقضاؤك قد يكون جزاء على النية لسعة كرمك يارب.
لهذا أنت تقرأ الدعاء بين يدي الله إبرازا للنية التي سيجازيك الله عليها بتعجيل وتقدير ما تريده لصلاح ذاتك.. ولعل المقصود من قوله سبحانه: {... حتى يغيروا ما بأنفسهم}، أي النوايا!!
ومهما اختلف التأويل إلا أن النتيجة واحدة وهي أن الإصلاح عقيدة من حيث يتطلع المصلح لنفسه أو غيره إلى ما عند الله سبحانه ..
وتالي الفكرتين:
أن الإمام عليه السلام جاء ليقول لنا (ومن خلال سطور هذا الدعاء، دعاء الناحية) أن الطريق للإصلاح الجامع والشامل أي إصلاح المجتمع بما جمع، هو تفحص كل الأجزاء والمكونات الاجتماعية وإثارة النقطة المركزية في مشروع إصلاح كل فئة وكل جهة . . وإذا ما رجعنا إلى الدعاء نفسه بنظرة هندسية فإننا سنجد أن السيد ابن السادة الأطايب قد عني بكل طبقة طبقة.
- ألم تره كيف جمع بين ثلاثة أجزاء في الدائرة العلمية ((وتفضل على العلماء بالزهد والنصيحة وعلى المتعلمين بالجهد والرغبة وعلى المستمعين بالاتباع والموعظة))، وهذه إشارة إلى أن وجود الجزء المعطوب من شأنه أن يعيق حركة الاصلاح العلمي والمعرفي فلا يكتمل إذا كان المستمع مدبرا بسمعه غير مقبل، كما أنه لن يخطو خطوة نحو النجاح عندما تفشل عزيمة المتعلمين وتموت الرغبة في داخلهم، بل الأمر قد ينقلب إلى الفساد حينما يخلع العلماء ثوب الزهد والنصيحة، ويلبسون ثوب الانكباب على الدنيا، والمجاملة مع الآخرين، فحينها سيتركون كلمة الحق لأنها تتصادم مع مصالحهم ؟!
- ألم تره ذكر لخطر الغرائز ثلاثة مواضع الشيوخ، والشباب، والنساء،(( وعلى مشايخنا بالوقار والسكينة وعلى الشباب بالإنابة والتوبة وعلى النساء بالحياء والعفة))، لأن إصلاح هذه الطبقات مركزه الغرائز النفسية..
- ألم تره حينما جعل الإصلاح الاقتصادي مرهونا بالطبيعة النفسية لطبقتين الأولى منهما هي الأغنياء، والأخرى هي الفقراء، وكأنه يقول أن الجنبة المعيشية لا يمكن أن تصلح إلا بما يجب لكلٍ منهما من التواضع والسعة للأغنياء أي لا يتعرض للغني في أمواله ومصالحه ولا يحسد، بل يجب أن تحترم السعة بين يديه، ومن الصبر والقناعة للفقراء؛ لأنه عندما يفقد الفقراء القناعة فسوف تبوء كل مساعي الخير بالفشل وهذا ما نلاحظه في بعض المناطق ففي الوقت الذي تتحرك الجمعيات الخيرية جاهدة وتقدم الكثير إلا أن بعض الفقراء من المستفيدين يجاهر بالتهمته ويتكلم بعقيدته السيئة مشككا في عدل وصدقية القائمين على عمل الخير ؟!
- الم تره كيف تكلم عن الإصلاح في السياسة الخارجية والتي مثل لها بالجهاد كأبرز مهمة خارجية، ثم عطف على الإصلاح في السياسة الداخلية والتي تنحصر في العلاقة التجاذبية بين الأمير ومن أمر عليهم ..
وعندما تحول " بأبي هو وأمي " إلى العبادة لم يذكر سوى صورة واحدة وهي صورة الحجاج والزائرين لبيت الله تعالى ومغزى ذلك أن هذه العبادة تتوقف على الاستطاعة ولا تصلح إلا بالاستطاعة المادية ولذا نوه بالزاد والنفقة ..
الشيخ عبدالجليل البن سعد
اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ
