اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني

إدارة الأزمات من وحي القرآن

روضة تهتم بـ المعارف القرآنية، الفضائل، التفسير، القصص

المشرفون: أنوار فاطمة الزهراء،تسبيحة الزهراء

صورة العضو الرمزية
دماء الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 43141
اشترك في: الخميس يناير 07, 2010 9:08 pm

إدارة الأزمات من وحي القرآن

مشاركة بواسطة دماء الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صورة

كلّما اقتربنا من القرآن العظيم وعشنا مع آياته النورانيّة، كلّما ازداد القلب رحابةً، وازداد العقل تفتّحاً، وازدادت الروح تألّقاً،﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾.
إنّ سنة الله في خلقه ومنذ أن خلق آدم عليه السّلام هو تعرّض الإنسان على صعيده الذاتيّ كدائرةٍ ضيّقةٍ، والمجتمع كدائرةٍ أوسع، للأزمات، تتفاوت في حدّتها وقتها، ويتفاوت الإنسان والمجتمعات في إدارة هذه الأزمات والتغلّب عليها.

ولعلّ المرادف للأزمات في القرآن الكريم هو (الابتلاء)، حيث إنّ هذا المصطلح هو المرادف للأزمة، وقد آثرنا أنْ يكون عنواننا من العناوين المُعاصرة لنُدرك أنّ العناوين الجديدة تجعلنا نعتقد أنّها لم ترِد في القرآن، ولم تكن هناك معالجة قرآنيّة لها؛ وقد جاء القرآن بالوصف الدقيق والعلاج النّاجع لها, ولعلّنا في هذا المبحث نخصّ الجماعة المؤمنة بوصف الأزمات التي تتعرّض لها، أسبابها، وسبل علاجها ومواجهتها.

أوّلاً: أنواع الأزمات التي تتعرّض لها الجماعة المؤمنة:

1- تسلّط الكافرين على المؤمنين وصرف قلوب المؤمنين عن مواجهتهم. (الأزمة السياسيّة):

يقول عزّ وجلّ: ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ﴾. لقد وردت هذه الآيات في سورة آل عمران، وصفاً لحال المؤمنين في غزوة أحد، حين عصى المؤمنون أمر نبيّهم واختلفوا، فكانت النّتيجة هزيمتهم، وصرف قلوبهم عن مواجهة الكفّار، ليكون بمثابة عقابٍ ربانيٍّ.

ونحن اليوم لا يوجد وصفٌ أكثر من هذا الوصف القرآنيّ لحالة التّشرذم والخلاف والاختلاف بينها، كان من نتائجها تسلّط الظّالمين على هذه الأمّة، بل أقسى ما في هذا الابتلاء ليس تسلّط الكافرين، بل هو صرف قلوب المؤمنين عن مواجهة الكافرين. لقد كان الوصف القرآنيّ دقيقاً فقال: ﴿ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ﴾؛ لقد انشغل المقاتلون بجمع الغنائم طمعاً بالدّنيا، واختلفوا وعصوا نبيّهم، فاجتمع الكفّار عليهم ليوجّهوا لهم ضربةً صاعقةً، هزّت أركانهم، وفرّقت جموعهم، فثبت من ثبت، وفرّ من فرّ من ميدان المعركة حاملاً معه خيبته واهتزاز دينه وفقدان دنياه....

2- الخوف والرعب الشديد (الأزمة العسكرية):

﴿وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً﴾.

لقد جاء القرآن معبّراً بشكلٍ دقيقٍ عن حال المؤمنين، وحالة الخوف التي وصلوا إليها، حين أطبق العدو وحاصر المؤمنين؛ فكان التّصوير القرآنيّ دقيقاً ومعبّراً، وهو يصف مشاعر المؤمنين وحالهم، حتّى وصلت القلوب الحناجر من شدّة خفقانها خوفاً، بل وصل الحدّ إلى اهتزاز الإيمان واليقين بالله...

واليوم قد شكّلت الأنظمة العربية اليوم بضعفها وهوانها جسراً لدخول الأعداء إلى عمق الأمّة، في حين أنّ عجز الحركات الإسلاميّة قادها إلى المزيد من التّراجع وتغيير المواقف.

3- الخوف والفقر والضعف (الأزمة الاقتصادية ):

يقول عزّ وجلّ ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾.

لقد أشار القرآن الكريم بشكلٍ واضحٍ إلى ما ستتعرض له الأمّة من خوفٍ وفقرٍ وجوعٍ ونقصٍ في الأموال والثّمرات. واليوم، وعلى الرّغم من حجم الثروات التي يتمتّع بها العالم الإسلاميّ اليوم، نجد أنّه أسيرٌ للاقتصاد الغربيّ. فلم يعد بمقدور المسلمين أنْ يستقلّوا باقتصادهم عن الغرب...

إنّ وصف هذه الظاهرة، وهذه الأزمة الاقتصاديّة، ورد في القرآن الكريم وأسبابها وسبل علاجها.

4- الجهل والتخلّف العلميّ والفكريّ (الأزمة الثقافيّة والفكريّة):

يقول عزّ وجلّ ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾.

لقد جاء القرآن مندّداً بأولئك الذين يسيرون، وهم هائمون على وجوههم، لا يعقلون شيئاً ولا يعلمون. لقد كانت الأزمة العقلية والفكرية هي من أكبر الأزمات التي تواجه المجتمع المؤمن.

كيف يُمكن أن ينهض المجتمع والجهل يُعشش في أركانه وزواياه؛ لذلك حرص الأعداء على إبقاء حالة الجهل مهيمنةً على الأمّة الإسلاميّة؛ وحين سمح بالانفتاح العقلي، فمن المأساة أنّه استطاع أن يُسيطر ويستولي على العقول ويوجّهها كيفما شاء.

ثانياً: أسباب الأزمات التي تتعرض لها الجماعة المؤمنة:

إنّ ظاهرة الأزمات والابتلاءات هي ظاهرة طبيعية في التاريخ الإنسانيّ، لكنّ الجماعة المؤمنة تختلف وتتميّز عن الجماعات الإنسانيّة الأخرى بكون هذه الأزمات هي تدبيرٌ إلهيٌّ، وتربيةٌ للجماعة المؤمنة لترتقي وتنهض بنفسها من قيود الجهل والظّلام والالتصاق بالأرض، ولتقوم بمهامها الموكلة إليها من التبليغ والهداية، ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾...

ولنُجمِل أسباب الابتلاءات والمحن بالآتي:

1- التمييز بين المؤمنين والمنافقين، بين الصّادقين والكاذبين:

يقول عزّ وجلّ ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾. إنّ إعلان الإيمان لا يكفي وحده، إنْ لم يكن صادقاً، فإعلان الإيمان هو بداية الإعلان عن الاستعداد لمواجهة المحن والابتلاءات المتنوّعة والمختلفة.

﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾.

ويقول عزّ وجلّ ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً﴾. إنّ الإخلاص هو عنوان الجماعة المؤمنة، وأيّ خلطٍ سيؤدّي إلى تعرّض الجماعة المؤمنة للابتلاءات والأزمات ليُمحّص الله المخلصين الصّادقين من الكاذبين.

وحين تتميّز الصّفوف يتنزّل نصر الله عزّ وجلّ. وبالنّظر لما تتعرض له الجماعات والحركات الإسلامية نستوعب حجم الابتلاءات والمحن؛ وكمّ هم أولئك الذين يسقطون في طريق الدّعوة إلى الله عزّ وجلّ....

2- تبديل الإيمان بالكفر، والجحود بنعم الله، وارتكاب الذنوب والمعاصي:

يقول عزّ وجلّ ﴿وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾.

إنّ الكفر والارتداد عن دين الله هو سبب نزول الابتلاءات والمحن، فإنْ لم يكن هناك مصلحون ومغيّرون حتماً سيتنزّل البلاء؛ فالتّخلّي عن الدور في الدّعوة إلى الله سببٌ في تنزّل البلاء في ظلّ تفشّي الفواحش، ما ظهر منها وما بطن.

يقول عزّ وجلّ ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾

إذا توفّر الإصلاح والدعوة إلى الله ارتفعت الأزمات والمحن، أمّا إذا انتفى الإصلاح، فلينتظر المجتمع الأزمات والابتلاءات...

3- نسيان ذكر الله عز وجل:

يقول عزّ وجلّ ﴿فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء﴾، إنّ الابتعاد عن منهج الله، ثمّ الغفلة عن ذكره تعالى، ستورث العداوة والبغضاء، ولعمري أنّ هذه الأزمة الحقيقيّة التي تعيشها الأمّة الإسلاميّة...

ثالثاً: سبل الوقاية وعلاج الأزمات:

لم تتنزل المحن والابتلاءات والأزمات دون أن يكون هناك مخرجٌ وحلولٌ كفيلة بالخروج من هذه الأزمات، فالله عزّ وجلّ يقول: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً *إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾.

لقد حدّد القرآن الكريم الخطوات والوسائل التي يُمكننا فيها مواجهة الأزمات والتغلّب عليها، وقد تمثّل بالآتي:

1- التوازن وعدم الانهيار والاستسلام ، واليقين بفرج الله. وقد قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ﴾. وفي معرضٍ آخر، قال سبحانه: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا﴾، فالأزمة مهما اشتدّت ستكون نهايتها الفرج والنّصر: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً *إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾...

2- الرجوع إلى الله والتوبة النصوح:

حين تبدأ الأزمات على المؤمنين ألا ينهاروا ويستسلموا، ثمّ عليهم أنْ يبحثوا في أنفسهم، في أخطائهم، في معاصيهم، في ذنوبهم، فالله يقول: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾...

3- التأمل والتدبر في إيجاد الحلول ، و إتباع المنهج العلمي:

إنّ المؤمن حين يعيش الحالة الإيمان الحقيقي، مجاهداً نفسه، مقرّاً نادماً على ما صدر منه في حقّ الله عزّ وجلّ، يقيناً فإنّ الله معه وناصره ومؤيده، وستتجلّى المعيّة الإلهيّة والتوفيق الإلهيّ في شتّى الأمور؛ والله تعالى يقول: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾...

أوّلاً: قراءة التّاريخ:

إنّ التّاريخ حافلٌ وزاخرٌ بالأزمات المشابهة التي عاشتها الأمم والشّعوب الأخرى، وحتماً سيجد المؤمنون ضآلتهم من خلال القراءة التّاريخيّة، لذلك يعتبر التّاريخ جزءاً مهمّاً من الثقافة الإنسانيّة والإيمانيّة في ضوء القرآن الكريم، بل تعتبر من الضروريات لحياة الجماعة المؤمنة وتقدمها .

ثانياً: القراءة العلميّة والموضوعيّة للأزمة:

من الضروري أن تشخص الحالة المرضية والأزمة بشكل سليم ودقيق حتى يمكن أن يوفّر العلاج الصحيح، فإن لم يستطع الطبيب أن يكتشف الداء ويشخص الحالة بشكل سليم، فحتماً سيكون الدواء المعطى للمريض غير فعّالٍ وستبقى الأزمة قائمة؛ فقد قال عزّ وجلّ ﴿وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾...

ثالثاً: إعداد العلاج والحلّ:

حين يتمّ التّشخيص الدّقيق حتماً سيكون العلاج الفعّال، فالأخذ بالأسباب هي التي ستقود إلى العلاج والخروج من الابتلاءات؛ ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً﴾. ويقول عزّ وجلّ: ﴿فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾...

4- سؤال أهل الاختصاص والخبرة:

لقد أكّد القرآن الكريم على ضرورة سؤال أهل الاختصاص والرّجوع إليهم والاستفسار، والاعتماد على تقييمهم وقدرتهم على الاستنباط والتّحليل، وقد قال سبحانه: ﴿وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾، كما قال تعالى ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾...

5- الدّعاء والتوجّه واللجوء لله عزّ وجلّ:

إنّ حالة العبوديّة المطلقة لله عزّ وجلّ، تتمثل في أعلى مراتبها بالدّعاء، حين يتحقّق التوكّل المقرون بالأخذ بالأسباب، فيبقى على الجماعة المؤمنة التوجّه لله بالتجرّد من كلّ جوانب الأرض، يعيشوا حالة العبودية الخالصة في أبهى وأرقى صورها.

إنّ إعلان الطاعة والخضوع لله عزّ وجلّ هو الغاية الحقيقية للجماعة المؤمنة، وما هذا العمل إلاّ لوجه الله وابتغاء مرضاته؛ والله تعالى يقول: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾...

من خلال ما تقدّم نستنتج الآتي:

أوّلاً: أنّ الأزمات هي حالة إنسانيّة طبيعية تتعرّض لها الجماعات والأفراد على حدّ سواء، تتفاوت فيها ردات الأفعال ومواجهتها من جماعةٍ إلى أخرى.

ثانياً: الجماعة المؤمنة تتميّز عن باقي الجماعات الإنسانيّة الأخرى في قراءتها للأزمات والابتلاءات، وكيفية مواجهتها والتعاطي معها، فهي عبارة عن تربية وتوجيه للجماعة المؤمنة، بما تحمله من رحمات وتأهيل للجماعة المؤمنة لقيادة البشرية ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾.

ثالثاً: القرآن الكريم وصف الابتلاءات والأزمات وبيّن أسباب الابتلاءات والأزمات لتتلافاها الجماعة المؤمنة، وتكون قادرة على مواجهتها.

رابعاً: لقد كشف القرآن الكريم عن الوسائل وسبل العلاج ومواجهة هذه الأزمات، فلم يترك الله هذه الأمّة بدون دعمٍ إلهيٍّ وتربيةٍ إلهيّةٍ، وهذا ما خصّه الله المسلمين عن سائر الأمم الأخرى.

بعد هذا العرض السّريع والمقتضب لإدارة الأزمات، علينا أن نؤمن أنّ الخروج من الأزمة يقتضي منّا العمل، وحمل الأمانة والمسؤوليّة الشرعيّة، تجاه التّكليف الإلهيّ، ولا يستشعر منّا أحدٌ أنّه بمنأى عن المسؤوليّة، بل هو جزءٌ منها (مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى).

أ. محمد إسماعيل السيد/نصوص معاصرة


اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
يقول الإمام الصادق(ع)"العامل بالظّلم والرَّاضي به والمعين له شركاء ثلاثتهم"
صورة العضو الرمزية
ناصرة الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 26879
اشترك في: الجمعة أكتوبر 24, 2008 1:16 am
مكان: بين الرياحين

Re: إدارة الأزمات من وحي القرآن

مشاركة بواسطة ناصرة الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ربي يجزاك خير الجزاء أختي العزيزة على الطرح المبارك
الله يوفقكم ويقضي جميع حوائجكم وينور قلوبكم بنور آيات القرآن العظيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
صورة العضو الرمزية
عشقِي الأبدي هو الله
عضو موقوف
مشاركات: 49213
اشترك في: السبت أكتوبر 04, 2008 5:03 pm
مكان: في قلب منتداي الحبيب

Re: إدارة الأزمات من وحي القرآن

مشاركة بواسطة عشقِي الأبدي هو الله »

اللهم صل على الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكورة اختي الكريمة على الطرح
الله يعطيكِ العافية
( حسبي الله ونعم الوكيل )
صورة العضو الرمزية
سيماء - الزهراء
مشاركات: 10548
اشترك في: الجمعة مايو 04, 2012 7:14 am

Re: إدارة الأزمات من وحي القرآن

مشاركة بواسطة سيماء - الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


شكرا جزيلا لكم على هذا الطرح الجميل
بارك الله فيكم وقضى حوائجكم في الدينا والأخرة


اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
للهم اغفر لي جميع مامضى من ذنوبي واعصمني فيما بقي من عمري وارزقني عملا زاكيا ترضى به عني
صورة العضو الرمزية
وردة الزهراء
مـشـرفـة
مشاركات: 22948
اشترك في: الاثنين مايو 31, 2010 7:36 pm
مكان: الروح موطنها الحسين

Re: إدارة الأزمات من وحي القرآن

مشاركة بواسطة وردة الزهراء »

بِـسْـمِ اللّهِ الـرَّحْـمـنِ الـرَّحِـيـمِ
اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ الاْوصياءِ الْمَرْضِيِّينَ، وَاكْفِني ما اَهَمَّني مِنْ اَمْرِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أختي العزيزة ,, بوركتِ وجُزيتِ خيراًوجعله الله في ميزآن أعمآلكم
يعطيك الصحة والعافية يارب و شكرا لك من القلب..


دمتم برعايه الزهراء....و نسألكم الدعاء
يَــ الطـبـعـک كريــم و مــا تــرد حايــر ..
يــاأباالفضل
صورة العضو الرمزية
الفردوس المحمدي
نائب المدير الإداري
مشاركات: 15019
اشترك في: الاثنين سبتمبر 13, 2010 9:00 pm
مكان: مع محمد وآل محمد (عليهم السلام)

Re: إدارة الأزمات من وحي القرآن

مشاركة بواسطة الفردوس المحمدي »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك أعدائهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احسنتم أختي المؤمنة على موضوعكم النيّر ووفقكم الله تعالى واناركم من علمه...
بارك الله فيكم وسدد خطاكم لكل خير

في رعاية الله تعالى وحفظه
إلهي ... أنت كما أحب فاجعلني كما تحب
صورة العضو الرمزية
دماء الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 43141
اشترك في: الخميس يناير 07, 2010 9:08 pm

Re: إدارة الأزمات من وحي القرآن

مشاركة بواسطة دماء الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صورة


اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
يقول الإمام الصادق(ع)"العامل بالظّلم والرَّاضي به والمعين له شركاء ثلاثتهم"
صورة العضو الرمزية
مسكِ النبي الهَادي
فـاطـمـيـة
مشاركات: 21539
اشترك في: الاثنين يوليو 13, 2009 10:32 pm
مكان: حيثُ يكون المهدي أنا معهـ

Re: إدارة الأزمات من وحي القرآن

مشاركة بواسطة مسكِ النبي الهَادي »

صورة صورة
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الله يوفقكَِ بجاه القرآن


صورة
تحيآتي
مسكِ النبي الهَادي
صورة
صورة

العودة إلى ”روضــة الــنـفـحـات الـقـرآنـيـة“