اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني

تفسير {ذلك أدنى ألا تعولوا}

روضة تهتم بـ المعارف القرآنية، الفضائل، التفسير، القصص

المشرفون: أنوار فاطمة الزهراء،تسبيحة الزهراء

صورة العضو الرمزية
ام حنان
فـاطـمـيـة
مشاركات: 3584
اشترك في: الأربعاء فبراير 04, 2009 3:36 pm

تفسير {ذلك أدنى ألا تعولوا}

مشاركة بواسطة ام حنان »

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
بسم الله الرحمن الرحيم




قال تعالى: «و إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانحكوا ما طاب لكم من النساء»
قد مرت الإشارة فيما مر إلى أن أهل الجاهلية من العرب - و كانوا لا يخلون في غالب الأوقات عن الحروب و المقاتل و الغيلة و الغارة و كان يكثر فيهم حوادث القتل - كان يكثر فيهم الأيتام، و كانت الصناديد و الأقوياء منهم يأخذون إليهم يتامى النساء و أموالهن فيتزوجون بهن و يأكلون أموالهن إلى أموالهم ثم لا يقسطون فيهن و ربما أخرجوهن بعد أكل مالهن فيصرن عاطلات ذوات مسكنة لا مال لهن يرتزقن به و لا راغب فيهن فيتزوج بهن و ينفق عليهن، و قد شدد القرآن الكريم النكير على هذا الدأب الخبيث و الظلم الفاحش، و أكد النهي عن ظلم اليتامى و أكل أموالهم
كقوله تعالى: "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا و سيصلون سعيرا" «النساء: 10»
و قوله تعالى: "و آتوا اليتامى أموالهم و لا تتبدلوا الخبيث بالطيب و لا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا" «النساء: 2»

فأعقب ذلك أن المسلمين أشفقوا على أنفسهم - كما قيل - و خافوا خوفاً شديداً حتى أخرجوا اليتامى من ديارهم خوفاً من الابتلاء بأموالهم و التفريط في حقهم، و من أمسك يتيماً عنده أفرز حظه من الطعام و الشراب و كان إذا فضل من غذائهم شيء لم يدنوا منه حتى يبقى و يفسد فأصبحوا متحرجين من ذلك و سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ذلك و شكوا إليه فنزل:
"و يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير و إن تخالطوهم فإخوانكم و الله يعلم المفسد من المصلح و لو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم" «البقرة: 220»
فأجاز لهم أن يأووهم و يمسكوهم إصلاحا لشأنهم و أن يخالطوهم فإنهم إخوانهم فجلى عنهم و فرج همهم.

إذا تأملت في ذلك ثم رجعت إلى قوله تعالى:" و إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا " «إلخ»
و هو واقع عقيب قوله: "و آتوا اليتامى أموالهم" الآية اتضح لك أن الآية واقعة موقع الترقي بالنسبة إلى النهي الواقع في الآية السابقة و المعنى - و الله أعلم -: اتقوا أمر اليتامى، و لا تتبدلوا خبيث أموالكم من طيب أموالهم، و لا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم حتى إنكم إن خفتم ألا تقسطوا في اليتيمات منهم و لم تطب نفوسكم أن تنكحوهن و تتزوجوا بهن فدعوهن و انكحوا نساء غيرهن ما طاب لكم مثنى و ثلاث و رباع.
فالشرطية أعني قوله: إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء، في معنى قولنا إن لم تطب لكم اليتامى للخوف من عدم القسط فلا تنكحوهن و انكحوا نساء غيرهن فقوله: فانكحوا ساد مسد الجزاء الحقيقي، و قوله: ما طاب لكم، يغني عن ذكر وصف النساء أعني لفظ غيرهن، و قد قيل: ما طاب لكم و لم يقل: من طاب لكم إشارة إلى العدد الذي سيفصله بقوله: مثنى و ثلاث إلخ و وضع قوله: إن خفتم ألا تقسطوا موضع عدم طيب النفس من وضع السبب موضع المسبب مع الإشعار بالمسبب في الجزاء بقوله: ما طاب لكم، هذا.
و قد قيل في معنى الآية أمور أخر غير ما مر على ما ذكر في مطولات التفاسير و هي كثيرة، منها: أنه كان الرجل منهم يتزوج بالأربع و الخمس و أكثر و يقول: ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان، فإذا فني ماله مال إلى مال اليتيم الذي في حجره فنهاهم الله عن أن يتجاوزوا الأربع لئلا يحتاجوا إلى أخذ مال اليتيم ظلما.

و منها: أنهم كانوا يشددون في أمر اليتامى و لا يشددون في أمر النساء فيتزوجون منهن عدداً كثيراً و لا يعدلون بينهن، فقال تعالى: إن كنتم تخافون أمر اليتامى فخافوا في النساء فانكحوا منهن واحدة إلى أربع.
و منها: أنهم كانوا يتحرجون من ولاية اليتامى و أكل أموالهم فقال سبحانه: إن كنتم تحرجتم من ذلك فكذلك تحرجوا من الزنا و انكحوا ما طاب لكم من النساء.
و منها: أن المعنى إن خفتم ألا تقسطوا في اليتيمة المرباة في حجوركم فانكحوا ما طاب لكم من النساء مما أحل لكم من يتامى قرباتكم مثنى و ثلاث و رباع.
و منها: أن المعنى إن كنتم تتحرجون عن مؤاكلة اليتامى فتحرجوا من الجمع بين النساء و أن لا تعدلوا بينهن و لا تتزوجوا منهن إلا من تأمنون معه الجور، فهذه وجوه ذكروها لكنك بصير بأن شيئا منها لا ينطبق على لفظ الآية ذاك الانطباق فالمصير إلى ما قدمناه.

قوله تعالى: «مثنى و ثلاث و رباع» بناء مفعل و فعال في الأعداد تدلان على تكرار المادة فمعنى مثنى و ثلاث و رباع اثنتين اثنتين و ثلاثا ثلاثا و أربعا أربعا، و لما كان الخطاب متوجها إلى أفراد الناس و قد جيء بواو التفصيل بين مثنى و ثلاث و رباع الدال على التخيير أفاد الكلام أن لكل واحد من المؤمنين أن يتخذ لنفسه زوجتين أو ثلاثا أو أربعا فيصرن بالإضافة إلى الجميع مثنى و ثلاث و رباع.
و بذلك و بقرينة قوله بعده: و إن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم و كذا آية المحصنات بجميع ذلك يدفع أن يكون المراد بالآية أن تنكح الاثنتان بعقد واحد أو الثلاث بعقد واحد مثلا، أو يكون المراد أن تنكح الاثنتان معا ثم الاثنتان معا و هكذا، و كذا في الثلاث و الأربع، أو يكون المراد اشتراك أزيد من رجل واحد في الزوجة الواحدة مثلا فهذه محتملات لا تحتملها الآية.
على أن الضرورة قاضية أن الإسلام لا ينفذ الجمع بين أزيد من أربع نسوة أو اشتراك أزيد من رجل في زوجة واحدة.
و كذا يدفع بذلك احتمال أن يكون الواو للجمع فيكون في الكلام تجويز الجمع بين تسع نسوة لأن مجموع الاثنتين و الثلاث و الأربع تسع، و قد ذكر في المجمع: أن الجمع بهذا المعنى غير محتمل البتة فإن من قال: دخل القوم البلد مثنى و ثلاث و رباع لم يلزم منه اجتماع الأعداد فيكون دخولهم تسعة تسعة، و لأن لهذا العدد لفظا موضوعا و هو تسع فالعدول عنه إلى مثنى و ثلاث و رباع نوع من العي - جل كلامه عن ذلك و تقدس -.
قوله تعالى: «و إن خفتم ألا تعدلوا فواحدة» أي فانكحوا واحدة لا أزيد، و قد علقه تعالى على الخوف من ذلك دون العلم لأن العلم في هذه الأمور - و لتسويل النفس فيها أثر بين - لا يحصل غالبا فتفوت المصلحة.
قوله تعالى: «أو ما ملكت أيمانكم» و هي الإماء فمن خاف ألا يقسط فيهن فعليه أن ينكح واحدة، و إن أحب أن يزيد في العدد فعليه بالإماء إذ لم يشرع القسم في الإماء.

و من هنا يظهر أن ليس المراد التحضيض على الإماء بتجويز الظلم و التعدي عليهن فإن الله لا يحب الظالمين و ليس بظلام للعبيد بل لما لم يشرع القسم فيهن فأمر العدل فيهن أسهل، و لهذه النكتة بعينها كان المراد بذكر ملك اليمين الاكتفاء باتخاذهن و إتيانهن بملك اليمين دون نكاحهن بما يبلغ العدد أو يكثر عليه فإن مسألة نكاحهن سيتعرض لها في ما سيجيء من قوله:
" و من لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات" «النساء: 25»
قوله تعالى: «ذلك أدنى ألا تعولوا» العول هو الميل أي هذه الطريقة على ما شرعت أقرب من ألا تميلوا عن العدل و لا تتعدوا عليهن في حقوقهن، و ربما قيل: إن العول بمعنى الثقل و هو بعيد لفظا و معنى.
و في ذكر هذه الجملة التي تتضمن حكمة التشريع دلالة على أن أساس التشريع في أحكام النكاح على القسط و نفي العول و الإجحاف في الحقوق.

تفسير الميزان


نسألكم الدعاء
صورة العضو الرمزية
دماء الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 43141
اشترك في: الخميس يناير 07, 2010 9:08 pm

Re: تفسير {ذلك أدنى ألا تعولوا}

مشاركة بواسطة دماء الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جَزَاكُم الْلَّه كُل خَيْر
رَحِم الْلَّه وَالِدِيْكُم
و جَعَلَه فِي مِيْزَان حَسَنَاتِكُم

دَعَوَاتِي لَكُم بِالتَّوْفِيْق وَقَضَاء الْحَوَائِج عَاجِلَا كَلَمْح البَصرِبِحق شَهِيْد كَرْبُلْاءَ(ع)

نسْالُكُم خَالِص الْدُّعَاء

الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَآَل مُحَمَّد الْطَّيِّبِين الْطَّاهِرِيْن
يقول الإمام الصادق(ع)"العامل بالظّلم والرَّاضي به والمعين له شركاء ثلاثتهم"
صورة العضو الرمزية
سيماء - الزهراء
مشاركات: 10548
اشترك في: الجمعة مايو 04, 2012 7:14 am

Re: تفسير {ذلك أدنى ألا تعولوا}

مشاركة بواسطة سيماء - الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


شكرا جزيلا لكم على هذا الطرح الجميل
بارك الله فيكم وقضى حوائجكم في الدينا والأخرة


اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
للهم اغفر لي جميع مامضى من ذنوبي واعصمني فيما بقي من عمري وارزقني عملا زاكيا ترضى به عني
صورة العضو الرمزية
ناصرة الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 26879
اشترك في: الجمعة أكتوبر 24, 2008 1:16 am
مكان: بين الرياحين

Re: تفسير {ذلك أدنى ألا تعولوا}

مشاركة بواسطة ناصرة الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ربي يجزاك خير الجزاء أختي العزيزة على الطرح المبارك
الله يوفقكم ويقضي جميع حوائجكم وينور قلوبكم بنور آيات القرآن العظيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
صورة العضو الرمزية
مسكِ النبي الهَادي
فـاطـمـيـة
مشاركات: 21539
اشترك في: الاثنين يوليو 13, 2009 10:32 pm
مكان: حيثُ يكون المهدي أنا معهـ

Re: تفسير {ذلك أدنى ألا تعولوا}

مشاركة بواسطة مسكِ النبي الهَادي »

صورة
صورة
صورةصورةصورة
أشكـــــــرك على الموضوع ربي يبارك بك دعينآ نرى جديدك دائماً وتميزك
لقلبك وردة نيلوفر عآطرة تنفث الآماريج في روحك الجميله
آسأل الله الحي القيوم أن يكتب لنــا الجنةصورة صورة وأن نكون ممن يدخلونهآ بدون حساب
معـ شيعة محمد وآل محمد الطيبين الاطهار
تحيآتي لشخصك
مسكِ النبي الهادي
صورة
صورة
صورة

صورة

العودة إلى ”روضــة الــنـفـحـات الـقـرآنـيـة“