الحمد لله تعالى رب العالمين
اللهم صل على محمد وآل محمد بعدد ما تحب وترضى
صلى الله عليك يا مولاي يا أبا عبد الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : اختلفوا في إرم على أقوال : أحدهما : أنه اسم قبيلة ، قال أبوعبيده ة : هما عادان ، فالاولى هي إرم وهي التي قال الله تعالى فيهم : " وأنه أهلك عادا الاولى " وقيل : هو جد عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح ، عن محمد بن إسحاق ، وقيل : هو سام بن نوح نسب عاد إليه ، عن الكلبي ، وقيل : إرم عاد قبيلة من قوم عاد كان فيهم الملك وكانوا بمهرة ( 1 ) وكان عاد أباهم .
وثانيها : أن إرم اسم بلد ، ثم قيل هو دمشق ، وقيل : مدينة الاسكندرية ، و قيل : هو مدينة بناها شداد بن عاد فلما أتمها وأراد أن يدخلها أهلكه الله بصيحة نزلت من السماء .
وثالثها : أنه ليس بقبيلة ولا بلد بل هو لقب لعاد ، وكان عاد يعرف به ، وروي عن الحسن أنه قرأ " بعاد إرم " على الاضافة ، وقال : هو اسم آخر لعاد ، وكان له اسمان ، ومن جعله بلدا فالتقدير : بعاد صاحب إرم ، وقوله : " ذات العماد " يعني أنهم كانوا أهل عمد سيارة في الربيع ، فإذا هاج البيت رجعوا إلى منازلهم ، وقيل : معناه : ذات الطول والشدة من قولهم : رجل معمد طويل ، ورجل طويل العماد أي القامة " التي لم يخلق مثلها " أي مثل تلك القبيلة في الطول والقوة وعظم الاجسام ، وهو الذين قالوا : " من أشد منا قوة " وروي أن الرجل منهم كان يأتي بالصخرة فيحملها على الحي فيهلكهم ، وقيل : ذات العماد أي ذات الابنية العظام المرتفعة : وقال ابن زيد " ذات العماد في إحكام البنيان " التي لم يخلق مثلها " أي مثل أبنيتها في البلاد .
( 2 )
_______________________________________
( 1 ) تقدم ضبطه في الباب السابق .
( 2 ) مجمع البيان 10 : 485 - 486 .
م ( * ) .
1 - فس : " ألم تر " ألم تعلم " كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد " كما قال الله للنبي صلى الله عليه وآله " لم يخلق مثلها في البلاد " ثم مات عاد وأهلك الله قومه بالريح الصرصر .
( 1 ) 2 - ك : حدثنا محمد بن هارون فيما كتب إلي قال : حدثنا معاذبن المثنى قال : حدثنا عبدالله بن أسماء قال : حدثنا جويرية ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي وائل قال : إن رجلا يقال له عبدالله بن قلابة ( 2 ) خرج في طلب إبل له قد شردت ، فبينا هو في صحارى عدن في تلك الفلوات إذ هو قد وقع على مدينة عليها حصن ، حول ذلك الحصن قصور كثيرة وأعلام طوال ، فلما دنا منها ظن أن فيها من يسأله عن إبله فلم ير داخلا ولا خارجا ، فنزل عن ناقته وعقلها وسل سيفه ودخل من باب الحصن ، فإذا هو ببابين عظيمين لم ير في الدنيا أعظم ( 3 ) منهما ولا أطول ، وإذا خشبها من أطيب عود ، وعليها نجوم من ياقوت أصفر وياقوت أحمر ضوؤها قد ملا المكان ، فلما رأى ذلك أعجبه ففتح أحد البابين ودخل فإذا هو بمدينة لم يرالراؤون مثلها قط ، وإذا هو بقصور كل قصر منها معلق تحته أعمدة من زبرجد وياقوت ، وفوق كل قصر منها غرف ، وفوق الغرف غرف مبنية بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت والزبرجد ، وعلى كل باب من أبواب تلك القصور مصاريع مثل مصاريع باب المدينة من عود طيب قد نضدت عليه اليواقيت ، وقد فرشت تلك القصور باللؤلؤ وبنادق المسك والزعفران ، فلما رأى ذلك ولم ير هناك أحدا أفزعه ذلك ونظر إلى الازقة وإذا في كل زقاق منها أشجار قد أثمرت ، تحتها أنهار تجري فقال : هذه الجنة التي وصف الله عزوجل لعباده في الدينا ، فالحمدلله الذي أدخلني الجنة ، فحمل من لؤلوئها وبنادقها بنادق المسك والزعفران ، ولم يستطع أن يقلع من زبرجدها ولا من ياقوتها لانه كان مثبتا في أبوابها وجدرانها ، وكان اللؤلؤ وبنادق المسك
<h5>_______________________________________
( 1 ) تفسير القمى : 723 .
م ( 2 ) لم يذكره اصحابنا رضوان الله تعالى عليهم في كتب تراجمهم ، ولكن من العامة ذكره ابن حجر في لسان الميزان 3 : 327 .
قال : عبدالله بن قلابة صاحب حديث ارم ذات العماد ، ذكره الحسينى ومن خطه نقلت وله ترجمة في تاريخ ابن عساكر وقصة عن معاوية وكعب الاحبار انتهى .
قلت : كثيرا ما يخرج شيخنا الصدق قدس الله سره في كتبه أحاديث كثيرة من كتب العامة مما تتعلق بالاداب والسنن والقصص ، ويتسامح في إسناده كما هو المعمول في ذلك والحديث من جملة تلك الاحاديث .
( 3 ) في المصدر : بناء أعظم اه .
م ( * ) .
والزعفران بمنزلة الرمل ( 1 ) في تلك القصور والغرف كلها ، فأخذ منها ما أراد وخرج حتى أتى ناقته وركبها ، ثم سار يقفو أثره حتى رجع إلى اليمن وأظهر ما كان معه وأعلم الناس أمره ، وباع بعض ذلك اللؤلؤ وكان قد اصفار وتغير من طول ما مر عليه الليالي والايام ، فشاع خبره وبلغ معاوية بن أبي سفيان فأرسل رسولا إلى صاحب صنعاء وكتب بإشخاصه ، فشخص حتى قدم على معاوية فخلا به وسأله عما عاين فقص عليه أمر المدينة وما رأى فيها وعرض عليه ما حمله منها من اللؤلؤ وبنادق المسك والزعفران ، فقال : والله ما أعطي سليمان بن داود مثل هذه المدينة ، فبعث معاوية إلى كعب الاحبار فدعاه فقال له : يا أبا إسحاق هل بلغك أن في الدنيا مدينة مبنية بالذهب والفضة ، وعمدها زبرجد و ياقوت ، وحصى قصورها وغرفها اللؤلؤ ، وأنهارها في الازقة تجري تحت الاشجار ، قال كعب : أما هذه المدينة صاحبها شداد بن عاد الذى بناها ، وأما المدينة فهي إرم ذات العماد وهي التي وصفها الله عزوجل في كتابه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وآله ، وذكر أنه لم يخلق مثلها في البلاد ، قال معاوية : حدثنا بحديثها ، فقال : إن عاد الاولى وليس بعاد قوم هود - كان له ابنان سمى أحدهما شديدا ، والآخر شدادا ، فهلك عاد وبقيا وملكا وتجبرا وأطاعهما الناس في الشرق والغرب ، فمات شديد وبقي شداد فملك وحده لم ينازعه أحد ، وكان مولعا بقراءة الكتب ، وكان كلما سمع يذكر الجنة وما فيها من البنيان والياقوت والزبرجد واللؤلؤ رغب أن يفعل مثل ذلك في الدنيا عتوا على الله عزوجل ، فجعل على صنعتها مائة رجل تحت كل واحد منهم ألف من الاعوان فقال : انطلقوا إلى أطيب فلاة في الارض وأوسعها فاعملوا لي فيها مدينة من ذهب وفضة وياقوت وزبرجد ولؤلؤ ، و اصنعوا تحت تلك المدينة أعمدة من زبرجد ، وعلى المدينة قصورا ، وعلى القصور غرفا ، وفوق الغرف غرفا ، واغرسوا تحت القصور في أزقتها أصناف الثمار كلها ، وأجروا فيها الانهار حتى تكون تحت أشجارها فإني أرى في الكتاب صفة الجنة وأنا احب أن أجعل مثلها في الدنيا ، قالوا له : كيف نقدر على ما وصفت لنا من الجواهر والذهب والفضة حتى يمكننا أن نبني مدنية كما وصفت ؟ قال شداد : ألا تعلمون أن ملك الدنيا
<h5>_______________________________________
( 1 ) في المصدر : منثورا بمنزلة الرمل .
م ( * ) .
بيدي ؟ قالوا : بلى ، قال : فانطلقوا إلى كل معدن من معادن الجواهر والذهب والفضة فوكلوا بها حتى تجمعوا ما تحتاجون إليه ، وخذوا جميع ما تجدونه في أيدي الناس من الذهب والفضة ، فكتبوا إلى كل ملك في الشرق والغرب فجعلوا يجمعون أنواع الجواهر عشر سنين فبنوا له هذه المدينة في مدة ثلاث مائة سنة ، وعمر شداد تسعمائة سنة ، فلما أتوه وأخبروه بفراغهم منها قال : فانطلقوا فاجعلوا عليها حصنا ، واجعلوا حول الحصن ألف قصر ، عند كل قصر ألف علم ، يكون في كل قصر من تلك القصور وزير من وزرائي ، فرجعوا وعملوا ذلك كله ، ثم أتوه فأخبروه بالفراغ منها كل أمرهم ، فأمر الناس بالتجهيز إلى إرم ذات العماد ، فأقاموا في جهازهم إليها عشر سنين ، ثم سار الملك يريد إرم فلما كان من المدينة على مسيرة يوم وليلة بعث الله عزوجل عليه وعلى جميع من كان معه صيحة من السماء فأهلكتهم ، ولا دخل إرم ولا أحد ممن كان معه ، فهذه صفة إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وإني لاجد في الكتب أن رجلا يدخلها ويرى ما فيها ثم يخرج فيحدث الناس يما يرى فلا يصدق ، وسيدخلها أهل الدين في آخر الزمان .
( 1 ) ص : بالاسناد إلى الصدوق مثله .
( 2 ) أقول : روى في مجمع البيان نحوا من ذلك عن وهب بن منبه وذكر في آخره أنه قال : وسيدخلها في زمانك رجل من المسلمين أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عنقه خال يخرج في تلك لصحاري في طلب إبل له ، والرجل عند معاوية ، فالتفت إليه كعب وقال : هذاوالله ذلك الرجل .
( 3 ) 3 - ك : وجدت في كتاب المعمرين أنه حكى عن هشام بن السعد الرحال قال
-بحار الانوار مجلد: 11 من ص 369 سطر 19 الى ص 377 سطر 18 وجدنا بالاسكندرية مكتوب فيه : أنا شداد بن عاد ، أنا الذي شيدت العماد ( 4 ) التي لم
<h5>_______________________________________
( 1 ) كمال الدين : 305 - 307 .
قال المسعودى في مروج الذهب ولنعم ما قال : ان هذا من أكاذيب الندماء ليتقربوابها عند السلاطين .
م ( 2 ) مخطوط .
م ( 3 ) مجمع البيان 10 : 486 - 487 .
ووهب بن منبه من ابناء فارس في اليمن كان عالما بالتواريخ والقصص قارئالكتب الاولين م ( 4 ) في نسخة : شددت العماد ( * ) .