بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
اللهم عجل لوليك الفرج
– كيف كانت العائلة تتغلب على كل الضغوطات والابتلاءات التي مرت بها؟
كان السيد الشهيد (قده) يبث فينا روح الشجاعة والتفاؤل والتضحية والرضا بما قسمه الله تعالى ويوصينا دائماً بالتوكل على الله عز وجل والتوسل بأهل البيت (ع) للفرج وحل الأزمات ، وكان يقول كلما ازداد إيمان الفرد ازداد بلاؤه ، ولكن يجب على المؤمن أن لا ييأس من روح الله ورحمة الله . وبهذه المعنويات والروحية العظيمة كان يشجعنا على الصبر والتحمل، وكانت الزاد الذي نتقوى به.
كان جبلاً لا تهزه العواصف . فهو القدوة والأسوة، الصبور، البشوش، القانع، الراضي بكل ما يحدث له من مصاعب وخصومات من قبل أعدائه.
7- هل كنتم تلاحظون مواظبة من قبل السيد الشهيد على عمل عبادي معيّن؟
كان يحرص دائماً على أن يكون على وضوء ويردّد كثيراً الذكر التالي : " لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم " ويحرص على إحياء ليلة عرفة، وليلة الواحد والعشرين من شهر رمضان المبارك، وليلة عيد الفطر، وكان يقيم مجلس عزاء كل ليلة أربعاء في بيته، وكذلك يقيم العزاء في ثلاث ليال بمناسبة استشهاد الإمام موسى بن جعفر (ع) ، وكان يقول:" خدمة الناس عبادة ، ليحاول كل فرد حسب إمكانيته واستطاعته الحصول على هذه العبادة".
8– ماذا يتذكّر أطفال السيد الشهيد عن علاقاتهم بالسيدة آمنة الصدر(بنت الهدى)؟
كانت الأم الثانية لنا ، حنونة، عطوفة، تحبنا جدا وتقول: " ليس لدي أولاد، أنتم أولادي وأعز. أعزكم كثيراً لأنفسكم ، وأعزكم أكثر لأنكم أولاد أخي". كانت ترعانا في غياب الوالدة، تطبخ لنا، وتهيئنا للذهاب إلى المدرسة وتساعدنا في دروسنا وترشدنا وتنصحنا. وكذلك تصطحبنا معها لزيارة الأقارب والأصدقاء ومجالس العزاء. وكانت تحيك لنا القطع الجميلة للاستفادة منها في فصل الصيف وكانت تجلب لنا الهدايا من الحج مع قلة ما تملك من المال، وتتابع أخبارنا في المدرسة مع حرصها على أن نتقدم ونتفوق في الدروس.
9- هل هناك جوانب خاصة من شخصية الشهيدة بنت الهدى من المفيد تسليط الضوء عليها ؟
كانت إنسانة رائعة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى. صبورة، مؤمنة، راضية ، شاكرة لله، مجاهدة في سبيل الله، محبة للجميع ، بسيطة في تعاملها مع الآخرين، لا تحب المظاهر، تجلس حيث هي ولا تتصدّر المجالس، تقرأ القرآن كثيراً وتختمه في شهر رمضان من 3 إلى 4 ختمات مع كل مشاغلها لأن أكثر ما تقرأه كان حفظاً.
كل ما تقوله كانت تطبقه على نفسها وتعمل فيه، زاهدة في مأكلها ومشربها إلا أنها لم تزهد في خدمة الإسلام أبداً مع كل الصعوبات والمخاوف التي كانت تواجهها. أحسّت أن من واجبها الشرعي أن تقف بوجه الظلم والاستبداد وضد الاستهتار والنفاق وضد من ينتهك حرمة الدين وخصوصاً التعدي على حقوق المرأة والانتقاص من شخصيتها وحريتها التي أرادها الله تعالى لها. فكانت تبث روح الدين، والتقوى، وحب العلم والتعلم، وطاعة الله سبحانه وتعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام، ومعرفة سبب مجيئنا إلى الدنيا والهدف الذي خلقنا من أجله- أن الإنسان خليفة الله في الأرض-. وكانت تحاول أن تلتقي بالأخوات المؤمنات - مع كل الضغوط والتحديات التي كانت تواجهها - سواءً في بيتها أو خلال تأديتها مناسك الحج أو المناسبات الأخرى لتجعل هذا اللقاء للإرشاد والتوجيه ....
10– خصوصية العلاقة بين السيد الشهيد وأخته الشهيدة وهل كان لديهما شعوراً أنهما سيستشهدان معاً؟
كانت العلاقة بينهما وثيقة ومتينة، قائمة على الإخلاص والصدق والمحبة . كان السيد الشهيد لها الأب، والقائد، والمعين، والكهف الذي تلوذ به، والمساند لها في حل المشكلات التي تواجهها. وكانت بالنسبة له المساعد، والعون، والسند، والوكيل، والعضد له، لأن السيد الشهيد كان يعتبر أن المرأة والرجل سواء في الجهاد والتضحية والعمل في سبيل الله، والمرأة نصف المجتمع .
فكانت المكمّلة لرسالته ومرجعيته ودائماً تقول : " كما أن حياتي ارتبطت بأخي السيد محمد باقر ، فإني أرجو من الله تعالى أن يرتبط مماتي بأخي " فكان لها ما أرادت !!!
11 – ماذا تخبروننا عن قصة شهادة السيد وأخته بنت الهدى؟
بعد الأيام العصيبة التي قضيناها في الحجز والتي طالت ثمانية أشهر وما أمرّها وأصعبها، جرت عدة محاولات من النظام للتخلص من السيد الشهيد باءت بالفشل، إلا أنه في المرة الأخيرة، جاؤوا واقتادوه إلى التحقيق، فقال لهم أمهلوني دقائق وسأذهب معكم، فقام واغتسل غسل الشهادة ولبس ثيابه وبدأ يودع الأهل واحداً واحداً بشجاعة وصبر منقطع النظير، وكان يبتسم ويتمتم بكلمات التشجيع والدعاء للجميع وقال: " إن كانت شهادتي تنفع الإسلام وبلدي وشعبي حتى ولو بعد عشرين عاماً ، فهذا هو المطلوب " . وطلب من الجميع الثبات والتوكل على الله تعالى، وودّعناه من تحت القرآن . وقبل الخروج التفت إلينا بنظرات ملؤها المحبة والعطف والشوق وقال : " أستودعكم الله وكونوا عند حسن ظني بكم يا أعزائي " ثم اقتاده المجرمون .....
وفي الوقت نفسه من اليوم التالي، جاء الجلاوزة المجرمون ليقتادوا العلوية الطاهرة بنت الهدى، وقالوا لها نأخذك للتحقيق وترجعين. وحاولت والدتها المظلومة أن تتمسك بها وقالت لهم:" خذوني معها فأنا لا أستطيع أن أرى ابنتي الوحيدة تذهب معكم وأبقى هنا " فرفضوا ذلك. حاولت العلوية بنت الهدى تهدئة والدتها وطلبت منها أن تدعو لها- فدعاء الأم مستجاب بحق ولدها- وودّعت الجميع ثم اقتادها المجرمون.....
بعد ذلك قطعت الكهرباء والتلفون عن البيت - وكأنهم يريدون أن يقطعوا كل شيء يتصل بالسيد الشهيد- وكانت النهاية لحسين العصر وأخته زينب العصر. وفي شهادتهما تجلت روح الإيمان والجهاد والشهادة بأعلى الدرجات، وكانت الشهادة العظيمة نهاية لحياة عظيمة......
12– كلمة أخيرة
إنا لله وإنا إليه راجعون
ما أعظم مصابنا بكم . فقدناك وما أصعب فقدك وما أشد فراقك وما أحوجنا لشخصك الكريم ، وما أظلم حياتنا بعدما انطفأ نورك الواهج ولكنك حي ترزق لأنك شهيد، ولأنك عالم، ولأنك مصلح، ولأنك قائد عظيم ، ستبقى خالداً على مر السنين .
ونعاهدك بأننا لم ولن ننس مصابك، ومواقفك، وجرحك لم يندمل بعد، ومصابك يتجدّد دائماً.
وفقنا الله تعالى لاتباع مسيرتك والسير على دربك ونهجك.
فسلام الله عليك يا مولاي يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تقف بين يدي الله عزّ وجلّ.
والسلام على أختك المظلومة الشهيدة بنت الهدى.
والسلام على جميع المستشهدين المؤمنين الصابرين في سبيل الله
وفقنا الله تعالى لما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته......
اللهم اطلبني حتى اصل اليك
ربنا لاتؤاخذنا ان نسينا او اخطانا
..