ائتوني بكتف ودواة قد شاهد النبي ( ص ) ما كان من أمر عرقلة بعث أسامة ، وهؤلاء القوم المتباطؤن لم ينفع معهم صعوده المنبر عاصبا رأسه في أشد حال لا تقله رجلاه مما به من لغوب ، مشددا عليهم النكير على مقالتهم في حق أسامة وتخلفهم عن البعث .
وهي أول حادثة من نوعها تمر على النبي في المدينة ، لا يطاع أمره ويتجاهل حكمه ، ويتساهل في غضبه ، ثم لا يستطيع أن ينفذ هذا الأمر وهو مصر على تنفيذه إلى آخر يوم من حياته إذ دخل عليه أسامة راجعا من الجرف فأمره بالسير غاديا .
لا شك أن مثل هذا الحادث يدعو إلى تدبير آخر سريع لإتمام الأمر لعلي ، ومنه يتأكد للنبي جليا ما عليه القوم من التواطؤ على عدم التقيد بالنص على علي .
وهم إذا كانوا في حياته لا يطيعون أمره في هذا السبيل فكيف إذن بعد وفاته . فلم يجد بعد هذا خيرا من أن يكتب لهم كتابا فاصلا لا يضلون بعده أبدا ، لأنه سيكون أمرا ثابتا لا يقبل التأويل والنكران والتناسي ، لا كالكلام الذي لا يحفظ إلا في الصدور وهي لا تسلم من دخل .
ما أعظمه من كتاب ؟ أهم لا يضلون بعده أبدا ؟ ما أعظمها من نعمة ! بالله أبالله أهكذا قال النبي ؟
نعم ! لما اشتد المرض به " يوم الخميس " وفي البيت رجال منهم عمر بن الخطاب ، قال ( ص ) : " هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا " . فأية فرصة غالية هذه يجب أن يقتنصها الحاضرون لهم ولجيلهم وللأجيال اللاحقة حتى الأبد ؟ وأية نعمة كبرى هذه لا تعادلها نعمة ! . . . أما كان على المسلمين أن يستغلوها أعظم غنيمة فيسرعوا إلى تلبية هذا الطلب ليخلد لهم الهدى ما بقوا ؟ فأي شئ كان يؤخرهم عن اقتناص هذه النعمة ؟ أوليس عمر بن الخطاب حال دون هذا التدبير ، فأوهى منه عقدته المحكمة ، فقال : " إن رسول الله قد غلبه الوجع - أو ليهجر - وعندكم القرآن وحسبنا كتاب الله " ! . فاختلف الحضور وأكثروا اللغط والنقاش ، منهم من يقول قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، ومنهم من يقول : ما قال عمر .
فما ترى نبي الرحمة صانعا بعد هذا ؟ أيكتب الكتاب وهو في زعم بعضهم على حال مرض غالب " حاشا النبي الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " ، فكيف إذن يهتدون به ولا يضلون بعده أبدا ، وقد وقع فيه الخلاف من الآن ، وطعن بتلك الطعنة النجلاء التي لا سبر لها ولا غور .
فلم يجد روحي فداه إلا أن ينهرهم وينبههم على خطأهم فقال : " قوموا .
ولا ينبغي عند نبي نزاع " لتبقي هذه الحادثة حجة على مرور القرون .
حقا إنها لرزية من أعظم الرزايا سببت كل ضلال وقع ويقع بعد النبي .
وحق الابن عباس حبر الأمة أن يبكي عند تذكرها حتى يخضب دمعه الحصباء ويقول : " إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ( ص ) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب " .
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ عظّم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بسيّد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام وجعلنا الله واياكم من الطالبين بثأره مع إمام منصور من آل محمد عليهم السلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بكم على جميل ردودكم ودعواتكم ,,, أسال العلي القدير ان يحفظكم ويوفقكم ان شاء الله