

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف وارحمنا بهم يا كريم

إن البشارة بظهور " المهدي" من ولد فاطمة الزهراء عليها السلام في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا .
* ثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله بالتواتر .. وسجلها المسلمون جميعا فيما رووه من الحديث عنه على إختلاف مشاربهم .
وليست هي بالفكرة المستحدثة عند ( الشيعة) دفع إليها انتشار الظلم والجور .. فحلموا بظهور من يطهر الأرض من رجس الظلم والجور .. كما يريد أن يصورها بعض المغالطين غير المنصفين .. ولو لا ثبوت ( فكرة المهدي) عن النبي على وجه عرفها جميع المسلمين وتشبعت في نفوسهم واعتقدوها لما كان يتمكن مدعو المهدية في القرون الأولى كالكيسانية والعباسية وجملة من العلويين وغيرهم .. من خدعة الناس واستغلال هذه العقيدة فيهم طلبا للملك والسلطان.. فجعلوا إدعاءهم المهدية الكاذبة طريقا للتأثير على العامة وبسط نفوذهم عليه.
ونحن مع إيماننا بصحة الدين الإسلامي وأنه خاتمة الأديان الإلهية ولا تترقب ديناً آخر لإصلاح البشر .. ومع مانشاهد من إنتشار الظلم واسشراء الفساد في العالم على وجه لا تجد للعدل والصلاح موضع قدم في الممالك المعمورة .. ومع مانرى من إنكفاء المسلمين أنفسهم عن دينهم وتعطيل أحكامه وقوانينه في جميع الممالك الإسلامية .. وعدم إلتزامهم بواحد من الألف من أحكام الإسلام ــ نحن مع كل ذلك لا بد أن ننتظر الفرج بعودة الدين الإسلامي إلى قوته وتمكينه من إصلاح هذا العالم المنغمس بغطرسة الظلم والفساد .
ثم لا يمكن أن يعود الدين الإسلامي إلى قوته وسيطرته على البشر عامة.. وهو على ماهو عليه اليوم وقبل اليوم من إختلاف معتنقيه في قوانينه وأحكامه وفي أفكارهم عنه .. وهم على ما هم عليه اليوم وقبل اليوم من البدع والتحريفات في قوانينه والضلالات في إدعاءاتهم.
نعم لا يمكن أن يعود الدين إلى قوته إلا إذا ظهر على رأسه مصلح عظيم يجمع الكلمة ويرد عن الدين تحريف المبطلين .. ويبطل ما ألصق به من البدع والضلالات بعناية ربانية وبلطف إلهي : ليجعل منه شخصاً هادياً .. له هذه المنزلة العظمى والرياسة العامة
والقدرة الخارقة ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.
والخلاصة:
أن طبيعة الوضع الفاسد في البشر البالغة الغاية في الفساد والظلم .. مع الإيمان بصحبة هذا الدين وأنه الخاتم للأديان ــ يقتضي إنتظار هذا المصلح ( المهدي) .. لإنقاذ العالم مما هو فيه .
ولأجل ذلك آمنت بهذا الإنتظار جميع الفرق المسلمة .. بلا الأمم من غير المسلمين غير أن الفرق بين الإمامية وغيرها هو أن الإمامية تعتقد أن هذا المصلح المهدي هو شخص معين معروف ولد سنة 256 هجرية ولا يزال حياً .. هو إبن الحسن العسكري وإسمه ( محمد ).
وذلك بما ثبت عن النبي وآل البيت من الوعد به وما تواتر عندنا من ولادته واحتجابه.. ولا يجوز أن تنقطع الإمامة وتحول في عصر من العصور .. وإن كان الإمام مخفياً .. ليظهر في اليوم الموعود به من الله تعالى الذي هو من الأسرار الإلهية التي لا يعلم بها إلا هو تعالى.
ولا يخلو من أن تكون حياته وبقؤه هذه المدة الطويلة معجزة جعلها الله تعالى له .. وليست هي بأعظم من معجزة أن يكون إمام للخلق وهو إبن خمس سنين يوم رحل والد إلى الرفيق الأعلى .. ولا هي بأعظم من معجزة عيسى إذ كلم الناس في المهد صبياً وبعث في الناس نبيا وطول الحياة أكثر من العمر الطبيعي أو الذي يتخيل أنه العمر الطبيعي لا يمنع منها فن الطب ولا يحيلها .. غير أن الطب بعد لم يتوصل إلى مايمكنه من التعمير حياة الإنسان.
وإذا عجز عنه الطب فإن الله تعالى قادر على كل شيء.. وقد وقع فعلاً تعمير نوح وبقاء عيسى عليهما السلام كما أخبر عنهما القرآن الكريم .. ولو شك الشاك فيما أخبر به القرآن فعلى الأسلام.
ومن العجب أن يتساءل المسلم عن إمكان ذلك وهو يدعي الإيمان بالكتاب العزيز .. ومما يجدر أن نذكره في هذا الصدد ونذكر أنفسنا به أنه ليس معنى انتظار هذا المصلح المنقذ ( المهدي) .. أن يقف المسلمون مكتوفي الأيدي فيما يعود إلى الحق من دينهم.. وما يجب عليهم من نصرته والجهاد في سبيله والأخذ بأحكامه .. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
بل المسلم أبداً مكلف بالعمل بما أنزل من الأحكام الشرعية.. وواجب عليه السعي لمعرفتها على وجهها الصحيح بالطرق الموصولة إليها حقيقة وواجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ما تمكن من ذلك ولغت إليه قدرته ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) .. فلا يجوز له التأخير عن واجباته بمجرد الإنتظار للمصلح المهدي والمبشر الهادي .. فإن هذا لا يسقط تكليفا .. ولا يؤجل عملاً .. ولا يجعل الناس هملاً كالسوائم
لعن الله ظلميك يا مولاتي يافاطمة الزهراء
راية هدى الزهراء
