السلام على شيعة علي ع ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
والعن عدوهم والمتراضين على عدوهم ومنكري فضائلهم من الاولين والاخرين
الحمد لله رب العالمين ان جعلنا من خدام شيعة علي ع
ياغياث المستيغيثين اغثني بفاطمة وابيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ادركني
عظم الله جوركم لعن الله ظالميك يافاطمة
سلمان المُحمّدي .. والصّبر في جنْب أهْل البيت
وعدم استعمالـه لرُخصةِ التّقية
"""""""""""""""""""""""""""""""
يقولُ الإمامُ العسكري "عليه السَّلام":
(مرَّ سلمانُ المُحمَّدي "رضوانُ اللهِ تعالى عليه" بقومٍ مِن اليهود ، فسألوهُ أن يجلسَ إليهم ، ويحدّثهُم بما سَمِعَ مِن مُحمَّدٍ "صلَّى اللهُ عليهِ وآله" في يومهِ هذا،
فجلسَ إليهم لحرْصهِ على إسلامهم، فقــال: سمعْتُ مُحمَّداً صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ" يقـــول: إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقــول:
يا عبادي.. أو ليسَ مَن لهُ إليكم حوائجُ كِبــار لا تجودونَ بها إلَّا أن يتحمَّل عليكم بأحبّ الخلْق إليكم تقضونها كرامةً لشفيعهم؟
ألا فاعلموا إنَّ أكرمَ الخلْق عليَّ ، وأفضلُهم لديَّ : مُحمَّدٌ ، وأخوهُ علي، ومَن بَعْدهُ مِن الأئمة الَّذين هُم الوسائل إليّ.
ألا فليدْعُني مَن هَمَّ بحاجةٍ يُريدُ نفعهــا، أو دهتهُ داهيةٌ يٌريدُ كفَّ ضَررها، بمُحمَّدٍ وآلهِ الأفضلين الطَّيبين الطَّاهرين، أقضِها لهُ أحسنَ مِمَّا يقضيها مَن تستشفعونَ إليهِ بأعزّ الخلْق عليهِ.
قالــوا لسلمانَ وهُم يسخرون و يستهزؤن ـ به ـ :
يا أبا عبدالله .. فما بالُكَ لاتقترحُ على الله ، وتتوسَّل بهم: أن يجعلكَ أغنى أهْل المدينة؟ فقـــال سلمان:
قد دعوتُ الله عزَّ وجلَّ بهم ، وسألتهُ ما هو أجلُّ وأفضلُ وأنفعُ مِن مُلْكِ الدُّنيا بأسْرها:
سألتهُ بهم "صلَّى اللهُ عليهم" أن يهبَ لي لساناً لتحميدهِ وثنائهِ ذاكراً، وقلْباً لآلائهِ شاكرا ، وعلى الدَّواهي الدَّاهية لي صابرا ،
وهو عزَّ و جلَّ قد أجابني إلى مُلتمَسي من ذلك ، وهو أفضلُ مِن مُلك الدُّنيا بحذافيرها ، وما تشتملُ عليهِ مِن خَيراتها مائة ألف ألف مرة.
فجعلوا يهزؤون بهِ ويقولون:
يا سلمان لقد ادَّعيتَ مرتبةً عظيمةً شريفةً نحتاجُ أن نمتحِنَ صدْقكَ مِن كذبكَ فيها ، وها نحنُ أولاً قائمون إليكَ بسياطٍ فضاربوكَ بها ، فسلْ ربَّك أن يكفَّ أيدينـــا عنك.
فجعلَ سلمانُ يقول: الَّلهُمَّ اجعلْني على البلاءِ صابـــرا .
وجعلوا يضربونهُ بسياطهم حتَّى أُعْيوا وملَّوا ، وجعلَ سلمان لا يزيدُ على قوله: الَّلهُم اجعلني على البــلاءِ صابرا.
فلمَّا ملُّوا وأُعْيــوا ، قالـــوا له:
يا سلمان .. ما ظننَّـا أنَّ رُوحاً تثبتُ في مقرّها مع مثْل هذا العذاب الوارد عليك،
فما بالُك لا تسألُ ربَّك أن يكفَّنـا عنك ؟ ـ ف ـ فقــال:
لأنَّ سُؤالي ذلكَ ربّي خِلافُ الصَّبر ، بل سلَّمتُ لإمهالِ اللهِ تعالى لكم، وسألتهُ الصَّبر.
فلمَّا استراحوا ، قاموا إليهِ بعدُ بسياطهم، فقــالوا:
لا نزال نضربكَ بسياطنا حتَّى تزهقَ رُوحكَ أو تكفُرَ بمُحمَّد.
فقــال:
ماكنتُ لأفعلَ ذلكَ، فإنَّ الله قد أنزلَ على مُحمَّد (الَّذين يُؤمنونَ بالغيبِ) وإنَّ احتمالي لمكارهِكم - لأدخُل في جُملةِ مَن مدحهُ الله بذلك - سهلٌ عليَّ يسير.
فجعلوا يضربونهُ بسياطهم حتَّى ملُّــوا ، ثُــم قعدوا ، وقالـوا:
يا سلمان .. لو كانَ لكَ عنْد ربّك قــدْرٌ لإيمانكَ بمُحمَّدٍ لاستجاب ـ اللهُ ـ دعاءَك وكفَّنا عنْك.
فقـــال سلمان:
ما أجهلكم ! كيفَ يكونُ مُستجيبـاً دُعائي إذا فعلَ بي خِلاف ما أريدُ منهُ، أنـا أردتُ منهُ الصَّبْــر، فقد استجابَ لي وصبَّرني ، ولم أسألهُ كفَّكم عنّي فيمنعني، حتَّى يكونَ ضِدَّ دعائي كما تظنون.
فقاموا إليـه ثالثــةً بسياطهم ، فجعلوا يضربونهُ، وسلمانُ لا يزيدُ على ـ قولــه : الَّلهُمَّ صبّرني على البــلاءِ في حُبّ صفيّك وخليلكَ مُحمَّد.
فقالــوا له :
يا سلمان .. ويحكَ أو ليسَ مُحمَّـدٌ قد رخصَ لك أن تقولَ كلمةَ الكُفْر ـ بهِ ـ بما تعتقد ضِدَّهُ للتَّقيَّة مِن أعدائك ؟ فما بالك لا تقول ( ما يفرج عنك ) للتَّقية؟
فقالَ سلمان: إنَّ الله تعالى قد رَخَص لي في ذلكَ ولم يفرضْهُ عليّ، بل أجازَ لي أن لا أُعْطيكم ما تُريدون، وأحتمِلَ مكارِهَكم، وأجعلَهُ أفضل المَنزلتين، وأنــا لا أختارُ غيره.
ثُــمَّ قاموا إليهِ بسياطهم، وضربوهُ ضرْبــاً كثيراً ، وسيَّلوا دِماءه،
وقالــوا له - وهم ساخرون - : لا تسأل الله كفَّنــا عنك، ولا تُظْهِر لنا ما نُريد مِنْك لنكفَّ به عنك،
فادعُ علينـــا بالهلاك إنْ كُنتَ مِن الصَّادقين في دعواكَ أنَّ الله لا يَردُّ دُعاءَك بمُحمَّدٍ وآلهِ الطَّيبين ـ الطَّاهرين ـ.
فقالَ سلمان: إنّي لأكرهُ أن أدعوَ الله بهلاكِكُم مخافةَ أن يكونَ فيكم مَن قد عَلِمَ اللهُ أنَّـهُ سيُؤمِن بعْد ، فأكونُ قد سألتُ الله تعالى اقتطاعَهُ عن الإيمـــان.
فقالـــوا : قُلْ : الَّلهُم أهْلك مَن كانَ في مَعلومِكَ أنَّــهُ يبقى إلى الموت على تمرُّدهِ ، فإنَّك لا تُصادفُ بهذا الدُّعاء ما خِفتـه.
قـــال :
فانفرجَ لهُ حائطُ البيتِ الَّذي هُو فيهِ مع القَــوم ، وشاهدَ رسولَ اللهِ "صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ" وهو يقول:
يا سلمان ادعُ عليهم بالهلاك ، فليسَ فيهم أحدٌ يُرشَد، كما دَعا نوحٌ "عليهِ السَّلام" على قومهِ لمَّا عرفَ أنَّهُ لن يُؤمِنَ مِن قومهِ إلَّا مَن قد آمـــن.
فقالَ سلمان: كيف تُريدُون أن أدعوَ عليكم بالهلاك؟
فقالــوا: تدعو الله ـ ب ـ أن يقْلِبَ سوطَ كُلّ واحدٍ مِنَّــا أفعى تعطِفُ رأسها، ثُم تمُشُّ (أي تمصُّ) عظامَ سائِر بدنهِ.
فدعا اللهَ بذلكَ ، فما مِن سِياطهم سَوطٌ إلَّا قلَبَهُ اللهُ تعالى عليهم أفعى لها رأسانِ تتناولُ برأسٍ ـ مِنْها ـ رأسه، وبرأسٍ آخرَ يمينهُ الَّتي كانَ فيها سوطه، ثُــمَّ رضَّضتهم ومشَّشتهم(أي مصَّتهم) وبلعتهم والتقمتهم.
فقالَ رسولُ اللهِ "صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ" وهو في مجلسه:
معاشِرَ المُؤمنينَ إنَّ الله تعالى قد نصرَ أخاكم سلمانَ ساعتكُم هذهِ على عِشْرينَ مِن مردةِ اليهود والمنافقين،
قلبتْ سِياطَهم أفاعي رضَّضتهم ومشَّشتهم، وهشَّمتْ عِظامهم والتقمتهم ، فقوموا بنــا ننظر إلى تلك الآفاعي المبعوثةِ لنُصرةِ سلمان.
فقامَ رسولُ اللهِ "صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ" وأصحابُهُ إلى تلكَ الدَّار،
وقد اجتمعَ إليها جِيرانُها مِن اليهود والمنافقين لمَّا سَمِعُوا ضجيجَ القوم بالتقام الأفاعي لهم، وإذا هم خائفون مِنْها نافرونَ مِن قُربها.
فلمَّا جاءَ رسولُ اللهِ "صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ" خرجتْ كُلّها ـ من ـ البيتِ إلى شارعِ المدينة ، وكان شارعاً ضيّقاً ، فوسَّعهُ الله تعالى ، وجعلهُ عشرةَ أضعافه.
ثُمَّ نادتْ الأفاعي: السَّلامُ عليكَ يا مُحمَّد يا سيّد الأوَّلينَ والآخِرين، السَّلامُ عليكَ يا عليّ يا سيّد الوصّيين ، السَّلامُ على ذُرّيتكَ الطَّيبين الطَّاهرين الَّذين جُعِلُوا على الخلْق قوَّامين،
هانحنُ سياط هؤلاءِ المُنافقين ـ الَّذين ـ قَلبنــا اللهُ تعالى أفاعي بدُعاء هذا المُؤمن " سلمان ".
فقــالَ رسولُ اللهِ "صلَّى اللهُ عليهِ وآله":
الحمْدُ للهِ الَّذي جعلَ ـ مِن أُمَّتي ـ مَن يُضاهي بِدُعائِهِ - عنْد كفَّه، وعند انبساطه - نوحاً نبيّه..)
ثُــمَّ نادت الأفاعي: يا رسولَ الله قد اشتدَّ غضبُنـا على هؤلاءِ الكافرين، وأحكامُكَ وأحكامُ وصّيك علينــا جائزةٌ في ممالكِ ربّ العالمين،
ونحنُ نسألُكَ أن تسألَ الله تعالى أن يجعلنا مِن أفاعي جهنَّم الَّتي نكونُ فيها لهؤلاء مُعذّبين كما كُنَّــا لهم في هذهِ الدُّنيا مُلتقِمين.
فقالَ رسولُ اللهِ "صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ": قد أجبتُكم إلى ذلكَ ، فالحقُوا بالطَّبقِ الأسْفلِ مِن جهنَّم بعْد أن تَقذفُوا ما في أجوافكم مِن أجزاءِ أجسامِ هؤلاء الكافرين؛ ليكونَ أتمَّ لخزْيهم، وأبقى للعــارِ عليهم إذا كانوا بينَ أظهرهم مَدفونين،
يعتبِرُ بهم المُؤمنون المارُّون بقبورهم يقولون:
هؤلاءِ الملعونونَ المخزيُّون بدُعاءِ وليّ مُحمَّد: سلمانُ الخيرِ من المٌؤمنين.
فقذفتْ الأفاعي ما في بطونها من أجزاء أبدانهم ، فجاء أهلوهم فدفنوهم ، وأسلم كثير من الكافرين ، وأخلص كثير من المنافقين ، وغلب الشقاء على كثير من الكافرين والمنافقين ، فقالوا : هذا سحر مبين.
ثُــمَّ أقبلَ رسولُ اللهِ "صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ" على سلمان فقـــال:
يا أبا عبدالله .. أنتَ مِن خواصّ إخواننا المُؤمنين، ومِن أحبابِ قُلوبِ ملائكةِ اللهِ المُقرَّبين ،
إنَّك في ملكوتِ السَّماواتِ والحُجُبِ والكُرسيّ والعرشِ وما دُون ذلكَ إلى الثَّرى، أشهرُ في فضلكَ عندهم مِن الشَّمْس الطَّالعة في يومٍ لا غيمَ فيه ولا قَتَــر ، ولا غُبــار في الجــو ، أنتَ مِن أفاضِل الممدوحِين بقولهِ : "الَّذين يُؤمنونَ بالغَيب"..)
*************************
[ تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السَّلام]
*************************
دمتم برعاية بقية الله
نسالكم الدعاء
اِلـهي اِنْ لَمْ تَبْتَدِئنِي الرَّحْمَةُ مِنْكَ بِحُسْنِ التَّوْفيقِ فَمَنِ السّالِكُ بي اِلَيْكَ في واضِحِ الطَّريق