السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن نزول سيف ذو الفقار من السماء رواه العلامة ابن شهر آشوب عن ابن عباس كما في (تفسير السدي). قال : عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى (( وأنزلنا الحديد )) قال : أنزل الله آدم من الجنة معه ذو الفقار خلق من ورق آس الجنة ثم قال : (( فيه بأس شديد )) .
وكان به يحارب آدم أعداءه من الجن والشياطين, وكان عليه مكتوباً لا يزال أنبيائي يحاربون به نبي بعد نبي وصدّيق بعد صدّيق حتى يرثه أمير المؤمنين فيحارب به عن النبي الأمي . قال : وقد روى كافة أصحابنا أن المراد بهذه الآية ذو الفقار أنزل به من السماء على النبي فأعطاه علياً .
وسئل الامام الرضا (عليه السلام) من أين هو ؟ فقال : هبط به جبرئيل من السماء وكان حليه من فضة وهو عندي . (مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب : 339:3).
وهذا أحد الأقوال, إذ ذهب بعضهم إلى أن جبرئيل أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يتخذ سيف ذو الفقار من صنم حديد في اليمن فذهب علي وكسره وعمل منه ذو الفقار, وقيل إنه كان من هدايا بلقيس إلى سليمان . نعم, ورد عن طرق أهل السنة فضلاً عن الشيعة أن جبرئيل قد سمع يقول : (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلاّ علي) .
قال الطبري : حدثنا أبو كريب قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا حبّان بن علي عن محمّد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال : لما قتل علي بن أبي طالب أصحاب الألوية أبصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) جماعة من مشركي قريش فقال لعلي أحمل عليهم, فحمل عليهم ففرق جماعتهم وقتل شيبة بن مالك أحد بني عامر بن لؤي فقال جبرئيل: يا رسول الله إن هذه للمواساة.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنه مني وأنا منه. فقال جبرئيل: وأنا منكما. قال : فسمعوا صوتاً :
لا سيف إلاّ ذوالفقار ولا فـتى إلاّ عـلي
(تاريخ الطبري 197:2 مطبعة الاستقامة القاهرة 1939 م) .
ولا مانع أن يكون سيف ذو الفقار قد نزل من السماء فإن به ثبت الدين وانهزم المشركون وعلت كلمة الحق, فإذا أقررنا شهادة جبرئيل بأن لا سيف إلا ذو الفقار فعظيماً لمقام هذا السيف وامعاناً في بيان فضله ومنزلته عند الله, فإن نزوله من السماء لم يكن شيئاً مستبعداً .
ولعل قوله تعالى (( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله )) (الحديد:25) .
قال جميع المفسرين من أهل السنة والشيعة : أن الحديد أنزله الله مع آدم وهي السندان والإبرة والحبل وكان كلها من حديد, إقرار من المفسرين بأن الله قد أنزل مع آدم هذه الآلات من الحديد, فإنزال السيف هو الأوفق بسياق الآية فإن البأس الشديد مع منافع الناس إشارة إلى أن البأس الشديد هو محاربة الكفار وتثبيت كلمة الله ثم أردف قوله تعالى بعد ذلك : (( وليعلم الله من ينصره )) . إشارة إلى أن النصر لا يتأتى إلاّ بآلات الحرب ومنها السيف, فمناسبة النصر والبأس الشديد لا تكون إلاّ ما يناسبها وهو السيف, ولا معنى للاقتصار على الإبرة والسندان وغيرها, فإن الآية في مقام البأس الشديد والانتصار لله ولدينه فلا يناسبها إلاّ السيف, وذكر الإبرة والسندان يناسب قوله : ومنافعٌ للناس .
فبمقتضى المقابلة, بأس شديد يقابلها السيف, ومنافع للناس يقابلها الإبرة والسندان, فلا منافاة إذن من الجمع بين السيف وبين ما ذكره عامة المفسرين من الشيعة والسنة .
مركز الأبحاث العقائدية
لا يوجد هذا الحديث حتى في محركات البحث