بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله سبحانه وتعالى:
﴿أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾(إبراهيم: 24 ـ 25).
أمّا بعد:
فأعلم، أنّ البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) بحقيقتها وكنهها هي مبدء الوجود في كلّ ما سوى الله سبحانه وتعالى من المخلوقات والكائنات والموجودات الطبيعيّة الحيّة الشّهودية وما وراء الطبيعة من المجردات والعوالم الملكوتية والغيبيّة، وإنّ الله سبحانه خلق وفطر كل شيء برحمانيته ورحيميته، فجعل الحبّ والعلائق في ذات مخلوقاته وفي فطرتهم برحمة رحمانيته، وبجلاله وهيبته، فإنه الجواد الكريم لمن آمن ولمن كفر، يرزق المؤمن إلّا أنّه تعلّقت رحمة رحيميته التي من وراءها حبّه والأُنس بجماله وكماله عز وجل. بمن يجعل ذلك الحبّ وتلك العلائق والميول النفسانية في خدمة ربّه وسيده ومولاه، فمن قطع نفسه وقلبه عن العلائق والمتعلقات، ليجعلها في خدمة الله سبحانه، فإنّه يصل إلى حبّه وإلى رحمة رحيّميته.
المخلوق الأول: ثم أول ما خلق الله العقل من النور، فقال له أدبر فأدبر، ثم قال له أقبل فأقبل، فاحبّه فقال عزوجل: وعزّتي وجلالي ما خلقت خلقاً أفضل منك بك أُثيب وبك أعاقب، كما خلق الجهل من الظلمات، فلّما خلق الجهل. قال له أدبر فأدبر، فقال له أقبل فلم يُقبل، فغضب الله عليه، فالعقل محبوب الله، ومن كان فيه العقل أحبّه الله عز وجل، كالمتقين والمحسنين، والجهل مبغوض الله، فمن كان فيه الجهل كان مبغوضاً لله سبحانه، والجهل بمعنى الأدبار الذي لاإقبال فيه، فهو من المعصية ويستحق العقاب والسخط والغضب الإلهي، وهذا الجهل يحارب العقل كما أن العقل يحاربه، ولكل منهما جنود كما في الأخبار، وإذا كان الجهل فيه الإقبال، فهذا ما يقابل العلم،وإن الجاهل الذي يتعلّم محبوب لله سبحانه، ولم يكن جهله من الإدبار المطلق الذي لا خير فيه.
والعقل العملي ما عبد به الرحمن وإكتسب به الجنان، فالعاقل من آمن بالمبدء والمعاد وما بينهما من النبوة والإمامة، وبالدين الحنيف، فكان مؤمناً وعمل صالحاً لله سبحانه.
خلق آدم والإدبار عن علائقه يقبل على ربّه:
ولمّا خلق الله آدم(ع) قالت الملائكة مثل هذا ليفسد في الأرض، فقال سبحانه: إني أعلم ما لا تعلمون، فعلّم آدم الأسماء كلّها.
ثم تسبيح الملائكة حيث لا تعلّقات لهم كما يكون لبني آدم، فلنزاهتهم يسبحون لله سبحانه، إلّا أنه كمال التسبيح لمن كان له علائق دنيوية ودائمية فيتركها لله سبحانه وبني آدم فيسبّح ربّه عن علم ويقين وطهارة وتقديس بعدما كان مخيّراً بين الفضائل والرذائل، وبين الخير والشر، والحق والباطل، والنزاهة والرذالة. وهذا ما يفوق به تسبيح الملائكة.
فالملائكة رأت تعلّقات آدم(ع)، وأنه ليحب علائقه ومتعلقاته، ويجرّ النار إلى قرصه، ليملأ جوفه الفارغ، ومن ثمّ يقع في صراع محتوم وفسادٍ في الأرض، بسفك الدماء ليلبّي رغباته وشهواته، إلّا أنّ الله يعلم منه أنه لحبّه وقربه منه سيترك هذه العلائق، ليفوز برضوان الله ولقاءه.
فقال سبحانه للعقل الآدمي؟ أدبر أي أترك علائقك وميولك ومحبوباتك فأدبر، ثم قال له اقبل إليّ ووجّه وجهك للذي فطرك، وفطر السموات والأرض فأقبل، كما فعل إبراهيم خليل الرحمن، فإن علاقة وحبّ الوالد للولد أمر فطري، إلّا أنه أراد الله منه ان يدبر عن ذلك لله، فأمره بذبحه، ثم قال له أقبل فأقبل، وقال له أسلم، فقال: أسلمت وجهي لله، وهذا في أيام شيبه، كما انّه في أيام شبابه أدبر بتحطيم وكسر الأصنام، وأقبل على الله بالمنجنيق ليدخل نار نمرود، وجاءه جبرئيل الأمين قائلاً له ـ وإبراهيم(ع) ما بين السماء والأرض ـ هل لك حاجة؟ فقال؟ إبراهيم أمّا إليك فلا وأما لرّبي فعلمه بحالي يغنيه عن سؤالي.
فكانت النّار له برداً وسلاماً، وآمن من آمن، عند ما رؤوا كيف الأصنام لم تنتقم من إبراهيم، وكيف ربّه نجّاه من نار نمرود، ونصره ببرد وسلام.
فأمر الله العقل بالإدبار عن الذنوب والرذائل أوّلاً، ثم عن العلائق والميولات النفسيّة ثانياً، للإقبال على حبّ الله والقرب منه.
وأتمّ مصداق للإدبار والإقبال ما جرى في يوم عاشوراء وفي أرض كربلاء، وكيف أقبل سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) على ربّه، فأقبل العقل كلّه بإقبال الحسين(ع) لله سبحانه وتعالى:
تركت الخلق طّراً في هواكا
وأيتمت العيال لكي أراكا
فلو قطعتني في الحبّ إرباً
لما حنّ الفؤاد إلى سواكا
يتبع ...
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله سبحانه وتعالى:
﴿أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾(إبراهيم: 24 ـ 25).
أمّا بعد:
فأعلم، أنّ البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) بحقيقتها وكنهها هي مبدء الوجود في كلّ ما سوى الله سبحانه وتعالى من المخلوقات والكائنات والموجودات الطبيعيّة الحيّة الشّهودية وما وراء الطبيعة من المجردات والعوالم الملكوتية والغيبيّة، وإنّ الله سبحانه خلق وفطر كل شيء برحمانيته ورحيميته، فجعل الحبّ والعلائق في ذات مخلوقاته وفي فطرتهم برحمة رحمانيته، وبجلاله وهيبته، فإنه الجواد الكريم لمن آمن ولمن كفر، يرزق المؤمن إلّا أنّه تعلّقت رحمة رحيميته التي من وراءها حبّه والأُنس بجماله وكماله عز وجل. بمن يجعل ذلك الحبّ وتلك العلائق والميول النفسانية في خدمة ربّه وسيده ومولاه، فمن قطع نفسه وقلبه عن العلائق والمتعلقات، ليجعلها في خدمة الله سبحانه، فإنّه يصل إلى حبّه وإلى رحمة رحيّميته.
المخلوق الأول: ثم أول ما خلق الله العقل من النور، فقال له أدبر فأدبر، ثم قال له أقبل فأقبل، فاحبّه فقال عزوجل: وعزّتي وجلالي ما خلقت خلقاً أفضل منك بك أُثيب وبك أعاقب، كما خلق الجهل من الظلمات، فلّما خلق الجهل. قال له أدبر فأدبر، فقال له أقبل فلم يُقبل، فغضب الله عليه، فالعقل محبوب الله، ومن كان فيه العقل أحبّه الله عز وجل، كالمتقين والمحسنين، والجهل مبغوض الله، فمن كان فيه الجهل كان مبغوضاً لله سبحانه، والجهل بمعنى الأدبار الذي لاإقبال فيه، فهو من المعصية ويستحق العقاب والسخط والغضب الإلهي، وهذا الجهل يحارب العقل كما أن العقل يحاربه، ولكل منهما جنود كما في الأخبار، وإذا كان الجهل فيه الإقبال، فهذا ما يقابل العلم،وإن الجاهل الذي يتعلّم محبوب لله سبحانه، ولم يكن جهله من الإدبار المطلق الذي لا خير فيه.
والعقل العملي ما عبد به الرحمن وإكتسب به الجنان، فالعاقل من آمن بالمبدء والمعاد وما بينهما من النبوة والإمامة، وبالدين الحنيف، فكان مؤمناً وعمل صالحاً لله سبحانه.
خلق آدم والإدبار عن علائقه يقبل على ربّه:
ولمّا خلق الله آدم(ع) قالت الملائكة مثل هذا ليفسد في الأرض، فقال سبحانه: إني أعلم ما لا تعلمون، فعلّم آدم الأسماء كلّها.
ثم تسبيح الملائكة حيث لا تعلّقات لهم كما يكون لبني آدم، فلنزاهتهم يسبحون لله سبحانه، إلّا أنه كمال التسبيح لمن كان له علائق دنيوية ودائمية فيتركها لله سبحانه وبني آدم فيسبّح ربّه عن علم ويقين وطهارة وتقديس بعدما كان مخيّراً بين الفضائل والرذائل، وبين الخير والشر، والحق والباطل، والنزاهة والرذالة. وهذا ما يفوق به تسبيح الملائكة.
فالملائكة رأت تعلّقات آدم(ع)، وأنه ليحب علائقه ومتعلقاته، ويجرّ النار إلى قرصه، ليملأ جوفه الفارغ، ومن ثمّ يقع في صراع محتوم وفسادٍ في الأرض، بسفك الدماء ليلبّي رغباته وشهواته، إلّا أنّ الله يعلم منه أنه لحبّه وقربه منه سيترك هذه العلائق، ليفوز برضوان الله ولقاءه.
فقال سبحانه للعقل الآدمي؟ أدبر أي أترك علائقك وميولك ومحبوباتك فأدبر، ثم قال له اقبل إليّ ووجّه وجهك للذي فطرك، وفطر السموات والأرض فأقبل، كما فعل إبراهيم خليل الرحمن، فإن علاقة وحبّ الوالد للولد أمر فطري، إلّا أنه أراد الله منه ان يدبر عن ذلك لله، فأمره بذبحه، ثم قال له أقبل فأقبل، وقال له أسلم، فقال: أسلمت وجهي لله، وهذا في أيام شيبه، كما انّه في أيام شبابه أدبر بتحطيم وكسر الأصنام، وأقبل على الله بالمنجنيق ليدخل نار نمرود، وجاءه جبرئيل الأمين قائلاً له ـ وإبراهيم(ع) ما بين السماء والأرض ـ هل لك حاجة؟ فقال؟ إبراهيم أمّا إليك فلا وأما لرّبي فعلمه بحالي يغنيه عن سؤالي.
فكانت النّار له برداً وسلاماً، وآمن من آمن، عند ما رؤوا كيف الأصنام لم تنتقم من إبراهيم، وكيف ربّه نجّاه من نار نمرود، ونصره ببرد وسلام.
فأمر الله العقل بالإدبار عن الذنوب والرذائل أوّلاً، ثم عن العلائق والميولات النفسيّة ثانياً، للإقبال على حبّ الله والقرب منه.
وأتمّ مصداق للإدبار والإقبال ما جرى في يوم عاشوراء وفي أرض كربلاء، وكيف أقبل سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) على ربّه، فأقبل العقل كلّه بإقبال الحسين(ع) لله سبحانه وتعالى:
تركت الخلق طّراً في هواكا
وأيتمت العيال لكي أراكا
فلو قطعتني في الحبّ إرباً
لما حنّ الفؤاد إلى سواكا
يتبع ...