أكثر خطبة مفحِمة ولاذِعة في تاريخ الاسلام
خطبتها(عليها السلام) في قصر يزيد-6-
إن الخطبة الغراء للسيدة زينب سلام الله عليها والكلام البليغ والمؤثّر الذي صدحت به في قصر يزيد يعدّ ومن دون شك من أفصح وأبلغ والاكثر تقريعا وتبكيتا في الخطب التي مرّت في تاريخ الاسلام، فكأن روح علي ابن ابي طالب ونفسه وشجاعته الفريدة سكنت جسد زينب العقيلة وصار ينطق ويفصح عن لسانها عليهما السلام(22)، وحتى نبسط تفاصيل تلك الخطبة وأهدافها وشرح بعض مقاطعها، يمكن عرض مضامين تلك الخطبة التاريخية وجملها الحماسية في سبعة اهداف، وهي على النحو التالي:
1ـ ارادت هذه المرأة القويّة والشجاعة من خلال بعض مقاطع هذه الخطبة ان تكبح جماح غرور يزيد وتذل كبرياءه، وهو ما عبّرت عنه بقولها:
”أَظَنَنْتَ - يَا يَزِيدُ- حَيْثُ أَخَذْتَ عَلَيْنَا َأَقْطَارَ الأَرْضِ وَآفَاقَ السَّمَاءِ فَأَصْبَحْنَا نُسَاقُ كَمَا تُسَاقُ الإِمَاءِ - أَنَّ بِنَا عَلَى اللهِ هَوَاناً، وَبِكَ عَلَيْهِ كَرَامَةٍ!! وَأَنَّ ذَلِكَ لِعَظِيمَ خَطَرِكَ عِنْدَهُ!! فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَنَظَرْتَ في عَطْفِكَ، جَذْلانَ مَسْرُوراً، حِينَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا لَكَ مُسْتَوْسِقَةً، وَالأُمُورَ مُتَّسِقَةً، وَحِينَ صَفَا لَكَ مُلْكُنَا وسُلْطَاننَا، فَمَهلاً، أَنَسِيتَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ:(ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين)”(23).
2ـ وارادت بعد ذلك أن تقارن سلوك النبي الاكرم محمد(صلى الله عليه وآله) مع أجداد يزيد حينما فتح مكة وشملهم بالعفو واعطائهم الامان، والجريمة العظمى التي فعلها يزيد حينما قتل ابن رسول الله وريحانته، ومن ثم قطع رأسه ومثّل به وأخذ عياله واهل بيته اسرى يطوف بهم البلدان:
”مِنَ الْعَدْلِ يَا بْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَإمَاءَكَ وَسُوقَكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللهِ سَبَايَا؟! قدْ هَتَكْتَ سُتورَهُنَّ، وَأَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ، تَحْدُو بِهِنَّ الأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدِ إلى بلدٍ، وَيَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَازِلِ وَالمَنَاهِلِ، وَيَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَالبَعِيدُ، وَالدَّنِيُّ وَالشَّرِيفُ، لَيْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجَالهِنَّ وَلِيُّ، وَلاَ مِنْ حَمَاتِهنَّ حَمِيُّ”(24).
3ـ وعمدت عقيلة الطالبيين بعد ذلك الى التذكير بكفر يزيد وفسقه وذهاب إيمانه:
”وَكَيفَ لاَ تَقُولُ ذَلكَ، وَقَدْ نَكَأُتَ الْقَرْحَةَ، وَاسْتَأْصَلْتَ الشَّأْفَةَ، بإِرَاقَتِكَ دِمَاءَ ذُرَّيَّةِ مُحَمَّدٍ(صلّى الله عليه وآله) وَنُجُومِ الأرْضِ مِنْ آلِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟! وتَهْتِفُ بِأَشْيَاخِكَ، زَعَمْتَ أَنَّكَ تُنَادِيهِمْ! فَلَتَرِدَنَّ وَشِيكاً مَوْرِدَهُمْ”(25).
4ـ وقصدت ايضا التأكيد على المقام السامي والمنزلة الرفيعة للشهداء لاسيما الشهداء من اهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله) في كربلاء:
”فَوَاللهِ مَا فَرَيْتَ إِلاَّ جِلْدَكَ، وَلا حَزَزْتَ إِلاَّ لَحْمَكَ، وَلَتَرِدَنَّ عَلى رَسُولِ اللهِ(صلّى الله عليه وآله) بِمَا تَحَمَّلْتَ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ ذُرّيَّتِهِ، وَانْتَهكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ فِي عِتْرَتِهِ وَلُحْمَتِهِ، وَحَيثُ يَجْمَعُ اللهُ شَمْلَهُمْ وَيَلُمُّ شَعْثَهُمْ وَيَأْخُذُ بِحَقِّهِمْ(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون)”(26).
5ـ ومن ثم أشارت الى أن يزيد سيحضر محكمة العدل الالهي الكبرى والقاضي هو الله جلّ شأنه والخصم هو النبي الكريم(صلى الله عليه وآله) والشهداء هم ملائكة الله المقربون:
”وَحَسْبُكَ بِاللهِ حَاكِماً، وَبِمُحَمَّدٍ(صلّى الله عليه وآله) خَصِيماً، وَجَبِرَئيلَ ظَهيراً، وَسَيَعْلَمُ مَنْ سَوَّلَ لَكَ وَمَكَّنَكَ مِنْ رِقَابِ الْمُسْلِمِينَ، بِئْسَ للِظَّالِمِينَ بَدَلاً وَأَيُّكُمُ شَرُّ مَكَاناً وأَضْعَفُ جُنْدا (27).
6ـ وهنا تكون بطلة كربلاء قد وصلت الى مزيد من التقريع والتحقير ليزيد لتنعته بألذع المفردات، حيث قالت له:
”وَلَئِنْ جَرَّتْ عَلَيَّ الدَّوَاهِي مُخَاطَبَتَكَ، إِنِّي لأَسْتَصْغِرُ قَدْرَكَ، وَأَسْتَعْظِمُ تَقْرِيعَكَ، وَأَسْتَكْثِرُ تَوْبِيخَكَ، لَكِنِ الْعُيُونُ عَبْرىَ، وَالصُّدَورُ حَرّىَ. أَلاَ فَالعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ حِزْبِ اللهِ النُّجبَاءِ بِحِزْبِ الشَّيْطَانِ الطُّلَقَاءِ”(28).
7ـ وفي آخر خطبتها شكرت الباري تعالى على المنزلة الرفعية التي وصل اليها الشهداء من اهل بيتها وأعربت عن سعادتها بمصيرهم الاسعد:
”فَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَتَمَ لأَوَّلِنَا بِالسَّعَادةَ وَالمَغْفِرةِ، وَلآخِرنَا بِالشَّهَادَةِ وِالرَّحْمَةِ.وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُكْمِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ، وَيُوجِبَ لَهُمُ الْمَزِيدَ، وَيُحْسِنَ عَلَيْنَا الْخِلافَةَ، إِنَّهُ رَحِيمُ وَدُودُ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل”(29).
[22] عاشوراء جذورها ودوافعها وأحداثها وتداعياتها؛ ص602.1ـ ارادت هذه المرأة القويّة والشجاعة من خلال بعض مقاطع هذه الخطبة ان تكبح جماح غرور يزيد وتذل كبرياءه، وهو ما عبّرت عنه بقولها:
”أَظَنَنْتَ - يَا يَزِيدُ- حَيْثُ أَخَذْتَ عَلَيْنَا َأَقْطَارَ الأَرْضِ وَآفَاقَ السَّمَاءِ فَأَصْبَحْنَا نُسَاقُ كَمَا تُسَاقُ الإِمَاءِ - أَنَّ بِنَا عَلَى اللهِ هَوَاناً، وَبِكَ عَلَيْهِ كَرَامَةٍ!! وَأَنَّ ذَلِكَ لِعَظِيمَ خَطَرِكَ عِنْدَهُ!! فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَنَظَرْتَ في عَطْفِكَ، جَذْلانَ مَسْرُوراً، حِينَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا لَكَ مُسْتَوْسِقَةً، وَالأُمُورَ مُتَّسِقَةً، وَحِينَ صَفَا لَكَ مُلْكُنَا وسُلْطَاننَا، فَمَهلاً، أَنَسِيتَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ:(ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين)”(23).
2ـ وارادت بعد ذلك أن تقارن سلوك النبي الاكرم محمد(صلى الله عليه وآله) مع أجداد يزيد حينما فتح مكة وشملهم بالعفو واعطائهم الامان، والجريمة العظمى التي فعلها يزيد حينما قتل ابن رسول الله وريحانته، ومن ثم قطع رأسه ومثّل به وأخذ عياله واهل بيته اسرى يطوف بهم البلدان:
”مِنَ الْعَدْلِ يَا بْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَإمَاءَكَ وَسُوقَكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللهِ سَبَايَا؟! قدْ هَتَكْتَ سُتورَهُنَّ، وَأَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ، تَحْدُو بِهِنَّ الأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدِ إلى بلدٍ، وَيَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَازِلِ وَالمَنَاهِلِ، وَيَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَالبَعِيدُ، وَالدَّنِيُّ وَالشَّرِيفُ، لَيْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجَالهِنَّ وَلِيُّ، وَلاَ مِنْ حَمَاتِهنَّ حَمِيُّ”(24).
3ـ وعمدت عقيلة الطالبيين بعد ذلك الى التذكير بكفر يزيد وفسقه وذهاب إيمانه:
”وَكَيفَ لاَ تَقُولُ ذَلكَ، وَقَدْ نَكَأُتَ الْقَرْحَةَ، وَاسْتَأْصَلْتَ الشَّأْفَةَ، بإِرَاقَتِكَ دِمَاءَ ذُرَّيَّةِ مُحَمَّدٍ(صلّى الله عليه وآله) وَنُجُومِ الأرْضِ مِنْ آلِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟! وتَهْتِفُ بِأَشْيَاخِكَ، زَعَمْتَ أَنَّكَ تُنَادِيهِمْ! فَلَتَرِدَنَّ وَشِيكاً مَوْرِدَهُمْ”(25).
4ـ وقصدت ايضا التأكيد على المقام السامي والمنزلة الرفيعة للشهداء لاسيما الشهداء من اهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله) في كربلاء:
”فَوَاللهِ مَا فَرَيْتَ إِلاَّ جِلْدَكَ، وَلا حَزَزْتَ إِلاَّ لَحْمَكَ، وَلَتَرِدَنَّ عَلى رَسُولِ اللهِ(صلّى الله عليه وآله) بِمَا تَحَمَّلْتَ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ ذُرّيَّتِهِ، وَانْتَهكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ فِي عِتْرَتِهِ وَلُحْمَتِهِ، وَحَيثُ يَجْمَعُ اللهُ شَمْلَهُمْ وَيَلُمُّ شَعْثَهُمْ وَيَأْخُذُ بِحَقِّهِمْ(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون)”(26).
5ـ ومن ثم أشارت الى أن يزيد سيحضر محكمة العدل الالهي الكبرى والقاضي هو الله جلّ شأنه والخصم هو النبي الكريم(صلى الله عليه وآله) والشهداء هم ملائكة الله المقربون:
”وَحَسْبُكَ بِاللهِ حَاكِماً، وَبِمُحَمَّدٍ(صلّى الله عليه وآله) خَصِيماً، وَجَبِرَئيلَ ظَهيراً، وَسَيَعْلَمُ مَنْ سَوَّلَ لَكَ وَمَكَّنَكَ مِنْ رِقَابِ الْمُسْلِمِينَ، بِئْسَ للِظَّالِمِينَ بَدَلاً وَأَيُّكُمُ شَرُّ مَكَاناً وأَضْعَفُ جُنْدا (27).
6ـ وهنا تكون بطلة كربلاء قد وصلت الى مزيد من التقريع والتحقير ليزيد لتنعته بألذع المفردات، حيث قالت له:
”وَلَئِنْ جَرَّتْ عَلَيَّ الدَّوَاهِي مُخَاطَبَتَكَ، إِنِّي لأَسْتَصْغِرُ قَدْرَكَ، وَأَسْتَعْظِمُ تَقْرِيعَكَ، وَأَسْتَكْثِرُ تَوْبِيخَكَ، لَكِنِ الْعُيُونُ عَبْرىَ، وَالصُّدَورُ حَرّىَ. أَلاَ فَالعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ حِزْبِ اللهِ النُّجبَاءِ بِحِزْبِ الشَّيْطَانِ الطُّلَقَاءِ”(28).
7ـ وفي آخر خطبتها شكرت الباري تعالى على المنزلة الرفعية التي وصل اليها الشهداء من اهل بيتها وأعربت عن سعادتها بمصيرهم الاسعد:
”فَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَتَمَ لأَوَّلِنَا بِالسَّعَادةَ وَالمَغْفِرةِ، وَلآخِرنَا بِالشَّهَادَةِ وِالرَّحْمَةِ.وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُكْمِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ، وَيُوجِبَ لَهُمُ الْمَزِيدَ، وَيُحْسِنَ عَلَيْنَا الْخِلافَةَ، إِنَّهُ رَحِيمُ وَدُودُ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل”(29).
[23] نفس المصدر؛ ص603.
[24] نفس المصدر.
[25] نفس المصدر.
[26] نفس المصدر.
[27] نفس المصدر.
[28] نفس المصدر، ص: 604.
[29] نفس المصدر.