معنى المعرفة في زيارة الإمام الحسين عليه السلام
مجلة الوارث - العدد 101 *بقلم: الشيخ مهدي تاج الدين
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ عليه السلام عَارِفاً بِحَقِّهِ كَانَ كَمَنْ زَارَ اللهَ فِي عَرْشِه».(كامل الزيارات:١٤٩)
كما ورد أيضاً في زيارة الإمام الرضا عليه السلام وغيره من الأئمة عليهم السلام أنّ من زاره عارفاً بحقه وجبت له الجنّة.
فما معنى المعرفة هنا حيث تكون للزائر هذه الدرجة الرفيعة؟
معنى المعرفة
المعرفة من العرفان في مقابل العلم، والفرق بين العلم بالمعنى الأعم والمعرفة هو أنّ المعرفة عبارة عن إدراك الجزئيّات، والعلم عبارة عن إدراك الكلّيّات، وقيل إنّ المعرفة تصور، والعلم تصديق.
ولذا يقال: كلّ عالم عارف وليس كلّ عارف عالم، فالعلم يهتم بالكلّيّات، والمعرفة تهتم بالجزئيّات، فيُطلق إحاطة بالكلّيّات والجزئيّات، والله تعالى محيط بالكليات والجزئيات، فيطلق عليه عالم ولا يطلق عليه عارف، فالمعرفة كلي تشكيكي ذات مراتب طويلة وعرضية أي مفهومه كلي ينطبق على مصاديق ذات مراتب متعدّدة، والكلي التشكيكي ما يتفاوت في التقدم والتأخر والضعف والأولوية، ويقابله الكلي المتواطي كالإنسان، ولهذا قال مولى الموحّدين عليه السلام: «تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا فَإِنَّ الْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِه».(نهج البلاغة:٥٤٥)
وجاء أيضاً: «تكلّموا يرحكم الله فبالكلام يُعرف قَدركم».(نهج البلاغة:٥٥٠)
فالمعرفة إذن هي أسّ الكمال لكل قابل لها، لأنّ المعرفة مختصّة بمن له إدراك دون سواه.
والمعرفة على ثلاثة أنحاء: جلالية وجمالية وكمالية.
ونذكر مثالاً لتقريب المعنى.
إنّك لو رأيت جبلاً عن بُعدٍ فإنّك ستعرفه بحدوده، وإنّه ليس شجراً ولا حيواناً ولا إنساناً وإنّما هو جبل، فهذه المعرفة يقال لها معرفة جلالية، ولكن لو اقتربت منه ورأيت جماله وصلابته وشموخه فهذه معرفة جمالية، وعندما تصعد عليه وترى كنهه وواقعه فهذه معرفة كمالية، وهكذا معرفتنا نحن للأئمة الأطهار عليهم السلام.
وقد ورد في الزيارة الجامعة: «ما من وضيع ولا شريف ولا عالم ولا جاهل إلاّ عرف جلالة قدركم» أي حتى عدوّهم يشهد بفضلهم لأنّه يعرفهم معرفة جلالية، وهناك من يعرف أمير المؤمنين والإمام الحسين عليهما السلام بمعرفة جمالية، فلذلك استحق سلمان أن يكون من أهل البيت عليهم السلام فقالوا في حقه «سلمان منّا أهل البيت».
فتراه ملازماً لأمير المؤمنين عليه السلام، فكلّما دخل الأصحاب المسجد وجدوا سلمان بجوار مولاه يشرب من معينه الصافي، فاتفقوا على أن يسبقوا سلمان إلى أمير المؤمنين عليه السلام فبكروا بالمجيء وفعلاً لم يجدوا في الطريق إلاّ آثار أقدام الإمام عليه السلام ففرحوا بذلك، ولكن عندما وصلوا المسجد وجدوا سلمان جالساً عند أمير المؤمنين عليه السلام فتفاجؤوا فقالوا: يا سلمان من أين أتيت؟ أنزلت من السماء أم خرجت من الأرض؟
فقال سلمان: إنّما جئت من حيث جئتم. فقالوا: فأين آثار أقدامك؟ فقال: إنّي لمّا رأيت أقدام أمير المؤمنين عليه السلام وضعت أقدامي عليها لأنّي أعلم أنّه لا يضع قدماّ ولا يرفعها إلاّ بحكمة وعلم.
هكذا يعرف سلمان مولاه وهكذا يقتفي أثره، فمعرفة سلمان بالإمام معرفة جمالية.
مجلة الوارث - العدد 101 *بقلم: الشيخ مهدي تاج الدين
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «مَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ عليه السلام عَارِفاً بِحَقِّهِ كَانَ كَمَنْ زَارَ اللهَ فِي عَرْشِه».(كامل الزيارات:١٤٩)
كما ورد أيضاً في زيارة الإمام الرضا عليه السلام وغيره من الأئمة عليهم السلام أنّ من زاره عارفاً بحقه وجبت له الجنّة.
فما معنى المعرفة هنا حيث تكون للزائر هذه الدرجة الرفيعة؟
معنى المعرفة
المعرفة من العرفان في مقابل العلم، والفرق بين العلم بالمعنى الأعم والمعرفة هو أنّ المعرفة عبارة عن إدراك الجزئيّات، والعلم عبارة عن إدراك الكلّيّات، وقيل إنّ المعرفة تصور، والعلم تصديق.
ولذا يقال: كلّ عالم عارف وليس كلّ عارف عالم، فالعلم يهتم بالكلّيّات، والمعرفة تهتم بالجزئيّات، فيُطلق إحاطة بالكلّيّات والجزئيّات، والله تعالى محيط بالكليات والجزئيات، فيطلق عليه عالم ولا يطلق عليه عارف، فالمعرفة كلي تشكيكي ذات مراتب طويلة وعرضية أي مفهومه كلي ينطبق على مصاديق ذات مراتب متعدّدة، والكلي التشكيكي ما يتفاوت في التقدم والتأخر والضعف والأولوية، ويقابله الكلي المتواطي كالإنسان، ولهذا قال مولى الموحّدين عليه السلام: «تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا فَإِنَّ الْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِه».(نهج البلاغة:٥٤٥)
وجاء أيضاً: «تكلّموا يرحكم الله فبالكلام يُعرف قَدركم».(نهج البلاغة:٥٥٠)
فالمعرفة إذن هي أسّ الكمال لكل قابل لها، لأنّ المعرفة مختصّة بمن له إدراك دون سواه.
والمعرفة على ثلاثة أنحاء: جلالية وجمالية وكمالية.
ونذكر مثالاً لتقريب المعنى.
إنّك لو رأيت جبلاً عن بُعدٍ فإنّك ستعرفه بحدوده، وإنّه ليس شجراً ولا حيواناً ولا إنساناً وإنّما هو جبل، فهذه المعرفة يقال لها معرفة جلالية، ولكن لو اقتربت منه ورأيت جماله وصلابته وشموخه فهذه معرفة جمالية، وعندما تصعد عليه وترى كنهه وواقعه فهذه معرفة كمالية، وهكذا معرفتنا نحن للأئمة الأطهار عليهم السلام.
وقد ورد في الزيارة الجامعة: «ما من وضيع ولا شريف ولا عالم ولا جاهل إلاّ عرف جلالة قدركم» أي حتى عدوّهم يشهد بفضلهم لأنّه يعرفهم معرفة جلالية، وهناك من يعرف أمير المؤمنين والإمام الحسين عليهما السلام بمعرفة جمالية، فلذلك استحق سلمان أن يكون من أهل البيت عليهم السلام فقالوا في حقه «سلمان منّا أهل البيت».
فتراه ملازماً لأمير المؤمنين عليه السلام، فكلّما دخل الأصحاب المسجد وجدوا سلمان بجوار مولاه يشرب من معينه الصافي، فاتفقوا على أن يسبقوا سلمان إلى أمير المؤمنين عليه السلام فبكروا بالمجيء وفعلاً لم يجدوا في الطريق إلاّ آثار أقدام الإمام عليه السلام ففرحوا بذلك، ولكن عندما وصلوا المسجد وجدوا سلمان جالساً عند أمير المؤمنين عليه السلام فتفاجؤوا فقالوا: يا سلمان من أين أتيت؟ أنزلت من السماء أم خرجت من الأرض؟
فقال سلمان: إنّما جئت من حيث جئتم. فقالوا: فأين آثار أقدامك؟ فقال: إنّي لمّا رأيت أقدام أمير المؤمنين عليه السلام وضعت أقدامي عليها لأنّي أعلم أنّه لا يضع قدماّ ولا يرفعها إلاّ بحكمة وعلم.
هكذا يعرف سلمان مولاه وهكذا يقتفي أثره، فمعرفة سلمان بالإمام معرفة جمالية.