قال تعالى: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه : 14].
الــمــــقـــدمـــــة
إن ظاهر الآية الكريمة يدل على أن الغرض والهدف من الصلاة هو كون الإنسان ذاكراً لله تعالى ومستحضراً له، وهُنا مشكلة يعيشها الكثيرون وبالخصوص مَن له انشغالات منهم، فيجد الإنسان نفسه منشغلاً عن الصلاة وعن التوجه إليها والخضوع لله، ويجد نفسه منصرفاً عنها وليس منصرفاً إليها!
فكيف نكون مصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾
ولسنا ممّن قال القرآن في حقهم: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾؟
عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال:
«إِنَّ الْعَبْدَ لَيُرْفَعُ لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ نِصْفُهَا أَوْ ثُلُثُهَا أَوْ رُبُعُهَا أَوْ خُمُسُهَا وَمَا يُرْفَعُ لَهُ إِلَّا مَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ مِنْهَا بِقَلْبِهِ» [علل الشرائع، ج2، ص: 328].
من هنا ذكر العلماء طرقاً في استشعار المؤمن للصلاة وكيفية الإقبال عليها، ومن أهمها استثارة الداء لمعرفة الدواء،
وهو ما أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصفه للمتقين بقوله:
«أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ، تَالِينَ لِأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلاً، يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ، وَيَسْتَثِيرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ» [نهج البلاغة، الخطبة 193].
والشاهد هنا قوله:(ويسثيرون به دواء دائهم) استثارة الدواء بعد استثارة الداء، كما يفعل الطيب؛ لا يعالج المرض إلا بعد معرفة الداء والوجع. والجرح العميق الذي يبعدنا عن حضور القلب في الصلاة هو الذنب.
ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام):
«يا إسحاق خف الله كأنك تراه وإن كنت لا تراه فإنه يراك فإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين عليك» [الكافي (ط - الإسلامية)، ج2، ص: 68].
هذا الحديث يتكلم عن الإصرار في تحدّي الإنسان لرقابة الله والتغافل عن قوله تعالى:
﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى﴾ [العلق : 14]،ولكنه لا يستطيع أن يتحدّى الأسرة والمجتمع بل ويخاف أن تسقط سمعته!!.
الذنوب قسمان: صغائر وكبائر
الفقهاء يقسمون الذنوب إلى قسمين، وهذان القسمان بلحاظ بعضهما لبعض وليس بالنسبة إلى الله :
«لا تنظروا إلى صغر الذنب ولكن انظروا إلى من اجترأتم» [بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج74، ص: 168]،
والذنب بلحاظ الذنب الآخر يقال عنه: ذنب صغير وذنب كبير، فقد قيل: الكبيرة ما ورد فيها حد شرعي،
قال تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء : 31]،
وقيل: الكبائر التي أوجب الله عزّ وجلّ عليها النار.
روي عن الإمام علي (عليه السلام) قوله:
«إيّاك والإصرار فإنّه من أكبر الكبائر، وأعظم الجرائم» [عيون الحكم والمواعظ (لليثي)، الحكمة 2246]،
وروي عنه (عليه السلام) أيضاً:
«من أصر على ذنبه اجترأ على سخط ربه» [المصدر نفسه، الحكمة 7598].
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام):
«لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار» [الكافي، ج2، ص: 288].
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «إنّ رسول الله (ص) نزل بأرض قرعاء فقال لأصحابه: ائتوا بحطب. فقالوا: يا رسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب. قال: فليأت كل إنسان بما قدر عليه. فجاءوا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض. فقال رسول الله (ص): هكذا تجتمع الذنوب. ثم قال: إياكم و المحقرات من الذنوب فإن لكل شيء طالباً ألا وإن طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين» [الكافي، ج2، ص: 288].
مـعــانـي وأوجـــه الإصــــرار
المستفاد من مجموع كلمات اللغويين أنّ الإصرار بمعنى الثبات على الشيء. وذُكِر للإصرار عدة أوجه؛ منها:
1- أن يذنب الذَّنب فلا يستغفر منه أصلاً.
2- أن لا يحدّث نفسه بتوبة، فذلك إصرار أيضاً.
3- الإكثار من الذّنوب، سواء أكانت من نوع واحد أم أكثر. :«اتّقوا معاصي الله في الخلوات فإنّ الشاهد هو الحاكم» [نهج البلاغة، الحكمة 325].
4- المداومة على نوع واحد منها.
5- التَّجاهر بالمعصية.
والتجاهر بمعنى العلانية، وهو أن يصدر الفعل أمام الجميع؛ مثل من يستمع الغناء في الأزقة والطرقات ويُسمع الآخرين ما يسمع.إنّ التَّجاهر بالذَّنب أمام النَّاس يبدِّلُ الذُّنوب الصَّغيرة إلى كبيرة؛ لأنَّ هذا التجاهر يعبِّر عن صفة التجرّؤ على الأوامر الإلهية والاستهانة بها.
وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله):
«كل أمتي معافى إلا المجاهرين، فإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره ربه فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه فيبيت يستره ربه ويكشف ستر الله عنه» [عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآيات والأخبار والأقوال، البحراني الأصفهاني، ج11، ص280].
روي عن الإمام علي (عليه السلام):
«إيّاك والمجاهرة بالفجور؛ فإنّه من أشد المآثم» [عيون الحكم والمواعظ (لليثي)، ص95].
الــمــــقـــدمـــــة
إن ظاهر الآية الكريمة يدل على أن الغرض والهدف من الصلاة هو كون الإنسان ذاكراً لله تعالى ومستحضراً له، وهُنا مشكلة يعيشها الكثيرون وبالخصوص مَن له انشغالات منهم، فيجد الإنسان نفسه منشغلاً عن الصلاة وعن التوجه إليها والخضوع لله، ويجد نفسه منصرفاً عنها وليس منصرفاً إليها!
فكيف نكون مصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾
ولسنا ممّن قال القرآن في حقهم: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾؟
عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال:
«إِنَّ الْعَبْدَ لَيُرْفَعُ لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ نِصْفُهَا أَوْ ثُلُثُهَا أَوْ رُبُعُهَا أَوْ خُمُسُهَا وَمَا يُرْفَعُ لَهُ إِلَّا مَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ مِنْهَا بِقَلْبِهِ» [علل الشرائع، ج2، ص: 328].
من هنا ذكر العلماء طرقاً في استشعار المؤمن للصلاة وكيفية الإقبال عليها، ومن أهمها استثارة الداء لمعرفة الدواء،
وهو ما أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصفه للمتقين بقوله:
«أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ، تَالِينَ لِأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلاً، يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ، وَيَسْتَثِيرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ» [نهج البلاغة، الخطبة 193].
والشاهد هنا قوله:(ويسثيرون به دواء دائهم) استثارة الدواء بعد استثارة الداء، كما يفعل الطيب؛ لا يعالج المرض إلا بعد معرفة الداء والوجع. والجرح العميق الذي يبعدنا عن حضور القلب في الصلاة هو الذنب.
ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام):
«يا إسحاق خف الله كأنك تراه وإن كنت لا تراه فإنه يراك فإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين عليك» [الكافي (ط - الإسلامية)، ج2، ص: 68].
هذا الحديث يتكلم عن الإصرار في تحدّي الإنسان لرقابة الله والتغافل عن قوله تعالى:
﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى﴾ [العلق : 14]،ولكنه لا يستطيع أن يتحدّى الأسرة والمجتمع بل ويخاف أن تسقط سمعته!!.
الذنوب قسمان: صغائر وكبائر
الفقهاء يقسمون الذنوب إلى قسمين، وهذان القسمان بلحاظ بعضهما لبعض وليس بالنسبة إلى الله :
«لا تنظروا إلى صغر الذنب ولكن انظروا إلى من اجترأتم» [بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج74، ص: 168]،
والذنب بلحاظ الذنب الآخر يقال عنه: ذنب صغير وذنب كبير، فقد قيل: الكبيرة ما ورد فيها حد شرعي،
قال تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء : 31]،
وقيل: الكبائر التي أوجب الله عزّ وجلّ عليها النار.
روي عن الإمام علي (عليه السلام) قوله:
«إيّاك والإصرار فإنّه من أكبر الكبائر، وأعظم الجرائم» [عيون الحكم والمواعظ (لليثي)، الحكمة 2246]،
وروي عنه (عليه السلام) أيضاً:
«من أصر على ذنبه اجترأ على سخط ربه» [المصدر نفسه، الحكمة 7598].
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام):
«لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار» [الكافي، ج2، ص: 288].
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «إنّ رسول الله (ص) نزل بأرض قرعاء فقال لأصحابه: ائتوا بحطب. فقالوا: يا رسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب. قال: فليأت كل إنسان بما قدر عليه. فجاءوا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض. فقال رسول الله (ص): هكذا تجتمع الذنوب. ثم قال: إياكم و المحقرات من الذنوب فإن لكل شيء طالباً ألا وإن طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين» [الكافي، ج2، ص: 288].
مـعــانـي وأوجـــه الإصــــرار
المستفاد من مجموع كلمات اللغويين أنّ الإصرار بمعنى الثبات على الشيء. وذُكِر للإصرار عدة أوجه؛ منها:
1- أن يذنب الذَّنب فلا يستغفر منه أصلاً.
2- أن لا يحدّث نفسه بتوبة، فذلك إصرار أيضاً.
3- الإكثار من الذّنوب، سواء أكانت من نوع واحد أم أكثر. :«اتّقوا معاصي الله في الخلوات فإنّ الشاهد هو الحاكم» [نهج البلاغة، الحكمة 325].
4- المداومة على نوع واحد منها.
5- التَّجاهر بالمعصية.
والتجاهر بمعنى العلانية، وهو أن يصدر الفعل أمام الجميع؛ مثل من يستمع الغناء في الأزقة والطرقات ويُسمع الآخرين ما يسمع.إنّ التَّجاهر بالذَّنب أمام النَّاس يبدِّلُ الذُّنوب الصَّغيرة إلى كبيرة؛ لأنَّ هذا التجاهر يعبِّر عن صفة التجرّؤ على الأوامر الإلهية والاستهانة بها.
وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله):
«كل أمتي معافى إلا المجاهرين، فإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره ربه فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه فيبيت يستره ربه ويكشف ستر الله عنه» [عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآيات والأخبار والأقوال، البحراني الأصفهاني، ج11، ص280].
روي عن الإمام علي (عليه السلام):
«إيّاك والمجاهرة بالفجور؛ فإنّه من أشد المآثم» [عيون الحكم والمواعظ (لليثي)، ص95].
سماحة الشيخ عبدالجليل أحمد المكراني