اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني
ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً
المشرفون: أنوار فاطمة الزهراء،تسبيحة الزهراء
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 15021
- اشترك في: الثلاثاء مارس 04, 2008 6:40 pm
- مكان: كـنـف المـــــنـــصــــــــورة (ع)
ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً
[align=center][font=Traditional Arabic]]
اللهم صل على الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (15)سورة الرعد
السجود الخرور على الأرض بوضع الجبهة أو الذقن عليها قال تعالى: «و خروا له سجدا»: يوسف: 100، و قال: «يخرون للأذقان سجدا»: أسرى: 107.
و الواحدة منه سجدة.و الكره ما يأتي به الإنسان من الفعل بمشقة فإن حمل عليه من خارج فهو الكره بفتح الكاف و ما حمل عليه من داخل نفسه فهو الكره بضمها و الطوع يقابل الكره مطلقا.
و قال الراغب: الغدوة و الغداة من أول النهار، و قوبل في القرآن الغدو بالآصال نحو قوله: «و بالغدو و الآصال» و قوبل الغداة بالعشي قال: «بالغداة و العشي» انتهى و الغدو جمع غداة كقنى و قناة و قال في المجمع،: الآصال جمع أصل - بضمتين - و أصل جمع أصيل فهو جمع الجمع مأخوذ من الأصل فكأنه أصل الليل الذي ينشأ منه و هو ما بين العصر إلى مغرب الشمس.
انتهى.
و الأعمال الاجتماعية التي يؤتى بها لأغراض معنوية كالتصدر الذي يمثل به الرئاسة و التقدم الذي يمثل به السيادة و الركوع الذي يظهر به الصغر و الصغار و السجود الذي يظهر به نهاية تذلل الساجد و ضعته قبال تعزز المسجود له و اعتلائه تسمى غاياتها بأساميها كما تسمى نفسها فكما يسمى التقدم تقدما كذلك تسمى السيادة تقدما و كما أن الانحناء الخاص ركوع كذلك الصغر و الصغار الخاص ركوع و كما أن الخرور على الأرض سجود كذلك التذلل سجود كل ذلك بعناية أن الغاية من العمل هي المطلوبة بالحقيقة دون ظاهر هيئة العمل.
و هذه النظرة هي التي يعتبرها القرآن الكريم في نسبة السجود و ما يناظره من القنوت و التسبيح و الحمد و السؤال و نحو ذلك إلى الأشياء كقوله تعالى: «كل له قانتون»: البقرة: 116 و قوله: «و إن من شيء إلا يسبح بحمده»: أسرى: 44 و قوله: «يسأله من في السماوات و الأرض»: الرحمن: 29 و قوله: «و لله يسجد ما في السماوات و ما في الأرض»: النحل: 49.
و الفرق بين هذه الأمور المنسوبة إلى الأشياء الكونية و بينها و هي واقعة في ظرف الاجتماع الإنساني أن الغايات موجودة في القسم الأول بحقيقة معناها بخلاف القسم الثاني فإنها إنما توجد فيها بنوع من الوضع و الاعتبار فذلة المكونات و ضعتها تجاه ساحة العظمة و الكبرياء ذلة و ضعة حقيقية بخلاف الخرور على الأرض و وضع الجبهة عليها فإنه ذلة و ضعة بحسب الوضع و الاعتبار و لذلك ربما يتخلف.
فقوله تعالى: «و لله يسجد من في السماوات و الأرض» أخذ بما تقدم من النظر و لعله إنما خص أولي العقل بالذكر حيث قال: «من في السماوات و الأرض» مع شمول هذه الذلة و الضعة جميع الموجودات كما في آية النحل المتقدمة و كما يشعر به ذيل الآية حيث قال: «و ظلالهم» إلخ، لأن الكلام في السورة مع المشركين و الاحتجاج عليهم فكان في ذلك بعثا لهم أن يسجدوا لله طوعا كما يسجد له من دونهم من عقلاء السماوات و الأرض طوعا حتى أن ظلالهم تسجد له.
و لذلك أيضا تعلقت العناية بذكر سجود الظلال ليكون آكد في استنهاضهم فافهمه.
ثم إن هذا التذلل و التواضع، الذي هو من عامة الموجودات لساحة ربهم عز و علا، خضوع ذاتي لا ينفك عنها و لا يتخلف فهو بالطوع البتة و كيف لا و ليس لها من نفسها شيء حتى يتوهم لها كراهة أو امتناع و جموح و قد قال تعالى: «فقال لها و للأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين»: حم السجدة: 11.
فالعناية المذكورة توجب الطوع لجميع الموجودات في سجودهم لله تعالى و تقطع دابر الكره عنهم البتة غير أن هناك عناية أخرى ربما صححت نسبة الكره إلى بعضها في الجملة و هي أن بعض هذه الأشياء واقعة في مجتمع التزاحم مجهزة بطباع ربما عاقتها عن البلوغ إلى غاياتها و مبتغياتها أسباب أخر و هي الأشياء المستقرة في عالمنا هذا عالم المادة التي ربما زوحمت في مآربها و منعتها عن البلوغ إلى مقتضيات طباعها موانع متفرقة و لا شك أن مخالف الطبع مكروه كما أن ما يلائمه مطلوب.
هذه الأشياء ساجدة لله خاضعة لأمره في جميع الشئون الراجعة إليها غير أنها فيما يخالف طباعها كالموت و الفساد و بطلان الآثار و الآفات و العاهات و نحو ذلك ساجدة له كرها، و فيما يلائم طباعها كالحياة و البقاء و البلوغ إلى الغايات و الظفر بالكمال ساجدة له طوعا كالملائكة الكرام الذين لا يعصون الله فيما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون.
و مما تقدم يظهر فساد قول بعضهم إن المراد بالسجدة هو الحقيقي منها يعني الخرور على الأرض بوضع الجبهة عليها مثلا فهم جميعا ساجدون غير أن المؤمن يسجد طوعا و الكافر يسجد خوفا من السيف و قد نسب القول به إلى الحسن.
و كذا قول بعض: إن المراد بالسجود الخضوع فله يخضع الكل إلا أن ذلك من المؤمن خضوع طوع و من الكافر خضوع كره لما يحل به من الآلام و الأسقام و نسب إلى الجبائي.
و كذا قول آخرين: إن المراد بالآية خضوع جميع ما في السماوات و الأرض من أولي العقل و غيرهم و التعبير بلفظ يخص أولي العقل للتغليب.
و أما قوله.
«و ظلالهم بالغدو و الآصال» ففيه إلحاق أظلال الأجسام الكثيفة بها في السجود فإن الظل و إن كان عدميا من حجب الجسم بكثافته عن نفوذ النور إلا أن له آثارا خارجية و هو يزيد و ينقص في طرفي النهار و يختلف اختلافا ظاهرا للحس فله نحو من الوجود ذو آثاره يخضع في وجوده و آثاره لله و يسجد له.
و هي تسجد لله سبحانه سجدة طوع في جميع الأحيان، و إنما خص الغدو و الآصال بالذكر لا لما قيل: إن المراد بهما الدوام لأنه يذكر مثل ذلك للتأبيد إذ لو أريد سجودها الدائم لكان الأنسب به أن يقال: بأطراف النهار حتى يعم جميع ما قبل الظهر و ما بعده كما وقع في قوله
: «و من آناء الليل فسبح و أطراف النهار لعلك ترضى»
: طه: 130.
بل النكتة فيه - و الله أعلم - أن الزيادة و النقيصة دائمتان للأظلال في الغداة و الأصيل فيمثلان للحس السقوط على الأرض و ذلة السجود، و أما وقت الظهيرة و أوساط النهار فربما انعدمت الأظلال فيها أو نقصت و كانت كالساكنة لا يظهر معنى السجدة منها ذلك الظهور.
و لا شك في أن سقوط الأظلال على الأرض و تمثيلها لخرور السجود منظور إليه في نسبة السجود إلى الأظلال في تفيؤها، و ليس النظر مقصورا على مجرد طاعتها التكوينية في جميع أحوالها و آثارها و الدليل على ذلك قوله: «أ و لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين و الشمائل سجدا لله و هم داخرون»: النحل: 48 فإن العناية بذلك ظاهرة فيه.
و ليس ذلك قولا شعريا و تصويرا تخييليا يتوسل به في الدعوة الحقة في كلامه تعالى - و حاشاه - و قد نص أنه ليس بشعر بل الحقائق المتعالية عن الأوهام الثابتة عند العقل السليم البعيدة بطباعها عن الحس إذا صادفت موارد أمكن أن يظهر فيها للحس نوع ظهور و يتمثل لها بوجه كان من الحري أن يستمد به في تعليم الأفهام الساذجة و العقول البسيطة و نقلها من مرتبة الحس و الخيال إلى مرحلة العقل السليم المدرك للحقائق من المعارف فإنه من الحس و الخيال الحق المستظهر بالحقائق المؤيد بالحق فلا بأس بالركون إليه.
و من هذا الباب عده تعالى ما يشاهد من الضلال المتفيئة من الأجسام المنتصبة بالغدو و الآصال ساجدة لله سبحانه لما فيها من السقوط على الأرض كخرور السجود من أولي العقل.
و من هذا الباب أيضا ما تقدم من قوله: «و يسبح الرعد بحمده» حيث أطلق التسبيح على صوت الرعد الهائل الذي يمثل لسانا ناطقا بتنزيهه تعالى عن مشابهة المخلوقين و الثناء عليه لرحمته المبشر به بالريح و السحاب و البرق مع أن الأشياء قاطبة مسبحة بحمده بوجوداتها القائمة به تعالى المعتمدة عليه، و هذا تسبيح ذاتي منهم و دلالته دلالة ذاتية عقلية غير مرتبطة بالدلالات اللفظية التي توجد في الأصوات بحسب الوضع و الاعتبار لكن الرعد بصوته الشديد الهائل يمثل للسمع و الخيال هذا التسبيح الذاتي فذكره الله سبحانه بما له من الشأن لينتقل به الأذهان البسيطة إلى معنى التسبيح الذاتي الذي يقوم بذات كل شيء من غير صوت قارع و لا لفظ موضوع.
و يقرب من هذا الباب ما تقدم في مفتتح السورة في قوله تعالى: «رفع السماوات بغير عمد ترونها» و قوله: «و في الأرض قطع متجاورات» الآية إن التمسك في مقام الاحتجاج عليه تعالى بالأمور المجهول أسبابها عند الحس ليس لأن سببيته تعالى مقصورة على هذا النوع من الموجودات و الأمور المعلومة الأسباب في غنى عنه تعالى فإن القرآن الكريم ينص على عموم قانون السببية و أنه تعالى فوق الجميع بل لأن الأمور التي لا تظهر أسبابها على الحس لبادىء نظرة تنبه الأفهام البسيطة و تمثل لها الحاجة إلى سبب أحسن تمثيل فتنتزع إلى البحث عن أسبابها و ينتهي البحث لا محالة إلى سبب أول هو الله سبحانه، و في القرآن الكريم من ذلك شيء كثير.
و بالجملة فتسمية سقوط ظلال الأشياء بالغدو و الآصال على الأرض سجودا منها لله سبحانه مبنية على تمثيلها في هذه الحال معنى السجدة الذاتية التي لها في ذواتها بمثال حسي ينبه الحس لمعنى السجدة الذاتية و يسهل للفهم البسيط طريق الانتقال إلى تلك الحقيقة العقلية.
هذا هو الذي يعطيه التدبر في كلامه تعالى، و أما حمل هذه المعاني على محض الاستعارة الشعرية أو جعلها مجازا مثلا يراد به انقياد الأشياء لأمره تعالى بمعنى أنها توجد كما شاء أو القول بأن المراد بالظل هو الشخص فإن من يسجد يسجد ظله معه فإن هذه معان واهية لا ينبغي الالتفات إليها.[/font]
الميزان[/align]
اللهم صل على الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (15)سورة الرعد
السجود الخرور على الأرض بوضع الجبهة أو الذقن عليها قال تعالى: «و خروا له سجدا»: يوسف: 100، و قال: «يخرون للأذقان سجدا»: أسرى: 107.
و الواحدة منه سجدة.و الكره ما يأتي به الإنسان من الفعل بمشقة فإن حمل عليه من خارج فهو الكره بفتح الكاف و ما حمل عليه من داخل نفسه فهو الكره بضمها و الطوع يقابل الكره مطلقا.
و قال الراغب: الغدوة و الغداة من أول النهار، و قوبل في القرآن الغدو بالآصال نحو قوله: «و بالغدو و الآصال» و قوبل الغداة بالعشي قال: «بالغداة و العشي» انتهى و الغدو جمع غداة كقنى و قناة و قال في المجمع،: الآصال جمع أصل - بضمتين - و أصل جمع أصيل فهو جمع الجمع مأخوذ من الأصل فكأنه أصل الليل الذي ينشأ منه و هو ما بين العصر إلى مغرب الشمس.
انتهى.
و الأعمال الاجتماعية التي يؤتى بها لأغراض معنوية كالتصدر الذي يمثل به الرئاسة و التقدم الذي يمثل به السيادة و الركوع الذي يظهر به الصغر و الصغار و السجود الذي يظهر به نهاية تذلل الساجد و ضعته قبال تعزز المسجود له و اعتلائه تسمى غاياتها بأساميها كما تسمى نفسها فكما يسمى التقدم تقدما كذلك تسمى السيادة تقدما و كما أن الانحناء الخاص ركوع كذلك الصغر و الصغار الخاص ركوع و كما أن الخرور على الأرض سجود كذلك التذلل سجود كل ذلك بعناية أن الغاية من العمل هي المطلوبة بالحقيقة دون ظاهر هيئة العمل.
و هذه النظرة هي التي يعتبرها القرآن الكريم في نسبة السجود و ما يناظره من القنوت و التسبيح و الحمد و السؤال و نحو ذلك إلى الأشياء كقوله تعالى: «كل له قانتون»: البقرة: 116 و قوله: «و إن من شيء إلا يسبح بحمده»: أسرى: 44 و قوله: «يسأله من في السماوات و الأرض»: الرحمن: 29 و قوله: «و لله يسجد ما في السماوات و ما في الأرض»: النحل: 49.
و الفرق بين هذه الأمور المنسوبة إلى الأشياء الكونية و بينها و هي واقعة في ظرف الاجتماع الإنساني أن الغايات موجودة في القسم الأول بحقيقة معناها بخلاف القسم الثاني فإنها إنما توجد فيها بنوع من الوضع و الاعتبار فذلة المكونات و ضعتها تجاه ساحة العظمة و الكبرياء ذلة و ضعة حقيقية بخلاف الخرور على الأرض و وضع الجبهة عليها فإنه ذلة و ضعة بحسب الوضع و الاعتبار و لذلك ربما يتخلف.
فقوله تعالى: «و لله يسجد من في السماوات و الأرض» أخذ بما تقدم من النظر و لعله إنما خص أولي العقل بالذكر حيث قال: «من في السماوات و الأرض» مع شمول هذه الذلة و الضعة جميع الموجودات كما في آية النحل المتقدمة و كما يشعر به ذيل الآية حيث قال: «و ظلالهم» إلخ، لأن الكلام في السورة مع المشركين و الاحتجاج عليهم فكان في ذلك بعثا لهم أن يسجدوا لله طوعا كما يسجد له من دونهم من عقلاء السماوات و الأرض طوعا حتى أن ظلالهم تسجد له.
و لذلك أيضا تعلقت العناية بذكر سجود الظلال ليكون آكد في استنهاضهم فافهمه.
ثم إن هذا التذلل و التواضع، الذي هو من عامة الموجودات لساحة ربهم عز و علا، خضوع ذاتي لا ينفك عنها و لا يتخلف فهو بالطوع البتة و كيف لا و ليس لها من نفسها شيء حتى يتوهم لها كراهة أو امتناع و جموح و قد قال تعالى: «فقال لها و للأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين»: حم السجدة: 11.
فالعناية المذكورة توجب الطوع لجميع الموجودات في سجودهم لله تعالى و تقطع دابر الكره عنهم البتة غير أن هناك عناية أخرى ربما صححت نسبة الكره إلى بعضها في الجملة و هي أن بعض هذه الأشياء واقعة في مجتمع التزاحم مجهزة بطباع ربما عاقتها عن البلوغ إلى غاياتها و مبتغياتها أسباب أخر و هي الأشياء المستقرة في عالمنا هذا عالم المادة التي ربما زوحمت في مآربها و منعتها عن البلوغ إلى مقتضيات طباعها موانع متفرقة و لا شك أن مخالف الطبع مكروه كما أن ما يلائمه مطلوب.
هذه الأشياء ساجدة لله خاضعة لأمره في جميع الشئون الراجعة إليها غير أنها فيما يخالف طباعها كالموت و الفساد و بطلان الآثار و الآفات و العاهات و نحو ذلك ساجدة له كرها، و فيما يلائم طباعها كالحياة و البقاء و البلوغ إلى الغايات و الظفر بالكمال ساجدة له طوعا كالملائكة الكرام الذين لا يعصون الله فيما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون.
و مما تقدم يظهر فساد قول بعضهم إن المراد بالسجدة هو الحقيقي منها يعني الخرور على الأرض بوضع الجبهة عليها مثلا فهم جميعا ساجدون غير أن المؤمن يسجد طوعا و الكافر يسجد خوفا من السيف و قد نسب القول به إلى الحسن.
و كذا قول بعض: إن المراد بالسجود الخضوع فله يخضع الكل إلا أن ذلك من المؤمن خضوع طوع و من الكافر خضوع كره لما يحل به من الآلام و الأسقام و نسب إلى الجبائي.
و كذا قول آخرين: إن المراد بالآية خضوع جميع ما في السماوات و الأرض من أولي العقل و غيرهم و التعبير بلفظ يخص أولي العقل للتغليب.
و أما قوله.
«و ظلالهم بالغدو و الآصال» ففيه إلحاق أظلال الأجسام الكثيفة بها في السجود فإن الظل و إن كان عدميا من حجب الجسم بكثافته عن نفوذ النور إلا أن له آثارا خارجية و هو يزيد و ينقص في طرفي النهار و يختلف اختلافا ظاهرا للحس فله نحو من الوجود ذو آثاره يخضع في وجوده و آثاره لله و يسجد له.
و هي تسجد لله سبحانه سجدة طوع في جميع الأحيان، و إنما خص الغدو و الآصال بالذكر لا لما قيل: إن المراد بهما الدوام لأنه يذكر مثل ذلك للتأبيد إذ لو أريد سجودها الدائم لكان الأنسب به أن يقال: بأطراف النهار حتى يعم جميع ما قبل الظهر و ما بعده كما وقع في قوله
: «و من آناء الليل فسبح و أطراف النهار لعلك ترضى»
: طه: 130.
بل النكتة فيه - و الله أعلم - أن الزيادة و النقيصة دائمتان للأظلال في الغداة و الأصيل فيمثلان للحس السقوط على الأرض و ذلة السجود، و أما وقت الظهيرة و أوساط النهار فربما انعدمت الأظلال فيها أو نقصت و كانت كالساكنة لا يظهر معنى السجدة منها ذلك الظهور.
و لا شك في أن سقوط الأظلال على الأرض و تمثيلها لخرور السجود منظور إليه في نسبة السجود إلى الأظلال في تفيؤها، و ليس النظر مقصورا على مجرد طاعتها التكوينية في جميع أحوالها و آثارها و الدليل على ذلك قوله: «أ و لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين و الشمائل سجدا لله و هم داخرون»: النحل: 48 فإن العناية بذلك ظاهرة فيه.
و ليس ذلك قولا شعريا و تصويرا تخييليا يتوسل به في الدعوة الحقة في كلامه تعالى - و حاشاه - و قد نص أنه ليس بشعر بل الحقائق المتعالية عن الأوهام الثابتة عند العقل السليم البعيدة بطباعها عن الحس إذا صادفت موارد أمكن أن يظهر فيها للحس نوع ظهور و يتمثل لها بوجه كان من الحري أن يستمد به في تعليم الأفهام الساذجة و العقول البسيطة و نقلها من مرتبة الحس و الخيال إلى مرحلة العقل السليم المدرك للحقائق من المعارف فإنه من الحس و الخيال الحق المستظهر بالحقائق المؤيد بالحق فلا بأس بالركون إليه.
و من هذا الباب عده تعالى ما يشاهد من الضلال المتفيئة من الأجسام المنتصبة بالغدو و الآصال ساجدة لله سبحانه لما فيها من السقوط على الأرض كخرور السجود من أولي العقل.
و من هذا الباب أيضا ما تقدم من قوله: «و يسبح الرعد بحمده» حيث أطلق التسبيح على صوت الرعد الهائل الذي يمثل لسانا ناطقا بتنزيهه تعالى عن مشابهة المخلوقين و الثناء عليه لرحمته المبشر به بالريح و السحاب و البرق مع أن الأشياء قاطبة مسبحة بحمده بوجوداتها القائمة به تعالى المعتمدة عليه، و هذا تسبيح ذاتي منهم و دلالته دلالة ذاتية عقلية غير مرتبطة بالدلالات اللفظية التي توجد في الأصوات بحسب الوضع و الاعتبار لكن الرعد بصوته الشديد الهائل يمثل للسمع و الخيال هذا التسبيح الذاتي فذكره الله سبحانه بما له من الشأن لينتقل به الأذهان البسيطة إلى معنى التسبيح الذاتي الذي يقوم بذات كل شيء من غير صوت قارع و لا لفظ موضوع.
و يقرب من هذا الباب ما تقدم في مفتتح السورة في قوله تعالى: «رفع السماوات بغير عمد ترونها» و قوله: «و في الأرض قطع متجاورات» الآية إن التمسك في مقام الاحتجاج عليه تعالى بالأمور المجهول أسبابها عند الحس ليس لأن سببيته تعالى مقصورة على هذا النوع من الموجودات و الأمور المعلومة الأسباب في غنى عنه تعالى فإن القرآن الكريم ينص على عموم قانون السببية و أنه تعالى فوق الجميع بل لأن الأمور التي لا تظهر أسبابها على الحس لبادىء نظرة تنبه الأفهام البسيطة و تمثل لها الحاجة إلى سبب أحسن تمثيل فتنتزع إلى البحث عن أسبابها و ينتهي البحث لا محالة إلى سبب أول هو الله سبحانه، و في القرآن الكريم من ذلك شيء كثير.
و بالجملة فتسمية سقوط ظلال الأشياء بالغدو و الآصال على الأرض سجودا منها لله سبحانه مبنية على تمثيلها في هذه الحال معنى السجدة الذاتية التي لها في ذواتها بمثال حسي ينبه الحس لمعنى السجدة الذاتية و يسهل للفهم البسيط طريق الانتقال إلى تلك الحقيقة العقلية.
هذا هو الذي يعطيه التدبر في كلامه تعالى، و أما حمل هذه المعاني على محض الاستعارة الشعرية أو جعلها مجازا مثلا يراد به انقياد الأشياء لأمره تعالى بمعنى أنها توجد كما شاء أو القول بأن المراد بالظل هو الشخص فإن من يسجد يسجد ظله معه فإن هذه معان واهية لا ينبغي الالتفات إليها.[/font]
الميزان[/align]
يا الله
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 5686
- اشترك في: الاثنين يونيو 22, 2009 12:50 am
Re: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً
[align=center]اللهم صل على محمد وآل محد الابرار الاخيار
يعطيك العافية اختي الكريمة نبع الزهراء
وفقكم الله وسدد خطاكم
دمتم بحفظ الله[/align]
يعطيك العافية اختي الكريمة نبع الزهراء
وفقكم الله وسدد خطاكم
دمتم بحفظ الله[/align]
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 26879
- اشترك في: الجمعة أكتوبر 24, 2008 1:16 am
- مكان: بين الرياحين
Re: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً
[align=center][font=Traditional Arabic]بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد..[/font][/align]
[align=center][font=Traditional Arabic]مقطع جميل جداً... وما أجمل السجود بين يدي الكريم
الكريمة نبع الزهراء ربي يبارك فيكم كثيراً ويحفظكم على هذا الموضوع الجميل
ويقضي جميع حوائجكم بحق شهر رمضان المبارك[/font][/align]
اللهم صلِ على محمد وآل محمد..[/font][/align]
«و ظلالهم بالغدو و الآصال» ففيه إلحاق أظلال الأجسام الكثيفة بها في السجود فإن الظل و إن كان عدميا من حجب الجسم بكثافته عن نفوذ النور إلا أن له آثارا خارجية و هو يزيد و ينقص في طرفي النهار و يختلف اختلافا ظاهرا للحس فله نحو من الوجود ذو آثاره يخضع في وجوده و آثاره لله و يسجد له.
[align=center][font=Traditional Arabic]مقطع جميل جداً... وما أجمل السجود بين يدي الكريم
الكريمة نبع الزهراء ربي يبارك فيكم كثيراً ويحفظكم على هذا الموضوع الجميل
ويقضي جميع حوائجكم بحق شهر رمضان المبارك[/font][/align]
-
- عضو موقوف
- مشاركات: 49213
- اشترك في: السبت أكتوبر 04, 2008 5:03 pm
- مكان: في قلب منتداي الحبيب
Re: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً
[align=center]
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
تسلمين أختي على الطرح الرائع والقيم
الله يعطيكِ العافية[/align]
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
تسلمين أختي على الطرح الرائع والقيم
الله يعطيكِ العافية[/align]
( حسبي الله ونعم الوكيل )
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 23718
- اشترك في: الأربعاء ديسمبر 10, 2008 4:13 am
- مكان: في مملكة الزهراء
Re: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً
[align=center][font=Andalus]اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام على ليلة القدر السلام على فاطمة الزهراء
حبيبتي نبوعة اسال الله ان يجعلنا من السجدين والذكرين
دمتم بعناية الزهراء[/font][/align]
السلام على ليلة القدر السلام على فاطمة الزهراء
حبيبتي نبوعة اسال الله ان يجعلنا من السجدين والذكرين
دمتم بعناية الزهراء[/font][/align]
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
-
- المدير الإداري
- مشاركات: 49874
- اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:36 pm
- الجنس: فاطمية
Re: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً
[align=center][font=Traditional Arabic]بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ
بارك الله فيك أختي الكريمة نبع الزهراء
طرح رائع ومميز
جعلنا الله وأياكم من العابدين الساجدين له[/font][/align]
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ
بارك الله فيك أختي الكريمة نبع الزهراء
طرح رائع ومميز
جعلنا الله وأياكم من العابدين الساجدين له[/font][/align]
يقينا كله خير
-
- فــاطــمــي
- مشاركات: 9197
- اشترك في: السبت فبراير 23, 2008 3:04 pm
Re: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً
[align=center][font=Traditional Arabic]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين المنتجبين
بارك الله فيكم في ميزان حسناتكم يارب
جزيتم الف خير وقضى الله حاجاتكم بالدنيا والاخرة
اللهم صل على محمد وال محمد[/font]
راية المهدي[/align]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين المنتجبين
بارك الله فيكم في ميزان حسناتكم يارب
جزيتم الف خير وقضى الله حاجاتكم بالدنيا والاخرة
اللهم صل على محمد وال محمد[/font]
راية المهدي[/align]
اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ الَّذى خَلَقَكِ فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً اَنَا لَكِ مُصَدِّقٌ صابِرٌ عَلى ما اَتى بِهِ اَبُوكِ وَوَصِيُّهُ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِما وَاَنَا أَسْأَلُكِ اِنْ كُنْتُ صَدَّقْتُكِ إلاّ اَلْحَقْتِنى بِتَصْديقى لَهُما لِتُسَرَّ نَفْسى فَاشْهَدى اَنّى ظاهِرٌ بِوَلايَتِكِ وَوَلايَةِ آلِ بَيْتِكِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ اَجْمَعينَ.
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 15021
- اشترك في: الثلاثاء مارس 04, 2008 6:40 pm
- مكان: كـنـف المـــــنـــصــــــــورة (ع)
Re: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً
[align=center]اللهم صل على الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكر مروركم وطيب دعواتكم حفظكم الله تعالى وشيعة محمد وآل محمد
وصلى الله تعالى على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
والحمد لله رب العالمين [/align]
يا الله
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 1762
- اشترك في: الاثنين أكتوبر 20, 2008 11:40 pm
- مكان: لامكآن يحتويني ؟
Re: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً
اللهم صل على محمد وآل محمد
بارك الله فيك وسدد خطاك
و الله يعطيك العافية و يوفقك
تقبل مروري
بارك الله فيك وسدد خطاك
و الله يعطيك العافية و يوفقك
تقبل مروري