من كرامات الإمام الحسين صلوات الله عليه: اين ذهبت الغدة السرطانية؟
قصة معاصرة حقيقية بكل حرف من حروفها
في أكثر من مرة خلال الأيام الأخيرة حصل لدي اختناق أثناء بلع الطعام حتى بلغ الأمر أن اختنقت ببعض الخضروات، ولذلك صممت على مراجعة الدكتور، وبالفعل سمحت لي الفرصة في يوم 312022 أن أجد نفسي أمام الدكتور ساسان شاه حسيني في مستشفى بقية الله الأعظم عليه السلام في طهران، وتعدّ من المستشفيات المتقدمة لأنّ كادرها يتشكل في غالبيته من ذوي الشهادات فوق العليا، طلب مني الدكتور أن أحدّثه عما بي فشكوت له الحالة التي داهمتني أكثر من مرة، وسرعان ما التحق به الدكتور بهنام حسيني آهنكر، ووجدتهم يطلبون مني أن اخضع لجلسة ناظور في المعدة والمريء (اندوسكوبي) وبالفعل أجريت عملية الناظور، ومع أنّهم شخّصوا طبيعة المشكلة التي شكوت منها، غير أنّهم طلبوا مني فحصاً شاملاً لكل أجهزة البدن مع التأكيد على أن أجري عملية ناظور للقولون، ولأنّي كنت حريصاً أن أزور قبر الحاج سليماني رحمه الله في ذكراه السنوية الثانية، فقد طلبت من الدكتور أن يمهلني إلى ما بعد رجوعي من مدينة كرمان حيث القبر المطهّر لهذا العبد الصالح، وبالفعل عدت ووضعت نفسي في يوم السبت 812022 تحت أيدي الدكتور المتخصص الذي حدد يوم غد الأحد موعداً لناظور القولون، ولأسباب تقنية تم تأجيله إلى يوم الإثنين، وما أن وردت إلى الصالة الخاصة بالكولون سكوبي حتى بدأت بمناجاة الإمام المنتظر روحي فداه، وفي هذه المناجاة حسمت أمر ما كنت متردداً فيه: هل أطلب من الإمام روحي فداه أن يمنّ عليّ بلطفه ويخلّصني مما أنا فيه؟ إلّا أنّي وجدت أنّ ذلك بخلاف الأدب فهو مطلع على كلّ حالي، وليس من اللائق أن أخبره بما هو مطلع عليه أكثر منّي، خاصة وأني لا أعرف مصلحتي الحقيقية بقدر ما هو عارف بها، ولهذا كان للمناجاة لغة أخرى، بعد أن تركت خيار صحتي وعدمها بين يديه، ولم تنقطع هذه المناجاة إلا حينما استولى البنج على حواسي وسلبها مني، وفي المدة المحددة استفقت من البنج، فوجدت الدكتور ساسان يبلغني بأن استعد لفحص بالتصوير المقطعي (C.T scan) لأنّ هناك تضيّقاً في الجانب الأيسر من القولون ولم يتمكن الناظور من الولوج داخله، ولم يكن صعباً عليّ أن أرى الارتباك الذي يشوب كلامه.
أنجزنا الأمر ورجعت إلى غرفتي الخاصة، وفي يوم الثلاثاء 111 جاء الدكتور ساسان وأبلغني بأن التصوير المقطعي أظهر وجود ورم على جدار القولون بحدود أربعة إلى خمس سنتمترات، وأراني صورته بالفعل، مشيراً إلى أنهم يحتملون أنّه هو الذي تسبب بذلك التضيّق في القولون، وأنّ الأمر لا زال تحت الدراسة لتشخيص العمل المطلوب، مع التأكيد بأن استمر على عدم تناول أي طعام للحاجة إلى المزيد من عمليات الناظور.
وما أن حلّ الظهر حتى وجدته قد عاد ومعه مجموعة من المعنيين ومعهم الدكتور بهنام وحالة الارتباك تلوح على وجوههم، فأوجست في نفسي أنّ أمراً أقلقهم وأهمّهم، وحاول الدكتور ساسان أن يخفف وطأة الخبر متصوّراً بأني قد أتألم أو أصاب بالذعر لو أنه أخبرني، ثم أخبرني بأنّ الصورة المقطعية تشير إلى وجود غدّة هي التي تسببت بتضييق القولون، وهذه الغدّة يحتمل أن تكون خبيثة، وعليه يجب أن يأخذوا خزعة منها لفحصها من أجل تحديد العلاج الفوري لها، كما أنهم يجب أن يلاحظوا إن كانت منتشرة أو لا زالت كامنة، وبطبيعة الحال أكّد على الاستمرار بعدم الأكل والإسراع بأخذ البودر الخاص بتنظيف الأمعاء وتفريغها، لأنهم سيستبدلون الناظور بواحد آخر أنحف من الذي سبقه، وقد حدد الساعة الرابعة كموعد لإجراء عملية جديدة للناظور.
حينما خرج الأطباء جلست أفكّر في أمري الجديد، أخرجت من مكتبتي على الآيباد كراساً عن سرطان القولون، وحين أنهيته أطلقت لنفسي العنان لتناجي الله جلّ وعلا، وقد وجدتها تقف أمام خيارين: إمّا خيار: {ادعوني استجب لكم}، وإمّا خيار: {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}، ولأنّ الله أعلم بحالي منّي، وهو أرأف منّي بنفسي، ولأنّه هو الذي يمرض ويشفي، ولأنّ الأعمار بيده جلّ وعلا وليس بيد أيّ شيء آخر، فقد اتجهت سريعاً للإذعان للقبول بما تقتضيه آية الافتتان، واتجهت لخيارات التسليم لقضاء الله، مكتفياً باستعراض النعم التي أنعم الله عليّ طوال سنيّ حياتي وكرمه وحلمه ورحمته التي أغرقني فيها، وما وجدت كلمات الحمد والثناء كافية، ولا كلمات الشكر والامتنان وافية فأشفعتها بدموع العرفان والامتنان، وكانت لحظات لا تنسى من لذّة المناجاة والتصاغر بين يدي الله تعالى، فأضفت هذه الحالة من الصفاء والسكينة على نفسي ما يبهجها ويشغلها عمّا يعتور البدن وما ينتظره وأقبلت متوكلاً على الله في الاستعداد لما في ذلك من بلاء وامتحان.
لم يتبقّ لي من الوقت الشيء الكثير كي أعود إلى غرفة القولون سكوبي وبدأت بخلط البودر الخاص بتفريغ الأمعاء في الماء وقبل أن أشربه خلطت معه قليلاً من أثر من قبر المولى أبي عبد الله عليه السلام كان الأخ الحبيب السيد أفضل الشامي نائب أمين العتبة الحسينية المقدسة قد أمدّني به عقب زيارة الأربعين كما هو عهده في كل سنة، وقد أخذ هذا الأثر من عمق 7 أمتار من القبر الشريف وعلى بعد 3 أمتار منه، وقرأت على الماء شيء من زيارة عاشوراء، وهو أمر طالما نصحت به العشرات من أصحاب الأمور المستعصية والمتعسرة فوجدوا فيه الفرج وإن كان تحققه معجزاً.
حينما شربت الماء لم يتجاوز الزمن نصف ساعة حتى أحسست بألم شديد في نفس الموضع الذي حدده الدكتور ساسان، وهذا الألم كان كومضة برق سريعاً ما ذهب، ولكن حينما سكن ندّت مني دمعة مع سلام على المولى أبي عبد الله صلوات الله عليه، فقد قلت في داخلي لقد فعل الأثر المبارك فعلته!
جاء من يقلّني إلى غرفة العمليات قرابة الساعة الرابعة عصراً، وبعد انتظار قليل جاء الدكتور بهنام حسيني آهنكر مسلّماً ومحاولاً تسليتي بما عرف عنه من دماثة في الخلق. ثم أسلمني إلى المختص بالتخدير، وحين بدأت إجراءات التخدير آثرت أن تبقى كلماتي الأخيرة مع الإمام المنتظر روحي فداه، وهي كلمات ما كان لها أن تخرج عن إطار الشكر على كل ما منحني إيّاه من توفيق وتسديد في مجال خدمة قضيته بأبي وأمّي راجياً أن يكون ذلك في معرض قبوله مع إقراري بالتقصير، مع دمعة توسل في أن لا يكون اخترام عمري وإنهائه لأسباب عدم مقبولية هذا العمل أو طردي والعياذ بالله من مجال الخدمة، ومن نعم الله أن هذه الإجراءات لم تكن فورية إذ أبقوني فترة قبل أن أستنشق أثراً من دواء التخدير، مما فسح لي المجال كي استرسل في مناجاة إمام الهدى وسفينة النجاة صلوات الله عليه.
حينما استفقت من البنج وعدت إلى غرفتي كان قد مضى أكثر من ساعة، لم انشغل بالنتيجة التي سيخرج بها عمل الناظور، ولكن حين جلبوا لي العشاء بعد انقطاع لأكثر من 48 ساعة فوجئت بأن الإدارة عادت ومنعت الاقتراب من الأكل فسألت عن السبب فقالوا إن الدكتور يحتاج إلى فحص (M.R.I) أو الرنين المغناطيسي، وسيجرونه غداً، وقد عرضوا عليّ أن يمدوني بمصل للتغذية فوجدت نفسي قادرة على التحمل من دونه.
حلّ يوم الأربعاء 121 وفي وقت قريب من الظهر جاء الدكتور ساسان والسرور قريب من وجهه، قال لي هناك أمر غريب، فالناظور لم يجد الورم، رغم أن الدكتور بهنام يقول أنه أورد الناظور ثلاثة مرات في ذلك الموضع الضيق، بل وجد أن الضيق قد زال في ذلك المكان إلى حد ملحوظ، فتوجهت في قلبي لأبي الأحرار مسلّماً ومعظّماً، وقلبي يلهج مضطرباً وعيني تنازع من أجل أن تذرف الدموع عرفاناً ومحبة، ولكن الدكتور أخرجني من حالتي حينما قال بأننا نحتاج إلى فحص الرنين كي نتأكد من الحالة، وبعد الرنين يمكن أن تخرج من المستشفى، قلت له: أين غدت الغدة؟ فقال: لا أدري، الأطباء لم يتفقوا على رأي، ولكن القدر المتيقن أننا لم نجد الغدة التي رأيناها في التصوير المقطعي، والجواب النهائي سيفصح عنه الرنين المغناطيسي، فقلت له: أنا أدري! نظر مبهوتاً ولكنه لم يعلّق.
في مساء الأربعاء اتجهت إلى غرفة الرنين المغناطيسي فزودوني بمجموعة من السوائل التي يجب تناولها كي تساعد في عملية التصوير، وبعد لأي وانتظار دخلت إلى قفص جهاز الرنين وبدأ الجهاز بالعمل بأصواته النافرة وضجيجه الذي يصمّ الأسماع وعلى مدى يقرب من الساعة، انتهى التصوير، وحين عدت إلى غرفتي في الطابق السابع كنت منهكاً، وكان موعدنا أن أخرج من المستشفى بعد الرنين مباشرة وبالفعل خرجت من المستشفى في ساعة متأخرة من الليل.
صبيحة الخميس اتصل الدكتور ساسان وهو يتحدث عن فصّ الملح الذي ذاب! قال ذلك وهو يلهج بالصلاة على محمد وآل محمد، وكنت أخفيت عليه قصة أثر القبر الشريف ولم أخبره بها، كما لم أخبر أي أحد بها، تكلمت معه فقال لي: إن الدكاترة منذهلون من هذه الحالة ولم يجدوا لها تفسيراً، فالتصوير المقطعي والناظور الأول يؤكد وجود الغدة، ولكن الناظور اللاحق والرنين المغناطيسي يؤكدان عدم وجودها، حتى أنّ بعض الدكاترة قرر أن يعود للكتب المختصة ليبحث عن سر ذلك. فقلت له: لو كنت مكانهم لما بحثت في الكتب، فسألني عن السبب، فقلت له: إننا أتباع أبواب النجاة وملاجئ الرحمة ومعادن الحلم والكرم، فلو تعلقنا بحبائلهم لأغنونا عمّا سواهم، ثم حدّثته عن أثر القبر الشريف، وعن لحظة الألم التي داهمتني والتي تيقنت وقتها بأنّ هذا الأثر قد سرى مفعوله. بين بكائه وفرحته الشديدة لكون هذا الأمر كان يسمع عنه إلا أنه لم يصادفه كما حصل الآن، قال بأنه يجب أن يخبر الأطباء بذلك، فتوادعنا مع تأكيدي أن يبلغ الدكتور بهنام بما جرى، فقال ضاحكاً: هو أوّلهم.
في البداية كنت عازماً على أن لا أتحدث عن الموضوع لتلافي تداعياته التي لا شك ستجد طريقها إلى ساحة المحبين والمبغضين، غير أنّي وجدت أن الحديث عن ذلك هو حقّ للإمام الحسين عليه السلام، ومن أقلّ واجباتي أن أفي بهذا الحق حتى وإن ترتب على ذلك أي مقدار من الضرر المعتاد من قبل المبغضين والجهلة، ولهذا كانت هذه السطور سائلاً الله العلي القدير أن يزيد في شرف المولى أبي عبد الله صلوات الله عليه ويعظم شأنه ويجلّي حقّه وينتقم لمظلوميته ويمنّ على شيعته بالثبات والسكينة ويدرأ عنهم كل سوء وشر، وأن يرزقنا كرامة خدمته وخدمة زواره وأن يشملنا مع المحظيين بالثأر له مع إمام منصور من آل بيت محمد وعلي صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
وكالة براثا
قصة معاصرة حقيقية بكل حرف من حروفها
في أكثر من مرة خلال الأيام الأخيرة حصل لدي اختناق أثناء بلع الطعام حتى بلغ الأمر أن اختنقت ببعض الخضروات، ولذلك صممت على مراجعة الدكتور، وبالفعل سمحت لي الفرصة في يوم 312022 أن أجد نفسي أمام الدكتور ساسان شاه حسيني في مستشفى بقية الله الأعظم عليه السلام في طهران، وتعدّ من المستشفيات المتقدمة لأنّ كادرها يتشكل في غالبيته من ذوي الشهادات فوق العليا، طلب مني الدكتور أن أحدّثه عما بي فشكوت له الحالة التي داهمتني أكثر من مرة، وسرعان ما التحق به الدكتور بهنام حسيني آهنكر، ووجدتهم يطلبون مني أن اخضع لجلسة ناظور في المعدة والمريء (اندوسكوبي) وبالفعل أجريت عملية الناظور، ومع أنّهم شخّصوا طبيعة المشكلة التي شكوت منها، غير أنّهم طلبوا مني فحصاً شاملاً لكل أجهزة البدن مع التأكيد على أن أجري عملية ناظور للقولون، ولأنّي كنت حريصاً أن أزور قبر الحاج سليماني رحمه الله في ذكراه السنوية الثانية، فقد طلبت من الدكتور أن يمهلني إلى ما بعد رجوعي من مدينة كرمان حيث القبر المطهّر لهذا العبد الصالح، وبالفعل عدت ووضعت نفسي في يوم السبت 812022 تحت أيدي الدكتور المتخصص الذي حدد يوم غد الأحد موعداً لناظور القولون، ولأسباب تقنية تم تأجيله إلى يوم الإثنين، وما أن وردت إلى الصالة الخاصة بالكولون سكوبي حتى بدأت بمناجاة الإمام المنتظر روحي فداه، وفي هذه المناجاة حسمت أمر ما كنت متردداً فيه: هل أطلب من الإمام روحي فداه أن يمنّ عليّ بلطفه ويخلّصني مما أنا فيه؟ إلّا أنّي وجدت أنّ ذلك بخلاف الأدب فهو مطلع على كلّ حالي، وليس من اللائق أن أخبره بما هو مطلع عليه أكثر منّي، خاصة وأني لا أعرف مصلحتي الحقيقية بقدر ما هو عارف بها، ولهذا كان للمناجاة لغة أخرى، بعد أن تركت خيار صحتي وعدمها بين يديه، ولم تنقطع هذه المناجاة إلا حينما استولى البنج على حواسي وسلبها مني، وفي المدة المحددة استفقت من البنج، فوجدت الدكتور ساسان يبلغني بأن استعد لفحص بالتصوير المقطعي (C.T scan) لأنّ هناك تضيّقاً في الجانب الأيسر من القولون ولم يتمكن الناظور من الولوج داخله، ولم يكن صعباً عليّ أن أرى الارتباك الذي يشوب كلامه.
أنجزنا الأمر ورجعت إلى غرفتي الخاصة، وفي يوم الثلاثاء 111 جاء الدكتور ساسان وأبلغني بأن التصوير المقطعي أظهر وجود ورم على جدار القولون بحدود أربعة إلى خمس سنتمترات، وأراني صورته بالفعل، مشيراً إلى أنهم يحتملون أنّه هو الذي تسبب بذلك التضيّق في القولون، وأنّ الأمر لا زال تحت الدراسة لتشخيص العمل المطلوب، مع التأكيد بأن استمر على عدم تناول أي طعام للحاجة إلى المزيد من عمليات الناظور.
وما أن حلّ الظهر حتى وجدته قد عاد ومعه مجموعة من المعنيين ومعهم الدكتور بهنام وحالة الارتباك تلوح على وجوههم، فأوجست في نفسي أنّ أمراً أقلقهم وأهمّهم، وحاول الدكتور ساسان أن يخفف وطأة الخبر متصوّراً بأني قد أتألم أو أصاب بالذعر لو أنه أخبرني، ثم أخبرني بأنّ الصورة المقطعية تشير إلى وجود غدّة هي التي تسببت بتضييق القولون، وهذه الغدّة يحتمل أن تكون خبيثة، وعليه يجب أن يأخذوا خزعة منها لفحصها من أجل تحديد العلاج الفوري لها، كما أنهم يجب أن يلاحظوا إن كانت منتشرة أو لا زالت كامنة، وبطبيعة الحال أكّد على الاستمرار بعدم الأكل والإسراع بأخذ البودر الخاص بتنظيف الأمعاء وتفريغها، لأنهم سيستبدلون الناظور بواحد آخر أنحف من الذي سبقه، وقد حدد الساعة الرابعة كموعد لإجراء عملية جديدة للناظور.
حينما خرج الأطباء جلست أفكّر في أمري الجديد، أخرجت من مكتبتي على الآيباد كراساً عن سرطان القولون، وحين أنهيته أطلقت لنفسي العنان لتناجي الله جلّ وعلا، وقد وجدتها تقف أمام خيارين: إمّا خيار: {ادعوني استجب لكم}، وإمّا خيار: {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}، ولأنّ الله أعلم بحالي منّي، وهو أرأف منّي بنفسي، ولأنّه هو الذي يمرض ويشفي، ولأنّ الأعمار بيده جلّ وعلا وليس بيد أيّ شيء آخر، فقد اتجهت سريعاً للإذعان للقبول بما تقتضيه آية الافتتان، واتجهت لخيارات التسليم لقضاء الله، مكتفياً باستعراض النعم التي أنعم الله عليّ طوال سنيّ حياتي وكرمه وحلمه ورحمته التي أغرقني فيها، وما وجدت كلمات الحمد والثناء كافية، ولا كلمات الشكر والامتنان وافية فأشفعتها بدموع العرفان والامتنان، وكانت لحظات لا تنسى من لذّة المناجاة والتصاغر بين يدي الله تعالى، فأضفت هذه الحالة من الصفاء والسكينة على نفسي ما يبهجها ويشغلها عمّا يعتور البدن وما ينتظره وأقبلت متوكلاً على الله في الاستعداد لما في ذلك من بلاء وامتحان.
لم يتبقّ لي من الوقت الشيء الكثير كي أعود إلى غرفة القولون سكوبي وبدأت بخلط البودر الخاص بتفريغ الأمعاء في الماء وقبل أن أشربه خلطت معه قليلاً من أثر من قبر المولى أبي عبد الله عليه السلام كان الأخ الحبيب السيد أفضل الشامي نائب أمين العتبة الحسينية المقدسة قد أمدّني به عقب زيارة الأربعين كما هو عهده في كل سنة، وقد أخذ هذا الأثر من عمق 7 أمتار من القبر الشريف وعلى بعد 3 أمتار منه، وقرأت على الماء شيء من زيارة عاشوراء، وهو أمر طالما نصحت به العشرات من أصحاب الأمور المستعصية والمتعسرة فوجدوا فيه الفرج وإن كان تحققه معجزاً.
حينما شربت الماء لم يتجاوز الزمن نصف ساعة حتى أحسست بألم شديد في نفس الموضع الذي حدده الدكتور ساسان، وهذا الألم كان كومضة برق سريعاً ما ذهب، ولكن حينما سكن ندّت مني دمعة مع سلام على المولى أبي عبد الله صلوات الله عليه، فقد قلت في داخلي لقد فعل الأثر المبارك فعلته!
جاء من يقلّني إلى غرفة العمليات قرابة الساعة الرابعة عصراً، وبعد انتظار قليل جاء الدكتور بهنام حسيني آهنكر مسلّماً ومحاولاً تسليتي بما عرف عنه من دماثة في الخلق. ثم أسلمني إلى المختص بالتخدير، وحين بدأت إجراءات التخدير آثرت أن تبقى كلماتي الأخيرة مع الإمام المنتظر روحي فداه، وهي كلمات ما كان لها أن تخرج عن إطار الشكر على كل ما منحني إيّاه من توفيق وتسديد في مجال خدمة قضيته بأبي وأمّي راجياً أن يكون ذلك في معرض قبوله مع إقراري بالتقصير، مع دمعة توسل في أن لا يكون اخترام عمري وإنهائه لأسباب عدم مقبولية هذا العمل أو طردي والعياذ بالله من مجال الخدمة، ومن نعم الله أن هذه الإجراءات لم تكن فورية إذ أبقوني فترة قبل أن أستنشق أثراً من دواء التخدير، مما فسح لي المجال كي استرسل في مناجاة إمام الهدى وسفينة النجاة صلوات الله عليه.
حينما استفقت من البنج وعدت إلى غرفتي كان قد مضى أكثر من ساعة، لم انشغل بالنتيجة التي سيخرج بها عمل الناظور، ولكن حين جلبوا لي العشاء بعد انقطاع لأكثر من 48 ساعة فوجئت بأن الإدارة عادت ومنعت الاقتراب من الأكل فسألت عن السبب فقالوا إن الدكتور يحتاج إلى فحص (M.R.I) أو الرنين المغناطيسي، وسيجرونه غداً، وقد عرضوا عليّ أن يمدوني بمصل للتغذية فوجدت نفسي قادرة على التحمل من دونه.
حلّ يوم الأربعاء 121 وفي وقت قريب من الظهر جاء الدكتور ساسان والسرور قريب من وجهه، قال لي هناك أمر غريب، فالناظور لم يجد الورم، رغم أن الدكتور بهنام يقول أنه أورد الناظور ثلاثة مرات في ذلك الموضع الضيق، بل وجد أن الضيق قد زال في ذلك المكان إلى حد ملحوظ، فتوجهت في قلبي لأبي الأحرار مسلّماً ومعظّماً، وقلبي يلهج مضطرباً وعيني تنازع من أجل أن تذرف الدموع عرفاناً ومحبة، ولكن الدكتور أخرجني من حالتي حينما قال بأننا نحتاج إلى فحص الرنين كي نتأكد من الحالة، وبعد الرنين يمكن أن تخرج من المستشفى، قلت له: أين غدت الغدة؟ فقال: لا أدري، الأطباء لم يتفقوا على رأي، ولكن القدر المتيقن أننا لم نجد الغدة التي رأيناها في التصوير المقطعي، والجواب النهائي سيفصح عنه الرنين المغناطيسي، فقلت له: أنا أدري! نظر مبهوتاً ولكنه لم يعلّق.
في مساء الأربعاء اتجهت إلى غرفة الرنين المغناطيسي فزودوني بمجموعة من السوائل التي يجب تناولها كي تساعد في عملية التصوير، وبعد لأي وانتظار دخلت إلى قفص جهاز الرنين وبدأ الجهاز بالعمل بأصواته النافرة وضجيجه الذي يصمّ الأسماع وعلى مدى يقرب من الساعة، انتهى التصوير، وحين عدت إلى غرفتي في الطابق السابع كنت منهكاً، وكان موعدنا أن أخرج من المستشفى بعد الرنين مباشرة وبالفعل خرجت من المستشفى في ساعة متأخرة من الليل.
صبيحة الخميس اتصل الدكتور ساسان وهو يتحدث عن فصّ الملح الذي ذاب! قال ذلك وهو يلهج بالصلاة على محمد وآل محمد، وكنت أخفيت عليه قصة أثر القبر الشريف ولم أخبره بها، كما لم أخبر أي أحد بها، تكلمت معه فقال لي: إن الدكاترة منذهلون من هذه الحالة ولم يجدوا لها تفسيراً، فالتصوير المقطعي والناظور الأول يؤكد وجود الغدة، ولكن الناظور اللاحق والرنين المغناطيسي يؤكدان عدم وجودها، حتى أنّ بعض الدكاترة قرر أن يعود للكتب المختصة ليبحث عن سر ذلك. فقلت له: لو كنت مكانهم لما بحثت في الكتب، فسألني عن السبب، فقلت له: إننا أتباع أبواب النجاة وملاجئ الرحمة ومعادن الحلم والكرم، فلو تعلقنا بحبائلهم لأغنونا عمّا سواهم، ثم حدّثته عن أثر القبر الشريف، وعن لحظة الألم التي داهمتني والتي تيقنت وقتها بأنّ هذا الأثر قد سرى مفعوله. بين بكائه وفرحته الشديدة لكون هذا الأمر كان يسمع عنه إلا أنه لم يصادفه كما حصل الآن، قال بأنه يجب أن يخبر الأطباء بذلك، فتوادعنا مع تأكيدي أن يبلغ الدكتور بهنام بما جرى، فقال ضاحكاً: هو أوّلهم.
في البداية كنت عازماً على أن لا أتحدث عن الموضوع لتلافي تداعياته التي لا شك ستجد طريقها إلى ساحة المحبين والمبغضين، غير أنّي وجدت أن الحديث عن ذلك هو حقّ للإمام الحسين عليه السلام، ومن أقلّ واجباتي أن أفي بهذا الحق حتى وإن ترتب على ذلك أي مقدار من الضرر المعتاد من قبل المبغضين والجهلة، ولهذا كانت هذه السطور سائلاً الله العلي القدير أن يزيد في شرف المولى أبي عبد الله صلوات الله عليه ويعظم شأنه ويجلّي حقّه وينتقم لمظلوميته ويمنّ على شيعته بالثبات والسكينة ويدرأ عنهم كل سوء وشر، وأن يرزقنا كرامة خدمته وخدمة زواره وأن يشملنا مع المحظيين بالثأر له مع إمام منصور من آل بيت محمد وعلي صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
وكالة براثا