عن أبي نصر الهمداني، قال:
حدثني حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى ابن جعفر، عمة ابي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام)، قالت:
لما مات محمد بن علي الرضا عليهم السلام أتيت زوجته اُمّ عيسى بنت المأمون، فعزيتها، فوجدتها شديدة الحزن والجزع عليه، تقتل نفسها بالبكاء والعويل، فخفت عليها ان تتصدع مرارتها، فبينما نحن في حديثه وكرمه ووصف خلقه وما اعطاه الله تعالى من الشرف والاخلاص ومنحه من العز والكرامة.
إذ قالت أمّ عيسى: الا اخبرك عنه بشيء عجيب وأمر جليل فوق الوصف والمقدار.
قلت: وما ذاك؟
الى ان ذكر دخول المأمون في ليلة على الامام في حديث طويل وضربه بالسيف حتى قطعه ثم وجد الامام صباحاً سالماً من الآفات، وامر بعد ذلك الهاشميين ان يدخلوا عليه بالسلام ويسلموا عليه، الى أن قال الامام للمأمون:
احب لك أن لا تخرج بالليل، فإني لا آمن عليك هذا الخلق المنكوس، وعندي عقد تحصن به نفسك وتحترز به من الشرور والبلايا والمكاره والآفات والعاهات، كما أنقذني الله منك البارحة، ولو لقيت به جيوش الروم والترك واجتمع عليك وعلى غلبتك اهل الأرض جميعاً ما تهيأ لهم منك شيء باذن الله الجبار - الى ان قال-:
ثم كتب بخطه هذا العقد، ثم قال:
يا ياسر! إحمل هذا الى امير المؤمنين وقل له حتى يصاغ له قصبة من فضة منقوش عليها ما اذكره بعده، فاذا اراد شده على عضده فليشده على عضده الأيمن وليتوضأ وضوء حسناً سابغاً، وليصل اربع ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وسبع مرات آية الكرسي ، وسبع مرات «والشمس وضحاها»، وسبع مرات «والليل اذا يغشى»، وسبع مرات «قل هو الله احد».
فاذا فرغ منها فليشده على عضده الأيمن عند الشدائد والنوائب، يسلم بحول الله وقوته من كل شيء يخافه ويحذره، وينبغي أن لا يكون طلوع القمر في برج العقرب، الحرز:
«بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، اياك نعبد واياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين».
الم تر ان الله سخر لكم ما في الارض والفلك تجري في البحر بامره ويمسك السماء ان تقع على الارض الا باذنه ان الله بالناس لرؤوف رحيم، اللهم انت الواحد الملك، الديان يوم الدين، تفعل ما تشاء بلا مغالبةٍ وتعطي من تشاء بلا من، وتفعل ما تشاء وتحكم ما تريد، وتداول الأيام بين الناس وتركبهم طبقاً عن طبق.
اسئلك باسمك المكتوب على سرادق المجد، واسئلك باسمك المكتوب على سرادق السرائر، السابق الفائق الحسن الجميل النضير، رب الملائكة الثمانية والعرش الذي لا يتحرك، واسئلك بالعين التي لا تنام، وبالحياة التي لا تموت، وبنور وجهك الذي لا يطفأ، وبالاسم الأكبر الأكبر الاكبر، وبالاسم الأعظم الأعظم الأعظم، الذي هو محيط بملكوت السماوات والأرض، وبالأسم الذي اشرقت به الشمس واضاء به القمر، وسجرت به البحور، ونصبت به الجبال.
وبالاسم الذي قام به العرش والكرسي، وباسمك المكتوب على سرادق العرش، وباسمك المكتوب على سرادق العزة، وباسمك المكتوب على سرادق العظمة، وباسمك المكتوب على سرادق البهاء، وباسمك المكتوب على سرادق القدرة، وباسمك العزيز، وباسماءك المقدسات المكرمات المخزونات في علم الغيب عندك، واسئلك من خيرك خيراً مما ارجو، واعوذ بعزتك وقدرتك من شر ما اخاف واحذر وما لا احذر.
يا صاحب محمد يوم حنين، ويا صاحب عليٍّ يوم صفين، انت يا رب مبير الجبارين وقاصم المتكبرين، اسئلك بحق طه، ويس والقران العظيم والفرقان الحكيم، ان تصلى على محمد وآل محمد و ان تشد به عضد صاحب هذا العقد، وادرأ بك في نحر كل جبار عنيد وكل شيطان مريد، وعدو شديد، وعدو منكر الأخلاق، واجعله ممن اسلم اليك نفسه، وفوض اليك امره، والجأ اليك ظهره.
اللهم بحق هذه الأسماء التي ذكرتها وقرأتها، وانت اعرف بحقها مني، واسئلك يا ذا المن العظيم والجود الكريم، وليَّ الدعوات المستجابات والكلمات التامات والأسماء النافذات، واسئلك يا نور النهار ويا نور الليل ويا نور السماء والأرض، ونور النور ونوراً يضيء به كل نور، يا عالم الخفيات كلها في البر والبحر والارض والسماء والجبال.
واسئلك يا من لا يفنى ولا يبيد ولا يزول، ولا له شيء موصوف، ولا اليه حد منسوب ولا معه اله سواه، ولا له في ملكه شريك، ولا تضاف العزة الا اليه، لم يزل بالعلوم عالماً، وعلى العلوم واقفاً، وللأمور ناظماً، وبالكينونية عالماً. وللتدبير محكماً، وبالخلق بصيراً، وبالامور خبيراً.
انت الذي خشعت لك الأصوات، وضلت فيك الاوهام، وضاقت دونك الاسباب، وملأ كل شيءٍ نورك، ووجل كل شيءٍ منك، وهرب كل شيءٍ اليك، وتوكل كل شيءٍ عليك، وانت الرفيع في جلالك، وانت البهي في جمالك، وانت العظيم في قدرتك، وانت الذي لا يدركك شيء، وانت العلي الكبير العظيم، مجيب الدعوات، قاضي الحاجات، مفرج الكربات، ولي النعمات.
يا من هو في علوه دان، وفي دنوه عال، وفي اشراقه منير، وفي سلطانه قوي، وفي ملكه عزيز، صل على محمد وآل محمد واحرس صاحب هذا العقد وهذا الحرز وهذا الكتاب، بعينك التي لا تنام، واكنفه بركنك الذي لا يرام، وارحمه بقدرتك عليه، فإنه مرزوقك.
بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وبالله، الذي لا صاحبة له ولا ولد، بسم الله قوي الشأن، عظيم البرهان، شديد السلطان، ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن، اشهد ان نوحاً رسول الله، وان ابراهيم خليل الله، وان موسى كليم الله ونجيه، وان عيسى بن مريم كلمته وروحه، وان محمداً صلوات الله عليه وعليهم اجمعين، خاتم النبيين لا نبي بعده.
واسئلك بحق الساعة التي يؤتى فيها بابليس اللعين في يوم القيامة، ويقول اللعين تلك الساعة: والله ما انا الا مهيج مردةٍ، الله نور السماوات والارض، وهو القاهر وهو الغالب، له القدرة السابغة، وهو الحكيم الخبير. اللهم واسئلك بحق هذه الأسما كلها وصفاتها وصورها.
سبحان الذي خلق العرش والكرسي واستوى عليه، اسئلك ان تصرف عن صاحب كتابي هذا كل سوءٍ ومحذور ٍ، فهو عبدك وابن عبدك وابن امتك، وانت مولاه.
فقه اللهم يا رب الأسواء كلها، واقمع عنه ابصار الظالمين والسنة المعاندين والمريدين له السوء والضر، وادفع عنه كل محذور ومخوف، وايّ عبد من عبيدك، او امةٍ من امائك. او سلطان مارد، او شيطان او شيطانة، او جنيٍّ او جنيةٍ، او غول او غولة، اراد صاحب كتابي بظلم او ضر او مكر او كيد او خديعة، او نكاية او سعايةٍ ، او غرق او اصطلام ، او عطب او مغالبةٍ، او غدر او قهر، او هتك ستر او اقتدار، او افةٍ او عاهةٍ، او قتل او حرق، او انتقام او قطع، او سحر او مسخ، او مرض او سقم، او برص او جذام، او بؤس او فاقة، او سغب او عطش او وسوسةٍ، او نقص في دين او معيشةٍ، فاكفنيه بما شئت وكيف شئت وانى شئت انك على كل شيءٍ قدير، وصلى الله على سيدنا محمد وآله اجمعين وسلم تسليماً كثيراً، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين.
فأما ما ينقش على هذه القصبة من فضة غير مغشوشة:
يا مشهوراً في السماوات، يا مشهوراً في الأرضين، يا مشهوراً في الدنيا والاخرة، جهدت الجبابرة والملوك على اطفاء نورك واخماد ذكرك، فابى الله الا ان يتم نورك ويبوح بذكرك ولو كره المشركون.
الصحيفة التقوية