بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
لقد أطبقت على الزهراء (ع) الهموم والأحزان وأحاطت بها الفتن والنزاعات وهي لم تكن مقارنة خير الخلق أجمعين الرسول (ص) سوى أيام قلال، فيد تسرق حق بعلها وأخرى تسرق إرثها ومالها وأخرى ترغب بحرق بيتها وأخرى أسقطت جنينها، فلم يعد جسمها النحيل يقوى على تحمل تلك الأحداث وما بها من جروح وكسور، فلازمت الفراش وبدأ عليها الجهد والأعياء وهي في زهرة حياتها وربيع عمرها.
وحست بدنو أجلها، فاستدعت أمير المؤمنين (ع فأوصته وصيتها وألجأت عليه أن يواري جثمانها في غسق الليل وأن لا يحضر جنازتها أحد من الذين ظلموها وجحدوا حقها وأن يعفى موضع قبرها، كما أوصته أن يتزوج بابنة أختها أمامه لتقوم برعاية ولدها، وضمن لها الأمام (ع) أن ينفذ كل وصيتها كما تريد.
وفي اليوم الأخير من حياتها كان يبدو عليها الارتياح فقامت من فراشها وغسلت ولديها وأمرتهم بالخروج لزيارة قبر جدهم رسول الله (ص) والتفت إلى سلمى بنت عميس ، وقيل إلى أختها أسماء بنت عميس وكانت تتولى خدمتها وتمريضها وطلبت منها أن تهيئ لها ماء لتغتسل فبادرت إلى تلبية طلبها، فاغتسلت ولبست أحسن ثيابها وبدأ عليها وكأنها تتماثل الشفاء، فأرتاحت لذلك أسماء، ولكن سرعان ما عاودها القلق عندما أمرتها بأن تنقل لها فراشها إلى وسط البيت، فقامت وهي تتعثر بأذيالها فوضعت لها الفراش في وسط البيت فأضطجعت عليه واستقبلت القبلة، والتفت إلى أسماء وقالت: إني مقبوضة الآن وخرجت سلمى من البيت مدهوشة لهذا الحدث الجلل قد أذهلها الخطب وضاقت بها الدنيا وأستبد بها القلق فلم تلبث في خارجه سوى دقائق معدودات حتى عادت إليه وفي نفسها بقية من الأمل بحياة الزهراء (ع) ولكن كل شيء قد تبدد عندما وجدتها جثة هامدة فصاحت وصاح من في البيت وأسرع الحسنان عندما سمعا البكاء والعويل مدهوشين فوجدا أمها قد فارقت الحياة، واجتمع الناس حول الدار ما بين باك وباكية وقد اشتد بهم الحزن والأسى لأنها كانت تذكرهم بأبيها (ص) ـ وأمر الإمام (ع) سلمان الفارسي (رض) أن يصرف الناس فخرج وأمرهم بالانصراف.
وانصرف الإمام (ع) إلى تجهيزها وجاء الناس يتدفقون ليحضرا تشييعها والصلاة عليه، ولكن عليّاً (ع) : عملاً بوصيتها أظهر لهم أنه يريد تأخيرها، ولما مضى من الليل الشطر الأكبر والناس نيام أخرجها مع جماعة من خلص أصحابه ودفنها ليلاً في البقيع، كما روى ذلك أكثر المحدثين. وقيل أنه دفنها في بيتها أو في الروضة[1].
((( مصحف فاطمة (عليها السلام)))).
لقد كانت الزهراء (ع) ربيبة العلم والتقى وكان حظها منها وفيراً، ويدلنا على شيء من ذلك بعض ما أثر عنها من الأحاديث التي روتها عن رسول الله (ص) بالمباشرة، في الأحكام والآداب والأخلاق وفضائل أهل البيت (ع) وقد جمع في ما سمّي بـ (مسند فاطمة الزهراء)..
وكان هذا المسند يحوي على قسماً مما سمعته عن رسول الله (ص) ومن زوجها (ع) في التشريع والأخلاق والآداب وما سيحدث في مستقبل الزمان من الأحداث والتقلبات، وقد ورث الأئمة من أبنائها في جملة ما ورثو عنها هذا الكتاب واحداً بعد واحد.
قال الأستاذ توفيق أبو علم (أخذت الزهراء عن أبيها الكثير من الأحاديث بما تسمعه منه أو ما كان يأمر بكتابته لها، وقد أخذ عنها ابناها الحسن والحسين وأبوهما علي (عليهم السلام) وحفيدتها فاطمة بنت الحسين مرسلاً وعائشة وأم سلمة وأنس بن مالك وسلمى أم رافع، وقد ساعدها على ذلك أنها ألمت بكثير من علوم القرآن وأحاطتها بأمر من الشرائع السابقة وكانت تعرف القراءة والكتابة ولقد فطمها الله تعالى بالعلم، وكان رسول الله (ص) يستكتب لها الصحف التي تسترشد بها في أمر دينها وتبصرها بأمور دنياها، فالسيدة فاطمة من أهل بيت اتقوا الله وعلّمهم الله)[2]
عن أبن مسعود قال : جاء رجل إلى فاطمة (ع) فقال : يا ابنة رسول الله (ص) هل ترك الرسول اله عندك شيئاً تطرفينه؟ فقالت : (يا جارية هات تلك الحريرة) فطلبتها فلم تجدها، فقالت (ع):
(ويحك اطلبيها فإنها تعدل حسناً وحسيناً) فطلبتها فإذا هي قد قممتها في قمامتها، فإذا فيها : قال محمد النبي (ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله ولا يوم الآخر فليقل خيراً أو يسكت، أن الله يحب الخير الحليم المتعفف، ويبغض الفاحش الضنين السئال الملحف، أن الحياء من الإيمان، والإيمان من الجنة، وأن الفحش من البذاء في النار)[3]
هذا هو انموذج ما يحويه مصحف فاطمة عليها السلام وليس كما يتصوره الجاهلون المعاندون.
[1] سيرة الأئمة للإثنى عشر القسم الأول / ص 134 ـ 136 / هاشم معروف الحسني.
[2] أهل البيت / ص 128 ـ 129 / توفيق أبو علم. هذا هو انموذج ما يحويه مصحف فاطمة (ع) وليس كما يتصوره الجاهلون المعاندون .
[3] اعلام الهداية / فاطمة الزهراء (سيدة النساء) ص 197.
اللهم صل على محمد وآل محمد الأبرار الأخيار ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أختي الكريمــة
أحسنتِ , جزاك الله تعالى كل خير على هذا الطرح .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لعن الله ظالميك يازهراء
اللهم صل على فاطمه وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيه بعدد ماأحاط به علمك
شكراً لك .. موضوع أكثر من رائع