بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومع أننا نستنكر كل عمل محرم يأتي به أحد في هذه الاحتفالات فإنَّ الاقتران بين الاَفعال المحرمة وبين الاحتفال بمولده (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يلغي أصل العمل ، ولا يؤدي إلى تحريمه بالضرورة ، إذ إنَّ القول بذلك يستلزم بطلان الكثير من أُصول العبادات المسلّمة فيما لو اقترنت بفعل محرم.. مع أنَّ الصحيح أنْ يقال إنَّ الفعل الفلاني محرّم لا يجوز الاتيان به ، بل يلزم المعاقبة عليه مع القدرة ، لا أن يلغي أصل العمل .
إنّ حبَّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أصل من أصول الاسلام ليس لاَحدٍ إنكاره ، ولهذا فمن حق المسلم المؤمن أن يُعبّر عن حبه للرسول الاَكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأي صورة كانت شريطة أنْ لا تتعارض مع الشريعة .
ولا شك أنَّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يمثل صورة من صور التكريم والتعظيم والاحترام لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتدارس فيه الناس سيرته العطرة ويستخلصون الدروس العظيمة والنافعة .
وإلى جانب أهمية وضرورة حبّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حياته وبعد وفاته وتجسيد ذلك الحب في السلوك والعمل من خلال الالتزام بالتعاليم الاِسلامية ، فقد أكّد الرسول الاَكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على حب أهل بيته (عليهم السلام) وعدّ حبهم حبّاً له هو (صلى الله عليه وآله وسلم) .
فقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «أُذكركم الله في أهل بيتي» وكررها ثلاث مرات .
وعن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «وأحبوني بحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي» .
إنّ المحصّل مما تقدم يوضح لنا أنّ التعبير عن الحب والتعظيم للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) ليس أمراً ممنوعاً ، بل هو مرغوب فيه .
وقد أيد ذلك بعض علماء السُنّة وعدّوا الاحتفال بيوم مولده (صلى الله عليه وآله وسلم) عملاً حسناً أو «بدعة حسنة» بمعناها اللغوي ، نظير ما قاله ابن حجر «عمل المولد بدعة ، لم تُنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة ، ولكنَّها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدّها ، فمن تحرّى في عملها المحاسن ، وتجنَّب ضدها كان بدعةً حسنةً ، وإلاّ فلا» .
وقول أبي شامة : « ومن أحسن ما ابتُدع في زماننا ما يُفعل كل عامٍ في اليوم الموافق ليوم مولده (صلى الله عليه وآله وسلم) ، من الصدقات ، والمعروف ، وإظهار الزينة، والسرور ، فإنَّ ذلك مع ما فيه من الاحسان للفقراء مشعر بمحبته (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعظيمه في قلب فاعل ذلك ، وشكر الله على ما منَّ به من إيجاد رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أرسلهُ رحمة للعالمين» .
وقول السيوطي : «عندي أنّ أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس، وقراءة ما تيسّر من القرآن ورواية الاَخبار الواردة في مبدأ أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وما وقع في مولده من الآيات ، ثم يمدّ لهم سماط فيأكلون وينصرفون من غير زيادة على ذلك ، هو من البدع الحسنة التي يُثاب عليها صاحبها ، لما فيه من تعظيم قدر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف..».
وقال ابن تيميّة : «قال المروزي : سألتُ أبا عبدالله عن القوم يبيتون ، فيقرأ قاريء ، ويدعون حتى يصبحوا ؟ قال : أرجو أن لا يكون به بأس.. وقال أبو السري الحربي : قال أبو عبدالله : وأي شيء أحسن من أن يجتمع الناس يصلّون ويذكرون ما أنعم الله عليهم كما قالت الاَنصار» ؟ وأضاف «وهذا إشارة إلى ما رواه أحمد : حدثنا اسماعيل ، أنبأنا أيوب عن محمد ابن سيرين قال : نبئت أنّ الاَنصار قبل قدوم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة قالوا : لو نظرنا يوماً فاجتمعنا فيه ، فذكرنا هذا الاَمر الذي أنعم الله به علينا ، فقالوا : يوم السبت ، ثم قالوا : لا نجامع اليهود في يومهم ، قالوا : فيوم الاَحد ، قالوا: لا نجامع النصارى في يومهم ، قالوا : فيوم العروبة ، وكانوا يسمّون الجمعة بيوم العروبة ، فاجتمعوا في بيت أبي أُمامة أسعد بن زرارة، فذبحت لهم شاة فكفتهم» .
إنّ أتباع أهل البيت (عليهم السلام) وعامة المسلمين يحتفلون بمولد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبمواليد الاَئمة الطاهرين من ذريته وبالمناسبات والذكريات الاسلامية العظيمة ، ولا يتجاوزون في احتفالاتهم قراءة القرآن وسيرة الرسول وأهل بيته الطاهرين والدروس العظيمة والعبر من الذكريات الاسلامية .
وغريب جداً أن يعتبر أحد من الناس الاجتماع لتلاوة حديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أو إنشاء القصائد في مدحة بدعة بمعناها الاصطلاحي ، وأمامهم عشرات الاَمثلة من إنشاد الشعراء بحضرة الرسول شعراً في مدحه فما منعهم عن ذلك ، فما المانع أن ينشد الشعر في يوم مولده مدحاً له وإشادة برسالته العظيمة ؟
فهذا كعب بن زهير يُنشد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو بحضرته :
مهلاً هداك الذي أعطاك نا * فلة القرآن فيها مواعيظ وتفصيل
إنَّ الرسول لنور يستضاء به * مهنّد من سيوف الله مسلول
أو قول حسان بن ثابت في رثاء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) :
يدلُّ على الرحمن من يقتدي به * ويُنقذ من هول الخزايا ويُرشد
إمام لهم يهديهم الحقَّ جاهداً * معلّم صدقٍ إن يطيعوه يُسْعدوا
ولا نريد هنا الاستقصاء.. لكن هنا لا بدَّ من التنبيه إلى أنَّ هذين الشاعرين وغيرهم من الشعراء أنشدوا شعرهم في اجتماع من الناس ولم ينشدوه بينهم وبين أنفسهم.. لكن أحداً لم يقل لهم إنّ إنشادكم في اجتماع الناس بدعة !
يتبع...
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
البدعة مفهومها وحدودها
قل للمغيّب تحت أطباق الثرى * إن كنت تسمع صرختي وندائيا
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبرالسلام على بديعة الوصف والمنظر
نبارك آلكم مولد آلآمام الباقر وآلآمام الهادي عليهما السلام
حبيبتي خادمة آم البنين جزيتم خير الجزاء
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
بارك الله في جهودكم موفقين لكل خير
وَالْحَمْدُ للهِِ رَبِّ الْعالَمينَ وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ اَجْمَعينَ .
اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَبَلِّغْ بِايمانى اَكْمَلَ الاْيمانِ وَاجْعَلْ يَقينى اَفْضَلَ الْيَقينِ