السياسة وما أدراك ما السياسة ؟ لقد بكى النبي ( ص ) على حمزة ، وقال : أما حمزة فلا بواكي له . وبعد ذلك بكى على جعفر ، وقال : على مثل جعفر فلتبك البواكي . وبكى على ولده إبراهيم ، وقال : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضي الرب .
وبكى أبو هريرة على عثمان ، والحجاج على ولده وبكى صهيب على عمر ، وهم يحتجون بما يفعله هؤلاء . وبكى عمر نفسه على النعمان بن مقرن ، وعلى غيره
فكان منع الزهراء عن ذلك قد جاء هذا موافقا للميول وللدفاع الديني والسياسي على حد سواء . ومما يدل على أن ذلك مأخوذ من أهل الكتاب : أنه قد جاء في التوراة :" يا ابن آخذ عنك شهوة عينيك بضربة ، فلا تنح ولا تبك ، ولا تنزل دموعك ، تنهد ساكتا ، لا تعمل مناحة على أموات "
ونشير هنا إلى كلمة للإمام شرف الدين رحمه الله تعالى قال : " وهنا نلفت أولي الألباب إلى البحث عن السبب في تنحي الزهراء عن البلد في نياحتها على أبيها ( ص ) ، وخروجها بولديها في لمة من نسائها إلى البقيع يندبن رسول الله ، في ظل أراكة كانت هناك ، فلما قطعت بنى لها علي ( ع ) بيتا في البقيع كانت تأوي إليه للنياحة ، يدعى : بيت الأحزان ، وكان هذا البيت يزار في كل خلف من هذه الأمة " .
وأقول : إن من القريب جدا : أن يكون الحديث : " إن الميت ليعذب ببكاء الحي " قد حرف عن حديث " البكاء على اليهودية (إنما مر رسول الله ( ص ) على يهودية يبكي عليها أهلها ، فقال : إنهم يبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها )" ، لدوافع سياسية لا تخفى ، فإن السلطة كانت تهتم بمنع فاطمة عليها السلام من البكاء على أبيها .
فيظهر : أن هذا المنع قد استمر إلى حين استقر الأمر لصالح الهيئة الحاكمة ، ولذلك لم يعتن عمر بغضب عائشة ، ومنعها إياه من دخول بيتها حين وفاة أبي بكر ، فضرب أم فروة أخت أبي بكر بدرته ، وقد فعل هذا رغم أن البكاء والنوح كان على صديقه أبي بكر ، وكان هجومه على بيت عائشة ، وكان ضربه لأخت أبي بكر .
وهو الذي كان يهتم بعائشة ويحترمها ، وهي المعززة المكرمة عنده ، وهو الذي يقدر أبا بكر ومن يلوذ به ، ويحترم بيته بما لا مزيد عليه .
نعم لقد فعل كل هذا لأن الناس لم ينسوا بعد منع السلطة لفاطمة ( ع ) من النوح والبكاء على أبيها وما أصابها بعده . ولنفرض أن البكاء كان فقط على أبيها ، فما أشده من موقف ، وناهيك بهذا الإجراء جفاء وقسوة : أن يمنع الإنسان من البكاء على أبيه ، فكيف إذا كان هذا الأب هو النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، أعظم وأكمل ، وأفضل إنسان على وجه الأرض .
ثم لما ارتفع المانع ، ومضت مدة طويلة وسنين عديدة على وفاة سيدة النساء ( ع ) ، ونسي الناس أو كادوا ، أو بالأحرى ما عادوا يهتمون بهذا الأمر ، ارتفع هذا المنع على يد عمر نفسه ، وبكى على النعمان بن مقرن الذي توفي سنة 21 ه وعلى شيخ آخر ، وسمح بالبكاء على خالد بن الوليد ، الذي توفي سنة 21 أو 22 حسبما تقدم .
والنهي عن البكاء على الأموات يختلف ما ورد عن مصادر كثيرة من النهي عن خمش الوجوه ، وشق الثياب ، واللطم ، والنوح بالباطل . فإنه غير البكاء وهياج العواطف الإنسانية الطبيعية . وذلك لأن الأول ينافي الخضوع لله عز وجل والتسليم لقضائه ، أما الثاني فهو من مقتضيات الجبلة الإنسانية ، ودليل اعتدال سجية الإنسان ، وشتان ما بينهما .
مأساة الزهراء عليها السلام ج 1 - العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
الله يعطيكِ العآفية عزيزتي أنوآر فاطمة الزهراء
شملتكِ عنآية الزهراء-عليها السلام-
وهي الشفيعة لكِ إن شآء الله
مأسآة الزهراء-عليها السلام-كتآب فظيع جداً
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين ,,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
بارك الله بكم أختي الكريمة ،
موفقة لكل خير .
اللهـم صـل علـى محمـد وآل محمـد