هناك من يقول:إنه لا حاجة لنا فيما يفيض فيه التاريخ في مسألة زواج الزهراء عليها السلام ، والجوانب الغيبية في ذلك الزواج ، فيما احتفلت به السماء ، وغير ذلك مما يتعلق بهذا الأمر ، كما أنه يتحفظ على الحديث الذي يقول بوجود عناصر غيبية أو خصوصيات غير عادية في شخصية الزهراء عليها السلام ، وماذا ينفع أو يضر - على حد تعبيره - أن نعرف أو نجهل : أن الزهراء ( ع ) نور أو ليست بنور ؟ فإن هذا علم لا ينفع من علمه ولا يضر من جهله .
ويضيف على قوله:ولا نجد إن هناك خصوصية غير الظروف التي كفلت لها النمو الروحي والعقلي ، والالتزام العملي ، بالمستوى الذي تتوازن فيه عناصر الشخصية بشكل طبيعي في مسألة النمو الذاتي ، ولا نستطيع إطلاق الحديث المسؤول القائل بوجود عناصر غيبية مميزة تخرجها عن مستوى المرأة العادي ، لأن ذلك لا يخضع لأي إثبات قطعي .
ونقول :إننا بالنسبة لضرورة الثقافة الغيبية نسجل ما يلي :
أولا : إن إثارة الأمور بهذه الطريقة ، التي يخشى أن تسبب بإثارة صراع داخلي ، من حيث أنها ترمي إلى التشكيك بضرورة الثقافة الدينية الغيبية وذلك غير مقبول ولا معقول ، لأن ذلك من بديهيات الدين والعقيدة ، ولا شك أن إبعاد جانب مهم جدا من قضايا الدين والإيمان عن دائرة الاهتمام ، بطريقة التسويف أو التسخيف ، أو التقليل من أهميته ، يعتبر تقويضا لركن مهم من أركان الدين ، وهو إرباك حقيقي للفكر الإسلامي الرائد ، وهو يستبطن وضع علامات استفهام على الكثير من مفردات المعارف الدينية الأخرى ، الأمر الذي سينتهي إلى أن يضعف إيمان الناس ، وأن تنحسر معرفتهم بالله سبحانه وتعالى وبرسله وأصفيائه ، ويتزعزع واقع اعتقادهم بحقائق الإسلام والإيمان ، ويثير تساؤلات كثيرة حول أمور كان الأجدر أن لا يثار حولها جدل غير منهجي ولا علمي ، حيث لا ينتج عن ذلك إلا إرباك الحالة العامة ، وصرف إهتمامات الناس إلى اتجاهات بعيدة عن الواقعية ، وعن التفكير الجدي في أمور مصيرية ، تهدد مستقبلهم ووجودهم ، وتبعدهم عن التخطيط والعمل لمواجهة الأخطار الجسام التي تنتظرهم في حلبة الصراع مع قوى الحقد والاستكبار ، التي لا بد من تشابك الأيدي ، وتضافر الجهود في مواجهتها . عصمنا الله من الخطل والزلل في الفكر والقول والعمل إنه ولي قدير ، وبالإجابة حري وجدير .
ثانيا : لا شك في أن النصوص التي تثبت عناية إلهية ، ورعاية غيبية للزهراء ، بل كرامات ومعجزات ( 1 ) ، وميزات لها ، هي بدرجة من الكثرة تفقد الإقدام على إنكارها مبررة من الناحيتين العلمية والوجدانية . وإذا كان هذا الحجم من النصوص لا يثبت ميزة وكرامة ورعاية غيبية ، فلا مجال بعد لإثبات أية حقيقية إسلامية أخرى . وقد سبقه المعتزلة إلى إنكار كرامات الأولياء ، بحجة اشتباهها بمعجزات الأنبياء ، فلا يعرف النبي من غير النبي ( 2 ) .
ولم يلتفتوا إلى أن ظهور الكرامة إنما هو للولي الذي يلتزم خط الإيمان بصورة يمتنع معها من ادعائه النبوة ، وإلا فإنه ليس بولي ولا يستحق كرامة الله ، ولن يظهر الله له هذه الكرامة يوما .
ثالثا : قال الله سبحانه وتعالى : * ( الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) * ( 3 ) .
ومما لا شك فيه أن للأمور الغيبية تأثيرا قويا على الحالة الإيمانية للإنسان المسلم ، وأن الغيب هو من الأمور الأساسية في موضوع الإيمان ، الذي يريده الله سبحانه من عباده .
( 1 ) فقد ذكر أبو الصلاح الحلبي في الكافي : ص 102 و 103 أن المعجزات تظهر لغير الأنبياء أيضا ، ولا يقتصر الأمر فيها على التحدي للأنبياء في نبوتهم - كما يحاول البعض أن يدعيه - وقد مثل لذلك أبو الصلاح بقصة آصف بن برخيا ومجيئه بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف . وما ظهر لمريم من معجزات كحصولها على الرزق ومعجزات تلاميذ عيسى ، وغير ذلك .
( 2 ) شرح عقائد النسفي للتفتازاني : ص 177 .
( 3 ) سورة البقرة : 1 و 3 . ( * )
كما أن مما لا شك فيه أيضا : أنه لا يكفي في الإيمان بالغيب أن يكون مجرد إحساس مبهم وغامض بوجود غوامض ومبهمات في بعض جوانب الحياة ، ثم شعور بالعجز عن نيل تلك الغوامض ، ومن ثم شعور بالخوف والخشية منها .
ولا يكفي أيضا في تحقق الإيمان ، بحد ذاته ، وبكل حالاته ومفرداته ، غيبية كانت أو غيرها مجرد الحصول على قناعات فكرية جافة ، ومعادلات رياضية ، تستقر في عقل ووعي الإنسان ليرسم على أساس ذلك خريطة سلوكية ، أو حياتية منفصلة عن الغيب ، أو غير منسجمة أو متناغمة معه ، لا يكفي هذا ولا ذاك ، فإن الإيمان فعل اختياري ، يتجدد ، ويستمر حيث إن الله سبحانه قال : * ( يُؤْمِنُونَ ) * ولم يقل آمنوا ، ليفيد بالفعل المضارع التجدد ، والاستمرار أي أنهم يختارون هذا الإيمان ، ويحدثونه ، ويوجدونه ، ويجسدونه باستمرار .
وإذا كان من الواضح أيضا : أن الخشية من المجهول ، والإحساس المبهم بالأمور الغائبة عن حواسنا ليس إيمانا ، بل هو ينافي الإيمان الذي هو عقد القلب على أمر ، واحتضانه له بعطف وحنان ، ومحبة وتفهم ، ثم سكون هذا القلب إلى ما يحتضنه ، واطمئنانه إليه ، ومعه ، ورضاه به ، * ( أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) * و * ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ) * .
إذا كان الأمر كذلك : وحيث لا يمكن احتضان الفراغ ولا السكون إليه ، أو الرضا به فلا بد من توفر الدلالة القريبة على ذلك الغامض ، والتجسيد له في وعي الإنسان ، لكي يخرج عن حالته الغيبية في الواقع الإيماني والشعوري ، ويصبح شهودا إيمانيا ، وإن كان في واقعه وكينونته لايلتقي مع الحس ، ولا يظهر عليه ، بل يبقى منفصلا وغائبا عنه .
ومن هنا : تبرز ضرورة ربط هذا الغيب بالواقع الموضوعي ، ليصبح بذلك أشد تأثيرا في الوعي ، وأكثر رسوخا وتجذرا في الإيمان ، حيث تخرجه تلك المفردات المعبرة عنه والمشيرة إليه ، عن أن يكون مجرد حالة غائمة وهائمة ، ليصبح أكثر تركيزا وتحديدا إلى درجة التجسيد الحقيقي للمعنى الغيبي ، الذي يهيئ للإنسان أن يعقد قلبه عليه ، ليكون ذلك المسلم المؤمن بالغيب ، وفق ما يريده الله سبحانه ، وعلى أساس الخطة الإلهية لتحقيق ذلك ، وبذلك نستطيع أن نفهم بعمق مغزى قول علي عليه الصلاة والسلام : " لو كشف لي الغطاء ، ما ازددت يقينا " ( 1 ) .
وحين سئل عليه السلام عن أنه كيف يعبد ربا لم يره ، أجاب : ما كنت لأعبد ربا لم أره ، لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ، وإنما رأته القلوب بحقائق الإيمان ( 2 ) .
ولأجل ذلك : أيضا تطمئن القلوب بذكر الله سبحانه * (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) * فإن القلب لا ينال حقيقة الذات الإلهية نفسها ، بل ينال آثارها وأفعالها ويطمئن بذكر الله سبحانه ، وقد قال الله سبحانه : * ( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) * ( 3 ) ، و * ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) * ( 4 ) ، و * ( بسم الله الرحمن الرحيم ) * .
( 1 ) البحار : ج 40 ص 153 و ج 46 ص 135 .
( 2 ) البحار : ج 4 ص 27 و 32 و 33 و 44 و 52 و 54 و 304 و ج 10 ص 118 و ج 36 ص 406 .
( 3 ) سورة الأعراف : 180 .
( 4 ) سورة العلق : 1 . ( * )
فيتضح من جميع ما تقدم : أن الإسلام حين ألزم بالإيمان بالغيب ، فإنه لم يرده غيبا هائما ، وخاويا ومبهما ، بل أراده الغيب الهادف والواعي ، الذي يتجسد على صفحة القلب والنفس ، ويزيد وضوحا وتجذرا ورسوخا ، من خلال الوسائل التي أراد الله سبحانه أن ينقل بواسطتها العنصر الغيبي إلى وعينا ليستقر فيه مقترنا بها ، ومعتمدا عليها ، ومستندا إليها .
فالثقافة الغيبية إذن ، من شأنها أن تبعد الإيمان بالغيب ، عن أن يكون حالة خوف من المجهول ، ليكون الغيب شهودا قلبيا حقيقيا ، يعقد عليه القلب ، ويتقوم به الإيمان ، وتخضع له المشاعر ، وينطلق ليصبح حياة في الوجدان ، ويقظة في الضمير ، وليكون موقفا ، وحركة وسلوكا ، وسجية وبادرة عفوية صريحة وخالصة .
مع أنه في الوقت نفسه لا يزال هذا الغيب منفصلا على إحساس الحواس ، حيث لا يمكنها أن تناله ، وتبقى عاجزة حياله ، إذ هو متصل بما هو أسمى منها ، ويغنيه عنها ، مستمسك بأسبابه ، ومنطلق في رحابه .
وبنظرة إجمالية على الوسائل والدلائل التي تجسد هذا الغيب في قلب الإنسان ، وتحوله إلى عنصر إيماني مؤثر وفاعل . . . نجد : أن الإسلام في تعاطيه التربوي مع هذه الناحية الحساسة ، قد أراد للغيب أن ينطلق من بوتقة الفكر والوعي ليستقر في القلب ، وليحتضنه هذا القلب بحنان ليجد معه الرضا والسكينة ، وليهوم - من ثم - في رحاب الروح ، في تفاعل مشاعري ، وعاطفي متوهج وعارم .
ثم هو لا يزال يسري في كل كيان الإنسان ، ليصوغ أحاسيسه ، ومشاعره ، وليصبح من ثم سمعه وبصره ، وفكره ، وبسمته ،
ولغته ولفتته العفوية ، وسلوكه ، وموقفه ، بل كل شئ في حياته . ولأجل ذلك كله ، كان لا بد أن يمتزج الفكر بالعاطفة ، لتصبح مأساة الزهراء ، وذكرى الحسين ( ع ) في عاشوراء ، ومأساة طفله الرضيع و . . . جزءا من الحقيقة الإيمانية ، وهكذا يصبح كل ما قاله الرسول ( ص ) والأئمة الطاهرون عليهم السلام يمثل ضرورة ثقافية لاستكمال الإيمان بحقائق الإسلام ، ومنها الإيمان بالغيب .
فلا غرو إذن أن يتجسد هذا المعنى الغيبي معجزة وكرامة إلهية وواقعا حيا ومؤثرا في وعي الإنسان - يتجسد - بالحجر الأسود ، حيث أودعه الله مواثيق الخلائق ، وبالإسراء والمعراج ، وباستقرار يونس في بطن الحوت ، وفي حديث النملة ، حيث تبسم سليمان ضاحكا من قولها ، وبالإتيان له بعرش بلقيس من اليمن قبل ارتداد طرفه إليه ، وبحديث فاطمة مع أمها وهي في بطنها ، وبأعراس السماء بمناسبة زواجها من علي ( ع ) ، وبحديث الملك معها حتى كتب علي ( ع ) عنه " مصحف فاطمة " .
وبأن الملائكة كانت تناديها كما تنادى مريم ابنة عمران ، فتقول : يا فاطمة إن الله اصطفاك وطهرك الخ . . فسميت " محدثة لأجل ذلك " ( 1 ) . ولا غرو أن يتجسد لنا هذا الغيب في أن فاطمة نور ، وبأنها حوراء إنسية قد خلقت من ثمر الجنة ( 2 ) ، الذي يمتاز عن ثمر الدنيا
( 1 ) كشف الغمة : ج 2 ص 94 . ودلائل الإمامة : ص 56 وراجع : علل الشرائع : ج 1 ص 182 و 183 وروضة المتين : ج 5 ص 345 .
( 2 ) راجع : علل الشرائع : ج 1 ص 182 و 184 ومصادر ذلك كثيرة جدا لا مجال لتعدادها . ( * )
بنقائه وصفائه وخلوصه وطهره ، وقد زادته فاطمة صفاء على صفاء ، وطهرا على طهر ، بما بذلته من جهد موفق من خلال معرفتها بالله ، وما نالته من إشراف على أسرار الخلق ونواميس الحياة ، ففازت بالتأييد والتسديد واللطف الإلهي ، فكانت المرأة المعصومة التي يرضى الله لرضاها ، ويغضب لغضبها ، حتى باتت سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، إلى غير ذلك من أمور دلت على أن لها ( ع ) ارتباطا وثيقا بالغيب ، ومقاما وموقعا ، وكرامة إلهية ، لا تنالها عقولنا ، ولا تصل إليها أفهامنا .
فيتضح مما تقدم : أنه إذا تجسد هذا الغيب برموز معينة ، كأنبياء الله ، وأصفيائه ، وأوليائه وأصحاب كراماته ، وبما لهم من مآثر وكرامات ، وبرموز كثيرة أخرى ، فإن قلوبنا ستحتضنها وستحتضن معها الغيب المودع فيها لتكون محور الإيمان ومعقد القلب لتعيش حالة السكينة والرضا أرواحنا ، ولتحنو عليها مشاعرنا ، فتدغدغ أحاسيسنا ، ويكون العلم بذلك كله ينفع من علمه ، والجهل به يضر من جهله بدرجة كبيرة وخطيرة .
وليس بالضرورة أن يستتبع اختلاف مفردات تجسيد الغيب في الأشخاص كالأنبياء والأوصياء والأولياء تفاضلا لهذا على ذاك أو بالعكس ، إذ قد تكون طبيعة المرحلة ، أو ظروف معينة هي التي فرضت هذه الخصوصية الغيبية هنا وتلك هناك .
أما التفاضل فله معاييره الخاصة به ، التي نطق بها القرآن العظيم ، والرسول الكريم ( 1 ) ، وليس هذا منها فكل هذه الغيوب
( 1 ) فإن مقامات الأنبياء والأوصياء درجات ، بحسب درجات معرفتهم التي تستتبع مزيدا من الخلوص والخشية ، والجهد ، والقرب إلى الله ، ونيل درجات ، والرضا والزلفى .
( * )المرتبطة بالزهراء عليها السلام وبغيرها هي جزء من هذا الدين ، ولها أهميتها البالغة في صياغة الشخصية الإيمانية ، والإنسانية ، والرسالية ، بما لها من خصائص تحقق للإنسان وجوده ، وتخصصه ، وتميزه ، وتجعله على درجة عالية من الصفاء والنقاء والطهر ، كما أنها تحقق درجة من الارتباط الوجداني بأولياء الله وأصفيائه ، والمزيد من الحب لهم وبهم ، والتفاعل الضميري والوجداني مع كل ما يقولون وما يفعلون .
وقد أخبر الأئمة ( ع ) بعض الخلص من أصحابهم ببعض الغيوب ، من أمثال ميثم التمار ، وزرارة ، ومحمد بن مسلم ، وغيرهم ، فما أنفع الغيوب لمن علمها وتعلمها ، وما أروع هذه الكرامات ، وما أجلها وأشد تأثيرها ، وما أعظم الحاجة إليها ، وما أروع القرآن العظيم ، وهو يركز على كثير من المفردات التي تدخل في هذا السياق ، معلنا بذلك أهميتها البالغة ، في بناء الشخصية الإنسانية والإيمانية والرسالية .
الارتباط الفكري لا يكفي : فلا يصح إذن ما يردده البعض من أن المطلوب هو مجرد الارتباط الفكري بهم ( ع ) من خلال معرفتنا بسياساتهم ، وأنماط سلوكهم الشخصي ، وبأنشطتهم الاجتماعية ليكونوا لنا أسوة وقدوة على طريقة التقليد والمحاكاة ، وليثير ذلك فينا حالة من الزهو والإعجاب بهم كأشخاص ، كإعجابنا بغيرهم من العباقرة والمفكرين ، مثل أديسون أو ابن سينا .
إذ أن المطلوب هو الارتباط الفكري ، والضميري ، والوجداني الذي تشارك فيه المشاعر ، وتستجيب له الأحاسيس بعفوية وانقياد ، ويهتز له كل كيان الإنسان وعمق وجوده بطواعية واستسلام . المطلوب هو أن يدخل هؤلاء الأصفياء إلى قلوبنا ليكونوا حياة لها ، وإلى أرواحنا لتكون أكثر توهجا وتألقا ، وإلى نفوسنا لتصبح أكثر صفاء ونقاء وخلوصا .
المطلوب هو أن يكون لهم الحظ الأوفر في صياغة شخصيتنا الإيمانية وأن يسهموا في صنع مشاعرنا وتكوين أحاسيسنا . ولنستبعد نهائيا إذن مقولة : هذا علم لا ينفع من علمه ، ولا يضر من جهله ، فإنها مقولة مضرة بالتأكيد لا تجلب لنا إلا الخسران ، والبوار والخيبة . ولو غضضنا النظر عن ذلك كله ، فإن ميزان النفع والضرر الذي يتحدثون عنه غير واضح المعالم ، فهو يختلف في حالاته وموارده ، فقد يكون الحديث عن الطب غير نافع للنجار في مهنته ، والحديث عن الفلك غير نافع للحداد ، أو الحائك في حرفته ، أو للإداري في دائرة عمله . . لكن الأمر بالنسبة لقضايا الإيمان والسلوك ليس بالضرورة من هذا القبيل وإن كانت درجات المعرفة ومقتضياتها تختلف من شخص لآخر على قاعدة : أمرنا أن نحدث الناس على قدر عقولهم .
أعجبني كثيراً وأحببت نقله لأحبتي..مجآلس العوآلي الثقآفية