دعاء الزهراء عليه السلام في تعقيب العصر، حيث حدثناک عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثک الآن عن أحد مقاطعه القائل (فأسألک بحق ابراهيم خليلک، وموسى کليمک، وعيسى روحک، ومحمد صفيک ونبيک، الا تصرف وجهک الکريم عني، حتى تقبل توبتي، وترحم عبرتي، وتغفر لي خطيئتي، يا ارحم الراحمين، ويا احکم الحاکمين)
المقطع يتضمن عدة اقسام: الأول:منها يتوسل بالله تعالى بحق ابراهيم، وموسى وعيسى، والنبي محمد (ص)
ونحدثک الأن عن القسم الاول فنقول ان النص قد انتخب اربعة انبياء يجسدون الاتجاهات الخاصة لکل عصر، حيث ان ابراهيم قد اختص بالحنيفية، وان موسى وعيسى يجسدان النصرانية واليهودية، وان محمد (ص) خاتم الانبياء يجسد أخر الرسالات وخاتمها... لذلک فان التوسل بهم يحمل مسوغاته التي اشرنا اليها...
ويلاحظ ان صفة (صفيک) قد انتخبها النص في شخصية النبي (ص) حيث ان الصفي هو من اصطفاه تعالى، بحيث يعني: انه خير البشر جميعاً وهي نکتة لامناص من التذکير بها.
المقطع او القسم الثاني يتوسل بالله تعالى بألايصرف وجهه الکريم عن قارئ الدعاء: وهي عبارة رمزية، حيث يرمز الوجه الى العناية التامة، اي: عنايته تعالى بعبده في المستويات جميعاً.. ولانحسب ان رمزاً مثل الوجه يجسد مفهوم العناية التامة، کما هو واضح.
واما القسم الثالث فهو المقصود من الدعاء في مقطعه الذي نحدثک عنه الا وهو: قبول التوبة، ورحمة العبرة، وغفران الخطيئة، والسؤال هو: ماذا نستلهم من النکات الکامنة وراء هذه العبارات الواضحة ؟
الجواب:اما قبول التوبة فلايحتاج الى توضيح، واما رحمة العبرة فتنطوي على نکتة في غاية الاهمية ألا وهي: ان النصوص الشرعية طالما تشير الى ان الداعي والمناجي اذا قرن دعاءه ومناجاته بالعبرة فان الدعاء يقترن بالاستجابة... ولذلک قرن الدعاء طلب التوبة بظاهرة العبرة للنکتة المذکورة.
واما اختتام ذلک بعبارة (وتغفر لي خطيئتي) فيحتاج الى توضيح اکثر فنقول:
ان عبارة (تقبل توبتي) تعني ان الله تعالى يغفر خطيئة العبد، فلماذا – اذن- جاءت عبارة (وتغفر لي خطيئتي) ؟
الجواب: ان قبول التوبة هو: عدم ترتيب العقاب على الخطيئة، ولکن مصطلح (الغفران)يعني: الستر، ولذلک فان اختتام القسم الثالث بعبارة (تغفر خطيئتي) تعني: ان يستر تعالى الذنب بالاضافة الى عدم العقاب.
اخيراً: ختم المقطع بعبارتين هما: (يا ارحم الراحمين) و(يا احکم الحاکمين...) اما (ارحم الراحمين) فمن الوضوح بمکان... ولکن السؤال هو: ماذا تعني العبارة الاخيرة (يا احکم الحاکمين)؟
الجواب: في تصورنا ان هدف الدعاء هو: تأکيد الرحمة من الله تعالى في اعلي تصوراتنا حيال ذلک، فأولاً قد جسدت العبارة (يا ارحم الراحمين) انه تعالى متفرد في رحمته لانه أرحم من الغير،... يضاف الى ذلک، ان الرحمة تتوهج دلالتها وکثافتها حينما نعرف بان الله تعالى عادل في احکامه، وهو اعدل من الغير في الحکم، وهذا يعني انه تعالى حينما يرحم العبد المذنب انما يرحمه وهو عارف بانه مذنب، وبذلک يتجسد مفهوم الرحمة على ما يمکن تصوره کما هو واضح.
اذن: امکننا ان نتبين جملة من الاسرار الکامنة وراء المقطع المذکور، سائلين الله تعالى بان يوفقنا الى الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
بقلم الدكتور محمود البستاني
الى متى يا مهدينا الى متى هذا الغياب عجل على ظهورك إذا كنا مع الحق فلا نبالي
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على روح القدس في عالم الذر السلام على ليلة القدر
وآسعد الله آيامنا وآيامكم بطاعة الله ورضا المولى
حبيبتي الفاطمية وفقك الباري لكل خير وسدد رميتك
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين و عجل فرج وليهم يا كريم ,,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
شكرا جزيلا لك أختي الكريمة على هذا الطرح ,
موفقة لكل خير .
اللهـم صـل علـى محمـد وآل محمـد