هكذا أدَّبنا جعفر الصادق (عليه السلام) اهتمام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأهل بيته تربية وتأهيلاً وتفضيلاً لم يكن اهتماماً عاطفيا بقدر ما كان تنفيذاً لأمر إلهي:{قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى}.
الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) فرع من هذه الدوحة المباركة شجرة النبوة، ورمز بارز لهذه العترة الطاهرة الصابرة المحتسبة، خلد بما بث من علوم ونشر من فقه وأحاديث رسالة جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
الإمام الصادق (عليه السلام) إمام المسلمين واستاذ للفقهاء والمحدثين ومرجع للعلماء والمفكرين وعلم من أعلام أهل البيت (عليهم السلام) ومرحلة من مراحل امتداد الإمامة والقيادة الفكرية والسياسية في حياة المسلمين، وعليه تتلمذ وعنه أخذ مئات من مشايخ العلم والحديث، فقد جعل مسجد المدينة جامعة لبث علوم الشريعة وتفجير ينابيعها، وقد أوضح (عليه السلام):"حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث علي بن أبي طالب وحديث علي حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)".
انطلقت مدرسة الصادق (عليه السلام) في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) العلمية استمرت في تنمية هذه الجامعة العلمية ومواصلة حماية الشريعة والدفاع عن عقيدة التوحيد، وقد نشأت في عهده فرق ومذاهب فقهية واعتقادية كثيرة، كان موقفه واضحاً منها سواء بالتسديد أو الحوار العلمي أو النقد الشرعي النزيه، فكان بدوره (عليه السلام) يحمي العقيدة من التيارات العقائدية والفلسفية الإلحادية والمقولات الضالة، وانصبت جهوده على الحفاظ على أصالة عقيدة التوحيد ونقاء مفهومها، وانطلق الإمام (عليه السلام) بجهوده العلمية لنشر الإسلام، وتوسيع دائرة الفقه والتشريع، وتثبيت معالمها وحفظ أصالتها، لذا اعتبرت أحاديثه وفتاواه وما أخذ عنه أساساً وقاعدة لاستنباط الفقه والأحكام لدى العلماء والفقهاء.
من وصاياه (عليه السلام) والتي تأدب بها شيعته: "أدبني ربي بثلاث ونهاني عن ثلاث، فأما اللواتي أدبني بهن: فإنه قال لي يا بني من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن لا يقيد ألفاظه يندم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم، ونهاني أن أصاحب حاسد نعمة وشامتا بمصيبة أو حامل نميمة".
وفي مورد آخر للإمام (عليه السلام) يبين لنا موقف الإسلام من السباب بهذه الألفاظ التي يتفنن بها البعض ليتكلم على هذا وذاك، ويقذف بالكلمات الجارحة وبالالفاظ النامية، يعلمنا مؤدبنا الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله): "سباب المـؤمن فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه معصية، وحرمة ماله كحرمة دمه". فالسب والشتم والقذف من الأساليب التي تفقد علاقة الإنسان بمجتمعه.
يعلمنا مربينا ومعلمنا الصادق (عليه السلام) إن الإيمان والإسلام والتقوى هي أساس علاقتنا مع بعضنا بعضاً، وهي الدليل على صدق إيماننا واستقامة خطنا.
يؤدبنا الصادق (عليه السلام) أن تكون كلمتنا كلمة الصدق والحق والعدل، وأن نحاسب أنفسنا على الكلمة قبل أن نقولها، ونحاسب أنفسنا على الفعل والموقف، فإن أعظم التقوى تقوى اللسان، فالأمر الأساسي الذي يدخل الإنسان نار جهنم ما يحصده لسانه من كلمات تنطلق في غير طاعة الله (تعالى). ففي الحديث: "إنما يكب الناس في النار على مناخرهم يوم القيامة حصائد ألسنتهم".
هذا هو معلمنا ومؤدبنا جعفر الصادق (عليه السلام) الذي ننهل من مدرسته العظيمة ومن أخلاقه الجليلة، ونتعلم منه كيف نتعايش مع أجواء مضطربة في جو مشحون بالعداء والفتنة من أناس لا هم لهم إلا التكسب والمصالح الذاتية الأنانية.
يعلمنا إمامنا كيف نتعامل بحكمة وقوة عزيمة من أداء رسالتنا التي أمرنا الله (تعالى) بها...
فـ سلام على روحك الطاهرة ياسيدي.. وطوبى للمهتدين بهداك إلى يوم الدين.
عمار كاظم
موقع الإمــام الشيرازي
24/شــــــــوال/1431
صحيفة "الدار" الكويتية
الى متى يا مهدينا الى متى هذا الغياب عجل على ظهورك إذا كنا مع الحق فلا نبالي
السلام على الإمام جعفر بن محمد الصادق ورحمة الله وبركاته
ربي يعطيكم العافية أختي العزيزة على الطرح المبارك
الله يوفقكم ويقضي جميع حوائجكم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين رشح المنتدى لإغاثة المحتاجين والمرضى