وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَاهْلِكْ عَدُوَّهُمْ مِنَ الجِنِّ وَالاِنْسِ مِنَ ألاَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ
الْسَّلامِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الْلَّهِ وَبَرَكَاتَةَ
ننقل لكم حكاية هذا اللقاء أيها الأعزاء من كتاب (دار السلام) فيمن فاز بسلام الإمام خاتم الأوصياء (عليه السلام) ومؤلف الكتاب هوالعلامة التقي أية الله الشيخ محمود العراقي الميثمي وهومن أفاضل عصر المجدد الشيرازي ومن ذرية العبد الصالح ميثم التمار من صفوة أصحاب أمير المؤمنين وولديه الحسنين عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه. والحكاية
تتعلق بمؤمنة صالحة من مدينة آمل في محافة مازندران الأيرانية، وقد عرفت هذه الأمة الصالحة في بلدتها بأخلاصها لله وأوليائه وكثرة التعبد والتقوى والعفة وإستجابة الدعاء، وكان الله يجري على يديها قضاء حوائج أهل حاضرتها فكانوا يقصدونها طلباً للدعاء في شفاء المرضى وغيره من الحاجات فيبلغهم الله بلطفه ما يأملون: فأشتهرت بين أهل بلدتها كثيرٌ من هذه الكرامات الإلهية التي ظهرت لهم ببركة هذه الأمة الصالحة.
وقد نقل أية الله الشيخ الميثمي حكايتها التالية مباشرة وبعد التوثق من صدقها عن ولدها الذي كان من عباد الله الصالحين، وقد ولد ببركة دعاء مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه لوالدته كما سنرى في حكايتها..
تبدأ حكاية المؤمنة الآملية بشوقٍ شديد لرؤية إمام زمانها سلام الله عليه يستولي على وجودها رغبةً في رؤية طلعته الرشيدة وغرته الحميدة وطلباً لحاجات في مكنون قلبها كانت تريد أن تطلبها منه.
وفي عصر يوم خميس ذهبت هذه المؤمنة لزيارة أهل القبور في مقبرة (المصلى) المعروفة في مدينة وجلست عند قبر أخيها.
قالت هذه الأمة الصالحة: بكيت كثيراً حتى أظلم ما حولي فقمت وتوجهت لزيارة مرقد السيد ابراهيم (عليه السلام) الذي يقع بالقرب من المقبرة، وعندما كنت اسير على حافة نهر في المنطقة بأتجاه المرقد رأيت من بعد انواراً لم أر مثلها من قبل تنزل من السماء وتصعد إليها فتوجهت نحوها لكنني عندما وصلت الى محلها غابت عني ووجدت رجلاً ساجداً، فقلت في نفسي: إنه ولا شك من كبار أولياء الله ينبغي أن أتعرف إليه ! فوقفت عنده حتى أنهى صلاته فسلمت عليه فرد التحية بأحسن منها، ثم سألته: من أنت؟
فلم يجبني، عاودت السؤال بألحاحٍ وأقسمت عليه بالعترة الطاهرة – عليهم السلام – أن يعرفني بأسمه وسبب مجيئه الى هذه المنطقة …
وكان جواب الرجل هو: انا عبد الحميد وقد جئت لزيارة قبر الخضر وأشار الى بقعةٍ فيها قبر يعرف عند أهل المنطقة بمحل قدم خضر النبي يزورها الناس ليالي الأربعاء ويوقدون عندها الشموع.
فسألته المؤمنة الأملية قائلة: يقولون: إن الخضر عليه السلام لا زال حياً؟! أجاب: هذا الخضر ليس ذاك، هذا قبر سيد من أبناء عمومتنا وهومن ذرية الأئمة.
وتتابع المؤمنة الآملية نقل حكايتها قائلة:
قلت في نفسي: إن عبد صالح من الأولياء وغريب عن المنطقة، ينبغي أن أقنعه بأن يحل ضيفاً على عائلتنا.
وإثر هذه الخاطرة قام الرجل وشفتاه تتحركان بالدعاء فوقع في قلبي فجأةً أنه مولاي الحجة بن الحسن روحي فداه، وكنت أعرف من علائمه أن في خده الأيمن خال وأنه أفرق الثنايا (أي ثمة فاصلة محببة بين أسنانه الأمامية)، فأردت أن أتأكد من وجودها فيه فنظرت الى وجهه الكريم فأخفى خده الأيمن بكفه الايمن فقلت: يا سيدي أريد أن أرى العلامة
وعندها أزاح كفه الايمن عن خده ثم إبتسم فرأيت كلا العلامتين الخال في خده الأيمن والفاصلة بين الثنايا من أسنانه طبق ما سمعت من قبل
وعندما أيقنت هذه المؤمنة الآملية من أن السيد الذي تراه هوإمام العصر – عجل الله فرجه -، ظنت أنه موعد ظهوره قد حان، فقالت: فديتك يا مولاي، هل عرف أحدٌ بظهورك؟
أجاب: لا، لم يحن موعد ظهوري بعد وقعت هذه السيدة على قدمي الإمام تقبلهما وقد ذهلت عن جميع الحاجات التي أضمرت أن تطلبها منه ولم تتذكر منها سوى حاجةً واحدة قالت: يا مولاي، لدى أمنية أن يرزقني الله خمسة أولاد لكي أسميهم بأسماء أهل الكساء (عليه السلام) فرفع (عليه السلام) يده بالدعاء وهو يتحرك باتجاه بقعة المرقد المذكور ثم قال: سيكون لك ذلك إن شاء الله
ثم دخل المرقد وقد منعت هيبته هذه السيدة من الدخول معه، فوقفت تنتظر خروجه عند باب المرقد الوحيدة … فتأخر خروجه ثم جاءت إمرأة لزيارة المرقد فدخلت معها المرقد لرؤيته لكنها لم تجده فيه رغم أن للمرقد بابٌ واحدةٌ لا اكثر …
تقول هذه المؤمنة الآملية في ختام حكايتها:
ببركة دعاء مولاي الصاحب (عليه السلام) حملت في ذلك الشهر نفسه بولدي الأول فأسميته (محمداً) ثم رزقني بعده ولداً آخرا سميته (علياً)، ثم رزقني بنتاً سميتها (فاطمة)، ثم رزقني ولداً سميته (حسنا) … أما الحمل الخامس فكان توأمين فسميت الأول حسين والثاني عباس ‼
وقد ذكر العلامة الميثمي في نهاية نقله لهذه الحكاية أنه أيقن من صحتها لما اشتملت عليه من علائم وشواهد الصدق ولما عرفت به هذه المؤمنة من صلاحٍ وتقوى وإستجابة الدعاء في شأن أولادهما خاصة وأنها نقلت الحكاية قبل أن ترزق بولدها الأول فصدق الواقع لاحقاً ما أخبرت عنه … وقد وقعت هذه الحكاية سنة مئتين وخمسين والف للهجرة وتوفيت هذه الأمة الصادقة سنة خمس وثمانين ومئتين للهجرة المباركة …