اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني

من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

"ما أوذي نبي مثلما أوذيت "

المشرفون: الفردوس المحمدي،تسبيحة الزهراء

صورة العضو الرمزية
نبع الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 15021
اشترك في: الثلاثاء مارس 04, 2008 6:40 pm
مكان: كـنـف المـــــنـــصــــــــورة (ع)

من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة نبع الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
وصل اللهم على سيدة نساء العالمين الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (ع)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بيان ما جاء في زيارة مولاتنا وسيّدتنا ، حجّة الحجج ، بهجة قلب المصطفى ، وقرّة عين الرسول الطاهرة البتول ، سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، فقد ذكر خاتم المحدّثين شيخنا القمّي قدس‏ سره في كتابه القيّم ( مفاتيح الجنان ) زيارتين ، وهما كما يلي :

الزيارة الاُولى: « السلام عليكِ يا ممتحنة ، امتحنكِ الذي خلقكِ فوجدكِ لما امتحنكِ صابرةً ، أنا لكِ مصدّق صابر على ما أتى به أبوك ووصيّه صلوات اللّه‏ عليهما وأنا أسألكِ إن كنتُ صدّقتكِ إلاّ ألحقتني بتصديقي لهما لتسرّ نفسي فاشهدي أ نّي ظاهر بولايتك وولاية آل بيتكِ صلوات اللّه‏ عليهم أجمعين » .
الزيارة الثانية:« السلام عليكِ يا ممتحنة ، امتحنكِ الذي خلقكِ قبل أن يخلقكِ وكنتِ لما امتحنكِ به صابرة ونحن لك أولياء مصدّقون ولكلّ ما أتى به أبوكِ صلّى اللّه‏ عليه وآله وسلّم وأتى به وصيّه عليه السلام مسلّمون ونحن نسألك اللهمّ إذ كنّا مصدّقين لهم أن تلحقنا بتصديقنا بالدرجة العالية لنبشّر أنفسنا بأ نّا قد طهّرنا بولايتهم عليهم السلام » .

¨¨¨°~* البشارة والفوز والسرور والطهار *~°¨¨¨

البشارة والفوز والسرور والطهارة :« لنبشّر أنفسنا بأ نّا قد طهرنا بولايتهم عليهم ‏السلام » ، « لتسرّ نفسي فاشهدي أ نّي طاهر بولايتك وولاية آل بيتك صلوات اللّه‏ عليهم أجمعين » . من الواضح البيّن أنّ نتيجة الولاء القلبي والتصديق العملي والتسليم السلوكي والثبات والاستقامة واللحوق بالنبوّة والإمامة إيمانا وسلوكا وعملاً وفي كلّ مجالات الحياة ، إنّما هو الفوز بنعيم الدنيا والآخرة ، والبشارة والسرور وطهارة النفوس والقلوب ، والحشر مع الأبرار والطاهرين عند مليكٍ مقتدر في مقعد صدق ، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . ثمّ العبادات الجوارحيّة والجوانحيّة باطنها التولّي لأولياء اللّه‏ ، كما أنّ باطن الذنوب والآثام والمعاصي والفواحش هو التولّي لأعداء اللّه‏ ، فما خلق اللّه‏ الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون ، وحقيقة العبادة الولاء والدعاء ، وحقيقة الدعاء الانقطاع إلى اللّه‏ ، فمن الناس من يتقرّب إلى اللّه‏ بالعبادة خوفا أو طمعا أو حبّا وشكرا ، إلاّ أ نّه لا بدّ من التقوى والإخلاص في العبادة والدعاء ، فإنّ العمل الخالص يرفعه اللّه‏ ويقبله « إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّه‏ُ مِنَ المُتَّقِينَ »(1)المائدة : 27 ، « إلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّـيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالِـحُ يَرْفَعُهُ »(2) فاطر : 10، وقليل من عباد اللّه‏ من كان مخلصا وشكورا ، فإنّ الناس كلّهم هلكى إلاّ العلماء ، والعلماء كلّهم هلكى إلاّ العاملون ، والعاملون كلّهم هلكى إلاّ المخلصون ، والمخلصون على خطر عظيم ، فإنّ الرياء في العمل كدبيب نملة سوداء على صخرةٍ صمّاء في ليلةٍ ظلماء ، فمن يحسّ بدبيبها ، وكذلك العجب فإنّه يفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل ، والعجب قطع النعمة عن المنعم ونسبة ذلك إلى نفسه ، فمن يعجب بعمله وعبادته لا يرى أنّ ذلك من فضل اللّه‏ عليه ، بل يغترّ بنفسه ويتطاول على الآخرين ، فيبتلى بالكبر والغرور والعجب والرياء حتّى تذهب أعماله سدى أدراج الرياح ، فالدعاء والعبادة في معرض الأخطار . إلاّ أنّ الابتلاء والبلاء يخلو من العجب والرياء ، بل ربما يتناسب مع عيوبنا ومع ظرفيّتنا ، وربما يوجب رشد الإنسان أو رشد المجتمع ، كابتلاء يوسف عليه‏السلام وأولياء اللّه‏ من الأنبياء والأوصياء والعلماء والصالحين المؤمنين . ولا يخفى أنّ أعظم البلايا التي أبكت السماء والأرض وحيّرت الملائكة وذوي الألباب هو ما جرى على رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فإنّه قال : « ما اُوذي نبيّ بمثل ما اُوذيت » ، وكذلك ما جرى على أهل بيته الأطهار ، وصيّه المرتضى ، وابنته فاطمة الزهراء ، وسبطيه وريحانتيه الحسن والحسين عليهماالسلام ، وما جرى على الأئمّة الأطهار من القتل والتعذيب والنفي والسجن والاضطهاد والحرمان وغصب خلافتهم وإنكار فضائلهم وحقوقهم ، كما يشهد التاريخ بذلك .
فما أعظم مصيبة سيّد الشهداء الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ، فقد أبكت ملكوت السماوات « لقد عظمت الرزيّة علينا وعلى جميع أهل الأرض وعلى جميع أهل السماوات » ، ثمّ من كان في خطّ سيّد الشهداء ويقتدي بمنهجه وثورته ، ويتأسّى بجهاده وشهادته ، وبما جرى على أهل بيته من القتل
والأسر ، فإنّه يتمنّى أن يكون معهم « يا ليتنا كنّا معكم فنفوز فوزا عظيما » ويطلب من ربّه أن يعطيه أفضل ما يعطي مصابا بمصيبته ، عندما يتفاعل مع مصيبة سيّد الشهداء عليه‏السلام ومع ابتلائاته ، إلاّ أنّ شرط العطاء الربّاني هذا إنّما يتمّ لو ابتلينا ببلائهم ، فإنّه يوجب القرب للّه‏ سبحانه كما يوجب الرشد والكمال ، فإنّ باطن هذا البلاء هو الضيافة عند اللّه‏ ، كما يتجلّى هذا المعنى في سجدة ( زيارة عاشوراء ) فإنّها سجدة القرب والشكر على المصيبة ، أي يعدّ ذلك من النعمة عليه ، والمنعَم عليه في ضيافة المنعِم .

ثمّ ما جرى على أولاد رسول اللّه‏ إنّما يجري على اُمّهم فاطمة الزهراء ، ابتلائهم ابتلائها ، وحزنهم حزنها ، ومصيبتهم مصيبتها ، فهي اُمّ المصائب الكبرى ، وقد اختبرها اللّه‏ وامتحنها بتلك البلايا فوجدها صابرة محتسبة ، فجعلها الحلقة الواصلة بين النبيّ والوصيّ وبين الخلق المؤمن في عالم التكوين ، ومن يلحق بهم فإنّه يفوز بجنّة اللّه‏ « وَادْخُلِي جَنَّتِي »(1)الفجر : 30 جنّة الأسماء الحسنى ، ويفوز برضوان اللّه‏ الأكبر .
ثمّ قد ثبت أنّ حقيقة العبوديّة والسعادة الدنيويّة والاُخرويّة إنّما يتلخّص في التولّي والتبرّي ، أي الحبّ والبغض ، كما أنّ الولاية حقيقة التوحيد ، فإنّ كلمة ( لا إله إلاّ اللّه‏ ) حصن اللّه‏ ، ومن دخل حصنه أمن من عذابه ، إلاّ أ نّه بشرطها وشروطها ، وإنّ ولاية الأئمّة الأطهار خلفاء الرسول المختار أمير المؤمنين عليّ عليه‏السلام وأولاده الأحد عشر من شروطها ، كما ورد ذلك عن مولانا الإمام الرضا عليه‏السلام في حديث السلسلة الذهبيّة المعروفة .
وابتلائهم من أعظم العبادات ، وتحمّل الابتلاء منهم كان السبب لقرب العالم التكويني إلى اللّه‏ سبحانه : « بنا عُبد اللّه‏ ، وبنا عُرف اللّه‏ » ومن أكبر عبادتنا التوجّه إلى تلك الابتلاءات العظيمة ، والتفاعل معها فكرا وعقيدة وسلوكا وعملاً وجهادا . فإنّ التوجّه إلى الابتلاءات من أهمّ العوامل التي توجب السير إلى اللّه‏ والفناء فيه . ولازم هذا الاتجاه والتوجّه هو العلم والمعرفة ، فمن جهلهم كيف يتوجّه إليهم وإلى مصائبهم ؟ وكيف يتفاعل معها ؟ فإنّ بين العلم والجهل تضادّ بيّن ، كما بين العقل والجهل ذلك ، وإنّ للعقل جنودا ـ كما في حديث جنود العقل والجهل في الكافي ـ وإنّها جنود الطاعة والعبادة ، فإنّ العقل ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان ، كما أ نّها جنود رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه ‏و‏آله أيضا . فإنّ العقل هو الرسول الباطني وهو عضيد الرسول الظاهري ، فللّه سبحانه حجّتان : حجّة باطنيّة وهو العقل ، وحجّة ظاهريّة وهو النبيّ ، والجهل هو الشيطان ، وله جنود ، وأعوانه وأولياءه .
ثمّ المقصود من خلقة الإنسان تكامله ، وأن يكون مظهرا لأسماء اللّه‏ وصفاته العليا ، إلاّ أ نّه هداه اللّه‏ النجدين ، فإمّا أن يكون من العلّيّين المقرّبين فيتولّى اللّه‏ أمره « اللّه‏ُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا »(1)البقرة : 257 أو يكون من السافلين المبعدين ،فيتولاّه إبليس وجنوده « وَإنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلَى أوْلِيَائِهِمْ »(1) الأنعام : 121. فالإنسان مخيّر بين أن يكون من جنود العقل أو من جنود الجهل ، والشيطان يتولّى من يدخل في ميادين الجهل وساحاته ، فيسرق قلبه ، ويدخل فيه ، ويفرّخ ويبيّض ويعشعش حتّى ينظر بأعينهم وينطق بألسنتهم ، فيكون نظر وليّ الشيطان ومعاينته نظرة شيطانيّة ، ويكون كلامه ومنطقه من كلام إبليس اللعين ، ولهذا ( من أصغى إلى ناطق فقد عبده ) كما ورد في الخبر الشريف . فإن تكلّم عن الشيطان أو النفس الأمّارة بالسوء أو ممّن اتّخذ إلهه هواه ، فإنّه عبد الشيطان والنفس والهوى ، وإن تكلّم عن اللّه‏ فقد عبد اللّه‏ سبحانه . ثمّ حقيقة الجهاد الأكبر مع النفس الأمّارة بالسوء ، إنّما تتبلور فيما يكون المجاهد في سبيل اللّه‏ من جنود رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله ، ولا يتمّ النصر في الجهاد الأكبر إلاّ أن يتوجّه إلى ابتلاءات رسول اللّه‏ وأهل بيته ، وما جرى على ابنته فاطمة الزهراء عليهاالسلام من غصب فدكها وحرق دارها وشهادة محسنها عليه‏السلام بين الحائط والباب ، وما جرى على أمير المؤمنين عليه‏السلام من غصب الخلافة وقوده إلى المسجد وشهادته في المحراب ، ثمّ التوجّه إلى مصيبة سيّد الشهداء التي هي أعظم المصائب ، وأ نّه لا يوم كيومك يا أبا عبد اللّه‏ ، فما أعظم المصيبة وما أعظم الرزيّة ؟ ! « لقد عظمت الرزيّة وجلّت وعظمت المصيبة بك علينا وعلى جميع أهل الإسلام ، وجلّت وعظمت مصيبتك في السماوات على جميع أهل السماوات ، فلعن اللّه‏ اُمّةً أسّست أساس الظلم والجور عليكم أهل البيت ، ولعن اللّه‏ اُمّة دفعتكم عن مقامكم وأزالتكم عن مراتبكم التي رتّبكم اللّه‏ فيها ، ولعن اللّه‏ اُمّةً قتلتكم ، ولعن اللّه‏ الممهّدين لهم بالتمكين من قتالكم ... »زيارة عاشوراء .ثمّ سيّد الشهداء عليه‏السلام بواقعة الطفّ الأليمة في يوم عاشوراء فضح جنود الجهل والكفر والنفاق ، وما كان في يوم السقيفة وما عليه يزيد اللعين وأتباعهم وشيعتهم إلى يوم القيامة ، فكلّ من يأتي من بعده إمّا أن يكون في نهجه ودينه الذي هو دين الأنبياء والأوصياء ، دين اللّه‏ الأعظم ، أو يكون في معسكر يزيد الذي جسّد الجهل وجنوده والكفر والنفاق والضلال ، فإمّا أن يكون مع الحقّ أو يكون مع الباطل ، فهو بين ولايتين : ولاية الرحمن وولاية الشيطان ، فإمّا شاكرا وإمّا كفورا ... وكلّ هذا يتجلّى في عاشوراء وفي زيارة عاشوراء ، وكلّ يوم عاشوراء وكلّ أرض كربلاء ، وإذا برز الشرك والكفر كلّه للإيمان والإسلام كلّه في يوم الخندق وغزوة الأحزاب في براز عمرو بن ودّ العامري وأمير المؤمنين عليّ المرتضى عليه‏السلام ، فإنّه برز النفاق كلّه للإيمان كلّه في يوم عاشوراء وفي أرض كربلاء ، فإنّ النفاق بعد رحلة النبيّ تفشّى بين المسلمين حتّى آل الأمر إلى تزلزل الإسلام حتّى في ظواهره ، ورجوع القوم إلى القهقرى وإحياء النعرات الجاهليّة مرّةً اُخرى ، فإذا قالوا في مرض النبيّ صلى‏ الله‏ عليه و‏آله حينما قال لهم : « ائتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم فلن تضلّوا بعدي أبدا » : إنّ الرجل ليهجر ، وحسبنا كتاب اللّه‏ ، فإنّه بعد خمسين عاما قالوا : لعبت هاشم بالملك فلا خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل يعني أرادوا خرق ظاهر الإسلام أيضا ، وإنكار الوحي والقرآن الكريم ، فمقصود الرجل « إنّ الرجل ـ أي النبيّ ـ ليهجر » ، وقول يزيد : « لا خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل » ، واحد ، إلاّ أنّ الأوّل لظروفه الخاصّة والنفاق المبطّن قال : « حسبنا كتاب اللّه‏ » ، وهذا لتفشّي النفاق وبروز الكفر ، قال : « لا خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل » وكلا القولين يدلاّن على الكفر المبطّن ، فتدبّر . ثمّ قد جمع إبليس وجنوده من الجنّ والإنس قواهم في التاريخ ، بكلّ ظاهر الكفر والنفاق ، منذ هبوط آدم صفوة اللّه‏ على الأرض وإلى يوم عاشوراء ، فبرزوا جميعا لحرب خاتم النبيّين وسيّد المرسلين محمّد صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله ولعترته الأئمّة الأطهار عليهم ‏السلام ، فكان من ملكوت عاشوراء وتأويله حضور كلّ الحقّ والحقّ كلّه ، والصراع بينه وبين الباطل كلّه وكلّ الباطل ، فقتل سيّد الشهداء وأهل بيته الأطهار عليهم‏السلام لينتصر الدم على السيف ، فبكته كلّ العوالم لعظمة المصيبة والرزيّة والابتلاء ... فلم يبقَ للدفاع عن الإسلام وحفظه وديمومة حياته ، إلاّ ثار اللّه‏ وابن ثاره الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام فإنّه الوتر الموتور والفرد المذخور ، ذخيرة اللّه‏ ورسوله النبيّ المصطفى صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لحفظ الإسلام وبقائه واستقامته « إن كان دين محمّدٍ لم يستقم إلاّ بقتلي فيا سيوف خذيني » . فكان البراز والنضال في عاشوراء الحسين عليه‏السلام بين صفنين ومعسكرين : الصنف والمعسكر الرحماني الذي يتجلّى بابن بنت رسول اللّه‏ وريحانته وسبطه سيّد الشهداء الإمام الحسين عليه‏السلام ، والصنف والمعسكر الشيطايني الذي يتمثّل بيزيد وبني اُميّة والمنافقين آنذاك ، فالأوّل من فعل اللّه‏ سبحانه ، والثاني فعل الشيطان ، وإنّ الأوّل يستحقّ الولاء والسلام ، كما أنّ الثاني يستحقّ اللعن والتبرّي ، وكلّ التاريخ البشري منذ آدم إلى يوم القيامة ، إمّا أن يكون في معسكر الحقّ فيستحقّ السلام والمحبّة والتولّي ، أو يكون في معسكر الباطل فيستحقّ اللعن والبغض والتبرّي ، فإنّ اللعن شعار التبرّي كما أنّ السلام شعار التولّي ، ومقدّمة كلّ إيجاب الرفض ، كما في كلمة التوحيد ( لا إله إلاّ اللّه‏ ) فلا بدّ أوّلاً من رفض الآلهة كلّها ثمّ الاعتقاد باللّه‏ سبحانه ، وكذلك في النبوّة والإمامة ، فلا بدّ من رفض من يدّعي النبوّة كذبا كمسيلمة الكذّاب ، وكذلك يجب رفض خلفاء الجور أوّلاً ، ولعنهم والتبرّي منهم ، ثمّ التولّي لأولياء اللّه‏ وأئمّة الهدى عليهم‏السلام ـ والاختلاف هذا في الرتبة لا في الزمان ـ فيوم عاشوراء حلقة وصل بين التراث النبويّ والولوي ـ من آدم إلى الخاتم عليهم‏السلام ـ وبين الأجيال المسلمة إلى يوم القيامة ، أجل إنّها حرب بين الحقّ والباطل ، ولن ينتهي الصراع العقائدي والرسالي إلى يوم القيامة « يا أبا عبد اللّه‏ إنّي سلمٌ لمن سالمكم وحربٌ لمن حاربكم إلى يوم القيامة »(1) . واللعن لغةً بمعنى الطرد عن الرحمة الإلهيّة ، فإنّ أوّل من طرد وكان رجيما هو إبليس ، وذلك لمّا أبى عن الخضوع لآدم بعد أمر اللّه‏ بالسجود له ، فأبى واستكبر وكان من الكافرين ، فلعنه اللّه‏ وطرده عن رحمته ، واللعن من مصاديق الدعاء أيضا ، فهو من الدعاء عليه . والدعاء مخّ العبادة ، ومفتاح كلّ صلاح وفلاح ، كما أ نّه من فلسفة خلقة الإنسان ، فإنّ الدعاء إمّا أن يكون له أو عليه ، فلمثل وليّ اللّه‏ يكون الدعاء له ، وأمّا لعدوّ اللّه‏ فإنّ الدعاء يكون عليه ، فإنّ المؤمن يتقرّب إلى اللّه‏ سبحانه بالدعاء مطلقا ، تارةً بالدعاء للمؤمنين والمؤمنات ، واُخرى بالدعاء على الظالمين والطغاة ، ومنه اللعن فقولنا : « اللهمّ العن شمرا » أي أبعده عن رحمتك لما فعل من الظلم والجور في حياته . ثمّ اللعن في قصّة عاشوراء الحسيني ، لا يختصّ بمن حضر كربلاء وحارب سيّد الشهداء الإمام الحسين عليه‏السلام ، بل لاُميّة جميعا التي أسّست أساس الظلم والجور ، ولكلّ اُولئك الذين جاهدوا الحسين وشايعوا وبايعوا وتابعوا على قتله ، بل ومن رضى بقتله عملاً ، باتّباعه خلفاء الجور وأئمّة الضلال على طول التاريخ الإسلامي من بعد رحلة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وإلى يومنا هذا وغدا « يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ اُ نَاسٍ بِإمَامِهِمْ »(1) الإسراء : 71 . ولا يخفى أنّ ما جرى في يوم عاشوراء وفي أرض كربلاء من القتل والأسر والمصائب والبلايا ، إنّما هو نتيجة مقدّمتين ـ كما في زيارة عاشوراء الخالدة ـ نستنبط منهما نفاق الاُمّة وغفلتهم فكانوا « كَالأ نْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ »(2) الفرقان : 44 . .
الاُولى : لعن اللّه‏ اُمّةً أسّست أساس الظلم والجور عليكم أهل البيت .
والثانية : ولعن اللّه‏ اُمّةً دفعتكم وأزالتكم عن مراتبكم التي رتّبكم اللّه‏ فيها . والنتيجة : ولعن اللّه‏ اُمّةً قتلتكم ( بل ) ولعن اللّه‏ الممهّدين لهم بالتمكين من
قتالكم . فإنّ خلفاء الجور مهّدوا الطريق منذ اليوم الأوّل لقتل سيّد الشهداء وواقعة الطفّ ويوم كربلاء كما تشير سيّدتنا زينب الكبرى عليها السلام لذلك .
فلا بدّ لكلّ مؤمن رسالي أن يتبرّأ منهم ويلعنهم على مرّ التاريخ ، فإنّ اللعن شعار البراءة من أعداء اللّه‏ ، ومن ثمّ يتولّى أولياء اللّه‏ فيصلّي ويسلّم عليهم ، فإنّ السلام والصلوات شعار الولاية لأولياء اللّه‏ ، وهذا الاختلاف الرتبي إنّما يتجلّى وضوح في ( زيارة عاشوراء ) فإنّه قُدّم اللعن والتبرّي أوّلاً ثمّ التولّي والسلام ثانيا ، ليكون مقدّمة ( التحلية ) بالفضائل والسجايا الكريمة والسلامة من الفواحش ( التخلية ) من الرذائل والقبائح والذنوب ـ كما في علم الأخلاق فإنّ مراحل تهذيب النفس ثلاثة : التخلية والتحلية والتجلية ـ . فعاشوراء الحسين خلاصة التاريخ الإنساني ، وإنّه يتجدّد ويتبلور في كلّ عصر ومصر بما يتناسب مع الزمان والمكان من مظاهر الحزن والآلام وعِظم المصيبة والرزيّة والابتلاء ، إلاّ أنّ صرخة الجميع وهتافات الكلّ على مرّ التاريخ ، فإنّ وجود الكلّ وكلّ الوجود ينادي ويصرخ ( يا حسين ) ... اللهمّ اشهد أ نّا مع سيّد الشهداء الإمام الحسين عليه‏السلام عقيدةً وجهادا ، فكرا وسلوكا ، شعورا وشعارا ، ولاءً وفداءً ، نقيم مآتمه ونتفاعل مع مصائبه في
مواكبنا ، بكلّ مظاهر الحزن والمصيبة في كلّ محرّم وصفر من كلّ عامّ ، أجل لقد أجنّنا حبّ الحسين عليه‏السلام ، وإنّ شعارنا مع وليّه والطالب بدمه إمامنا المنتظر الحجّة الثاني عشر عليه‏السلام ( يا لثارات الحسين ) يا لثارات أولاد الحسين وأصحابه ، يا لثارات اُمّه فاطمة الزهراء الصدّيقة الكبرى الشهيدة الصابرة ، وسيعلم الذين ظلموا آل محمّد عليهم‏السلام أيّ منقلبٍ ينقلبون والعاقبة للمتّقين .

كتاب: فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار
يا الله

صورة العضو الرمزية
أنوار فاطمة الزهراء
المدير الإداري
مشاركات: 50091
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:36 pm
الجنس: فاطمية

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة أنوار فاطمة الزهراء »

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ
بارك الله فيك أختي
نبع الزهراء
إنتقاء مميز وطرح أروع
رزقكِ الله شفاعة الزهراء يوم الحساب

لا تنسى رشح المنتدى
يقينا كله خير
صورة العضو الرمزية
أسيرة كربلاء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 5064
اشترك في: السبت إبريل 03, 2010 1:43 am

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة أسيرة كربلاء »

اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
صورة
دمتم بحفظ الله ورعايته
صورة
صورة العضو الرمزية
فاطمة مشكاة قبري
فـاطـمـيـة
مشاركات: 6385
اشترك في: الخميس ديسمبر 17, 2009 7:59 pm

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة فاطمة مشكاة قبري »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

الله يعطيكِ العافية أختي العزيزة ..
وفقكِ الله لكل خير ورزقكِ شفاعة الزهرآء (ع) ..
صورة
شكراً كثيراً صورة
صورة العضو الرمزية
صرخة الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 23718
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 10, 2008 4:13 am
مكان: في مملكة الزهراء

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة صرخة الزهراء »

بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
حبيبتي نبع الزهراء آسال الله آن يوفقكم لكل مايحب ويرضى
دمتم بحب ورعاية الزهراء
صورة
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
صورة العضو الرمزية
هدية فاطمة (ع)
فـاطـمـيـة
مشاركات: 30276
اشترك في: الخميس أكتوبر 15, 2009 6:31 pm

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة هدية فاطمة (ع) »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صورة أختي الكريمة نبع الزهراء وبارك الله فيكِ وجزاكِ الله كل خير

حياتي كربلاء وعاشق . .يا .. كل العالم إسمعني . .
أحبك للإبد يا حسين..أعيش وياك .. بإحساسي .. وأضمك دوم بأحضاني
ولا أنساك مهما يكون .. ولا حاشاك تنساني . .. أمد إيدين إلك يا حسين . . .
صورة
صورة العضو الرمزية
عشقِي الأبدي هو الله
عضو موقوف
مشاركات: 49213
اشترك في: السبت أكتوبر 04, 2008 5:03 pm
مكان: في قلب منتداي الحبيب

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة عشقِي الأبدي هو الله »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

مشكورة اختي الكريمة على الطرح

الله يعطيكِ العافية
( حسبي الله ونعم الوكيل )
صورة العضو الرمزية
فاطمة جنة المتقين
فـاطـمـيـة
مشاركات: 9425
اشترك في: الثلاثاء يوليو 28, 2009 1:09 am

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة فاطمة جنة المتقين »

صورة
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم ياكريم
أختي الكريمة / نبع الزهراء
بارك الله فيك ،، جعله الله في ميزان حسناتك ان شاء الله تعالى ..
.,,?ٍـــل عــآم وَأنتم بـــألف خيير وَصحه وَســلآمه.,,
صورة
صورة
vصورة
صورة العضو الرمزية
الحجة المنتظر
فـاطـمـيـة
مشاركات: 26458
اشترك في: الخميس إبريل 15, 2010 2:14 am
مكان: صاحب العصر والزمان

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة الحجة المنتظر »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسلمووو اختي العزيزة
سلمت يداكِ
جزاكِ الله كل خير
الله يعطيكِ العافيه


شاركونا ترشيح المنتدى المبارك
(فالله خير حافظ وهو أرحم الراحمين)
صورة العضو الرمزية
عطر فاطمة الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 2980
اشترك في: الأحد إبريل 25, 2010 5:15 pm
مكان: في حماية اهل البيت(ع)

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة عطر فاطمة الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
"؟" نور عيني نبع الزهراء "؟"
بارك الله جهودك الطيبة ووفقك لكل ما يحب ويرضى
ورزقك كرامة تحقيق المراد بحق محمد وآل محمد
شمس النبوة وقمر هاشم يوم عاشور دار الفلك فيها وتلاقى النور بالنور
صورة العضو الرمزية
ناصرة الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 26879
اشترك في: الجمعة أكتوبر 24, 2008 1:16 am
مكان: بين الرياحين

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة ناصرة الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

العزيزة نبع الزهراء ربي يجزاكِ خير الجزاء على الطرح المبارك
الله يوفقكم ويقضي جميع حوائجكم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
رشح المنتدى لإغاثة المحتاجين والمرضى
صورة العضو الرمزية
نبع الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 15021
اشترك في: الثلاثاء مارس 04, 2008 6:40 pm
مكان: كـنـف المـــــنـــصــــــــورة (ع)

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة نبع الزهراء »


بسم الله الرحمن الرحيم
وصل اللهم على سيدة نساء العالمين الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (ع)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكراً جزيلاً مشاركات رائعة، سدد الباري جل وعلا خطاكم المباركة لكل خير
نسأل الله تعالى ان يرزقكم شفاعة النبي المصطفى وآله الأطهار مع شيعة محمد وآل محمد
وصلى الله تعالى على النبي الكريم محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
والحمد لله رب العالمين

أحـيـوا أمـر مكســورة الضـلـع فـاطـمـة الزهــراء عليها السلام
يا الله

صورة العضو الرمزية
راية المهدي
فــاطــمــي
مشاركات: 9197
اشترك في: السبت فبراير 23, 2008 3:04 pm

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة راية المهدي »

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين المنتجبين
بارك الله فيكم في ميزان حسناتكم يارب
جزيتم الف خير وقضى الله حاجاتكم بالدنيا والاخرة
اللهم صل على محمد وال محمد


راية المهدي
صورة
اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ الَّذى خَلَقَكِ فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً اَنَا لَكِ مُصَدِّقٌ صابِرٌ عَلى ما اَتى بِهِ اَبُوكِ وَوَصِيُّهُ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِما وَاَنَا أَسْأَلُكِ اِنْ كُنْتُ صَدَّقْتُكِ إلاّ اَلْحَقْتِنى بِتَصْديقى لَهُما لِتُسَرَّ نَفْسى فَاشْهَدى اَنّى ظاهِرٌ بِوَلايَتِكِ وَوَلايَةِ آلِ بَيْتِكِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ اَجْمَعينَ.
صورة العضو الرمزية
دماء الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 43141
اشترك في: الخميس يناير 07, 2010 9:08 pm

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة دماء الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


صورة

صورة


دعواتي لكم بالتوفيق وتسهيل الامور وقضاء الحوائج عاجلا كلمح البصر
يقول الإمام الصادق(ع)"العامل بالظّلم والرَّاضي به والمعين له شركاء ثلاثتهم"
صورة العضو الرمزية
شجـون الزهـراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 27275
اشترك في: الاثنين يناير 26, 2009 6:25 pm

Re: من وحي الزيارة الفاطميّة (الجزء السادس)

مشاركة بواسطة شجـون الزهـراء »

صورة
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين و عجل فرج وليهم يا كريم ,,
أختي الكريمة
أحسنت ، بارك الله فيك و شكرا على هذا الطرح الطيب المبارك
في ميزان حسناتك إن شاء الله تعالى .
اللهم عجل لوليك الفرج
اللهـم صـل علـى محمـد وآل محمـد
صورة
صورة
صورة

العودة إلى ”روضة النبي المختار "ص" وال بيته الاطهار "ع"“