{ واستغفر الله إن الله کان غفوراً رحیماً }
یعتبر الاستغفار من وسائل التربیة الروحیة التي یرید الاسلام من الانسان ان یمارسها بوعی, حیث یطلب من المومن الذی قد یرتکب المعصیة, أو یهم بها, أو تطوف بخاطره, أو یعیش فی مناخها, یطلب منه الاستغفار , وذلک من اجل تحقیق هدفین:
الهدف الاول هو القرب من الله سبحانه وتعالى بعد ان ابعدته عنه اجواء المعصیه والخطئیه بکل ما تستتبعه من مشاعر وافکار تبتعد به عن التوحید والارتباط بالله سبحانه, لان الاستغفار یختزن الاحساس بالذنب الذی یمثل حاله انحراف وبعد عن الخط الذی یرضاه الله ویریده.
والهدف الثانی للاستغفار, هو الحصول على المناعه الداخلیه, حتى یربی الاستغفار فی نفسه الحاله المنفتحه على الله, والتی ترفض ان تتحرک النفس فی ارادتها لتوثر على الجسم فی معصیه الله.
وقد یستاءل الانسان امام هذا الایحاء بالتأنیب الداخلي للذات وهو فی موقع الابتهال الى الله: کیف یوجه القرآن الخطاب الى الرسول بالاستغفار, وهو المعصوم الذی لا تخطر فی باله المعصیه فضلا عن ارتکابها؟
وقد یجاب عن ذلک, بأن الاسلوب القرآني, یتوجه بالخطاب الى الأمه من خلال النبي حتى یبین للأمة بأن هذا الأمر بلغ من الخطورة بالمستوى الذی یخاطب به النبي الذي لاعلاقه له بالمسألة ,وقد ورد ان القرآن نزل بـ "ایاک اعنی واسمعی یاجاره".
وربما یخطر فی البال ان الاستغفار – هنا – لایراد منه معناه الحرفي, اي طالب المغفره من ذنب, حتى یدل على وقوع الانسان فی الذنب او حضوره في اجوائه ,بل یقصد منه الابتهال الیه تعالى لیسدد الانسان, وذک لان الإنسان عندما یقول: (استغفرک یارب)
فکأنه یطلب من الله أن یسدده حتى لایقع فی الذنب فی المستقبل, من باب التعبیر عن طلب الانسان العصمه من الله, بتوفیقه للابتعاد عن الذنب, بطریقه الطلب الى الله ان یغفر له ذلک, وذلک بالربط بین النتائج والمقدمات, حیث یعبر بالمقدمه ویقصد بها النتیجه.
وبتعبیر آخر: لیس المقصود بالاستغفار – هنا – التعبیر عن حاله فعلیة لدى الانسان, وانما هو تعبیر عن التواضع لله والابتهال الیه, والطلب منه ان یسدده , حتى لایقع فی الذنب لیضطر الى الاستغفار حینئذ