اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم وتقبل شفاعتهم والعن عدوهم من الجن والانس
صلى الله عليك يا مولاي يا ابا عبد الله الحسين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إمامة أهل البيت في القرآن الكريم
قال تعالى((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) مروراً إلى قوله تعالى((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) ومروراً إلى قوله تعالى((وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134) وانتهاءاً إلى قوله تعالى((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا))
إنّ هذا المقطع القرآني في سورة البقرة من آية 124 إلى آية 143 يتحدث عن الإمامة في ذرية إبراهيم من نسل إسماعيل فنحن عندما نقف على بداية هذا المقطع نجد قوله تعالى(( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي )) وعندما نقف على منتصفه نجد قوله تعالى عن لسان إبراهيم وإسماعيل((رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ)) وعندما نقف على نهايته نجد قوله تعالى((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)) فهذه الآيات جاءت في سياق واحد .
ولتتضح هذه الحقيقة لابدّ لنا من الوقوف على المعنى الدقيق لمفردتي (الأمة) و (المسلمة) والسياق الذي جاءتا فيه لأنّ أوّل ما يتبادر إلى أذهان الناس من معنى الأمة المسلمة في قوله تعالى((أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ)) هو جميع المسلمين في حين أننا عندما ندقق في هذه الآية فإننا نجد أنها تتحدّث عن الأمة المسلمة من ذرية إبراهيم من نسل إسماعيل فقط دون غيرهم قال تعالى((وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ)) وهؤلاء ما هم إلاّ جزءٌ من العرب الذين أباهم إسماعيل فغالبية المسلمين إذاً ليسوا معنيين بهذه الآية ثم إذا ما التفتنا إلى أنّ معنى الأمة في اللغة هي الجماعة التي لها غاية واحدة سواءً قلــّت هذه الجماعة أو كثرت والغاية هنا كما هو واضحٌ هي الإسلام لله قال تعالى((أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ)) فسيكون معنى الآية إذاً ومن ذرية إبراهيم من نسل إسماعيل جماعةً مسلمةً لك ومثال ذلك قوله تعالى((أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ)) فقد عبّرت هذه الآية عن جماعةٍ من الناس وهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وأبناءه بالأمة إلاّ أننا عندما ندقق في معنى الإسلام في قوله تعالى((أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ)) فإننا سندرك بأنه أريد به الإسلام الذي هو بعد الإيمان وليس الإسلام الذي هو قبل الإيمان حيث أنّ إبراهيم وإسماعيل قد طلبا من الله أن يبقيهما مسلمين له على الرغم من كونهما نبيين قال تعالى((رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ )) فلابدّ أن يكون التسليم لله الذي طلباه لنفسيهما هو التسليم بأعلى درجاته أي التسليم الذي ليس فيه أيّ ظلم صغُرَ أم كبُر وهذا هو معنى الإصطفاء الذي يشير إليه قوله تعالى في حق إبراهيم ((وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ... * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )) فقد فسّرت هاتين الآيتين الإصطفاء بالتسليم لله وقد طلبا نفس هذا التسليم لتلك الجماعة من ذريتهما قال تعالى((وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ)) وحيث إنّ من لا يصدر منه أيّ ظلمٍ من ذرية إبراهيم من نسل إسماعيل تجب له الإمامة حسب النص القرآني قال تعالى((إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) فيكون المراد إذاً بالجماعة من ذرية إبراهيم من نسل إسماعيل التي تسلـّم لله بأعلى درجات التسليم , الأئمة من ذريتهما وهؤلاء هم الذين جعلهم الله أمةً وسطاً أي جماعةً وسطاً ليكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليهم شهيداً مثلما جعل الكعبة التي بناها أبواهم إبراهيم وإسماعيل قبلةً للناس في قوله تعالى ((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)) بدليل ما جاء في أواخر الآيات من سورة الحج وهو قوله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ)) حيث تشير هذه الآيات إلى وجود طبقةٍ من المؤمنين أباهم إبراهيم من نسل إسماعيل وهو الذي سمّاهم بالمسلمين في الكتب السماوية السابقة وفي هذا القرآن أيضاً وقد اجتباهم الله أي اصطفاهم ليكون الرسول شهيداً عليهم و يكونوا شهداء على الناس وما يؤكد هذا المعنى هو قوله تعالى ((وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء)) سورة النحل آية 89 أي لابدّ من وجود حجةٍ في أهل كل زمان ليشهدَ عليهم يوم القيامة وأما رسول الله صلى الله عليه وآله فسيكون شهيداً على هؤلاء الشهداء. وهذا ما تؤكده الأحاديث المروية في مصـادرنا عن النبي صلى الله عليه وآله و أئمة أهل البيت عليهم السلام :
1ـ عن النبي صلى الله عليه وآله قال(( أنا دعوة أبي إبراهيم قلنا يا رسول الله وكيف صرتَ دعوة أبيك إبراهيم قال أوحى الله عزّ وجلّ إلى إبراهيم(إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا) قال فاستخفّ إبراهيم(ع) الفرح قال يا رب ومن ذريتي أئمة ًمثلي فأوحى الله تعالى إليه أنْ يا إبراهيم إني لا أعطيك عهدا ًلا أفي لك به قال يا رب وما العهد الذي لا تفي لي به قال لا أعطيك للظالم من ذريتك عهدا ً قال عندها يا رب ومن الظالم من ذريتي قال له من يسجد للصنم من دوني يعبدها قال إبراهيم عند ذلك (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) فقال النبي(ص) فانتهتْ الدعوة إليّ وإلى علي ٍ لم يسجد أحدنا لصنم ٍ قط فاتخذني نبيـّا ً واتخذ عليا ً وصيا ً)). بحار الأنوار ج38 ص 134
2ـ عن الرضا عليه السلام قال(( إنّ الإمامة خصّ الله عزّ وجلّ بها إبراهيم الخليل بعد النبوة والخلة, مرتبة ً ثالثة ً وفضيلة ً شرّفه الله بها فأشاد بها ذكره فقال عزّ وجلّ(إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًاّ) فقال الخليل سرورا ً بها(وَمِن ذُرِّيَّتِي ) قال الله عزّ وجلّ(لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)فأبطلتْ هذه الآية إمامة كل ظالم ٍ إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ثم أكرمه الله عزّ وجلّ بأن جعل في ذريته أهل الصفوة والطهارة فقال تعالى( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) فلم تزل في ذريته يرثها بعضٌ عن بعض ٍ قرنا ً فقرنا ً حتى ورثها النبي(ص) فقال الله عزّ وجلّ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) فكانت له خاصة ً فقلدها عليا ً(ع) بأمر الله على رسم ما فرض الله فصارتْ في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله عزّ وجلّ(وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ) فهي في ولد علي ٍ(ع) خاصة ً إلى يوم القيامة....)).الكافي ج1 ص199
3ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله (( إنّ الله اصطفى إسماعيل من ولد إبراهيم واصطفى كنانة من بني إسماعيل واصطفى قريشا ً من بني كنانة واصطفى هاشما ً من قريش واصطفاني من هاشم)). بحار الأنوار ج16 ص323
4_عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال قلت له : أخبرني عن امة محمد صلى الله عليه وآله من هم ؟ قال : امة محمد بنو هاشم خاصة : قلت : فما الحجة في أمة محمد صلى الله عليه وآله أنهم أهل بيته الذين ذكرت دون غيرهم ؟ قال : قول الله : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) فلما أجاب الله إبراهيم وإسماعيل وجعل من ذريتهما أمة مسلمة ، وبعث فيها رسولا منها ، يعني من تلك الامة يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ردف إبراهيم دعوته الاولى بدعوته الاخرى فسأل لهم تطهيرهم من الشرك ومن عبادة الاصنام ، ليصح أمره فيهم ولا يتبعوا غيرهم ، فقال : ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) فهذه دلالة أنه لا تكون الائمة والامة المسلمة التي بعث محمد صلى الله عليه وآله إلا من ذرية إبراهيم لقوله : ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ )). بحار الأنوار ج24 ص154
5ـ عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى(( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا )) قال(( فإن ظننت أنّ الله عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحدين أفترى أنّ من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع ٍ من تمر يطلب الله شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة جميع الأمم الماضية كلا لم يعن ِ الله مثل هذا من خلقه يعني الأمة التي وجبت لها دعوة إبراهيم)). بحار الأنوار ج23 ص350
6ـ عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى((هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا)) قال((إيانا عنى ونحن المجتبون ولم يجعل الله تبارك وتعالى في الدين من حرج فالحرج أشدّ من الضيق (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ) إيانا عنى خاصة ً(سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ) الله سمّانا المسلمين من قبل في الكتب التي مضت وفي هذا القرآن(لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ) فرسول الله(ص) الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى ونحن الشهداء على الناس فمن صدّق يوم القيامة صدّقناه ومن كذَّب كذبناه)). الكافي ج1 ص191
7 - عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام ((...فإنما مثلك في الامة مثل الكعبة نصبها الله للناس علماً وإنما تؤتى من كل فج عميق ونأيٍ سحيق ولا تأتي))
بحار الأنوار- العلامة المجلسي ج -22 ص 482 -495 ، خصائص الأئمة- الشريف الرضي ص 72 – 75
ملاحظة هامة [إنّ ما أشرتُ إليه من أنّ أئمة أهل البيت هم المقصودون بالأمة الوسط والتي هي الأمة المسلمة من ذرية إبراهيم من نسل إسماعيل التي وجبت لها الإمامة هو نفسه ما ذهب إليه العلامة الطباطبائي في تفسيره الميزان راجع تفسيره لقوله تعالى(رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ) وتفسيره لقوله تعالى(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا )]
والآن فلنرى هل هناك في مصادر المخالفين روايات معتبرةٌ عندهم تؤكد هذا المعنى الذي ذكرته الآيات القرآنية وأشارت إليه روايات أئمة أهل البيت
1_ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا ثور بن يزيد قال حدثني خالد بن معدان قال حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر قالا (أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه )- ص 201 - فسلمنا وقلنا أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين فقال العرباض صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا فقال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) سنن أبي داود - كتاب السنة
2_ حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة قالا حدثنا حاتم وهو ابن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال( كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكتب إلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش..) صحيح مسلم/ كتاب الإمارة
3_ حدثنا أسود بن عامر أخبرنا أبو بكر عن عاصم عن أبي صالح عن معاوية قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ) مسند أحمد/مسند الشاميين
4_ حدثنا محمد بن مهران الرازي ومحمد بن عبد الرحمن بن سهم جميعا عن الوليد قال ابن مهران حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي عن أبي عمار شداد أنه سمع واثلة بن الأسقع يقول (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ) صحيح مسلم - كتاب الفضائل - باب فضل نسب النبي
5_ حدثني زهير بن حرب وشجاع بن مخلد جميعا عن ابن علية قال زهير حدثنا إسمعيل بن إبراهيم حدثني أبو حيان حدثني يزيد بن حيان قال انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم فلما جلسنا إليه قال له حصين لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا ابن أخي والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حدثتكم فاقبلوا وما لا فلا تكلفونيه ثم قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي فقال له حصين ومن أهل بيته يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال ومن هم قال هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس قال كل هؤلاء حرم الصدقة قال نعم ) صحيح مسلم - كتاب فضائل الصحابة
6_ حدثنا حسين بن محمد وأبو نعيم المعنى قالا ثنا فطر عن أبي الطفيل قال (جمع علي رضي الله تعالى عنه الناس في الرحبة ثم قال لهم أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام فقام ثلاثون من الناس وقال أبو نعيم فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذه بيده فقال للناس أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا نعم يا رسول الله قال من كنت مولاه فهذا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) قال فخرجت وكأن في نفسي شيئا فلقيت زيد بن أرقم فقلت له إني سمعت عليا رضي الله تعالى عنه يقول كذا وكذا قال فما تنكر قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له ) مسند أحمد - أول مسند الكوفيين
7_ حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي حدثنا أبو المليح الحسن بن عمر عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (المهدي من عترتي من ولد فاطمة ) سنن أبو داوود/ كتاب المهدي
فإذا ما جمعنا بين هذه الأحاديث نصل إلى هذه الخلاصة وهي أنّ هناك خلفاء راشدون مهديون بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وهم إثنا عشر من لم يبايعهم يموت ميتة جاهلية وهم من ذرية إبراهيم من نسل إسماعيل من كنانة من قريش من بني هاشم من أهل البيت النبوي أولهم الإمام علي عليه السلام وآخرهم المهدي عليه السلام
بل إنّ هذه الحقيقة لا زالت مذكورة في نصوص التوراة إلى الآن باعتبار أنّ قصة طلب إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام من الله بأن يجعل في ذريتهما نبي وإثني عشر إماماً من بعده قد حدثت قبل نزول التوراة على موسى عليه السلام فمن الطبيعي أن يتم ذكرها فيه لأهميتها وأنا هنا أنقل مقطع من كلام العلامة المحقق السيد سامي البدري في كتابه مناهج خمسة في الإستدلال على إمامة أهل البيت عليهم السلام حيث يقول :
[ومن اشهر هذه النصوص الفقرة 20 من الاصحاح 17 من سفر التكوين : (اما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه ها انا ذا اباركه وانميه واكثره جدا جدا ويلد اثني عشر رئيسا وأجعله امة عظيمة) .
وقد اجمع علماء المسلمين وعلماء اليهود الذين اسلموا على ان هذا النص يبشر بمحمد (ص) وان عبارة (جدا جدا) وهي ترجمة لعبارة (بمآد مآد) (بماد ماد) العبرية الواردة في النص العبري كانت بالاصل تشير الى اسم محمد (ص) ثم حرفت الى كلمة متكافئة من ناحية العدد مع اسم محمد وهي (بمآد مآد) إذ كلاهما يساوي (92) وإذا ثبت ذلك وهو ثابت كان الاثنا عشر بعدها مما يرتبط بمحمد وليس بإسماعيل وهو ما كان يفهمه علماء اليهود الذين اسلموا حيث كانوا يختارون التشيع على غيره من المذاهب باعتباره مذهبا يقوم على الايمان باثني عشر وصياً للنبي (3)
قال ابن تيمية في معرض الرد على الشيعة وعقيدتهم بالاثني عشر المذكورين في حديث جابر بن سمرة عن النبي (ص) : الائمة من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش) قال : (وهؤلاء المبشر بهم في حديث جابر بن سمرة وقرر انهم يكونون مفرقين في الامة ولا تقوم الساعة حتى يوجدوا وقد غلط كثير ممن تشرف بالإسلام من اليهود فظنوا انهم الذين تدعوا اليهم فرقة الرافضة فاتبعوهم) البداية والنهاية لابن كثير ج6/250 ] انتهى
والقرآن الكريم يؤكد ورود هذه الحقيقة في الكتب السماوية السابقة التي منها التوراة كما أشرنا سابقاً في أواخر سورة الحج قال تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ)) .
وكذلك يؤكدها الإمام الباقر(ع) في بيان قوله تعالى ((هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا)) قال((إيانا عنى ونحن المجتبون ولم يجعل الله تبارك وتعالى في الدين من حرج فالحرج أشدّ من الضيق (ملة أبيكم إبراهيم) إيانا عنى خاصة ً(سمّاكم المسلمين) الله سمّانا المسلمين من قبل في الكتب التي مضت وفي هذا القرآن(ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس) فرسول الله(ص) الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى ونحن الشهداء على الناس فمن صدّق يوم القيامة صدّقناه ومن كذَّب كذبناه)). الكافي ج1 ص191
منقوول للامانة