السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
الأمل طريق الانتصـار
الانسان المؤمن متفائل دوماً حتّى وإن واجه مئات الهزائم المادّية، لأنّه مستعد دائماً لصنع النصر، ومؤمن أنّ العاقبة للمتّقين في الدنيا كما في الآخرة.
والآيات القرآنية تؤكد دائماً على حتميّة انتصار الإيمان دون أن تعيــر أيّ اهتمام لسيطرة الطغاة، وانتشار المفسدين في الأرض، حيث يقـول الله تعالـى: (وَقُلْ جَـآءَ الْحَقُّ وَزَهَـقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقـاً( (الاسراء/81).
الأمل مصنع الانتصار
إنّ هذا التأكيد يجسّد واقعيّة الإيمان عبر شحن نفس الإنسان المؤمن بالأمل الصادق، لا بالآماني الكاذبة. فالأمل المرتبط بالله سبحانه وتعالى يزكّي النفس، ويربّيها، وينمّي فيها الطاقات الخيّرة، وبالتالي فانّه يصنع الانتصار للإنسان المؤمن.
أمّا الهزيمة النفسيّة التي كثيراً ما تنجم عن الأماني التي لا تتحقّق، فهي التي تخلق الهزائم الحقيقيّة. فالنصر هو عزيمة في القلب تتجسّد في الواقع عبر الحركة، كما أنّ الهزيمة في النفس لابدّ وأن تنعكس على السلوك.
ومن هنا؛ فانّ القرآن الكريم يريد أن يصنع الانتصار للإنسان في واقعه الخارجيّ من خلال شحنه بروح النصر والأمل والتفاؤل، لأنّها العامل الأساسيّ للعطاء والاستمرار في البذل، وحينئذ فانّ الإنسان المؤمن سوف لا يستسلم للطبيعة، بل يتحدّاها ويتغلّب على صعابها؛ ولا يقف مخذولاً أمام العدو، بل يتحوّل الى جبل صامد أمامه.
الأمل مفجّر الطاقات
الإنسان يمتلك كتلة من الطاقات لا تحدّ آفاقها، ولا تحصى أبعادها. فهي تمتدّ أفقياً لتنعكس في صورة أعمال واختراعات مدهشة يشهدها العالم. فالانسان هو عالم مصغّر من الطاقات والقدرات الهائلة، ومفتاح هذه الطاقات والقدرات هو الأمل.
فالإنسان يمكنه -بفضل تلك الطاقات- أن يكون فوق المادّة والشهوات، وأقوى من الشيطان. فلا يمكن للشهوات والمادّيات أن تهزمه، بل سينتصر عليها وعلى الشيطان رغم أسلحته الخبيثة.
ولا ريب أنّ سلب الأمل من قلب الإنسان هو أقوى أسلحة الشيطان. فاليأس هو عموماً جنديّ ماكر من جنود إبليس؛ فلا حياة للإنسان اليائس، إذ لا حياة مع اليأس، ولا يأس مع الحياة؛ ولأنّ الأمل هو الفاعل والمؤثّر في واقع والإنسان هو أكبر عامل في التغيير الطبيعي والحضاري، فانّ الأمل هو وقود حركة الإنسان، في حين أنّ اليأس يشلّ هذه الحركة.
الإيمان مجلبة للبركات
إنّ حركة الإنسان هي من أبرز العوامل الطبيعيّة والحضاريّة في الكون، أمّا الطبيعيّة فلأن جميع مظاهر الطبيعية وخيراتها وأحداثها رهن بارادة الإنسان المرتبطة بإرادة الله عزّ وجل. فالمؤمنون الصادقون يستجلبون بركات السماء والأرض بالدعاء، فإذا شاع التديّن والإيمان تفجّرت الخيرات والبركات، وإذا التزم الناس بالتعاليم الإلهية زالت عنهم النكبات؛ فالخلق الحسن يبعد عن الأرض الكوارث، والصدقة تدفع البلاء وهكذا الحال بالنسبة الى الدعاء.
وهكذا نجد أنّ الظواهر الطبيعيّة كالزلازل، والعواصف، والسيول مرتبطة بارادة الإنسان الذي هو محور هذه التغيّرات، وبهذا المفهوم أيضاً كان الإنسان محور التغيّرات الحضاريّة. فلو تأمّلنا في ظاهرة سيادة بعض الأمم وسقوط أخرى، لوجدنا أنّ الإنسان هو المحور والسبب؛ فعندما يعمل ويستقيم ينتصر، وعندما يتقاعس وينهزم ويغلّفه اليأس فأنّه يسقط لا محالة.
القرآن مفتاح الأمل
ويبقى القرآن هو مفتاح الأمل نفسه من خلال آياته الكريمة التي تحمل مفتاح الحياة، وتشعّ بالنور، وتبعث الأمل في القلوب.
وفي الحقيقة؛ فانّ الأمل يعدّ أمراً طبيعيّاً بالنسبة الى الإنسان المؤمن، فهو يرى أنّ السماوات والأرض مطويّة بيد الله تعالى، وقائمة بإذنه، وما من شيء إلاّ ويسبّح بحمده، ويخضع لملكوته.
وإذا ما اتّصل الإنسان المؤمن بالملكوت الأعلى، واعتصم بحبل الله، فانّه سيرى بعين البصيرة العاقبة الحسنة التي ستكون في انتظار المتّقين، وهذا هو السبب الواقعيّ للأمل.
الأخـلاق عنوان الإيمان ومنطلق التقدم:المرجع الديني آية الله السيد محمد تقي المدرسي
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين