اللهُم صَلِ علىْ مُحمِدٍ وَ آلِ مُحَمِدٍ وَ عجِلَ فرجَهُم وَ أهلِكَ أعدائِهُمْ وَ إرَحمِنَا بِهُمْ يَا الله
الَسَلآمُ عَليِكُمْ وَ رحَمِة الله وَ نُوره وَ بَركَاتُه
السَلآمُ عَلىْ آلحُسيِنَ وَ علىْ عليَّ بِنَ آلحُسيِنَ وَ عَلىْ أولآدَ الحُسيِنَ وَ عَلىْ أصحَآبَ الحُسيِنَ
آلسَلآمُ عَلىْ قتيِلَ العَبّرآتَ آلسَلآمُ عَلىْ آلدمَآءَ آلزآكيِآتَ السَلآمُ علىْ الدمِآءَ السَآئِلآتَ السَلآمُ عَلىْ الأروآحَ الطآهِرآتَ السَلآمُ علىْ الأجسَآد العآرياتَ
۞ اْلَخِـيَـمْه آلَفاَطِمّيَة اْلَحُسـينيَة الخـآمـسـة وَ الأربعون / الـتـجـارة مـع الله عزَ وَ جِل ۞
ورد في الرواية : ( إنما الدنيا سُوق ربح فيها قوم و خسر آخرون )
وعن أمير المؤمنين عليَه السلآم : ( ألا فتزودوا في الدنيا من الدنيا ما تحرزون أنفسكم به غداً )
و ورد عن أمير المؤمنين "عليَه السلآم" : ( إن الدنيا دار صدق لمن صدقها و دار عافية لمن فهم عنها و دار غنى لمن تزود منها و دار موعظة لمن إتعظ بها ، مسجد أحباء الله و مصلى ملآئكة الله و مهبط وحي الله و متجر أولياء الله إكتسبوا فيها الرحمة و ربحوا فيها الجنة )
فالدنيا يأتي إليها الإنسان مرة واحدة و لن يعود إليها و مشكلتها أن أيامها تنقضي بسرعه كلمح البصر .
لهذا علينا أن نغتنم فرصة وجُودنا في هذه الدنيا قبل أن يُنادى فينا بالرحيل ، فنعمد إلى إعمار آخرتنا ولا يكون ذلك إلا بالتجارة مع الله عز وَ جل لنيل مرضاته .
( إِنَّ اللهَ اشْتَرَىْ مِنَ الْمُؤمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَ لهُمُ الْجَنَّةَ )
و ورد عن أمير المؤمنين "عليَه السلآم" : ( ألا إنه ليس لأنفسكُم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلاّ بها )
و الوصول إلى الجنة لا يكُون إلا بجناحي الإيمان و العمل الصالح كما قال تعالىْ : ( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَ أَقَامُواْ الصَّلَوةَ وَ أَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَ عَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ )
بينما المنافقون خسرت تجارتهم : ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَروُاْ الضَّلَالَةَ بِالهُدىْ فَمَا رَبِحَت تجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَديِنَ )
و الأنبياء عليهم السلام هم الذين يؤمنون لنا هذه التجارة الرابحة ( هَلْ أَدُلُكُمْ عَلىْ تِجارَة تُنجِكُم مِّنْ عّذابٍ أَلِيمٍ ) فعلينا أن نتاجر مع الله لأنه لا يغش و لأنه أفضل شريك ( أنا من وراء تجارة كل تاجر ) و التجارة مع الله ليست بحاجة إلى رخصة تجارية و معاملات رسمية بل الباب مفتوح ( الحمدلله الذي لا يغلق بابه و لا يرد سائله ) و ليس لها وقت مخصوص ، فيمكننا العمل بالليل و النهار ، ففي الرواية ( الوصول إلى الله سفر لا يدرك إلا بإمتطاء الليل ) .
فلو كان يعمل في شركة و هناك ساعات إضافية ، أما كان يعمل بكل جد و إجتهاد
و هناك أوقات تتضاعف فيها الحسنات خاصة في شهر رمضان فقد ورد عن رسُول الله – صلىْ الله عليَه وآله وَسلِم - : ( من تلا فيه آية كان كمن ختم القرآن في غيره من الشهور )
و الربح الأكبر و الأجر العظيم في عاشوراء ، لأنه فيه تُصب الرحمة و يُستوجب الغفران
وكما إن التاجر يعى إلى مكان فيه إزدحام لزيادة الربح كذلك هناك أماكن تصب فيه الرحمة صباً مثل مقامات الأئمة عليهم السلام و كربلاء و عرفات و مكة و المدينة .
وفي هذا السوق بضائع فاسدة كاسدة هي متاع الكفر و بضاعة الشيطان إنتاج شركة إبليس للإستيراد و التصدير وهي الممنوعات و المحرمات ومنها :
1-الزنا : ( و لا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة و ساء سبيلاً )
2-الخمر : ( إنما الخمر و الميسر رجس من عمل الشيطان فإجتنبوه )
3-القتل : ( و لا تقتلوآ النفس التي حرمَ الله إلا بالحق )
وفي هذا السوق بضائع مهمه وهي الخيرات و المستحبات التي ينبغي المسارعه إليها ( إنهم كانوآ يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغباً و رهباً و كانوا لنا خاشعين )
و هذه التجارة تنتهي حال الموت ( قُل لعبادي الذين ءامنُوا يُقيموا الصلاة و ينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيعٌ فيه ولا خلال )
فعلينا أن نسارع في الخيرات قبل فوات الأوان و نبيع أنفسنا و اموالنا من أجل نيل رضا الله عز وَ جل
أقول : إن التاجر الأكبر هو أمير المؤمنين عليه السلام فقد نزل فيه قوله تعالىْ ( ومن الناس من يشرى نفسه إبتغاء مرضات الله و الله رءُوف بالعباد ) لما بات على فراش النبي – صلىْ الله عليَه و آله وسلم – يفديه بنفسه .
وكذلك الإمام الحُسين عليه السلام جاد على الله بكل ما يملك كما قال الشاعر
نـفـسـي الـفـداء لـفـادٍ شـرع والـده بـنـفـسـه و بـأهـلـيـه و مـا مـلـكـا
ولذا لما خرج من المدينة أخرج معه نساءه و أطفاله و كل ما يملك ، ولكن قبل خروجه أقبل يودع قبر جده رسُول الله – صلىْ الله عليَه وآله وَسلِمْ – فصلىْ ركعتين عند قبر جده ، ثم رفع طرفه نحو السماء و قال : ( اللهُم هذا قبر نبيك و أنا إبن بنت نبيك وقد حضرني من الأمر ماقد علمت ، اللهم إني أحب المعروف و أنكر المنكر ، فأسألك يا ذا الجلال و الإكرام بحق هذا القبر ومن فيه إلا أخترت لي مالك فيه رضا و لرسولك فيه رضا و لهذه الأمه فيه أجر وَ صلآح )
ثم صفَّ قدميه فلم يزل قائماً و قاعداً و راكعاً و ساجداً حتى الصباح ثم عاد إلى منزله و لما كان اليوم الثاني أقبل إلى حرم جده و صلى عند قبره و إلتفت إلى قبر جده صاح : يا جداه أنا الحُسين ابن فاطمة عليها السلام فرخك و إبن فرختك و سبطك الذي خلفتني في أُمتك ، فإشهد عليهم يا رسُول الله أنهم قد خذلوني و ضيعوني و هذه شكواي إليك حتى ألقاك ، ثم بكىْ و وضع رأسه على قبر جده يبكي و يبكي و يبكي إلى أن غفت عيناه ، و إذا هو بجده رسُول الله – صلىْ الله عليَه وآله وَسلِمْ – في كتيبة من الملائكة و رعيل من الأنبياء ضم الحُسين "عليَه السلآم" إلى صدره ، و قال : بني حُسين كأني بك عن قريب مذبوحاً بأرض كرب و بلاء بين عصابة من أُمتي لا أنالهُم الله شفاعتي و أنت عطشان لا تُسقىْ وظمآ لا تُروىْ .
بُني حسين : إن أمك و أباك و أخاك قدموآ علي وهم مشتاقون إليك فالعجل العجل ، قالوا : فصار الحُسين عليَه السلام ينظر في منامه إلى جده رسُول الله – صلىْ الله عليَه وآله وسلِم – و يبكي و يقول : يا جد لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا خُذني معك اسأل الله أن يقبض روحي . أدخلني في قبرك حتى أستريح من هذه المصائب ، فقال له جده رسول الله – صلىْ الله عليَه وآله وسلِم - : يا بُني يا حُسين لابد لك من الرجُوع إلى الدُنيا حتى تذوق الشهادة فتنال ماقد كتب الله لك من الأجر العظيم و المنازل الرفيعه و الدرجات العالية .
ضُمني عندك يا جداه في هذا الضريح علَّني ياجد من بلوىْ زماني استريـح
ضاق يا جدَّاه من رحب الفضا كل فسيح فعسى طود الأسى يندك بين الدكتين
جـدُّ صـفو العيـش بعدك بالأكدار شيب و أشاب الهم رأسي قبل إبّان المشيب
فـعـلا مـن داخـل القبر بكاءٌ و نحيب و نـداءٌ بـ إفتجـاع ياحـبيبـي يا حُـسـيـن
ستـذوق المـوتَ ظُلمـاً ظاميـاً فـي كربلاء و ستبقـىْ فـي ثراهـا ثاوياً منجدلاً
و كأنــي بـ لـئـيـم الأصـل شمرٍ قـد عـلآ صـدرَك الـــطـاهـر يـحـزُّ الـودجـيـن
كل شيء له ثمن لا يمكن أن تنال هذه الدرجات حتى تقف على مصرع ولدك علي الأكبر "عليَه السلآم" فتراه مقطعاً بالسيوف ، لا يمكن أن تنالها حتى تقف على مصرع أخِيكَ أبي الفضل العباس عليَه السلآم فتراه مقطوع اليدين مرضوض الجبين السهم نابت في العين .
يا خـوي إنكسر ظهري ولا أقدر أقوم صرت مركز يا خـوي لكل الهمـوم
يا خـوي إسـتـوحـدنـي عـقـبـك الـقـوم ولا واحـد عـلـيَّ بــعــد يـنــغــــــر
بعد ، ماثمنها يا رسُول الله ؟! ثمنُها أن تحمل طفلك على صدرك فيُذبح بسهم حرملة من الوريد إلى الوريد . لا تنال هذه المنازل حتى ترى زينب واقفة على التل تنادي : نور عيني يا حُسين ، أخي يا حُسين ، عزيزي يا حُسين إن كنت حياً فأدركنا ، فهذي الخيل قد هجمت علينا ، و إن كنت ميتاً فأمرنا و أمرُك إلى الله
تـصيـح بـصـوتـها يا حسين وينك يا خـوي جاوب وصدلي بعينك
يا خــوي ذاب قـلـبـي مـن ونـيـنـك مـوش قـلـبـي صـخر مـرمـر
لما سمع الأمام الحُسين "عليَه السلآم " نداء أُخته زينب قام قائماً على قدميَه مشىْ خطوات سقط على وجهه ، قام ثانياً فسقط ، قام ثالثاً فسقط ، عند ذلك نادى برفيع صوته : ( يا شيعة آل أبي سُفيان ويا حزب الشيطان ، إن لم يكن لكم دين و كنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم أو إرجعوآ إلى أحسابكم و أنسابكُم ، إن كنتم عرباً كما تزعمون )
ناداه شمرٌ : ما تقول يابن فاطمة ؟ فقال "عليه السلآم" : ( أنا الذي أُقاتلكم و تُقاتلوني و النساء ليس عليهن جناح فإمنعوآ عتاتكم و جهالكم عن التعرض لحرمي ما دُمت حياً )
عند ذلك إنكفأ الجيش نحُو الحُسين "عليَه السلآم" بين ضارب بسيف و طاعن برمح هذا و أُخته زينب "عليه السلام" واقفه تنظر " ساعد الله قلبك ياسيدتي ومولاتي زينب "
إلـهيَّ بحق الحسين و أخيه وَ جده و أبيَه وَ أمُه وَ بنيَه وَ شيعتَه وَ مواليَه وَ قبرَه وَ سآكنيَه وَ زوارَه وَ مجاوريَه خلصني مِنَ الغم الذيَّ أنا فيَه
ياقاضي الحاجات يا سميع الدعوات يا منزل البركات يادافع البليات برحمتك يا أرحم الراحمين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُم كُنْ لِوليُّك الحُجةِ ابن الحسن صلَواتُك عليهِ وعلى ابائِه في هذه الساعة وفي كلِ ساعة ولياً وحافِظْا وقائِداً وناصراً ودليلاً وعَيّنا حتى تُسكِنَهُ ارضَك طوعا وتُمتِعهُ فيها طويلاً برحمتِك يا ارحمْ الراحِمين
وَ صَلىْ الله عَلىْ مُحَمِدَ وَ آلِ مُحَمِدَ آلطَيبيِنَ آلطآهرِينَ
مِنَ قلِبَ اْلَخِـيَـمْ آلَفاَطِمّيَة اْلَحُسـينيَة مُشرفة أحَلىْ روضَة بآلعَآلِمْ / آلنُورَ آلحُسينيَّ
نسألكُم الدعَآءَ