اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك عدوهم وأنصرنا بهم ياالله
مشكاة الأنوار ..أم الأطهار ..يا زهراء ..(6)
هي زينةُ الكونْ ، زهراءٌ تزهرُ لأهل السماء ، كما تزهر النجوم لأهل الأرض ،
هي نظام العالم ، أبعاد الوجود ، أساس لكل خير ، منهاج لكل الأباة ...فاطمة و أنعم بها ..!!
و لا زالت قوافل النور ..تمر على تلك المحطات النيرة في حياة البتول ،
و التي أثبتها القرآن –تصريحاً- في معظم آياته الكريمة ، التي نزلت من لدن عزيز حكيم ..
فبوركت من هي مثل فاطم ، يذكرها القرآن و تلهج باسمها هذه الأكوان ..!!
المحور الثاني من بحثنا
( من الولادة حتى الشهادة طريق معبد بالظلم )
الجزء السادس
مصحف فاطمة (عليها السلام ) ..
بادئ ذي بدء لابد من تبيان معنى المصحف ، لأن مع تعريف المصحف نستطيع
أن نقف على ملابسات القصة ، فقد جاء في تعريف المصحف كما في كتاب :
فيض القدير شرح الجامع الصغير – للمناوي- ج 1 ص 470 .
(" مصاحفكم " بالذهب والفضة جمع مصحف مثلث الميم ، وأصله الضم كما في الصحاح ؛
لأنه ماخوذ من أصحف أي جمعت فيه الصحف أي الكتب ) .
وفي لسان العرب – ابن منظور- ج 9 ص 186 فصل الصاد المهملة .
(عن الكسائي قال الأزهري : إنما سمي المصحف مصحفاً ؛ لأنه أُصحِف ،
أي جُعل جامعاً للصحف المكتوبة بين الدفتين ، قال الفراء : يقال مُصحف ومصحَّف ،
كما يُقال مُطرف ومطرَّف ، قال وقوله مصحف من أُصحِف ، أي جمعت فيه الصُحف) .
والكثير الكثير مما ذكره النُحاة عزفت عن ذكره فمن شاء فليراجع .
إذن أحبتي المصحف ممكن أن يكون قرآناً ، وممكن أن لا يكون إلا مجموعة أوراق صُحِفت ، أي جمع بعضها إلى البعض ، ولم يكن ذلك اللفظ علماً للقرآن في عصر نزوله ، وإنما صار علماً له بعد رحيل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهذا يعد دليلاً قاطعاً على كون المصحف بالأصل لفظة مصروفة إلى غير القرآن ، أو قل القرآن يدخل ضمناً في إحدى مصاديق المصحف .
الكرام المنصفون :
لو نتتبع التاريخ الصحيح لوجدنا أن كُل صحابي يمتلك مصحفاً ، وهذا الأمر طبيعي ، بل الصحابي أولى من غيره أن يمتلك المصحف الذي شاهد نزول آياته وعايش أحداثها وعرف أسبابها ، فلا نستبعد لو سمعنا بمصاحف لجمع من الصحابة ، لكن الذي يوجب العجب والأسف أن يقول القائل أن المصحف هو قرآن لاغير!! (حبيبي بدل عقلك افضلك )
وبما وأن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام ) عندها مصحف إذاً هو قرآن ، وبما أنه لايوجد فيه حرف واحد من القرآن إذاً هو قرآن آخر مغاير لهذا القرآن !
حقاً عجباً ويريك الزمان العجائب !
وبما أن الشيعة يعتقدون بهذا المصحف ، إذاً يعتقدون بوجود قرآن آخر غير هذا القرآن ! وعلى هذا الضوء فهم يمتلكون قرآناً آخر !
وبما أنهم يطرحون مثل هذه الشبهات أطرح عليهم هذا السؤال : هل هذا منطق أهل العلم ؟!!
بل تباً للعلم وأهله إذا كانوا يعتقدون بهذا المعتقد الذي يأبى الإسلام أن يكون مادته من هذا التخريف !
إن أهل الحديث نسبوا إلى بعض الصحابة ( وإن كان يعز علي أن أطلق عليهم لفظ الصحابة ) نقلوا أن لهم مصاحف تتخالف فيما بينها ، يزعمون صحتها ، ويصرون على أن ما فيها من المخالفات : قرآن ! وهذا أمر مخالف للضرورة ولإجماع الأمة على الإلتزام بتمامية هذا القرآن المتداول ، ورفض ما سواه ، مهما كان منقولاً عن صحابي أو غيره ؟ فإذا كانت العلة في كوننا لدينا قرآن مغاير للقرآن المتداول تحت عنوان لفظة مصحف ، فلماذا لاتطرد نفس العلة ويقال أن السنة لديهم قرآن آخر مغاير لهذا القرآن الموجود بين الدفتين ؟
لاسيما يزعمون صحتها ويصرون على أن ما فيها من المخالفات : قرآن !
المصحف الأول :
مصحف أبي بن كعب
فقد ذكر في المجموع – محي الدين النووي= ج 3 ص 497
" فقد حكى القاضي عياض اتفاقهم على أنه لا يتعين في القنوت دعاء ، إلا ما روي عن بعض أهل الحديث أنه يتعين قنوت مصحف أبي بن كعب ( اللهم إنا نستعينك ونستغفرك... إلى آخره ، بل مخالف لفعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فانه كان يقول
( اللهم انج الوليد ابن الوليد وفلانا وفلانا اللهم اللعن فلانا وفلانا ،.. الخ الرواية " .
فالسؤال الذي يرد في المقام إذا كان المصحف هو القرآن بنظركم ولا يتعدى غيره فكيف تفسرون الذي ورد في مصحف أبي بن كعب ؟! لاسيما أنه يذكر نصوصا غير موجودة في القرآن الذي بين الدفتين ! إلا أن يكون فيه شروحات وأقوال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟! .
فإن قلتم بذلك فمن باب أولى السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام ) ، و أقرب وأشمل ! وإن قلتم لا ، فهذا يستلزم التحريف الصريح وهذا لا يقول به قائل ! .
والأغرب من ذلك والأعجب منه ، أن هناك من ذكر هذا الذي ذكر مصحف أبي بن كعب هو قرآن ، فقد ذكر في المغني – عبد الله بن قدامة ج 1 ص 785 " عن عمر أنه قنت في صلاة الفجر فقال: " بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ................ الخ وهاتان سورتان في مصحف أبي بن كعب ، و روى أبو عبيده بإسناده عن عروه أنه قال : " قرأت في مصحف أبي بن كعب هاتين السورتين " .
وهذا الكلام أشد وطأة من سابقته ، فإن تمسكنا بهذا فقط دون الإشارة إلى غيره من كلام في مصاحف الصحابة والتابعين كان كافياً في بطلان ما زعمتم به ! .
مصحف عبد الله بن مسعود :
جاء في مستند أحمد – الإمام أحمد بن حنبل- ج 5 ص 129 : " حدثني أبي ثنا عن عثمان ثنا حملد بن سلمه ثنا عاصم بهدلة عن زر بن جبيش قال : قلت لأبي بن كعب أن ابن مسعود كان لايكتب المعوذتين في مصحفه ........ الخ "
إذاً ما بال الكتاب ومن يحذو حذوهم ؛ عندما يمرون بمصحف فاطمة يتوقفون توقف الأصم ويجمدون على كونه قرآناً يتعبد به الشيعة الإمامية وتعليلاتهم تمضي حيث يشاؤون ؟
مصحف عائشة :
روى ابن جرير من طريق هشام بن عروة ، عن أبيه قال كان في مصحف عائشة ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي العصر ) وغيرها من الروايات التي ذكرت مصحف عائشة .
ومع انفراد عائشة بهذه الزيادات وعدم وضوح دور لها في كتابة القرآن في عصر النبوة ولا بعده ، وإنما أوكلت الأمر إلى ناسخه ، وهو غلامها فإن مخالفة ماجاءت به للنص المتواتر تكفي للقول بوجود تحريف ! إن فسرنا على ضوء تفسريكم لمصحف فاطمة أو الجامعة ! والعجيب في نسبة مصحف إليها ، وأقصد لعائشة لمجرد هذه الزيادة ؟ فهل هو من أجل إثبات اسمها في مثل هذا المعترك المهم ؟
كما تدخلت بنفسها في معارك الحروب الداخلية بين المسلمين ! ؟
أم كان ذلك للتسوية بينها وبين ضرتها حفصة التي كان لها مصحف ؟
ولا يبعد هذا ، لأن القصة المثبتة في مصحفها تتفق مع قصة مصحف حفصة تماماً ، في أنها أمرت إنساناً أن يكتب لها مصحفاً .
مصحف حفصة :
فقد جاء في نيل الأوطار – الشوكاني- ج 1 ص 400 حديث يونس مولى عائشة الخ : ويختص حديث حفصة بما روى يزيد بن هارون ، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن عمرو بن رافع قال : كان مكتوباً في مصحف حفصة بنت عمر : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر " .
وأيضاً في تفسير القرطبي ج 2 ص 198 عند تفسير قوله تعالى : " إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ
................... إلى قوله تعالى: " وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ المُسخَّر. وفي مصحف حفصة (( وتصريف الارواح)).
أعتقد أن هذه المصاحف قد افتُعلَت كلها من أجل مقابلة مصحف فاطمة (عليها السلام) .
فكيف يكون لابنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) مصحف ، ولا يكون لأزواج النبي (صلى الله عليه وآله) مصاحف ؟
الجزء الأخير يأتي بإذن الله تعالى
هبة الله شرف الدين
النجف الأشرف
و لازلنا ننهل من فاطم ، فبنورك و من قدسك ، يا بنت النبي إروينا ...!!
و من آيات القرآن ، يا بنت الهدى ، اتلي علينا ..!!
نعم ..هذه وقفة قرآنية أخرى مع السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام ) ، القرآن الناطق ..!!
هناك حينما وقفت النصرانية ، في مقابل الحنيفية ، استنجد الدين بها ..
فاطم و أبوها و بعلها و بنوها ..!! انقذوا الدين و العقيدة ..!!
لقد كان نصارى بني نجران كما تروي الروايات على خلافٍ مع
نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه و آله )
، حول مسألة بنوة عيسى (على نبينا و آله و عليه الصلاة و السلام)
لله و العياذ بالله من كلامهم ، فتقدموا و انتهوا لحل المباهلة ،
و هكذا اتفق الطرفان ، الصادقون في مقابل الكاذبين ، قال تعالى " :
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا
نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا
وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) "
فذا نبي الرحمة ، صلى الله عليه و آله ، يتقدم محتضنا الحسين عليه السلام ،
ممسكاً بيد الحسن المجتبى (عليه السلام) ، خلفه خير النساء (عليها السلام ) ،
خلفها يمشي خير الخلق من بعده نفسه و هو علي بن أبي طالب (عليه السلام )
أتوا خيـر الخـلـق يبـاهـلـوا ~~~~ أنعم بقوم اختارهم الله لأمرهِ
هــذا النـبـي الأمـي أحــمـدٌ ~~~~ والسـبط الحسين على صدرهِ
و الحـسـن الـزكي ممسـكـاً ~~~~ والـبتـول تمـشـي مـن خـلـفـهِ
و خلفها ليث الغاب حيدرة ~~~~ ذاك مـن فـدى الديـن بـنـفـسهِ
و عندما رأى النصارى ، أن النبي محمد (صلى الله عليه و آله ) إختار أهل بيته (عليهم السلام )
و أقرب الناس لقلبه ، عرفوا أنه جادٌ و صادق، و حسب تعبيرهم فقد رأوا وجوهاً لو أقسمت
على الله تعالى ، أن يزيح جبلاً من مكانه لانزاح ، و حسب تعبير أهل البيت (عليهم السلام )
لو باهلوا لاتخسفت الأرض بهم ، و لكنهم لم يباهلوا رسول الله (صلى الله عليه و آله ) ..!!
نعم يا أهل العالم ..!! من أراد أن يحمي الدين ، ففاطم أولى بذلك ، و فاطم هي ركن الدين القويم ،
لولاها لم يبقى هذا الدين حتى يومنا هذا ..!!
إذا كان رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم ) أتى بخير النساء و سيدتهم ، فلما يأتي بغيرها
في المباهلة ..؟! هي خير النساء ، و هي تغني عن كل نساء الدنيا لو حضرت فلا وجود لغيرها
سلام الله و صلواته و رحمته و بركاته عليها ..!!
اللهم صلِّ على فاطمة و أبيها ، و بعلها ، و بنيها ، و اجلعني من مواليها ..!!
نسأل الله تعالى القبول و أهل البيت الشفاعة ...
((اللهم كان لوليك الحجة بن الحسن ، صلواتك عليه و على آبائه ، في هذه الساعة و في كل ساعة ،
ولياً و حافظاً ، و قائداً و ناصراً ، و دليلاً و عيناً ، حتى تسكنه أرضك طوعاً و تمتعه فيها طويلاً ))
قام على العمل : خُدَّام السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام ) :
السيد هبة الله شرف الدين ، بريق العباس (عليه السلام) ،
مسك النبي الهادي (صلى الله عليه و آله ) ، المودة في القربى .
لا يحل نقل العمل دون ذكر الكاتب و المصدر : منتديات سماحة السيد الفاطمي حفظه الله و رعاهـ
