
اللهُمَّ صلَّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدْ أَوْلِيَائِكَ الَّذِينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَ دِينِكَ ، وَ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزِيلَ مَا عِنْدَكَ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ الَّذِي لَا زَوَالَ لَهُ وَ لَا اضْمِحْلَالَ ، بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ فِي دَرَجَاتِ هَذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ وَ زُخْرُفِهَا وَ زِبْرِجِهَا ، فَشَرَطُوا لَكَ ذَلِكَ ، وَ عَلِمْتَ مِنْهُمُ الْوَفَاءَ بِهِ فَقَبِلْتَهُمْ وَ قَرَّبْتَهُمْ وَ قَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ الْعَلِيَّ وَ الثَّنَاءَ الْجَلِيَّ
ولنكمل مع القارئ ما ابتدئ من الوقفات :
الْوَقْفَة الْسَّابِعَة عَشَر :

الْإِمَام الْجَوَاد ( عَلَيْه الْسَّلَام ) وَرَيْث الْإِمَامَة وَهُو ابْن سَبْع ، فَبِاشَر الْتَّعْلِيْم وَالْتَّثْقِيْف لِكَافَّة الْنَّاس وَاسْتَفَاد مِن عِلْمِه كِبَار الْعُلَمَاء وَالْمُلْفِت لِلْنَّظَر أَن الْإِمَام الْجَوَاد ( عَلَيْه الْسَّلَام ) قَد فَارَقَه أَبُوْه الْرِّضَا حِيْنَمَا سَافَر إِلَى خُرَاسَان وَهُو ابْن خَمْس وَاسْتُشْهِد الْإِمَام الْجَوَاد
( عَلَيْه الْسَّلَام ) وَهُو ابْن خَمْس وَعِشْرِيْن سَنَة.
فَكَيْف يَكُوْن عَالِم الْأُمَّة وَمُرْشِدَهُا ، وَمُعَلِّم الْعُلَمَاء ومُثَقَفَهُم ، وَقَد رَجَعْت إِلَيْه الْشَّيْعَة وَعُلَمَاؤُهَا بِهَذَا الْعَمَإ اذَا لَم يَكُن الْتَّعْلِيْم الْرَّبَّانِي
هُو الْمَنْبَع الَّذِي يَسْتَقِي مِنْه هَذَا الْإِمَام الْهُمَام .
الْوَقْفَة الْثَّامِنَة عَشَر :

اشْتَهَرَت عَن الْجَوَاد ( عَلَيْه الْسَّلَام ) مَعَاجِز وَكِرَامَات كَثِيْرَة تُؤَيِّد ارْتِبَاطِه بِالْلَّه تَعَالَى و مِنْهَا :
عَن مُحَمَّد بْن مَيْمُوْن أَنَّه كَان مَع الْإِمَام الْرِّضَا ( عَلَيْه الْسَّلَام ) بِمَكَّة قَبْل خُرُوْجِه إِلَى خُرَاسَان ، قَال : قُلْت لَه : إِنِّي أُرِيْد أَن أَتَقَدَّم إِلَى الْمَدِيْنَة فَاكْتُب مَعِي كِتَابَا إِلَى أَبِي جَعْفَر ( عَلَيْه الْسَّلَام ) ، فَتَبَسَّم وَكَتَب ، فَصِرْت إِلَى الْمَدِيْنَة ، وَقَد كَان ذَهَب بَصَرِي ، فَأَخْرَج الْخَادِم أَبَا جَعْفَر ( عَلَيْه الْسَّلَام ) إِلَيْنَا يَحْمِلُه مِن الْمَهْد ، فَنَاوَلْتُه الْكِتَاب ، فَقَال لِمُوَفَّق الْخَادِم : ( فَضِّه وَانْشُرْه ) ، فَفَضَّه وَنَشَرَه بَيْن يَدَيْه ، فَنَظَر فِيْه ثُم قَال لِي :
( يَا مُحَمَّد مَا حَال بَصَرَك )
؟قُلْت : ( يَا ابْن رَسُوْل الْلَّه اعْتَلَت عَيْنَاي فَذَهَب بَصَرِي كَمَا تَرَى ) ، فَقَال :
( أُدَن مِنِّي ) ، فَدَنَوْت مِنْه ، فَمَد يَدَه فَمَسَح بِهَا عَلَى عَيْنِي ، فَعَاد إِلَي بَصَرِي كَأَصح مَا كَان ، فَقَبَّلْت يَدَه وَرِجْلَه ، وَانْصَرَفَت مِن عِنْدَه وَأَنَا بَصِيْر
وَكَرَامَة اخْرَى ....

عَن أَبِي بَكْر بْن إِسْمَاعِيْل ، قَال : قُلْت لِأَبِي جَعْفَر ( عَلَيْه الْسَّلَام ) : إِن لِي جَارِيَة تَشْتَكِي مِن رِيْح بِهَا ، فَقَال : ( ائْتِنِي بِهَا ) ، فَأَتَيْت بِهَا ،
فَقَال لَهَا : ( مَا تَشْتَكِيْن يَا جَارِيَة ) ، قَالَت : رِيْحَا فِي رُكْبَتِي ، فَمَسَح يَدَه عَلَى رَكِبْتُهَا مِن وَرَاء الثِّيَاب ، فَخَرَجْت الْجَارِيَة مِن عِنْدَه ، وَلَم تَشْتَك وَجَعَا بَعْد ذَلِك .
وَكَرَامَة اخْرَى ....

عَن عَلِي بْن جَرِيْر ، قَال : كُنْت عِنْد أَبِي جَعْفَر ( عَلَيْه الْسَّلَام ) جَالِسَا ، وَقَد ذَهَبَت شَاة لِمَوْلَاة لَه ، فَأَخَذُوا بَعْض الْجِيْرَان يَجُرّونهُم إِلَيْه ، وَيَقُوْلُوْن : أَنْتُم سَرَقْتُم الْشَّاة ، فَقَال أَبُو جَعْفَر ( عَلَيْه الْسَّلَام ) : ( وَيْلَكُم خَلَّوْا عَن جِيْرَانَنَا ، فَلَم يَسْرِقُوْا شَاتَكُم ، الْشَّاة فِي دَار فُلَان ، فَاذْهَبُوْا فَأَخْرَجُوْهَا مِن دَارِه ) ، فَخَرَجُوْا فَوَجَدُوْهَا فِي دَارِه ، وَأَخَذُوا الْرَّجُل وَضَرَبُوه وَخَرَقُوا ثِيَابَه ، وَهُو يَحْلِف أَنَّه لَم يَسْرِق هَذِه الْشَّاة ، إِلَى أَن صَارُوْا إِلَى أَبِي جَعْفَر ( عَلَيْه الْسَّلَام ) فَقَال: ( وَيْحَكُم ظَلَمْتُم هَذَا الْرَّجُل ، فَإِن الْشَّاة دَخَلَت دَارِه وَهُو لَا يُعْلِم بِهَا ) ، فَدَعَاه فَوَهَب لَه شَيْئا بَدَّل مَا خُرِق مِن ثِيَابِه وَضَرَبَه .
وَكَرَامَة اخْرَى ....

عَن الْقَاسِم بْن الْمُحْسِن ، قَال : كُنْت فِيْمَا بَيْن مَكَّة وَالْمَدِيْنَة ، فَمَر بِي أَعْرَابِي ضَعِيْف الْحَال ، فَسَأَلَنِي شَيْئا فَرَحَمِتَه ، فَأَخْرَجَت لَه رَّغِيْفَا فَنَاوَلْتُه إِيَّاه ، فَلَمَّا مَضَى عَنِّي هَبَّت رِيْح زَوْبَعَة ، فَذَهَبْت بِعِمَامَتِي مِن رَأْسِي ، فَلَم أَرَهَا كَيْف ذَهَبْت ، وَلَا أَيْن مَرَّت ، فَلَمَّا دَخَلْت الْمَدِيْنَة صِرْت إِلَى أَبِي جَعْفَر ( عَلَيْه الْسَّلَام ) ، فَقَال لِي : (يَا قَاسِم ذَهَبَت عِمَامَتَك فِي الْطَّرِيْق ؟ ) قُلْت : نَعَم ، فَقَال : ( يَا غُلَام أَخْرِج إِلَيْه عِمَامَتِه ) ، فَأَخْرَج إِلَي عِمَامَتِي بِعَيْنِهَا ، قُلْت
: يَا ابْن رَسُوْل الْلَّه ، كَيْف صَارَت إِلَيْك ؟ قَال : ( تَصَدَّقْت عَلَى الْأَعْرَابِي فَشَكَرَه الْلَّه لَك ، وَرَد إِلَيْك عِمَامَتَك ، وَإِن الْلَّه لَا يُضِيْع أَجْر الْمُحْسِنِيْن) .
وَكَرَامَة اخْرَى ....

عَن الْمُطَرِّفِي ، قَال : إِن الْإِمَام الْرِّضَا ( عَلَيْه الْسَّلَام ) مَضَى ، وَلِي عَلَيْه أَرْبَعَة آَلَاف دِرْهَم ، فَقُلْت فِي نَفْسِي : ذَهَبَت ، فَأَرْسَل إِلَي أَبُو جَعْفَر
( عَلَيْه الْسَّلَام ) : ( إِذَا كَان غَدَا فَأْتِنِي ، وَمَعَك مِيْزَان وَأَوْزَان ) ، فَدَخَلْت عَلَيْه ، فَقَال : ( أَبُو الْحَسَن مَضَى وَلَك عَلَيْه أَرْبَعَة آَلَاف دِرْهَم ) ، فَرَفَع الْمُصَلَّى الَّذِي كَان تَحْتَه ، فَإِذَا دَنَانِيِر تَحْتَه ، فَدَفَعَهَا إِلَي وَكَانَت بِقِيْمَتِه .
وَكَرَامَة اخْرَى ....

عَن مُحَمَّد بْن عَلِي الْهَاشِمِي قَال : دَخَلْت عَلَى أَبِي جَعْفَر صَبِيّحَة عُرْسِه بِأُم الْفَضْل بِنْت الْمَأْمُوْن ، وَكُنْت تَنَاوَلْت مِن الْلَّيْل دَوَاء فَقَعَدْت إِلَيْه ، فَأَصَابَنِي الْعَطَش ، فَكَرِهْت أَن أَدْعُو بِالْمَاء ، فَنَظَر أَبُو جَعْفَر فِي وَجْهِي وَقَال : ( أَرَاك عَطْشَان ) ، قُلْت : أَجَل ، قَال : ( يَا غُلَام اسْقِنَا مَاء ) .
قُلْت فِي نَفْسِي : الْسَّاعَة يَأْتُوْن بِمَاء مَسْمُوْم ، وَاغْتَمَمْت لِذَلِك ، فَأَقْبَل الْغُلَام وَمَعَه الْمَاء ، فَتَبَسَّم أَبُو جَعْفَر فِي وَجْهِي ، ثُم قَال لِلْغُلَام : ( نَاوِلْنِي الْمَاء ) ، فَتَنَاوَلَه فَشَرِب ظَاهِرَا ، ثُم نَاوَلَنِي فَشَرِبْت وَأَطَلْت الْمَقَام وَالْجُلُوْس عِنْدَه ، فَعَطِشَت فَدَعَا بِالْمَاء ، فَفَعَل كَمَا فَعَل فِي الْأَوَّل ، فَشَرِب ثُم نَاوَلَنِي وَتَبَسَّم .
قَال مُحَمَّد بْن حَمْزَة : قَال لِي مُحَمَّد بْن عَلِي الْهَاشِمِي : وَالْلَّه إِنِّي أَظُن أَن أَبَا جَعْفَر يَعْلَم مَا فِي الْنُّفُوْس كَمَا تَقُوْل الْرَّافِضَة .
وَكَرَامَة اخْرَى ....

عَن عَلِي بْن خَالِد قَال : كُنْت بِالْعَسْكَر ، فَبَلَغَنِي أَن هُنَاك رَجُلا مَحْبُوْسُا أُتِي بِه مِن نَاحِيَة الْشَّام ، مَكْبُوْلا بِالْحَدِيْد ، وَقَالُوْا : إِنَّه تَنَبَّأ ، فَأَتَيْت الْبَاب وَدَارَيْت الْبَوَّابِيْن ، حَتَّى وَصَلَت إِلَيْه ، فَإِذَا رَجُل لَه فَهْم وَعَقَل ، فَقُلْت لَه : مَا قِصَّتُك ؟
قَال : إِنِّي رَجُل كُنْت بِالْشَّام ، أَعْبُد الْلَّه فِي الْمَوْضِع الَّذِي يُقَال إِنَّه نُصُب فِيْه رَأْس الْحُسَيْن ( عَلَيْه الْسَّلَام ) ، فَبَيْنَا أَنَا ذَات لَيْلَة فِي مَوْضِعَي مُقْبِل عَلَى الْمِحْرَاب أَذْكُر الْلَّه ، إِذ رَأَيْت شَخْصَا بَيْن يَدَي ، فَنَظَرْت إِلَيْه ، فَقَال لِي : ( قُم ) .
فَقُمْت مَعَه ، فَمَشَى بِي قَلِيْلا ، فَإِذَا أَنَا فِي مَسْجِد الْكُوْفَة ، فَقَال لِي : ( أَتَعْرِف هَذَا الْمَسْجِد ؟ ) قُلْت : نَعَم ، هَذَا مَسْجِد الْكُوْفَة ، فَصَلَّى وَصَلَّيْت مَعَه ، ثُم انْصَرَف وَانْصَرَفَت مَعَه ، فَمَشَى بِي قَلِيْلا ، وَإِذَا نَحْن بِمَسْجِد الْرَّسُوْل ( صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه ) ، فَسَلَّم عَلَى رَسُوْل الْلَّه ( صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه ) وَسُلِّمَت ، وَصَلَّى وَصَلَّيْت مَعَه ، ثُم خَرَج وَخَرَجَت مَعَه .
فَمَشَى بِي قَلِيْلا ، فَإِذَا نَحْن بِمَكَّة ، فَطَاف بِالْبَيْت وَطُفْت مَعَه ، وَخَرَج فَخَرَجْت مَعَه ، فَمَشَى بِي قَلِيْلا ، فَإِذَا أَنَا بِمَوْضِعِي الَّذِي كُنْت أَعْبُد الْلَّه فِيْه بِالْشَّام ، وَغَاب الْشَّخْص عَن عَيْنَي ، فَتَعَجَّبْت مِمَّا رَأَيْت .
فَلَمَّا كَان فِي الْعَام الْمُقْبِل ، رَأَيْت ذَلِك الْشَّخْص فَاسْتَبْشَرَت بِه ، وَدَعَانِي فَأَجَبْتَه ، فَفَعَل كَمَا فَعَل فِي الْعَام الْأَوَّل ، فَلَمَّا أَرَاد مُفَارَقَتِي بِالْشَّام ، قُلْت : سَأَلْتُك بِحَق الَّذِي أُقَدَّرْك عَلَى مَا رَأَيْت مِن أَنْت ؟
قَال : ( أَنَا مُحَمَّد بْن عَلِي بْن مُوْسَى بْن جَعْفَر ) ، فَحَدَّثْت مَن كَان يَصِيْر إِلَي بِخَبَرِه ، فَرَقِي ذَلِك إِلَى مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِك الْزَّيَّات ، فَبَعَث إِلَي فَأَخَذَنِي ، وكَبَلْنِي فِي الْحَدِيْد ، وَحَمَّلَنِي إِلَى الْعِرَاق ، وَحُبِسَت كَمَا تَرَى ، وَادَّعَى عَلَي الْمِحَال .
فَقُلْت لَه : أَرْفَع عَنْك قِصَّة إِلَى مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِك الْزَّيَّات ، قَال : افْعَل .
فَكَتَبْت عَنْه قِصَّة شَرَحْت أَمْرِه فِيْهَا ، وَرِفْعَتِهَا إِلَى الْزَّيَّات ، فَوَقَّع فِي ظَهْرَهَا ، قُل لِلَّذِي أَخْرَجَك مِن الْشَّام فِي لَيْلَة إِلَى الْكُوْفَة ، وَإِلَى الْمَدِيْنَة وَإِلَى مَكَّة أَن يُخْرِجَك مِن حَبْسِي هَذَا .
قَال عَلِي بْن خَالِد : فَغَمَّنِي ذَلِك مِن أَمْرِه ، وَرَقَقْت لَه وَانْصَرَفَت مَحْزُوْنَا ، فَلَمَّا كَان مِن الْغَد بَاكَرْت الْحَبْس لِأُعَلِّمَه بِالْحَال ، وَآَمِرُه بِالْصَّبْر وَالْعَزَاء .
فَوَجَدْت الْجُنْد وَأَصْحَاب الْحَرَس ، وَصَاحِب الْسِّجْن وَخُلُقَا عَظِيْمَا مِن الْنَّاس يُهْرَعُوْن ، فَسَأَلْت عَنْهُم وَعَن حَالِهِم ، فَقِيْل : الْمَحْمُوْل مِن الْشَّام الْمُتَنَبِّئ افْتَقَد الْبَارِحَة مِن الْحَبْس ، فَلَا يُدْرَى خَسَفَت الْأَرْض بِه ، أَو اخْتَطَفَتْه الْطَّيْر .
وَكَان هَذَا الْرَّجُل أَعِنِّي عَلَي بْن خَالِد زَيْدِيّا ، فَقَال بِالْإِمَامَة لَمَّا رَأَى ذَلِك ، وَحَسُن اعْتِقَادِه .
وَكَرَامَة اخْرَى ....

عَن الْحَسَن بْن عَلِي الْوَشَّاء ، قَال : كُنْت بِالْمَدِيْنَة بَصَرِيّا فِي الْمَشْرُبَة ، مَع أَبِي جَعْفَر ( عَلَيْه الْسَّلَام ) ، فَقَام وَقَال : ( لَا تَبْرَح ) .
فَقُلْت فِي نَفْسِي : كُنْت أَرَدْت أَن أَسْأَل أَبَا الْحَسَن الْرِّضَا ( عَلَيْه الْسَّلَام ) قَمْيِصَا مِن ثِيَابِه فَلَم أَفْعَل ، فَإِذَا عَاد إِلَي أَبُو جَعْفَر ( عَلَيْه الْسَّلَام ) أَسْأَلُه .
فَأَرْسَل إِلَي مِن قَبْل أَن أَسْأَلَه ، وَمِن قَبْل أَن يَعُوْد إِلَي ، وَأَنَا فِي الْمَشْرُبَة بِقَمِيْص ، وَقَال الْرَّسُوْل : يَقُوْل لَك : ( هَذَا مِن ثِيَاب أَبِي الْحَسَن الَّتِي كَان يُصَلِّي فِيْهَا ) .
وَكَرَامَة اخْرَى ....

عَن مُحَمَّد بْن فُضَيْل الْصَّيْرَفِي ، قَال : كَتَبْت إِلَى أَبِي جَعْفَر ( عَلَيْه الْسَّلَام ) كِتَابا ، وَفِي آَخِرِه هَل عِنْدَك سِلَاح رَسُوْل الْلَّه ( صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه ) ؟ وَنَسِيْت أَن أُبْعَث بِالْكِتَاب ، فَكَتَب إِلَي بِحَوَائِج لَه ، وَفِي آَخِر كِتَابِه : ( عِنْدِي سِلَاح رَسُوْل الْلَّه ( صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه ) ، وَهُو فِيْنَا بِمَنْزِلَة الْتَّابُوْت فِي بَنِي إِسْرَائِيْل ، يَدُوْر مَعَنَا حَيْث دُرْنَا ، وَهُو مَع كُل إِمَام ) .
وَكَرَامَة اخْرَى ....

عَن مُحَمَّد بْن الْوَلِيّد الْكِرْمَانِي ، قَال : أَتَيْت أَبَا جَعْفَر ( عَلَيْه الْسَّلَام ) ، فَوَجَدْت بِالْبَاب الَّذِي فِي الْفِنَاء قَوْمِا كَثِيْرا ، فَعَدَلْت إِلَى مُسَافِر فَجَلَسْت إِلَيْه حَتَّى زَالَت الْشَّمْس ، فَقُمْنَا لِلِصَّلَاة ، فَلَمَّا صَلَّيْنَا الْظُّهْر ، وُجِدَت حَسّا مِن وَرَائِي ، فَالْتَفَت فَإِذَا أَبُو جَعْفَر ( عَلَيْه الْسَّلَام ) فُسِّرَت إِلَيْه حَتَّى قَبَّلْت يَدَه ، ثُم جَلَس وَسَأَل عَن مُقَدِّمِي .
ثُم قَال : ( سَلَّم ) ، فَقُلْت : جُعِلْت فِدَاك قَد سَلَّمَت ، فَأَعَاد الْقَوْل ثَلَاث مَرَّات : ( سَلَّم ) ، وَقُلْت ذَاك مَا قَد كَان فِي قَلْبِي مِنْه شَيْء ، فَتَبَسَّم وَقَال : ( سَلَّم ) ، فَتَدارَكْتِهَا وَقُلْت : سَلَّمْت وَرَضِيْت يَا ابْن رَسُوْل الْلَّه ، فَأَجْلَى الَلّه مَا كَان فِي قَلْبِي ، حَتَّى لَو جَهَدْت وَرَمَت لِنَفْسِي أَن أَعُوْد إِلَى الْشَّك مَا وَصَلَت إِلَيْه .
فَعُدْت مِن الْغَد بَاكِرَا ، فَارْتَفَعَت عَن الْبَاب الْأَوَّل ، وَصِرْت قَبْل الْخَيْل ، وَمَا وَرَائِي أَحَد أَعْلَمُه ، وَأَنَا أَتَوَقَّع أَن أَجِد الْسَّبِيل إِلَى الْإِرْشَاد إِلَيْه ، فَلَم أَجِد أَحَدَا حَتَّى اشْتَد الْحَر وَالْجُوْع جَدَّا ، حَتَّى جَعَلْت أَشْرَب الْمَاء أُطْفِئ بِه حَر مَا أَجِد مِن الْجُوْع وَالْخُوَاء ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِك إِذ أَقْبَل نَحْوِي غُلَام قَد حَمَل خَوَّانا عَلَيْه طَعَام وَأَلْوَان ، وَغُلَام آَخَر مَعَه طَشْت وَإِبْرَيْق حَتَّى وُضِع بَيْن يَدَي ، وَقَالَا : أَمَرَك أَن تَأْكُل ، فَأَكَلْت فَمَا فَرَغْت حَتَّى أَقْبَل ، فَقُمْت إِلَيْه فَأَمَرَنِي بِالْجُلُوْس وَبِالأَكل فَأَكَلْت ، فَنَظَر إِلَى الْغُلَام ، فَقَال : ( كُل مَعَه ) ، يُنَشِّط حَتَّى إِذَا فَرَغْت وَرَفَع الْخَوَان ، ذَهَب الْغُلَام لِيَرْفَع مَا وَقَع مِن الْخِوَان مِن فُتَات الْطَّعَام ، فَقَال : ( مَه مَه مَا كَان فِي الْصَّحْرَاء فَدَعْه ، وَلَو فَخُذ شَاة ، وَمَا كَان فِي الْبَيْت فَالَقَطُه ) .
ثُم قَال : ( سَل ) ، قُلْت : جَعَلَنِي الْلَّه فِدَاك ، مَا تَقُوْل فِي الْمِسْك ؟ فَقَال : ( إِن أَبِي أَمَر أَن يَعْمَل لَه مِسْك فِي بَان ، فَكَتَب إِلَيْه الْفَضْل يُخْبِرُه أَن الْنَّاس يَعِيْبُوْن ذَلِك عَلَيْه ، فَكَتَب : يَا فَضْل أَمَا عَلِمْت أَن يُوَسُف كَان يَلْبَس دِيْبَاجا مَزْرُورَا بِالْذَّهَب ، وَيَجْلِس عَلَى كَرَاسِي الْذَّهَب ، فَلَم يَنْقُص مِن حِكْمَتِه شَيْئا ، وَكَذَلِك سُلَيْمَان ، ثُم أَمَر أَن يَعْمَل لَه غَالِيَة بِأَرْبَعَة آَلَاف دِرْهَم ) ، ثُم قُلْت : مَا لِمَوَالِيَك فِي مُوَالَاتِكُم ؟
فَقَال : ( إِن أَبَا عَبْد الْلَّه ( عَلَيْه الْسَّلَام ) كَان عِنْدَه غُلَام يُمْسِك بَغْلَتِه ، إِذَا هُو دَخَل الْمَسْجِد ، فَبَيْنَا هُو جَالِس وَمَعَه بَغْلَة ، إِذ أَقْبَلَت رِفْقَة مِن خُرَاسَان ، فَقَال لَه رَجُل مِن الْرُّفْقَة : هَل لَك يَا غُلَام أَن تَسْأَلَه أَن يَجْعَلَنِي مَكَانَك ، وَأَكُوْن لَه مَمْلُوْكا ، وَأَجْعَل لَك مَالِي كُلِّه ، فَإِنِّي كَثِيْر الْمَال مِن جَمِيْع الْصُّنُوْف ، اذْهَب فَاقْبِضْه وَأَنَا أُقِيْم مَعَه مَكَانَك ، فَقَال : أَسْأَلُه ذَلِك ، فَدَخَل عَلَى أَبِي عَبْد الْلَّه ( عَلَيْه الْسَّلَام ) ، فَقَال : جُعِلْت فِدَاك تَعْرِف خِدْمَتِي وَطُوْل صُحْبَتِي ، فَإِن سَاق الْلَّه إِلَي خَيْرَا تَمَنَعْنِيْه ؟
قَال : أُعْطِيَك مِن عِنْدِي وَأَمْنَعُك مِن غَيْرِي ، فَحَكَى لَه قَوْل الْرَّجُل ، فَقَال : إِن زَهِدَت فِي خِدْمَتِنَا وَرَغِب الْرَّجُل فِيْنَا قَبِلْنَاه وَأَرْسَلْنَاك ، فَلَمَّا وَلَّى عَنْه دَعَاه ، فَقَال لَه : أَنْصَحُك لِطُوْل الصُّحْبَة وَلَك الْخِيَار ، إِذَا كَان يَوْم الْقِيَامَة كَان رَسُوْل الْلَّه ( صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه ) مُتَعَلِّقَا بِنُوْر الْلَّه ، وَكَان أَمِيْر الْمُؤْمِنِيْن ( عَلَيْه الْسَّلَام ) مُتَعَلِّقَا بِنُوْر رَسُوُل الْلَّه ، وَكَان الْأَئِمَّة مُتَعَلِّقِيْن بِأَمِيْر الْمُؤْمِنِيْن ، وَكَان شِيْعَتِنَا مُتَعَلِّقِيْن بِنَا ، يَدْخُلُوْن مَدْخَلَنَا وَيَرُدُّون مَوْرِدُنَا .
فَقَال لَه الْغُلَام : بَل أُقِيْم فِي خِدْمَتِك ، وَأُؤْثِر الْآَخِرَة عَلَى الْدُّنْيَا ، فَخَرَج الْغُلَام إِلَى الْرَّجُل ، فَقَال لَه الْرَّجُل : خَرَجَت إِلَي بِغَيْر الْوَجْه الَّذِي دَخَلْت بِه ، فَحَكَى لَه قَوْلُه وَأَدْخِلْه عَلَى أَبِي عَبْد الْلَّه ( عَلَيْه الْسَّلَام ) فَقَبِل وَلَاءَه ، وَأْمُر لِلْغُلام بِأَلْف دِيْنَار ، ثُم قَام إِلَيْه فَوَدّعَه ، وَسَأَلَه أَن يَدْعُو لَه فَفَعَل ) .
سَلَام الْلَّه عَلَيْك يَا جَوَاد الْأَئِمَّة مِنّا أَبَدا مَا بَقِي الْلَّيْل وَالْنَّهَار وَجَعَلْنَا الْلَّه مِمَّن يَسْتَحِقُّوْن شَفَاعَتِك يَوْم لَا يَنْفَع مَال و لَا بَنُوْن الَا مَن اتَى الْلَّه بِقَلْب سَلِيْم عَامِر بِحُبِّكُم اهْل الْبَيْت
الْحَلْقَة الْسَّادِسَة تَاتِي بِاذْن الْلَّه
هِبَة الْلَّه شَرَّف الْدِّيْن

كَان و لَا زَال و سَيَظَل اسْم مُحَمَّد بْن عَلِي الْجَوَاد عَلَيْهِمَا الْسَّلام إِسْمَا مُخَلَّدا رُغْم كُل مِن يُعَادِي ...و رُغْم أُنُوْف الْظَّالِمِيْن الْطَّاغِين ، فَمُحَمَّد الْجَوَاد نَجْم يَتَلَأْلَأ فِي سَمَآء الْفَضِيْلَة و الْرِّفْعَة ..و مَن عَادَاه فَفِي قَعْر الْرَّذِيْلَة ....هَل هَذَا مُحَمَّد الْجَوَاد ام عِيْسَى بْن مَرْيَم ..؟!!
أَو لَنُصَحِّح الْمَقُولَة : هَل كَان ذَاك عِيْسَى أَم رُوْح مُحَمَّد الْجَوَاد عَلَيْهِمَا الْسَّلام الَّتِي كَانَت تُحْيِي الْمَوْتَى و تَشْفِي الْأَكْمَه و الْأَبْرَص ..؟!!
نَسْأَل الْلَّه الْقَبُول و أَهْل الْبَيْت عَلَيْهِم الْسَّلام الْشَّفَاعَة ..
و آَخِر دَعُوَآَنا أَن الْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن و الْصَّلاة و الْسَّلام عَلَى سَيِّد الْخّلْق أَجْمَعِيْن ، مُحَمَّد و آَل مُحَمَد الْطَيِّبِين الْطَاهِرَيْن ، و عَجِّل الْلَّه فَرَجَهُم و أَهْلِك أَعْدَائَهُم الْظَّالِمِيْن ..!!
الْلَّهُم كُن لِوَلِيِّك الْحُجَّة بْن الْحَسَن ، صَلَوَاتُك عَلَيْه و عَلَى آَبَائِه ، فِي هَذِه الْسَّاعَة و فِي كُل سَاعَة ، وَلِيَّا و حَافِظَا ، و قَائِدَا و نَاصِرَا ، و دَلَيْلَا و عَيْنَا ، حَتَّى تُسْكِنَه أَرْضَك طَوْعا و تُمَتِّعَه فِيْهَا طَوِيْلَا ، بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَم الْرَّاحِمِيْن و صَل الْلَّهُم عَلَى مُحَمَّد و آَل مُحَمَّد .

قَآَم عَلَى الْعَمَل : خُدَّام الْسَّيِّدَة فَاطِمَة الْزَّهْرَاء عَلَيْهَا الْسَّلَام : الْسَّيِّد هِبَة الْلَّه شَرَف الْدِّيْن ، مِسْك الْنَّبِي الْهَادِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه و آَلِه ، الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى
لَا يَحِل نُقِل الْعَمَل دُوْن ذِكْر صَاحِبِه و الْمَصْدَر : مُنْتَدَيَات سَمَاحَة الْسَّيِّد الْفَاطِمِي الْمُوسَوِي حَفِظَه الْلَّه .