بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الإنسان الذي يمثّل ـ أحياناً ـ مظهراً لأسمى الحقائق الكونية وأبهاها من جهة، يمثّل من جهة أخرى، ـ أحياناً ـ، بؤرة تتبلور فيها القبائح، وما لا نظير له من الرذائل أيضاً. فلئن وجدناه في مكان أو زمن ما مظهراً للعمل والمحبة والتفاني أو التعقل والإبداع والتقدم في عرصات الرقي أو آية من آيات الشوق والحماس والأمل، فإننا نجده في مكان وزمان آخرين أسير الغفلة والضغينة والأنانية، أو الجهل والخمول والجمود، أو الضعف والإحباط والتشاؤم.
* أفضل الموجودات
هذا المخلوق المفعم بالمواهب بإمكانه أن يغدو أفضل ما تقلّ الأرض من موجودات. فهو مزود بأدوات ومقوّمات السمو والتكامل المعنويّ والماديّ، حيث جُبِلَ مفتوحاً أمامه الخير وسبيل البِر، والعقل والقدرة على اتخاذ القرار والاختيار. فأنبياء الله هم هداته، يرفدونه بالأمل وهم أعوان له، لكنه في الوقت نفسه ربما يستسلم لضعفه وهواه وأنانيته أو جهله وغفلته ومغالطاته ليحرم نفسه تلك البشائر والآمال والمعارج، وذاك ما يسعنا أن نسميه «تقبّل الإنسان للفساد»، وهو ما كان وما يزال يعد الطامّة الكبرى والخطر الداخلي الذي يهدد البشرية على امتداد حياتها ويهدد كذلك حياة كل فرد من بني البشر.
ولغرض الوقاية وتوفير العلاج لهذه الآفة الكبرى، فقد ألهم الدين الإلهي الذِّكر «للإنسان». والذكر يعني استذكار الحقيقة والشعور بالوقوف أمام الله سبحانه والاستماع والتسليم له، أي الانعتاق من المشاغل التي تجعل الإنسان أسيراً لوساوس الأهواء أو الجنوح لطلب العظمة والانتقام إشباعاً لمطامعه، إي الانتقال بالنفس من الجحيم التي أعدها بنفسه إلى جنة النقاء والأنس والبهجة والأمان.
* كمال الذكر
والصلاة بتركيبتها المتناسقة التي تجري في القلب وعلى اللسان ومن خلال الحركة هي النموذج والوسيلة الأكثر أصالة وكمالاً للذكر؛ فالإنسان، وإِثر ما قد يتعرض له من محن وشدائد ومصائب في حياته الفردية، وما قد يواجهه في حياته الاجتماعية من أحداث تغييرية من قبيل المسيرة العامة نحو الجهاد أو الإنفاق أو إعانة الفقراء، قد يزداد قرباً من الذكر، وربما ينأى عنه نتيجة انشغاله بالأهواء النفسية والانغماس باللهو والترف وفسحة العيش. والصلاة هي العنصر الذي يقوّي على الاقتراب به أكثر فأكثر من جنة الذكر في جميع الحالات.
إنّ أعظم نعم الله تعالى الصلاة، فهي تعطينا فرصة اللقاء مع الله والتحدث إليه عدّة مرات يومياً. نتكلم معه ونستمد العون منه ونعرض حاجاتنا عليه، ونقوّي علاقتنا بساحة الربوبية بواسطة هذا التضرّع وهذا التوسل؛ لذا فإنّ علماءنا العظام كانوا يعطون أهمية كبيرة للصلاة. والصلاة بيد الجميع، مع أننا غالباً ما نغفل عن أهمية الصلاة. فالصلاة ليست إسقاطاً للتكليف وحسب؛ كلا، بل هي فرصة عظيمة يجب الاستفادة منها، قال رسول الله (ص): «أرأيتم لو أنّ نهراً بباب أحدكم، يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس» . فإنّ هذا الاغتسال يمكن أن يخلّف في قلوب الشباب آثاراً خالدة، فمن خلال الطهارة والتقوى يُجري الله على ألسنتنا الحكمة والموعظة المؤثرة.
الصلاة هي التي تمنح الإنسان العروج والتوجّه والحضور حينما يعيش حالات الاستعداد الروحي، وهي التي تقرع عند مسمعه ناقوس الخطر حينما يمر بحالة الغفلة وفقدان الاستعداد، وتقرّبه من ذلك الوادي النوراني. لذلك يجب أن لا نترك الصلاة في كل الأحوال لأنها الجرعة التي تهب الشفاء في الشدة والمحنة، وفي عرصات الجهاد، وحين الفراغ والدعة، وأية محطة منها بلغنا نكون قد اقتربنا خطوة من جنة الرضوان.
* حيَّ على الصلاة
ولهذا لم يأت بـ «حيَّ على الجهاد» ولا «حيَّ على الصوم» ولا «حيَّ على الإنفاق»، بل يأتي النداء مكرراً في كل يوم: «حيَّ على الصلاة»!
اليوم حيث يتهددنا خطر الغفلة والدعة والتمنيات الوضيعة التي تنمّ عن قصر الرؤية وما اعتدنا عليه من مشاغلنا اليومية، فإن الصلاة هي التي ترفدنا بالحصانة وتمزق حجب الأوهام وتنير أمامنا السبيل والآفاق.
إذا كنّا لم نتمكن من تشخيص كيفية تأثير الصلاة في آفاقها الواسعة؛ فإنّ سبب ذلك يعود إلى قصر نظرنا، وإلّا فإنّ قول الإمام الباقر (ع): «الصلاة عمود الدين» ، والآيات القرآنية الناطقة بأهمية الصلاة، تجعلنا على معرفة جيدة بطبيعة دور الصلاة وتأثيرها.
بعض الناس كان يقول: لماذا تتشبّثون بترديد مسألة الصلاة ودائماً تقولون: حيّ على الصلاة، حيّ على الصلاة؟ حسناً، قولوا: حيّ على الجهاد، وادعوا الناس إلى ذلك.
إنّ الأمر الذي يصبغ مقاومة الإنسان وصراع الأمة بصبغة الجهاد ومعانيه هو التوجّه لله تعالى، الذي تعتبر الصلاة سنداً له؛ ولهذا فإنّ أول الأوامر التي توجهت للنبي (ص) هو وجوب الصلاة، وأول تبليغ عُيّن من قِبَل الله تعالى للرسول (ص)، }وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ{ (طه: 132). والوصف الذي بيّنه الله تعالى إلى المجتمع الموحّد في الدرجة الأولى، }الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ{ (الحج: 43)، هذه هي أهمية الصلاة.
* أهمية الباعث نحو الله
إنّ أهم ما يلزم للحركة في هذا الميدان، أمران:
الأوّل: الباعث؛ وهو القوّة الباطنية التي تحرّك الإنسان وتسيّره.
الثاني: التوجُّه الصحيح الذي يؤدي إلى عدم غفلة الإنسان عن أنوار الهداية، أو انحرافها عن جهتها.
إنّ عدم وجود الباعث نحو الله يؤدي إلى بقاء الإنسان في وسط الطريق، فإنّ هناك الكثير من المشاكل التي تواجهنا اليوم.
إنّ إقامة المجتمع التوحيدي، وانتشار العدل بين أفراد الإنسانية، وثبات خيمة الحق وسط جميع العواصف الناجمة عن الأهواء الباطلة، ليس بالأمر السهل، بل يحتاج إلى باعث.
إنّ هذا الباعث هو التحرّك نحو الله تعالى، وذكره، والاستعانة به، والعمل على طبق ما يريده، وأن تكون نيّتنا عند توجيه البوصلة إلى القبلة من أجل الصلاة، وجه الله، لا القدرة، أو الثروة، أو عبادة الهوى، أو الرغبات النفسية، أو المداهنات السياسية المختلفة.
إن هذين العاملين المهمين وهما التحرّك لأجل الله واتخاذ رضى الله هدفاً دوماً قد تلخصا في الصلاة.
إنّ الأمر المهم في الصلاة هو التوجّه فيها، وهو ما يطلق عليه (حضور القلب).
* تمرين حضور القلب
إنّ حضور القلب والتوجّه، هو عمل يحتاج إلى ممارسة وتمرين. إنّ الأشخاص الذين قاموا بهذا العمل ويعرفونه، يعلّموننا أنّ الإنسان يجب أن يشعر حال الصلاة، بأنّه يقف أمام مخاطَب ذي شأن ومقام عظيم، وهو خالق الوجود ومالك جميع الموجودات.
إنّ أي جزء من الصلاة إذا تُضفى عليه حالة من الخشوع، فسوف يكون مصداقاً لما تضمّنه تعبير الرواية: (إنّ هذه الصلاة صلاة مقبولة). وعندما تأنس قلوب الناس بالصلاة، ويأنسون بالله تعالى ويتعرّفون إليه، فمن الطبيعي سوف تتولد لديهم حالة نفور واشمئزاز من المعاصي، وتصبح قلوبهم حسّاسة إزاءها، وبالتدريج سوف تحصل لديهم حالة التقوى الدينية في الشرع المقدس.
مجلة بقية الله
* أفضل الموجودات
هذا المخلوق المفعم بالمواهب بإمكانه أن يغدو أفضل ما تقلّ الأرض من موجودات. فهو مزود بأدوات ومقوّمات السمو والتكامل المعنويّ والماديّ، حيث جُبِلَ مفتوحاً أمامه الخير وسبيل البِر، والعقل والقدرة على اتخاذ القرار والاختيار. فأنبياء الله هم هداته، يرفدونه بالأمل وهم أعوان له، لكنه في الوقت نفسه ربما يستسلم لضعفه وهواه وأنانيته أو جهله وغفلته ومغالطاته ليحرم نفسه تلك البشائر والآمال والمعارج، وذاك ما يسعنا أن نسميه «تقبّل الإنسان للفساد»، وهو ما كان وما يزال يعد الطامّة الكبرى والخطر الداخلي الذي يهدد البشرية على امتداد حياتها ويهدد كذلك حياة كل فرد من بني البشر.
ولغرض الوقاية وتوفير العلاج لهذه الآفة الكبرى، فقد ألهم الدين الإلهي الذِّكر «للإنسان». والذكر يعني استذكار الحقيقة والشعور بالوقوف أمام الله سبحانه والاستماع والتسليم له، أي الانعتاق من المشاغل التي تجعل الإنسان أسيراً لوساوس الأهواء أو الجنوح لطلب العظمة والانتقام إشباعاً لمطامعه، إي الانتقال بالنفس من الجحيم التي أعدها بنفسه إلى جنة النقاء والأنس والبهجة والأمان.
* كمال الذكر
والصلاة بتركيبتها المتناسقة التي تجري في القلب وعلى اللسان ومن خلال الحركة هي النموذج والوسيلة الأكثر أصالة وكمالاً للذكر؛ فالإنسان، وإِثر ما قد يتعرض له من محن وشدائد ومصائب في حياته الفردية، وما قد يواجهه في حياته الاجتماعية من أحداث تغييرية من قبيل المسيرة العامة نحو الجهاد أو الإنفاق أو إعانة الفقراء، قد يزداد قرباً من الذكر، وربما ينأى عنه نتيجة انشغاله بالأهواء النفسية والانغماس باللهو والترف وفسحة العيش. والصلاة هي العنصر الذي يقوّي على الاقتراب به أكثر فأكثر من جنة الذكر في جميع الحالات.
إنّ أعظم نعم الله تعالى الصلاة، فهي تعطينا فرصة اللقاء مع الله والتحدث إليه عدّة مرات يومياً. نتكلم معه ونستمد العون منه ونعرض حاجاتنا عليه، ونقوّي علاقتنا بساحة الربوبية بواسطة هذا التضرّع وهذا التوسل؛ لذا فإنّ علماءنا العظام كانوا يعطون أهمية كبيرة للصلاة. والصلاة بيد الجميع، مع أننا غالباً ما نغفل عن أهمية الصلاة. فالصلاة ليست إسقاطاً للتكليف وحسب؛ كلا، بل هي فرصة عظيمة يجب الاستفادة منها، قال رسول الله (ص): «أرأيتم لو أنّ نهراً بباب أحدكم، يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس» . فإنّ هذا الاغتسال يمكن أن يخلّف في قلوب الشباب آثاراً خالدة، فمن خلال الطهارة والتقوى يُجري الله على ألسنتنا الحكمة والموعظة المؤثرة.
الصلاة هي التي تمنح الإنسان العروج والتوجّه والحضور حينما يعيش حالات الاستعداد الروحي، وهي التي تقرع عند مسمعه ناقوس الخطر حينما يمر بحالة الغفلة وفقدان الاستعداد، وتقرّبه من ذلك الوادي النوراني. لذلك يجب أن لا نترك الصلاة في كل الأحوال لأنها الجرعة التي تهب الشفاء في الشدة والمحنة، وفي عرصات الجهاد، وحين الفراغ والدعة، وأية محطة منها بلغنا نكون قد اقتربنا خطوة من جنة الرضوان.
* حيَّ على الصلاة
ولهذا لم يأت بـ «حيَّ على الجهاد» ولا «حيَّ على الصوم» ولا «حيَّ على الإنفاق»، بل يأتي النداء مكرراً في كل يوم: «حيَّ على الصلاة»!
اليوم حيث يتهددنا خطر الغفلة والدعة والتمنيات الوضيعة التي تنمّ عن قصر الرؤية وما اعتدنا عليه من مشاغلنا اليومية، فإن الصلاة هي التي ترفدنا بالحصانة وتمزق حجب الأوهام وتنير أمامنا السبيل والآفاق.
إذا كنّا لم نتمكن من تشخيص كيفية تأثير الصلاة في آفاقها الواسعة؛ فإنّ سبب ذلك يعود إلى قصر نظرنا، وإلّا فإنّ قول الإمام الباقر (ع): «الصلاة عمود الدين» ، والآيات القرآنية الناطقة بأهمية الصلاة، تجعلنا على معرفة جيدة بطبيعة دور الصلاة وتأثيرها.
بعض الناس كان يقول: لماذا تتشبّثون بترديد مسألة الصلاة ودائماً تقولون: حيّ على الصلاة، حيّ على الصلاة؟ حسناً، قولوا: حيّ على الجهاد، وادعوا الناس إلى ذلك.
إنّ الأمر الذي يصبغ مقاومة الإنسان وصراع الأمة بصبغة الجهاد ومعانيه هو التوجّه لله تعالى، الذي تعتبر الصلاة سنداً له؛ ولهذا فإنّ أول الأوامر التي توجهت للنبي (ص) هو وجوب الصلاة، وأول تبليغ عُيّن من قِبَل الله تعالى للرسول (ص)، }وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ{ (طه: 132). والوصف الذي بيّنه الله تعالى إلى المجتمع الموحّد في الدرجة الأولى، }الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ{ (الحج: 43)، هذه هي أهمية الصلاة.
* أهمية الباعث نحو الله
إنّ أهم ما يلزم للحركة في هذا الميدان، أمران:
الأوّل: الباعث؛ وهو القوّة الباطنية التي تحرّك الإنسان وتسيّره.
الثاني: التوجُّه الصحيح الذي يؤدي إلى عدم غفلة الإنسان عن أنوار الهداية، أو انحرافها عن جهتها.
إنّ عدم وجود الباعث نحو الله يؤدي إلى بقاء الإنسان في وسط الطريق، فإنّ هناك الكثير من المشاكل التي تواجهنا اليوم.
إنّ إقامة المجتمع التوحيدي، وانتشار العدل بين أفراد الإنسانية، وثبات خيمة الحق وسط جميع العواصف الناجمة عن الأهواء الباطلة، ليس بالأمر السهل، بل يحتاج إلى باعث.
إنّ هذا الباعث هو التحرّك نحو الله تعالى، وذكره، والاستعانة به، والعمل على طبق ما يريده، وأن تكون نيّتنا عند توجيه البوصلة إلى القبلة من أجل الصلاة، وجه الله، لا القدرة، أو الثروة، أو عبادة الهوى، أو الرغبات النفسية، أو المداهنات السياسية المختلفة.
إن هذين العاملين المهمين وهما التحرّك لأجل الله واتخاذ رضى الله هدفاً دوماً قد تلخصا في الصلاة.
إنّ الأمر المهم في الصلاة هو التوجّه فيها، وهو ما يطلق عليه (حضور القلب).
* تمرين حضور القلب
إنّ حضور القلب والتوجّه، هو عمل يحتاج إلى ممارسة وتمرين. إنّ الأشخاص الذين قاموا بهذا العمل ويعرفونه، يعلّموننا أنّ الإنسان يجب أن يشعر حال الصلاة، بأنّه يقف أمام مخاطَب ذي شأن ومقام عظيم، وهو خالق الوجود ومالك جميع الموجودات.
إنّ أي جزء من الصلاة إذا تُضفى عليه حالة من الخشوع، فسوف يكون مصداقاً لما تضمّنه تعبير الرواية: (إنّ هذه الصلاة صلاة مقبولة). وعندما تأنس قلوب الناس بالصلاة، ويأنسون بالله تعالى ويتعرّفون إليه، فمن الطبيعي سوف تتولد لديهم حالة نفور واشمئزاز من المعاصي، وتصبح قلوبهم حسّاسة إزاءها، وبالتدريج سوف تحصل لديهم حالة التقوى الدينية في الشرع المقدس.
مجلة بقية الله