السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثمرة عرض دليل البشارات السماوية:
ان في الاستناد إلى بشارات الاديان السابقة في اثبات صحة عقيدة اهل البيت عليهم السلام في المهدي الموعود, واضافة إلى الادلة الشرعية والعقلية الاخرى، ثمار عديدة منها: الكشف عن اهمية هذه العقيدة، وترسيخ الايمان بها لدى اتباعها, ومنها اعانة اتباع الديانات والمذاهب الاخرى على الاهتداء لمعرفة هوية المصلح العالمي، الذي بشرت به نصوص كتبهم المقدسة، ودعوتهم إلى الاسلام من هذا الطريق، والاحتجاج عليهم بالنصوص المعتبرة عندهم، وهو احتجاج ابلغ في الدلالة، ومنها: ايجاد محور توحيدي لدعاة الاصلاح الديني من اتباع مختلف الديانات يعزز جهودهم وينسقها, يقوم على اساس الايمان بهذا المصلح العالمي ووجوده فعلا, ورعايته لجهود الممهدين لظهوره طبقا للعقيدة الاسلامية الاوسع شمولية، وتفصيلا في عرض هذه الفكرة العريقة في الفكر الديني والانساني.
يقول العلامة الشهيد آية اللّه العظمى السيد محمد باقر الصدر: واذا كانت فكرة المهدي اقدم من الاسلام واوسع منه، فان معالمها التفصيلية التي حددها الاسلام جاء اكثر اشباعا لكل الطموحات التي انشدت إلى هذه الفكرة منذ فجر التأريخ الديني، واغنى عطاء واقوى اثارة لأحاسيس المظلومين والمعذبين على مر التأريخ.
وذلك لان الاسلام حول الفكرة من غيب إلى واقع، ومن مستقبل إلى حاضر, ومن التطلع إلى منقذ تتمخض عنه الدنيا في المستقبل البعيد المجهول، إلى الايمان بوجود المنقذ فعلا, وتطلعه مع المتطلعين إلى اليوم الموعود إلى اكتمال كل الظروف التي تسمح له بممارسة دوره العظيم.
فلم يعد المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف فكرة تنتظر ولادتها, ونبوءة نتطلع إلى مصداقها, بل واقعا قائما ننتظر فاعليته، وانسانا معينا يعيش بيننا بلحمه ودمه، نراه ويرانا, ويعيش آمالنا وآلامنا,ويشاركنا احزاننا وافراحنا, ويشهد كل ما تزخر به الساحة على وجه الارض من عذاب المعذبين، وبؤس البائسين، وظلم الظالمين، ويكتوي بذلك من قريب او بعيد, وينتظر بلهفة اللحظة التي يتاح له فيها ان يمد يده إلى كل مظلوم وكل محروم وكل بائس، ويقطع دابر الظالمين.
وقد قدر لهذا القائد ان لا يعلن عن نفسه ولا يكشف للاخرين حياته، على الرغم من انه يعيش معهم انتظارا للحظة الموعودة.
ومن الواضح ان الفكرة بهذه المعالم الاسلامية تقرب الهوية الغيبية بين المظلومين، كل المظلومين، وبين المنقذ المنتظر, وتجعل الجسر بينهم وبينه في شعورهم النفسي قصيرا مهما طال الانتظار.
ونحن حينما يراد منا ان نؤمن بفكرة المهدي بوصفها تعبيرا عن انسان حي محدد يعيش فعلا كما نعيش، ويترقب كما نترقب، يراد الايحاء الينا بأن فكرة الرفض المطلق لكل ظلم وجور التي يمثلها المهدي، تجسدت فعلا في القائد الرافض المنتظر, الذي سيظهر وليس في عنقه بيعة لظالم، كما في الحديث (الشريف ), وان الايمان به ايمان بهذا الرفض الحي القائم فعلا, ومواكبة له....
عن مجلة الفكر الاسلامي / العددان: 18 و19 / السنة الخامسة / ربيع الثاني / رمضان1418 ه / بتصرف.
****
على هامش بشارات الأديان بالمهدي الامامي
تأليف: عرفان محمود