بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
من الأبحاث المهمة في كلماتِ أهل المعرفة , أنهم يُرَكزونَ على مسألةِ الصلاةِ على النبي الأكرم (ص), وهذا مُقتضى صريح الآيات القرآنية , لأن الآية المباركة تقول: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً },[الأحزاب : 56] ,
هذه الآية المباركة كما هو واضحٌ فيها أمرٌ بالصلاةِ على النبي الأكرم (ص), ولعلَ المسألة مُتَّفَقٌ عليها بين جميع المسلمين , أن الصلاة التي لايوجد فيها الصلاة على محمد وآل محمد , فإنها لاتُقبَل , وعلى هذا الأساس , وقعت هذه المسألة في موقِع البحث عندَ الأعلام , ماهو السببُ في ذلك , ماهي الحكمة , وماهي فلسفة أن اللهَ يأمُرُ بذلك ؟.
هناكَ حاشية قيمة لميرزا مهدي الإشتياني , في تعليقتهُ على منظومة المنطق, في ص49 هناك قال: ( وأمّا سِرِّ وجوب الصلاةِ عليه , لأسباب متعددة , نقفُ على سببٍ من تلكَ الأسباب , يقول: لِما ثبتَ في العلوم الحقيقية , من لزوم المُناسبةِ والسِنخية بينَ الفاعِلِ والقابل , في الإفادةِ والاستفادة , وأخذِ الفضائلِ والفواضل , وفي إفاضة الوجود وكمالات الوجود , الأولية والثانوية , (هذه مقدمة), المقدمة الثانية: وَعَدمِ تحقق المُناسبة والسنخية , بينَ المبدأ الأعلى , الذي هو فوق مالايتناهى بما لايتناهى , في التقَدُّسِ والتِّجَرُّدِ , وبينَ المُنغمرينَ في ظُلُمات الهَوى , والمنغمسينَ في غَسَقِ المادةِ ووسَخ الهَيولى ) , اذاً المقدمة الأوُلى: لابد من المناسبة بين الفاعِلِ والقابل , المقدمة الثانية : توجَدُ مناسبةٍ بيني وبينَ الله أو لاتوجد ؟. لاتوجد , اذاً لابُدَّ من وجودِ موجودٍ يكونُ وَسيطاً بيني وبين اللهِ سبحانهُ وتعالى , وهذه مسألة ( وَساطة الفيض ) , اذاً مَرْجِعُ وجوب الصلاة الى هذا , أنكَ تَطلِبُ الفيضَ من اللهِ سبحانهُ وتعالى ,(العطاء), على مستوى كانَ التامة ( بلسان الاستعداد ), أو كانَ الناقصة , لافَرقَ , واذا أرَدتَّ هذا الفيض , حيثُ أنه لامناسبةَ بينَكَ وبينَ الله , ولاسنخيةَ , اذاً تَدعو للرسول الأعظم ص , أن يُعْطِيَهُ حتى يَصِلَ اليكَ شئٌ منه , وهذه موجودة في الروايات تقرؤها من الفريقين , أن الدعاء اذا كانَ مسبوقاً بالصلاةِ على النبي الأكرم ص فإنهُ يكونُ مَدْعاةً للإستجابة , لماذا ؟. باعتبارِ أنه أنت جئتَ من الطريق الذي أُمِرتَ به , أنهُ الفيض لايَصِلُ اليكَ الاّ من صاحب الفيض , وهو الواسطة , اذاً ادعو الله أن يُعطِيَ لرسولهِ , حتى يَصِلكَ رَشَحٌ من ذلكَ الفيض , لأنه من حيثُ المبدأ الفاعلي , أوَّلُ ماصدرَ من الله سبحانه وتعالى في قوس النزول هو حقيقة وجود النبيُّ الأكرم ص , أو بعبارةٍ اخرى وجودهُ الجَمْعي , وجودهُ الأمري , المرتبط بعالم الملكوت , نعم وإنْ كان بوجودهُ الخلقي هو متأخرٌ عن الأنبياءِ زماناً , ولكن بوجودهُ الأمري { ألا لَهُ الخَلْقُ والأمر } , المرتبطِ بعالم الملكوت , بحسبِ ذلكَ العالم فأولُ وجودٍ هو حقيقة وجود النبي الأكرم ص , لذا نقول : في قوس الصعودِ الى اللهِ سبحانهُ وتعالى , أعلى ماوصلَ اليه عبدٌ من عالم الامكان , هو الخاتَم ص , اذاً على مستوى قوس النزول , هو العلةُ الفاعلية , أو المبدأ الفاعلي , وعلى مستوى قوس الصعود , هو المبدأ الغائي , اذاً يقَعُ في سلسلة العلل الفاعلية والعلل الغائية معاً , اذاً نزولاً وصعوداً هو نور الخاتَمِ ص , وعلى مستوى البحث الروائي , من الأحاديث المعروفة في هذا المجال المتفق عليها بين الفريقين , ( كُنْتُ أولَ الناسِ في الخلقْ وآخِرَهُم في البعث ), ولابد من الالتفات , أن الروايات تذكر الصادر الأول بأسماء متعددة , مرَّةً تذكره باسم (نور), مرَّةً تذكره باسم (قلم), مرَّةً تذكره باسم (ماء), مرَّةً تذكره باسم (عقل), وهذا المعنى واضحٌ , وهو هذه اشارة الى تعدُدِ حيثيات هذا الوجود , لأن هذا الوجود فيهِ خصائص متعدده , فكُلُ اسمٍ من هذه الأسماء , يشيرُ الى خصوصية من خصائص هذا الوجود المقدس.
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين....