التجّلي الاعظم (سرّمن أسرار رسول الله محمد) (ج1)
إنّ مقام (الولاية العُظمى) لرسول الله الأعظم محمد| ولأهل بيته وعترته الأئمة المعصومين(ع)، من أهم الكمالات فيهم، بل ربما هو المحور الأول في الكمالات الأخرى، وأنه من الرتبة النّورية الإلهية ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ المتجلّية فيهم (اللّهم إني أسألك من نورك بأنوره وكلّ نورك نيّر اللّهم إني أسألك من نورك كلّه) (دعاء السحر في شهر رمضان المبارك).
ولاشكّ أنّ لرسول الله| وكذلك الإمام المعصوم(ع) من بعده أبعاد ثلاثة: البعد البشري والبعد النبوي والإمامي والبُعد الولائي.
أمّا الأول: فإنّه لا فرق بينهم وبين أي واحد من الناس والبشر كما قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾(فصلت: 6)فيأكل ويشرب ويتلذذ ويمرض ويشفى ويجوع ويشبع ويعطش ويرتوي وغير ذلك من الأفعال والأعمال البشرية والناسوتيّة.
فإنّه كما يقال في تعريف الإنسان في علم المنطق (حيوان ناطق)، فإنّ النبي الأعظم‘ مصداق من مصاديق الإنسان، وأمّا الكمالات النفسية الذاتية والعرضيّة لا تؤثر في هذا المفهوم المنطقي، فإنّه يطلق الإنسان على العالم والجاهل والغني والفقير وهكذا، وصدقه إنّما هو من ناحية ماهية الإنسان وحسب، وإلّا فربّما الفرق بين مصداق ومصداق من حيث الهوية الشخصية والسيرة الذاتية ما بين السماء والأرض، فأين الصالح من الطالح، والخيّر من الشريّر، والمؤمن من الكافر، والطيب من الخبيث، فمن الناس من هو سماوي ملكوتي في أخلاقه ومنهم من أُخلد إلى الأرض وكان في أسفل السافلين.
ثم الإنسان البشري كباقي الحيوانات يتكون من نطفة ومن العناصر المعروفة في صلب الرجال، ثم يستقر في الأرحام، ويتكامل حتى يولد بشراً وطفلاً ثم يطوي مراحل حياته من الطفولة والعبادة ثم الشبابية ثم الكهولة والعجز وأخيراً الموت ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ (آل عمران: 185) ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ (الزمر: 30)، فهذا في الجانب البشري فهو مقهور لنا موس الطبيعة من جهة وجوده الجسماني، وإن كانت الطبيعة مقهورة للنبي والإمام من الجانب الولائي، ومثاله: كمن يصنع السفينة الفضائية، فإنّه عند صعوده فيها إلى الفضاء، عليه ما على غيره وله ما لغيره من رعاية شرائط الصعود والهبوط، كمن صعد إلى القمر، فإنّه محكوم بطبيعته البشرية وبغرائزه وأحاسيسه وعواطفه وطبائعه.
نعم إنّما يمتاز النبي والإمام عن البشر في طهارة نطفتهما ومولدهما في الاصلاب الطاهرة والأرحام المطهرة كما نقرء في زياراتهم ^ (أشهد إنك الطاهر المطهر كنت في الأصلاب الطاهرة والأرحام المطهرة) وأمّا باقي الأوصاف البشرية كاللون والشكل والشمائل فهم كما في البشر، فربما يكون أبيضاً وربّما يكون أسمراً يميل إلى السواد كالإمام الجواد ×، وربّما يكون ضعيفاً نحيفاً وربما يكون سميناً بديناً كالإمام الباقر×، فهذه الأوصاف والأحوال لا دخالة لها في رسالته وإمامته وولايته، فإنّه لا يخرج بذلك عن طوره البشري والنّاسوتي.
الثاني: النبوة والإمامة: فإنّ النبي في الأصل من النبوة بمعنى العلو أو من نبأ ومن الخبر ومعناه يأتي بأنباء السّماء وأخبارها بوحي من الله سبحانه في بيان الأحكام والشريعة الدينيّة لهداية البشر وسعادته وكماله.
والإمامة: قد ورد تعريفها في (علم الكلام) بأنّها: رياسة عامة في الدين والدنيا نيابة عن رسول الله‘، وعند الإمامية الإثني عشرية: بنصّ من الله سبحانه ونصب من رسوله، وعند غيرهم بالشورى واختيار البشر، فالإمامة في الثقافة والمصطلح الشيعي يدلّ على أنّ حكومة الإمام المعصوم كحكومة النبي على النّاس بلا تفاوت، فيجب إطاعته مطلقاً كما يجب إطاعة الله وإطاعة رسوله ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ (النساء: 59)، وإنّما يجب الإطاعة المطلقة لعصمته الذاتية الكلية ولعلمه اللّدني ولولايته العظمى.
وبإعتبار هذا المنصب الإلهي والنبوي كان من حقّه إقامة الحكومة والدولة والقضاء وإجراء الحدود وإقامة الجمعة والصلح والحرب وغير ذلك من القضايا السياسيّة والأمور الإقتصاديّة، والمسائل الإجتماعية والثقافية وغير ذلك. فالفارق بين الناس وبين النبي وكذلك الإمام الوصي، أنّه في النبي هو الوحي الإلهي ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ﴾ (الكهف: 110)، وفي الإمام تبليغ لشريعة وصيانة ما جاء به النبي‘ وتنفيذ رسالته السّمحاء، فإنّه بمنزلة السلطة التنفيذية، كما أنّ النبي بمنزلة السلطة التقنینیة.
آية الله عادل العلوي قدس سره
إنّ مقام (الولاية العُظمى) لرسول الله الأعظم محمد| ولأهل بيته وعترته الأئمة المعصومين(ع)، من أهم الكمالات فيهم، بل ربما هو المحور الأول في الكمالات الأخرى، وأنه من الرتبة النّورية الإلهية ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ المتجلّية فيهم (اللّهم إني أسألك من نورك بأنوره وكلّ نورك نيّر اللّهم إني أسألك من نورك كلّه) (دعاء السحر في شهر رمضان المبارك).
ولاشكّ أنّ لرسول الله| وكذلك الإمام المعصوم(ع) من بعده أبعاد ثلاثة: البعد البشري والبعد النبوي والإمامي والبُعد الولائي.
أمّا الأول: فإنّه لا فرق بينهم وبين أي واحد من الناس والبشر كما قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾(فصلت: 6)فيأكل ويشرب ويتلذذ ويمرض ويشفى ويجوع ويشبع ويعطش ويرتوي وغير ذلك من الأفعال والأعمال البشرية والناسوتيّة.
فإنّه كما يقال في تعريف الإنسان في علم المنطق (حيوان ناطق)، فإنّ النبي الأعظم‘ مصداق من مصاديق الإنسان، وأمّا الكمالات النفسية الذاتية والعرضيّة لا تؤثر في هذا المفهوم المنطقي، فإنّه يطلق الإنسان على العالم والجاهل والغني والفقير وهكذا، وصدقه إنّما هو من ناحية ماهية الإنسان وحسب، وإلّا فربّما الفرق بين مصداق ومصداق من حيث الهوية الشخصية والسيرة الذاتية ما بين السماء والأرض، فأين الصالح من الطالح، والخيّر من الشريّر، والمؤمن من الكافر، والطيب من الخبيث، فمن الناس من هو سماوي ملكوتي في أخلاقه ومنهم من أُخلد إلى الأرض وكان في أسفل السافلين.
ثم الإنسان البشري كباقي الحيوانات يتكون من نطفة ومن العناصر المعروفة في صلب الرجال، ثم يستقر في الأرحام، ويتكامل حتى يولد بشراً وطفلاً ثم يطوي مراحل حياته من الطفولة والعبادة ثم الشبابية ثم الكهولة والعجز وأخيراً الموت ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ (آل عمران: 185) ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ (الزمر: 30)، فهذا في الجانب البشري فهو مقهور لنا موس الطبيعة من جهة وجوده الجسماني، وإن كانت الطبيعة مقهورة للنبي والإمام من الجانب الولائي، ومثاله: كمن يصنع السفينة الفضائية، فإنّه عند صعوده فيها إلى الفضاء، عليه ما على غيره وله ما لغيره من رعاية شرائط الصعود والهبوط، كمن صعد إلى القمر، فإنّه محكوم بطبيعته البشرية وبغرائزه وأحاسيسه وعواطفه وطبائعه.
نعم إنّما يمتاز النبي والإمام عن البشر في طهارة نطفتهما ومولدهما في الاصلاب الطاهرة والأرحام المطهرة كما نقرء في زياراتهم ^ (أشهد إنك الطاهر المطهر كنت في الأصلاب الطاهرة والأرحام المطهرة) وأمّا باقي الأوصاف البشرية كاللون والشكل والشمائل فهم كما في البشر، فربما يكون أبيضاً وربّما يكون أسمراً يميل إلى السواد كالإمام الجواد ×، وربّما يكون ضعيفاً نحيفاً وربما يكون سميناً بديناً كالإمام الباقر×، فهذه الأوصاف والأحوال لا دخالة لها في رسالته وإمامته وولايته، فإنّه لا يخرج بذلك عن طوره البشري والنّاسوتي.
الثاني: النبوة والإمامة: فإنّ النبي في الأصل من النبوة بمعنى العلو أو من نبأ ومن الخبر ومعناه يأتي بأنباء السّماء وأخبارها بوحي من الله سبحانه في بيان الأحكام والشريعة الدينيّة لهداية البشر وسعادته وكماله.
والإمامة: قد ورد تعريفها في (علم الكلام) بأنّها: رياسة عامة في الدين والدنيا نيابة عن رسول الله‘، وعند الإمامية الإثني عشرية: بنصّ من الله سبحانه ونصب من رسوله، وعند غيرهم بالشورى واختيار البشر، فالإمامة في الثقافة والمصطلح الشيعي يدلّ على أنّ حكومة الإمام المعصوم كحكومة النبي على النّاس بلا تفاوت، فيجب إطاعته مطلقاً كما يجب إطاعة الله وإطاعة رسوله ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ (النساء: 59)، وإنّما يجب الإطاعة المطلقة لعصمته الذاتية الكلية ولعلمه اللّدني ولولايته العظمى.
وبإعتبار هذا المنصب الإلهي والنبوي كان من حقّه إقامة الحكومة والدولة والقضاء وإجراء الحدود وإقامة الجمعة والصلح والحرب وغير ذلك من القضايا السياسيّة والأمور الإقتصاديّة، والمسائل الإجتماعية والثقافية وغير ذلك. فالفارق بين الناس وبين النبي وكذلك الإمام الوصي، أنّه في النبي هو الوحي الإلهي ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ﴾ (الكهف: 110)، وفي الإمام تبليغ لشريعة وصيانة ما جاء به النبي‘ وتنفيذ رسالته السّمحاء، فإنّه بمنزلة السلطة التنفيذية، كما أنّ النبي بمنزلة السلطة التقنینیة.
آية الله عادل العلوي قدس سره