[align=center]اللهم صل ّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف يا كريم
خطبة الغدير:
لماقضى رسول الله (ص) مناسكه وانصرف راجعاً إلى المدينة ومعه من كان من الجموع المسلمين ووصل إلى غدير خم من الجحفة التي تتشعبُ فيها طُرُق المدنيين والمصريين والعراقيين دلك يو الخميس الثامن عشر من دي الحجة نزل إليه جبرئيل لأمين عن الله بقوله: ( ياأيُها الرسول بلغ ما اُنزل إليكَ من ربك): الاية وامره ان يقيم علياً علماً للناس ويبلغهم مانزل فيه من الولاية وفرض الطاعة على كل أحد
وكان أوائل القوم قريباً من الجحفة فأمر رسول الله ان يرد من تقدم منهم ويُحْبَسَ من تأخر عنهم في دلك المكان ونهى عن سَمُرات خمْس متقاربات دَوْحات عظام أن ينزل تحتهن أحد ، حتى إدا أخد القوم منازلهم فقم ماتحتهن نوادي بالصلاة الظهر فعمد اليهن فصلى بالناس تحتهن وكان يوماً هاجراً يضع الرجل بعض ردائه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء وظلل لرسول الله(ص) بثوب على شجرة سمُرة من الشمس فلما انصرَفَ (ص) من صلاته قام خطيباً وسط القوم على أقتاب الإبل وأسمع الجميع رافعاً صوتهُ فقال :
الحمد الله ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه ونعود بالله من شرور انفسنا ومن سيئات أعمالنا الدي لا هادي لمن أظل ولا أظل ولا مضل لمن هدى وأشهد أن لا إله الا الله وان محمداً عبدهُ ورسوله
أما بعد: أيها الناس ، إني دعيتُ ويشك أن اُجيب ، وقد حان مني خفوقٌ بين أظهركم ، وإني مسؤولٌ وانتم مسؤولون ، فمادا أنتم قائلون ؟
قالوا نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيرا قال : الستم تشهدون ان الا إله إلا الله وان محمداً عبدهُ ورسوله وان جنته حقٌ وناره حقٌ وان الموت حقٌ وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعثُ من في القبور ؟ قلوا : بلى نشهد بدالك قال : اللهم اشهد . ثم قال: أيها الناس ألا تسمعون ؟ قالوا : نعم قال : فإني فرطكم على الحوض وأنتم واردون علي الحوض فانظر وا كيف تخلفوني في الثقلين . فنادى مناد: وما الثقلان يارسول الله ؟ قال : الثقل الأكبر كتاب الله طرفٌ بيد اله عز وجل وطرفٌ بأيديكم ماان تمسكتم به لن تظلوا وعترتي أهل بيتي وأن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فلا تقدموها فتهلكوا لا تقصرا عنها فتهلكوا : ثم اخد بيد علي عليه السلام فرفعها حتى رؤي بياض إبطيهما وعرفه القوم أجمعون . ثم نادى بأعلى صوته : ألستُ أولى بكم منكم بأنفسكم ؟ فقالوا: اللهم بلى فقال: فمن كنت مولاه فهدا علي مولاه يقول لها ثلاث مرات اللهم وال من والاه وعاد من عاداه واجب من أحبه وابغض من أبغضه وانصر من نصره واخدل من خدل وادر الحق معه حيث دار وألا فليبلغ الشاهد الغائب
ثم لم يتفرقوا حتى نزل امين وحي الله بقوله : أليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً ) : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب برسالتي الولا ية علي من بعدي ثم طفق القوم يهنئون امير المؤمنين صوات الله عليه وممن هنأه في مقدم الصحابة الشيخان أبو بكر وعمر وأمسيت موالاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة
وقال ابن عباس : وجبت والله في أعناق القوم فقال حسان ائدن لي يارسول الله أن أقول في علي أبيتاً تسمعهن
فقال : قل على بركة الله :
ينادبهم يـوم الغدير نبيهم
بخم وأسمعُ بالنبــي منــــــاديا
فقال : فمن مولاكم ووليكم
فقالوا ولــم يبدا هنـــاك التعاليا
إلهك مــولانا وانت ولينا
ولن تجدن فينالك الــيوم عاصياً
فقال له: قم ياعلـي فإنني
رضيتك مـن بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهدا وليه
فكــونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللهم وال وليه
وكن للدي عــادى علياً معادياً
فقال له رسول الله صلى الله عليه واله :
( ياحسان لا تزل مؤياً بروح القدس مانصرتنا أونافحت عنا بلسانك )
اللهم صل ّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف يا كريم
اعمال يوم الغدير وليلته
اللّيلة الثّامنة عشرة ليلة عيد الغدير وهي ليلة شريفة ، روى السّيد في الاقبال لهذه اللّيلة صلاة ذات صفة خاصّة ودعاء وهي اثنتا عشرة ركعة بسلام واحد
يوم عيد الغدير وهو عيد الله الاكبر وعيد آل محمّد (عليهم السلام)، وهو أعظم الاعياد ما بعث الله تعالى نبيّاً الّا وهو يعيد هذا اليوم ويحفظ حُرمته، واسم هذا اليوم في السّماء يوم العهد المعهود، واسمه في الارض يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود، وروي انّه سُئِل الصّادق (عليه السلام) : هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والاضحى والفطر ؟ قال : نعم أعظمها حُرمة ، قال الراوي : وأيّ عيد هو ؟ قال : اليوم الذي نصب فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) امير المؤمنين (عليه السلام) وقال : ومن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، وهو يوم ثماني عشر من ذي الحجّة . قال الراوي : وما ينبغي لنا أن نفعل في ذلك اليوم ؟ قال : الصّيام والعبادة والذّكر لمحمّد وآل محمّد (عليهم السلام) والصّلاة عليهم، وأوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) امير المؤمنين (عليه السلام) أن يتّخذ ذلك اليوم عيداً وكذلك كانت الانبياء تفعل، كانوا يوصون أوصياءهم بذلك فيتّخذونه عيداً، وفي حديث أبي نصر البزنطي عن الرّضا صلوات الله وسلامُه عليه انّه قال : يا ابن أبي نصر أينما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين (عليه السلام)فانّ الله تبارك وتعالى يغفر لكلّ مؤمن ومؤمنة ومسلم ومُسلمة ذنوبُ ستّين سنة، ويعتق من النّار ضعف ما اعتق في شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر، والدرهم فيه بألف درهم لاخوانك العارفين، وأفضل على اخوانك في هذا اليوم وسُرّ فيه كلّ مؤمن ومؤمنة، والله لو عرف النّاس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كلّ يوم عشر مرّات، واخلاصة انّ تعظيم هذا اليوم الشّريف لازم وأعماله عديدة :
الاوّل :
الصوم وهو كفّارة ذنوبُ ستّين سنة، وقد روي انّ صيامه يعدل صيام الدّهر ويعدل مائة حجّة وعمرة
الثّاني :
الغُسل
الثّالث :
زيارة امير المؤمنين (عليه السلام) وينبغي أن يجتهد المرء أينما كان فيحضر عند قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد حكيت له (عليه السلام) زيارات ثلاث في هذا اليوم، أولاها زيارة امين الله المعروفة ويزاربها في القرب والبُعد وهي من الزّيارات الجامعة المطلقة ايضاً، وستأتي في باب الزّيارات ان شاء الله تعالى
الرّابع :
أن يتعوّذ بما رواه السّيد في الاقبال عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
اللهم صل ّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف يا كريم
تابع اعمال يوم الغدير وليلته
السّادس :
أن يغتسل ويُصلي ركعتين من قبل أن تزول الشّمس بنصف ساعة يقرأ في كلّ ركعة سورة الحمد مرّة وقُلْ هُوَ اللهُ اَحَدٌ عشر مرّات وآية الكرسي عشر مرّات واِنّا اَنزَلْناهُ عشراً، فهذا العمل يعدل عند الله عزوجل مائة ألف حجّة ومائة ألف عُمرة، ويُوجب أن يقضي الله الكريم حوائج دنياه وآخرته في يُسر وعافية، ولا يخفى عليك انّ السّيد في الاقبال قدّم ذكر سورة القدر على آية الكرسي في هذه الصّلاة، وتابعه العلامة المجلسي في زاد المعاد فقدّم ذكر القدر كما صنعت أنا في سائر كتبي، ولكنّي بعد التتبّع وجدت الاغلب ممّن ذكروا هذه الصّلاة قد قدّموا ذكر آية الكرسي على القدر واحتمال سهو القلم من السّيد نفسه أو من النّاسخين لكتابه في كلا موردي الخلاف وهما عدد الحمد وتقديم القدر بعيد غاية البُعد، كاحتمال كون ما ذكره السّيد عملاً مستقلاً مغايراً للعمل المشهور والله تعالى هو العالم، والافضل أن يدعو بعد هذه الصّلاة بهذا الدّعاء رَبَّنا اِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً الدّعاء بطوله
أن يهنّىء من لاقاهُ من اخوانه المؤمنين بقوله : اَلْحَمْدُ للهِ الّذى جَعَلَنا مِنَ الْمُتَمَسِّكينَ بِوِلايَةِ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَالاَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ويقول أيضاً : اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى اَكْرَمَنا بِهذَا الْيَوْمِ وَجَعَلَنا مِنَ الْمُوفنَ، بِعَهْدِهِ اِلَيْنا وَميثاقِهِ الّذى واثَقَنا بِهِ مِنْ وِلايَةِ وُلاةِ اَمْرِهِ وَالْقَوّامِ بِقِسْطِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْنا مِنَ الْجاحِدينَ وَالْمُكَذِّبينَ بِيَوْمِ الدِّينَ . العاشر : أن يقول مائة مرّة : اَلْحَمْدُ للهِ الّذى جَعَلَ كَمالَ دينِهِ وَتَمامَ نِعْمَتِهِ بِوِلايَةِ اَميرِ الْمُؤمِنينَ عَلىِّ بْنِ اَبى طالِب عَلَيْهِ السَّلامُ . واعلم انّه قد ورد في هذا اليوم فضيلة عظيمة لكلّ من اعمال تحسين الثّياب، والتزيّن، واستعمال الطّيب، والسّرور، والابتهاج، وافراح شيعة امير المؤمنين صلوات الله وسلامُهُ عليه، والعفو عنهم، وقضاء حوائجهم، وصلة الارحام، والتّوسّع على العيال، واطعام المؤمنين، وتفطير الصّائمين، ومصافحة المؤمنين، وزيارتهم، والتّبسّم في وجوههم، وارسال الهدايا اليهم، وشكر الله تعالى على نعمته العظمى نعمة الولاية، والاكثار من الصّلاة على محمّد وآل محمّد (عليهم السلام)، ومن العبادة والطّاعة، ودرهم يعطى فيه المؤمن أخاه يعدل مائة ألف درهم في غيره من الايّام، واطعام المؤمن فيه كأطعام جميع الانبياء والصّديقين
ومِن خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) في يَوم الغَدير
ومن فطّر مؤمناً في ليلته فكأنّما فطّر فئاماً وفئاماً يعدها بيده عشراً، فنهض ناهِض فقال : يا أمير المؤمنين وما الفئام ؟ قال : مائتا ألف نبيّ وصدّيق وشهيد، فكيف بمن يكفل عدداً من المؤمنين والمؤمنات فأنا ضمينه على الله تعالى الامان من الكفر والفقر الخ . والخلاصة : انّ فضل هذا اليوم الشريف اكثر من أن يذكر، وهو يوم قبول أعمال الشّيعة، ويوم كشف غمُومهم، وهو اليوم الذي انتصر فيه موسى على السّحرة، وجعل الله تعالى النّار فيه على ابراهيم الخليل برداً وسلاماً، ونصب فيه موسى (عليه السلام) وصيّه يوشع بن نون، وجعل فيه عيسى (عليه السلام) شمعون الصّفا وَصيّاً له، واشهد فيهِ سليمان (عليه السلام) قومه على استخلاف آصف بن برخيا، وآخى فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين أصحابه، ولذلك ينبغي فيه أن يواخي المؤمن أخاه وهي على ما رواه شيخنا في مستدرك الوسائل عن كتاب زاد الفردوس بأن يضع يده اليمنى على اليد اليمنى لاخيه المؤمِن ويقول : وَآخَيْتُكَ فِى اللهِ، وَصافَيْتُكَ فِى اللهِ، وَصافَحْتُكَ فِى اللهِ، وَعاهَدْتُ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وَكُتُبَهُ وَرُسُلَهُ وَاَنْبِيآءَهُ وَالاَْئِمَّةَ الْمَعْصُومينَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ عَلى اَنّى اِنْ كُنْتُ مِنْ اَهْلِ الْجَنَّةِ وَالشَّفاعَةِ وَاُذِنَ لى بِاَنْ اَدْخُلَ الْجَنَّةَ لا اَدْخُلُها اِلاّ وَاَنْتَ مَعى . ثمّ يقول أخوهُ المؤمن : قَبِلْتُ (ثمّ يقُول) : اَسْقَطْتُ عَنْكَ جَميعَ حُقُوقِ الاُخُوَّةِ ما خَلاَ الشَّفاعَةَ وَالدُّعآءَ وَالزِّيارَةَ، والمحدّث الفيض ايضاً قد أورد ايجاب عقد المواخاة في كتاب خلاصة الاذكار بما يقرب ممّا ذكرناه ثمّ قال : ثمّ يقبل الطرف الاخر لنفسه أو لموكّله باللّفظ الدّال على القبول ، ثمّ يسقط كلّ منهما عن صاحبه جميع حقوق الاخوّة ما سوى الدّعاء والزّيارة
النقطة الثالثة: حادثة الغدير من كتاب الغدير.النقطة الأولى: نفس الآية يشير إلى ثلاثة أمور :
1)مخاطبة صاحب الرسالة بخطاب(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ )ولم يردهذا الخطاب للرسول(ص) في القرآن سوى مرتين فقط
هذه الآية والآية 41من سورة المائدة ، إلا أنه سبحانه وتعالى خاطب رسوله في هذه الآية وقد مزج خطابه فيهاذها بتهديد (وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) وهذا التهديد ما هو إلا تأكيد لأمر عظيم
2)أن الذي يقرأ الآية لأول وهلة يرى أن النبي (ص) كان خائفا تجاه هذا الأمر العظيم ، حيث سكن الله خوفه بقوله (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) وكان خوف النبي (ص) منصبا على البنية الإيمانية للمجتمع الإسلامي إذ أنها لم تكن ثابتة بحسب مايرى(ص)
3) (إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )ختام الآية بكفر من أنكر خاتمة الرسالة الإسلامية وهي( الولاية)
وهذا تمام كلامنا في النقطة الأولى
النقطة الثانية نظرة علماء السنة للآية الكريمة
وبما أن سبب نزولها بلغ حد التواتر فلم ينكرها أحد من علماء السنة إلا أنهم وقفوا تجاهها ثلاثة مواقف :
الموقف الأول:موقف الفخر الرازي في تفسيره حينما وصل الى تفسير هذه الآية أورد تسعة احتمالات لتفسيرها والاحتمال التاسع قال ويحتمل أن يراد منها الولاية لعلي ابن أبى طالب وما ذلك منه إلا للتشكيك في الولاية لأمير المؤمنين علي ابن أبى طالب (ع)وهيهات ان يحجب الغربال ضوء الشمس
الموقف الثاني : موقف محمد رشيد رضا في تفسيره المنار ، وكذا السيد قطب في ظلال القرآن .. وغيرهما ،للأسف الشديد أهملوا النظر إلى سبب النزول فلم يذكروه أصلا كأنما لم يرد للآية سبب نزول
الموقف الثالث : أما الأكثر منهم فلم ينكروا ذلك بل صرحوا به ولكنهم رفظوا أن يكون الأمر المراد تبليغه هو الولاية ، والبعض منهم تردد في ذلك . ونحن نقول إذا لم يكن الأمر هو الولاية فما هو هذا الأمر؟؟؟ علما بأن الآية نزلت في أواخر حياة الرسول(ص) فالبعض منهم اراد الجواب على هذا التسائل قائلا : إن هذا الأمر هو مواجهة المنافقين وهذا لجواب مردود لأن حركة المنافقين قد طوقت بعد فتح مكة وطردهم . . من أمثال مروان ابن الحكم وغيره والبعض الآخر قال: إن أمر التبليغ هو التبليغ بترك عبادة الأصنام وهذا الجواب مردود أيضا لأن قضية عبادة الأصنام قد اندحرت في أواخر حياته الشريفة (ص) والبعض قال : أن أمر التبليغ هو الالتفات لحركات اليهود والنصارى للقضاء الدين ويرد على ذلك بأن هذه المشكلة قد انتهت بعد حوادث بني النظير وبني قينقاع وبني قريظة فأي امر هذا الذي يأمر الله الرسول بتبليغه؟؟ فليس هذا الأمر إلا الولاية لعلي(ع) فإنها صمام الأمان للدين كله (وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) ولو قال قائل إذا كان هذا الأمر هو ولاية علي فلماذا لم يذكر القرآن بصراحة اسم (علي ابن أبي طالب) على انه الخليفة بعد الرسول وتنحل المشكلة
ويجاب على ذلك بجوابين:
الأول منهما:
وهل ذكر في القرآن اسم أحد من الصحابة على انه خليفة رسول الله وثانيا ثق بالله لو ذكر القرآن اسم علي بصراحة لأنكر النواصب القرآن أوسعوا الى تحريفة ولا تستغرب يا اخي العزيز من هذا القول سأذكر لك على سبيل المثال لا الحصر، الحديث المتواتر الذي ورد عن الرسول (ص) (قال : أنا مدينة العلم وعلي بابها)اذ أن أحد علماء إخواننا السنة وهو الحافظ الشيرازي في اللمع يذهب الى أن ذلك ليس علي أبى طالب إنما هو صفة لباب المدينة أي إن بابها عال ورفيع !! أليس ذلك تفريغ لمحتوى الحديث الشريف ؟؟
النقطة الثالثة : بعض الملابسات التاريخية لحادثة الغدير
في السنة الأخيرة من حياة الرسول (ص) أدى المسلمون مع الرسول حجة الوداع وعطر صاحب الرسالة يلفهم وشآبيب الرحمة تنصب عليهم وقد وصل الحجيج إلى غدير خم ،إذ أنها تمثل النقطة التي يتفرق بعدها الحجيج إلى أصقاعهم فأهل الشام يمضون إلى شامهم وأهل العراق إلى عراقهم وأهل اليمن إلى يمنهم ..وهكذا أهل سائر البلدان من المسلين . لأن (غدير خم) مفترق على أربعة طرق طريق يتجه إلى المدينة نحو الشمال ، وطريق يوصل إلى العراق شرقا ، وطريق الغرب إلى مصر ، وطريق الجنوب إلى اليمن وفي غدير خم شاءت قدرة الله أن يتحقق وعده بخاتمة الرسالة بإعلان الولاية لعلي (ع) وذلك يوم الخميس في السنة العاشرة للهجرة النبوية حيث مضت ثمانية أيام على عيد الأضحى الأغر
وإذا بالرسول (ص) يصدر أمره إلى الحجيج بأن يقفوا وقد كان عددهم 120 ألف على قول بعض النقول التاريخية في تلك الصحراء القاحلة تحت حرارة الشمس بحيث أن الحاج كان قد قسم رداءه إلى قسمين ، قسم يمتطيه والقسم الآخر يضعه على رأسه ، وليس في ذلك الغدير إلا بضع نخيلات تصارع حرارة الشمس حبا في البقاء
وهناك صلى النبي(ص) بالحجيج فلما أن انفتل من صلاته أمر بأن يصنع له منبرا من أقتاب الإبل ولما صنع المنبرارتقاه وقال : أيها الناس ألا تسمعون ؟ قالوا : نعم . قال : فإني فرط على الحوض ، وأنتم واردون علي الحوض ، وإن عرضه ما بين صنعاء وبصرى ( [5] ) فيه أقداح عدد النجوم من فضة فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين ([6]) فنادى مناد : وما الثقلان يا رسول الله ؟ قال : الثقل الأكبر كتاب الله طرف بيد الله عز وجل و طرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلوا ، والآخر الأصغر عترتي ، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يراد علي الحوض فسألت ذلك لهما ربي ، فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ثم أخذ بيد علي فرفعها حتى رؤي بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون ، فقال : أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، يقولها ثلاث مرات ، وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة : أربع مرات ثم قال : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار ، ألا فليبلغ الشاهد الغايب ، ثم لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي الله بقوله : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ، الآية . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : الله أكبر على إكمال الدين ، وإتمام النعمة ، ورضى الرب برسالتي ، والولاية لعلي من بعدي ، ثم طفق القوم يهنئون أمير المؤمنين صلوات الله عليه وممن هنأه في مقدم الصحابة : الشيخان أبو بكر وعمر كل يقول : بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، وقال ابن عباس : وجبت والله في أعناق القوم ، فقال حسان : إئذن لي يا رسول الله أن أقول في علي أبياتا تسمعهن ، فقال : قل على بركة الله ، فقام حسان فقال : يا معشر مشيخة قريش أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية ثم قال :
يناد بهم يوم الغدير نبيهم * بخم فاسمع بالرسول الحمد لله على اكمال الدين واتمام النعمة ورض الرب بولاية أمير المؤمنين علي(ع)
اللهم صل ّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف يا كريم
نعيش في هذه الأيام المباركة ونواكب مناسبة عظيمة قدرها ، مجهولة فضلها ، غافلة الناس عنها ، يوم شرفه وفضله الله تبارك وتعالى على غيره من الأيام ، وهو عيد عيد الغدير الأغر ، عيد الله الأكبر ، وعيد آل محمد عليهم السلام ، وهو أعظم الأعياد ، مابعث الله نبياً إلا وهو يعيد هذا اليوم ، ويحفظ حرمته ، واسم هذا اليوم في السماء يوم العهد المعهود ، واسمه في الأرض يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود
وروي أنه سئل الإمام الصادق عليه السلام : هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر ؟ قال: نعم أعظمها حرمة . قال: الراوي : اليوم الذي نصب فيه رسول الله صلٌ الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين عليه السلام وقال :
من كنت مولاه فعلي مولاه ، وهو يوم الثامن عشر من ذي الحجة . قال الراوي : وما ينبغي لنا أن نفعل في ذلك اليوم ؟ قال: الصيام والعبادة والذكر لمحمد وأل محمد عليهم الصلاة والسلام
وأوصى رسول اللهصلٌ الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين عليه السلام أم يتخذ ذلك اليوم عيداً وكذلك الأنبياء تفعل ، كانوا يوصون أوصياءهم بذلك فيتخذونه عيداً ، وفي حديث عن الرضا صلوات الله وسلامه عليه أنه قال :
يا ابن نصر أينما كنت فاحضر يوم الغدير عند مير المؤمنين عليه السلام فإن الله تبارك وتعالى يغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستين سنة ويعتق من النار ضعف ما أتق في شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر ، ولدرهم فيه بألف درهم لإخوانك العارفين ، وأفضل على إخوانك في هذا اليوم وسر فيه كل مؤمن ومؤمنة ، والله لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كل يوم عشر مرات