بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم يا كريم
أنّ القصة بدأت في عرض المواقف من وسطها، وهو: ذبح بقرة ما. ثمّ ارتدّت إلى البداية، وبعد ذلك عبرت الوسط، فتحدّثت عن النهاية، بهذا النحو:
﴿وَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً﴾
﴿فَادّارَأْتُمْ فِيها وَ اللّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾
﴿فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها﴾
فالقتل يمثل بداية الحوادث، وضربُ القتيل ببعض البقرة يمثل نهاية الحوادث، لكنّ النص القصصي وصل بينهما فنياً على النحو الذي لحظناه، بعد أن بدأ من وسط الحوادث، متمثلا في الأمر بذبح البقرة.
والسؤال هو: ما المسوّغ الفني لأن تبدأ القصة من الأمر بذبح البقرة بدلا من أن تبدأ من أول الحوادث حسب تسلسلها الطبيعي؟
إنّ اوّل ما يسوّغ ذلك، هو أننا حيال أمر من السماء:
ومجرّد كونه أمراً من اللّه كاف باستشعار الأهمية. بيد أنّ الأهم من ذلك كلّه هو أنّ القصة تستهدف لفت الانظار إلى الذبح الذي يشكل بؤرة تتجمّع عندها ظاهرة الاحياء للميت. أي أنّ ظاهرة الإحياء التي خُتِمت القصةُ بها، ولفتت انتباهنا إليها عبر التعقيب القائل:
هذه الظاهرة هي الهدف الرئيسي للقصة. وحينئذ عندما تبدأ القصة من حادثة ذات صلة بعملية الإحياء للميت، فإنّما تعني أنّ هذه الظاهرة ذات دلالة كبيرة تستهدف القصة التركيز عليها، ولفت الانتباه حيالها.
مضافاً لذلك، أنّ القصة جاءت في سياق الحديث عن تمرّد الاسرائيليين، ونِعَم اللّه عليهم، فيما يظل استهلال القصة بحادثة تكشف عن مواقفهم التي بدأوها حتى في قضية الذبح، ثمّ نعمة السماء عليهم بالرغم من ذلك، يظلّ مثل هذا الاستهلال متساوقاً مع سياق السورة التي تتحدّث عن الاسرائيليين. فهؤلاء قد اعترضوا على موسى (عليه السلام) قائلين: ﴿أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً﴾ ثمّ ترقّعوا في طلباتهم بأن سألوا عن سنّها، وعندما أجابهم بذلك سألوه عن لونها. وعندما أجابهم، سألوه عن حركتها ... فأجابهم، ومع ذلك فإنّهم﴿ما كادُوا يَفْعَلُونَ﴾.
إذن نستكشف بوضوح، أنّ المسوّغ الفنّي لأن تبدأ القصة من وسط الحوادث، المتمثل في الأمر بذبح بقرة، هو أنّ القصة جاءت في سياق عرض المواقف الإسرائيلية التي يطبعها التمرّد، ونعم اللّه عليهم، فيما كشفت هذه البداية عن نفس الطابع الذي وَسَمهم سابقاً، ولكن بطريقة اُخرى من السلوك الملتوي، متمثلة في تلك الذهنية البليدة التي تترقّع في طلباتها. و تتردّد في تنفيذ ما عُهد إليها، وتُشكّك في صدق ما أمرها به موسى (عليه السلام) فضلا عن أنّ هذه الحادثة تستتلي عملية إحياء للميت، فيما تشكل هذه العملية ـ كما قلنا ـ عصب القصص.
وانطلاقاً من هذه المسوّغات الفنية التي حدّدت لنا دلالة بدء القصة من وسط الحوادث، ... يمكننا أيضاً أن نفسّر الأسرار الكامنة وراء هذا الرسم التفصيلي لملامح البقرة، وهي السمة الفنية الاُخرى التي طبعت هذه القصة.
* * *
إنّ نمط التعامل الإسرائيلي مع موسى (عليه السلام) في مطالبتهم بمعرفة القاتل، يفسّر لنا
سبب ذلك الوصف الممتع للبقرة والدخول في تفصيلات لافتة للانتباه إلى حدٍّ كبير، حتى أنّ التفصيلات قد انتظمتها أربع طوابق من الوصف:
جاء التفصيل الأوّل متصلا بثلاثة مظاهر:
السن: ﴿ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ﴾.
اللون: ﴿ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها﴾.
الهيكل: ﴿ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ﴾.
وجاء التفصيل الثاني جواباً للأول:
السن: وسط «عوان»
اللون: أصفر «بقرة صفراء»
الهيكل: حيويّ «مُسلّمَة»
وجاء التفصيل الثالث متفرعاً من الثاني، حيث لم تكتف الاجابة باعتدال السن، و صفرة اللون، وحيويّة الهيكل، بل فصّلت في جزئيات كلّ من السن واللون والهيكل:
السن: «لا فارض ...» إلى آخره.
اللون: «فاقع لونها ...» إلى آخره.
الهيكل: «لا ذلول تثير الأرض ...» إلى آخره.
وجاء التفصيل الرابع:
السن: «... و لا بكر»
اللون: «... تسر الناظرين»
الهيكل: «... و لا تسقي الحرث»
مضافاً لذلك، فإنّ وصف الهيكل اُضيفت إليه سمات متنوعة، منها:
الهيكل: «لاشية فيها».
إنّ هذه التفصيلات التي تناولت الملمح الخارجي للبقرة، تظل فضلا عمّا تنطوي عليه من جمالية ممتعة، ذات صلة بالسياق الذي استتلى الأمر بذبح البقرة، وما واكبه من الطلب الإسرائيلي الذي يطبعه تمرّدٌ، وتشكيكٌ، وتحفّظ بليد. ثم ما يقابله من النِعَم التي لا حدود لها، ومنها: إجابة طلباتهم بالنحو الذي انتهى بمعرفة القاتل فعلا.
المهم، أنّ قصة إحياء الميت وما واكبها من التفصيلات، تظل من جانب مرتبطة بأحد المحاور الفكرية للسورة وهو محور السلوك الإسرائيلي المنحرف، ومن جانب آخر تظل مرتبطة بمحور آخر من السورة وهو محور الإماتة والإحياء حيث ختمت القصة بقوله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع
حفظكم الله تعالى من شر الجن والانس مع شيعة محمد وال محمد
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبرالسلام على بديعة الوصف والمنظر
حبيبتي جنة المتقين وفقك الباري وسدد رميتك
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
ربي يعطيكم العافية أختي جنة المتقين على الطرح الجميل المبارك
الله يوفقكم ويقضي جميع حوائجكم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين رشح المنتدى لإغاثة المحتاجين والمرضى