اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني

قصة استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)

المشرف: الـمـراقـب الـعـام

صورة العضو الرمزية
عاشق الحسن والحسين
مـشــرف
مشاركات: 13777
اشترك في: الاثنين أغسطس 01, 2011 2:03 pm

قصة استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)

مشاركة بواسطة عاشق الحسن والحسين »

قصة استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)


فقال أحمد بن عبيدالله : ما رأيت ولا عرفت بسرّ من رأى رجلا من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا، ولاسمعت به في هديه وسكونه ، وعفافه ، ونبله ، وكرمه ، عند أهل بيته ، والسلطان وجميع بني هاشم ، و تقديمهم إياه على ذوي السنّ منهم والخطر ، وكذلك القوّاد والوزراء والكتاب وعوام الناس . وإنّي كنت قائماً ذات يوم على رأس أبي وهو يوم مجلسه للناس ، إذ دخل عليه حجّابه فقالوا له : ابن الرضا على الباب فقال بصوت عال : ائذنوا له فدخل . رجل أسمر أعيّن حسن القامة ، جميل الوجه ، جيد البدن ، حدث السنّ ، له جلالة وهيبة . فلّما نظر إليه أبي قام فمشى إليه خطوات ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم ، ولا بالقوّاد ولا بأولياء العهد ، فلّما دنامنه عانقه وقبّل وجهه ، ومنكبيه ، وأخذ بيده وأجلسه على مصلاّه الذي كان عليه، وجلس إلى جنبه مقبلاً عليه بوجهه، وجعل يكلمه ويكنيه، ويفديه بنفسه وأبويه ، وأنا متعجب ممّا أرى منه إذ دخل عليه الحجّاب فقالوا : الموفّق قد جاء . وكان الموفّق إذا جاء ودخل على أبي تقدم حجّابه وخاصة قوّاده ، فقاموا بين مجلس أبي وبين الدار سماطين إلى أن يدخل ويخرج ، فلم يزل أبي مقبلاً عليه يحدّثه حتى نظر إلى غلمان الخاصّة فقال حينئذ : إذا شئت فقم جعلني الله فداك يا أبا محمد ثمّ قال لغلمانه : خذوا به خلف السماطين لئلا يراه الأمير يعني الموفّق وقام أبي فعانقه وقبل وجهه ومضى . فقلت لحجّاب أبي وغلمانه : ويلكم من هذا الذي فعل به أبي هذا الذي فعل ؟ فقالوا : هذا رجل من العلوية يقال له : الحسن بن على يعرف بابن الرضا، فازددت تعجباً فلم أزل يومي ذلك قلقاً متفكراً في أمره وأمر أبي وما رأيت منه حتى كان الليل ، وكانت عادته أن يصليّ العتمة ثم يجلس فينظر فيما يحتاج من المؤامرتّ وما يرفعه إلى السلطان فلّما نظر وجلس جئت فجلست بين يديه فقال : يا أحمد ألك حاجة ؟ قلت : نعم يا أبه ، إن أذنت ، سألتك عنها ، فقال : قد أذنت لك يا بني فقل ما إحببت فقلت : يا أبه من الرجل الذي رأيتك الغداة فعلت به ما فعلت من الإ جلال والإكرام و التبجيل ، وفديته بنفسك وأبويك ؟ فقال : يا بني ذلك ابن الرضا ، ذاك إمام الرافضة ، فسكتّ ساعة فقال : يا بني لوزالت الخلافة عن خلفاء بني العباس ما استحقّها أحد من بني هاشم غير هذا ، فإنّ هذا يستحقّها في فضله ، وعفافه وهديه وصيانة نفسه ، وزهده ، وعبادته ، وجميل أخلاقه ، وصلاحه ، ولو رأيت أباه لرأيت رجلاً جليلاً نبيلاً خيراً فاضلاً . فازددت قلقاً وتفكراً وغيظاً على أبي ممّا سمعت منه فيه ، ولم يكن لي همة بعد ذلك إلاّ السؤال عن خبره ، والبحث عن أمره ، فما سألت عنه أحدامن نبي - هاشم والقواد والكتاب، والقضاة والفقهاء، وسائر الناس إلاّ وجدته عندهم في غاية الإجلال والإعظام ، والمحلّ الرفيع ، والقول الجميل ، والتقديم له على أهل بيته ومشايخه وغيرهم ، وكلّ يقول : هو إمام الرافضة ، فعظم قدره عنديّ إذ لم أرله ولياً ولا عدواً إلاّ وهو يحسن القول فيه ، والثناء عليه . فقال له بعض أهل المجلس من الاشعريين : يا بابكر فماحال أخيه جعفر ؟ فقال : ومن جعفر فيسأل عن خبره أو يقرن به ؟ إنّ جعفراً معلن بالفسق ، ما جن شرّيب للخمور ، أقلّ من رأيت من الرجال ، وأهتكهم لستره بنفسه فدم خمار قليل في نفسه ، خفيف . والله لقد ورد على السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن بن علي ما تعجبت منه ، وما ظننت أنّه يكون . وذلك أنّه لمّا اعتلّ بعث إلى أبي أن ابن الرضا قد اعتلّ ، فركب من ساعته مبادراً إلى دار الخلافة ، ثمّ رجع مستجعلاً ومعه خمسة نفر من خدم أمير المؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته ، فمنهم نحرير وأمرهم بلزوم دار الحسن ابن علي وتعرّف خبره وحاله وبعث إلى نفر من المتطببين فأمر هم بالإختلاف إليه ، وتعاهده في صباح ومساء . فلّما كان بعد ذلك بيومين جاءه من أخبره أنّه قد ضعف ، فركب حتى بكّر إليه ثمّ أمر المتطببين بلزومه ، وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه ، وأمره أن يختار من أصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه وأما نته وورعه، فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن، وأمرهم بلزومه ليلاً ونهاراً . فلم يزالوا هناك حتى توفّي لأيام مضت من شهر ربيع الاول، من سنة ستين ومائتين، فصارت سرمن رأى ضجة واحدة ( مات ابن الرضا ) . وبعث السلطان إلى داره من يفتشها ويفتش حجرها ، وختم على جميع ما فيها وطلبوا أثر ولده ، وجاؤا بنساء يعرفن الحبل ، فدخلنّ على جواريه فنظر إليهنّ فذكر بعضهنّ أنّ هناك جارية بها حبل ، فأمربها فجعلت في حجرة ووكّل بها نحريرالخادم وأصحابه ، ونسوة معهم ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته ، وعطلت الأسواق ، وركب أبي وبنوهاشم ، والقوّاد والكتاب وسائر الناس إلى جنازته فكانت سر من رأى يومئذ شبيها بالقيامة . فلّما فرغوا من تهيئته ، بعث السلطان إلى أبي عيسى ابن المتوكل ، فأمره بالصلاه عليه ، فلّما وضعت الجنازة للصلاة ، دنا أبوعيسى منها فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء والمعدلين ، وقال : هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا مات حتف أنفه على فراشه حضره من خدم أميرالمؤمنين وثقاته فلان وفلان ومن المتطببين فلان وفلان ، ومن القضاة فلان وفلان . ثمّ غطّى وجهه ، وقام فصلى عليه وكبر عليه خمساً وأمر بحمله ، وحمل من وسط داره ، ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه . فلّما دفن وتفرق الناس اضطرب السلطان وأصحابه في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل ، والدور ، وتوقفوا عن قسمة ميراثه ، ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهموا عليه الحبل ملازمين لها سنتين ، وأكثر حتى تبين لهم بطلان الحبل فقسم ميراثه بين أمّه وأخيه جعفر ، وادّعت أمّه وصيته وثبت ذلك عند القاضي ، والسلطان على ذلك يطلب أثر ولده . فجاء جعفر بعد قسمة الميراث إلى أبي وقال له : أجعل لي مرتبة أبي وأخي وأوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار ، فزبره أبى وأسمعه وقال له : يا أحمق إنّ السلطان أعزّه الله جرّد سيفه وسوطه في الذين زعموا أنّ أباك وأخاك أئمة ليردّ هم عن ذلك ، فلم يقدر عليه ، ولم يتهيأله صرفهم عن هذا القول فيهما ، وجهد أن يزيل أباك وأخاك عن تلك المرتبة ، فلم يتهيأله ذلك ، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك ممّن له منزلتهم فلا حاجة بك إلى سلطان يرتّبك مراتبهم ، ولا غير سلطان ، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بها . واستقله عند ذلك ، واستضعفه ، وأمر أن يحجب عنه ، فلم يأذن له بالدخول عليه حتى مات أبي ، وخرجنا والأمر على تلك الحال ، والسلطان يطلب أثر ولد الحسن بن علي حتى اليوم .

العودة إلى ”روضــة الـمـحــذوفـــات“